الإشادة بما تفعله محافظة القاهرة مع القاهرة الخيدوية هو أمر مستحق، ولكن ما تفعله محافظة الدقهلية مع الآثار في مدينة المنصورة، كارثة بمعنى الكلمة، خصوصا بعد عرض القصر الأثري الذي يسمى بـ "القصر الأحمر" للبيع كما حدث مع "قصر البارون" الشهير الذي تم بيعه من قبل.. وهو قصر أثري يعود تاريخيه إلى عام 1920، وقد أنشأه الخواجة الفريد دبور على مساحة 514 مترا مربعا، وكانت تحيط به حديقة غناء من جميع الجهات، ويتكون من ثلاثة طوابق وروف، وقد اشتراه إسكندر باشا الذي أنجب ثلاثة أولاد " رزق، جورج، عاطف "، بعد وفاة إسكندر باشا عاش ابنه رزق في القصر حتى وفاته في ثمانينيات القرن الماضي فسافرت أسرته إلى خارج البلاد تاركين القصر، وبعد ذلك توالت الحكايات عن ملاك القصر وبين الحين والآخر يأتى أشخاص يدعون ملكيتهم للقصر، هذا إضافة إلى أن جميع محتوىات القصر من الأبواب والشبابيك والأسقف تمت سرقتها وأصبح عبارة عن خرابة ومأوى للبلطجية ومكانا مشهورا لتعاطي المخدرات، واليوم للأسف القصر الأثري أو الذي سيدخل منظومة الآثار بعد 3 سنوات معروضًا للبيع ولا حياة لمن تنادي.
القصر الأحمر يلقى
الدكتور بسام الشماع،خبير آثار
يرى أن حكاية القصر أو غيره ممن يطلق عليها آثار حديثة هي كارثة، لأن احتساب الأثر بمقتضى مرور مائة عام على إنشائه قانون غريب، وهذه المدة ينبغي تغييرها، وعلى وزارات الإسكان والبيئة والآثار والثقافة، أن تجلس سويا ويتم سن تشريع يمنع ويحظر مطلقا بيع الآثار، خاصة مع وجود ولع ببيع الآثار المصرية، وهى آثار خرجت قبل ثورة يناير 2011.
كما وصف الشماع وزارة الآثار بأنها رخوة في التعامل مع أعداء الحضارة، مؤكدا أن "صاحب القصر عايز يكسب"، وفى الإسكندرية هناك قصر في محطة الرمل يسمي "باسيلي باشا " اشترته الولايات المتحدة لإنشاء قنصلية ووزارة الثقافة اشترته في عهد فاروق حسني، وحولته للمتحف القومى للإسكندرية، وأصبح تابعا للمتاحف، لذا لماذا لا يجوز تكرار نفس الشيء مرة ثانية، فعلى وزارة الآثار شراء القصر وتحويله لأثر يزوره السياح، كما أنه على العاملين بوزارة الآثار الخروج من المعالم الأثرية التي يتخذونها مكاتبا لهم أيضا، أضاف: الوزارة فيها مساخر كبيرة، الحل النهائى في التشريع وإلغاء وزارة الآثار.
القصر الأحمر يلقى
ومن جانبه،
أكد عماد مهدي "عضو اتحاد "الأثريين
أن نفس المشكلة موجودة في قصر سعيد حليم باشا في شارع شامبليون بوسط القاهرة، والمشكلة في قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بالكامل، خاصة أن العصر الحديث به قصور تباع لرجال الأعمال، ولابد من تدخل قطاع الآثار لإنقاذ "المعالم الخديوية" التي تم تدمير أكثرها أما الباقي فمعروض للبيع.
القصر الأحمر يلقى
وردا على ذلك، قال مهند فودة الأستاذ بجامعة المنصورة عضو لجنة حصر المباني ذات القيمة الإثرية: إن الدولة لو تدخلت للحفاظ على القصر أو عرضه للبيع بالاتفاق مع ورثة عائلة إسكندر لأحد المهتمين بإحياء التراث لما وصل المبنى لهذه الحالة التي يعاني منها اليوم، مناشدًا المسئولين والمهتمين بالحفاظ على الطراز المعمار المتميز الموجود في المدينة استغلاله في السياحة والتسويق للمدينة.
وفى نفس السياق، أصدرت حملة انقذوا آثار المنصورة، بيانًا أعلنت فيه رفضها لبيع المبنى باعتباره مبنى ذا قيمة متميزة يحظر هدمه بمقتضى القانون، بني في العشرينيات من القرن الماضي على الطراز القوطي "المستخدم في الكنائس، بنيت واجهته على هيئة قشور سمك، ونادرا ما استخدم هذا الطراز في بناء مبان سكنية، كما طالب البيان من جمعيات التراث أو الشركات المهتمة بالمباني التراثية بشراء القصر وتحويله إلى مركز ثقافي استثمارا لطرازه وموقعه الفريد.