مصريات
“السيارات المصرية القديمة”
تعرف المصري القديم على فكرة الانتقال بسرعة من مكان إلى أخر مستخدما العجلات (و هي نفس فكرة السيارة الحديثة ) إبان فترة غزو الهكسوس و (التسمية الصحيحة بالهيروغليفية هي "حكا - خاسوت " ومعناها حكام الأراضي الأجنبية و هم مجموعة من الأسيويين الغربيين الذين دخلوا مصر في نهايات الدولة الوسطى 1800: 1650 قبل الميلاد و صعدوا إلى قمة الحكم للدلتا و مصر الدنيا خلال العصر الوسيط الثاني 1650 : 1550 ق.م ) و الذين قدموا إلى البلاد مستخدمين العجلات الحربية و الحصان الذي كان أيضا حيوان غير معروف للمصري القديم آنذاك . و تعلم المصري في سرعة و حنكة كيفية التدريب على ترويض و قيادة هذا الحيوان العجيب و معه العجلة السريعة . و استطاع مستخدماً هذه المنظومة العسكرية أن يهزم الأعداء بنفس السلاح الذي قدموا إلى مصر به ، و تعتبر العجلة الحربية أول جهاز بدائي للانتقال السريع و بالتالي يمكننا ان نعتبره أول سيارة في التاريخ . أطلق المصري القديم على العجلة الحربية كلمة "ويري ريت weret" و أيضاً أطلق عليها اسم كان بمثابة مفاجأة لبعض علماء الآثار و اللغة ألا وهو "مركبـت merkebet" وهي قريبة باللفظ والحروف من كلمة مركبة باللغة العربية و هو ما يؤكد حقيقة تأثر اللغات يبعضها البعض بل واستمراريتها على مدار آلاف السنين على أرض الكنانة مصر.
تتكون المركبة من عجلتين مستديرتين تملؤها ستة أو أربعة من العصي الخشبية و التي تشبه بل و تؤدي نفس دور" الجنط " الحالي والذي تتفنن فيه شركات السيارات المختلفة بأشكال جذابة ولامعة ، و يصل العجلتين مكان مصنوع من الخشب المقوى في بعض الأحيان بالمعدن أو الجلد ليقف عليه سائق المركبة ممسكاً باللجام الذي يمتد حتى الحصانين . تخرج من منتصف مكان الوقوف خشبة طويلة بمحتويات تشبه التروس مثل تلك الموجودة في العجل ممتدة حتى قرب مقدمة الخيول . لم تكن العجلة الحربية فقط للاستخدام العسكري لكنها كانت أيضا أحد رموز الملكية الهامة و كان الملك حريصاً أن يظهر وهو يقودها مقتحماً فيالق العدو ساحقا تحت حوافر الخيول أعداؤه. و في مقبرة نب آمون بطيبة (الآن معظم أجزاؤها موجودة في المتحف البريطاني و ألمانيا و غيرها و التي يرجع تاريخها للأسرة الثامنة عشر أي حوالي و1360قبل الميلاد ) ، يوجد منظر ملون بديع يصل ارتفاعه 43 سم يبين عجلتين حربيتين واحدة ذات حصان رمادي غامق و حصان آخر بني اللون .
و هم في أحسن حالة من حيث الشكل و الجمال و الصحة و النشاط و هم على أهبة الاستعداد للانطلاق وخلفهم يظهر قائد المركبة و هو يمسك باللجام متمكناً منهم تماما في ثقة و سعادة أما العجلة الثانية فيتقدمها حصانين لونهم ابيض و هم في حالة استرخاء وقد وضع أمامهم دلو من الطعام أما قائد المركبة فهو الآخر في حالة استرخاء و يبدو جالساً معطيا ظهره للخيول وهو مطمئن ممسكاً باللجام و كأنه يجهزه . و قد كان هناك الكثير من ورش صيانة المركبات
المليئة بالنجارين و عمال الجلود و الفنانين و الحرفيين و هم يعملون على الأجزاء المختلفة للعجلة الحربية . أشهر مناظر تظهر مصانع وورش الإنتاج والعمال الحرفيين والنجارين وعمال الجلود كانت في مقابر يصل عددها إلى ستة مقابر في الفترة الزمنية بين فترة حكم الملكة حاتشبسوت والملك تحتمس الرابع , و تؤكد هذه المناظر الهامة أن مصانع الإنتاج هذه كانت تابعة لمعبد أمون بالكرنك بشرق مدينة الأقصر, و لكن في أواخر الأسرة الثامنة عشر بدأت تظهر مناظر مماثلة في سقارة بالجيزة. أما عن ورش الصيانة فقد ذكرتها بردية انستازي 1 والتي تشرح زيارة قائد مركبة لمحل تصليح . و ذلك لأن الإطارات الجلدية (مماثلة في الفكرة لإطار الكاوتشوك الآن) كانت تحيط بالعجلة المستديرة و لكن في أغلب الأحيان كان على قائد المركبة أن يلقي بنظرة فاحصة بل و يجدد و يغير هذا الإطار الجلدي بعد عدد قليل من المشاوير بل في بعض الأحيان كان يغير الإطار الجلدي بعد مشوار واحد و ذلك لسبب منطقي ألا و هو الدروب الغير ممهدة و الشوارع الصخرية المليئة بالنتوءات المدببة ( وهو شيء ليس بغريب عن شوارعنا الآن) . و تعتبر أشهر المركبات في تاريخ مصر القديمة العجلات الحربية لتوت عنخ أمون و الذي قيل في احد النظريات الضعيفة جدا انه سقط من فوقها فأدي الى وفاة في سن مبكرة عن عمر يناهز 18 او 19 سنه مما يجعلها أشهر و أقدم حادثة سير بسيارة في التاريخ.
عدد من سيارات توت عنخ آمون موجودة في المتحف المصري بالدور العلوي في جراجها الخاص المصنوع من الزجاج وآخري في المتحف الحربي بالقلعة. تم اكتشاف أجزاء كانت تستخدم في تصنيع العجلة الحربية مصنوعة من العاج و العظام و سبائك النحاس والذهب .