العَالـِم يلعب دور السياسي
بقلم بشير بن علي
العلماء اليوم يلعبون دور السياسي.فهل يدركون أن السياسي يكذب ويحاور ويبدل الحقائق ويضغط ويفاوض ويهدد بالموت ليرضى المُقابل بالحمى.لا شك أن أزمتنا اليوم هي أزمة سياسية بحته بين المشترك الذي يدير اللعبة بإسم الشباب غير الواعي والمدرك لمن سيقطف ثورته وبين النظام السياسي القائم تحت إسم المؤتمر الشعبي العام.
العلماء خلفاء الله في الأرض بعد الرسل ومن تحملوا أمانه التبليغ وهم من تلجأ اليهم الأمة عند الملمات والأزمات ليبينوا الطريق ويوحدوا الصفوف ويلموا الشمل.هم من باعوا أنفسهم لله.فهجروا الدنا وزينتها.ورفضوا الإرتهان للمناصب والمكاسب الدنيوية التي يتصارع عليها الناس رغبة ورهبة إلى الله وإلى الدار الآخرة.
لذا فمن نافلة القول التأكيد على أن دور العلماء أكبر من ممارسات السياسي المظللة، والصراعات القائمة على الحزبية المقيتة أو الطائفية الكريهة.فهل لنا أن نتسآئل عما يجري اليوم من قبل بعض رموزنا الشرعية ومن كبار علمائنا في هذه الأزمة السياسية. ولماذا الحرص على الانحياز لجهة دون أخرى؟ولماذا لم ينحازوا لأبناء الوطن الرافضين للفساد والظلم؟بل لماذا شجعوا الشباب واشادوا بثورتهم السلمية ثم قفزوا عليها وانحازوا لقبيلة واحدة دون كل اليمنين؟لماذا إذن انحازوا لمليون مواطن من قبيلة واحدة وتنكروا لثلاثة وعشرين مليون يمني في ربوع اليمن؟!
هل يبحث شيخنا الكبير في قلوبنا، على مقعد في الصفوف الأمامية للتغير القادم.وإذا كان هذا من حقه بإعتباره مواطن كامل المواطنة فأين الإعتبار للعلم الشرعي والعهد على إظهار الحق ولا يكتمه.وهل الحق صار اليوم مع قبيلة واحدة فقط وداخل أبنائها؟وأين ذهب السواد الأكبر من المظلومين والمقهورين من إدراك الشيخ الجليل؟ أم أنه تعود من عقود مضت أن ينحاز لفئة واحدة لها القدرة على النصر من وجهة نظره. ولنا هنا أن نفهم عزل نفسه وحصر علمه وتأثيره على حزب التجمع اليمني للإصلاح على ما فيه من خروقات شرعية.بدلا من أن يكون حقاً عاماً للأمة كلها.أو لعل اللعبة كلها انحياز للقوي الذي يملك بعض عناصر الفوز،ومن يتوقع له أن يحصل على مقاعد وكراسي في الشرفة الرئيسية لمسرح التغيير الجديد بعد سنوات من مشاركة هذه القوى في إضعاف الدولة والإستفادة من خيراتها وثرواتها.
القسم الثاني من مشائخنا وعلمائنا حاول أن يُدرك الثورة بتوجيه من قيادتة السياسية سواء المؤيدين للنظام أوالمعارضين له.وبدأ كل فريق منهم في حشد الآيات والاحاديث والأدلة العقلية والنقلية على صحه دعواه وزعمه ببقاء النظام أو رحيله.وانغمسوا في فتنة الحاكم وفتنة السياسي وفتنة الشارع،وشاركوا في فتنة الدم وإراقة دم اليمنين وخاضوا في نوايا الناس والشباب والأحزاب.
أما القسم الثالث انسحب واعتزل صراع الشارع والسياسين وحاكمة الناس ودعاهم للإفتاء وإبداء رأي أو إصدار فتوى تدعم هذا الفريق أو تهدم تلك المجموعة.وحجتهم في الصمت.ضبابية المشهد وعدم وضوح الأدوات المحركة للشارع أو النظام.كما أنهم لا يمكن أن يساندوا الفساد والظلم والدعوات المناطقية أو الانفصالية.وهم على حق في توجههم على الأقل في الفترة الحالية.
وفريق من طلبه العلم حاولوا التنبيه لخطورة الوضع القائم من تعنت النظام الفاسد أو رفع سقف المطالب مما يعيق عملية التغيير أو حتى من سيطرة الأحزاب على ثورة الشباب السلمية.وقدموا مبادرات مكتوبة على صفحات الأنترنت أو عبر الصحف المحلية.لكنها لم تتجاوزها إلا لأذهان من قرأوها.
في الختام،هل ندرك جميعا، بأن التتغيير سنة الله الكونية،وأن المستقبل مجهول لا يعلمه إلا الله ،وهو يعطي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء وفق سننه الماضية علينا بلا إستثناء،وأن كل ما يصيبنا هو إبتلاء وأختبار وإمتحان لأنفسنا وإيماننا طالما نحن نعيش على ظهر هذه البسيطة.وأن نتائج هذا الإختبار ستنشر يوم العرض الأكبر.وأن ما بقى من حياتنا أقل مما ذهب منها.وأن الحي لا تؤمن له فتنه كما قال علمائُنا الأجلاء.وأن العرب قديما قالت:لا رأي لمن لا يطاع.