أكاديمية المبيعات

بيت الخبرة لرجال المبيعات في الوطن العربي

authentication required

 

وماذا بعد السقوط.

بقلم بشير بن علي

 

وماذا بعد أن يسقط النظام؟ سؤال بديهي في حال كنا في مرحلة التخطيط للتظاهر السلمي ضد الفساد والمفسدين في البلد.وأتخيل أن المنظمين لتلك الفعاليات لم يقوموا بدراسة وافية وكافية للشعارات بل غلبتهم نشوة النصر في تونس ومصر.لذا فالشعار كان واحداً،الشعب يريد اسقاط النظام. بحيث تصل الرسالة للقائمين على رعاية النظام الفاسد في اليمن وفي أي مكان آخر بأن الثورة الشعبية والتغيير قادم لا محاله.

 

ومع التغيير القادم تأتي رغبة التغير الشخصي والجمعي لدى المطالبين بالتغيير،حينها فقط نكون أكملنا  ركني عملية التغيير وما أوضحها في قوله تعالى( إن الله لا يُغير ما بقوم حتى يُغيروا ما بأنفسهم) لذا فالدعوة إلى التغيير يجب أن يسبقها مرحلة تغير لذواتنا وتفكيرنا ورؤيتنا للأشياء، وإلا فإن مطلب التغيير سيكون عقيما وفاتراً ولا روح فيه.على الشباب اليوم وغداً البدء في مرحلة تطوير ورفع القدرات والكفاءات لتتناغم مع التغيير القادم.كما يجب أن يفهم الجميع بان أي نظام أو حكومة قادمة لن تنجح في بيئة فاسدة ونفوس مريضة أو ضعيفة لا تقوى على العمل والبناء أو لا تمتلك المهارة و القدرة على ذلك، فالحماس وحده لا يكفي.أمر ثان مهم لا يعني التغيير أن كل الشباب والكوادر المعطلة ستحصل على وظيفة حكومية وراتباً ثابتاً.يجب علينا أن نمتلك الأدوات التي تساعدنا على العمل في أي موقع ومكان في رحاب الوطن.ويجب أن نسأل من الآن ماذا قدمنا لليمن؟ وماذا سنقدم لها مستقبلا؟.وليس ماذا ستقدم لنا اليمن؟! فهي تقدم لنا وطنا يضم أحلامنا واولادنا، تقدم لنا هوية وانتماء،كما أنها تحتوي رفات أُناس ذكراهم في قلوبنا حاضرة.حسبها أنها تحتوينا عند الرحيل وأكثر من ذلك.

 

أما بالنسبة لإسقاط النظام فهذه دعوة خطيرة في دلالاتها البعيدة المدى، فإسقاط النظام هو دعوة للفوضى.ولا يغيب عنا ما حدث في تونس ومصر،فكل ما سقط بفعل الثورة هو رموز النظام الفاسد، ولم تسقط منظومة الفساد فضلا عن اسقاط النظام ككل.فالحياة كلها تسير وفق نظام رباني محكم تُسيرة أنظمة فرعية وسنن كونية وبشرية واجتماعية.وبدونها نتحول إلى مجتمع الغابة في نسخته البشرية.ولنفترض مجرد افتراض أننا اسقطنا النظام كاملاً.فمالذي يمكن أن يحدث؟ دولة كبيرة وقد سقط النظام بكل أركانة ومؤسساتة فيها؟ ولتبسيط المشهد قليلا تخيل فقط أن يسقط جهاز الداخلية وأن تختفي الشرطة تماما كما حدث في تونس ومصر.فهذا يعني أن يصبح كل شيء متاحا، فلن يُلزمك أحدٌ بإحترام إشارة المرور أو إبراز بطاقتك الشخصية.أمر رائع وخصوصا لمن يضيقون الإلتزام بالقوانيين والأنظمة وهو جميل لهواة السرعة.لكنه بالمقابل أجمل ما يحلم به المجرمون والقتلة والبلطجيين، ففي غياب الداخلية لن يردعهم شيء، سيسرقون وينهبون ويفعلوا كل ما يحلو لهم ويتحول المجتمع إلى غابة، يلتهم قويها ضعيفها.وينزوي البريء المستضعف في ركن بعيد، يرتجف خوفا وفرقا.حتى يتمنى أن يظهر بطل أو مجموعة ترفض شريعة الغاب،وهذا ما سيحدث، لتبدأ المقاومة وتتزايد أعدادهم ويغدون أكثر ترتيبا وتنظيما وتصبح لهم يد من حديد تضرب كل من يسرق أو ينهب الأبرياء، ومع مرور الوقت سيصبح هناك ميثاق شرف وقانون لم يكتب. بل تعارفت عليه تلك المجموعة ينص على حماية الأبرياء وتحطيم قوة الشر ثم يتخذ حماة القانون شكلا أكثر تنظيما. لتظهر لنا الشرطة بشكل جديد وهكذا سينتهي بنا الأمر .فعدم وجود نظام سيؤدي حتما إلى وجود نظام. وهذه طبيعة الحال وسنة الله الخالدة في الكون.

 

ليبقى السؤال هل نحن مستعدون لخوض تلك التجربة الرهيبة.تجربة إختفاء النظام بفعل السقوط تحت ضربات الشعب المستمرة.أم أن الأمر يمكن أن يكون بطريقة أكثر تعقلا وخصوصا أننا ما زلنا في البداية.بداية الثورة وبداية التغيير.لذا يجب أن نرفع شعار الشعب يريد اسقاط الفساد.الفساد أيا كان شكله أو نوعه،سواء كان فرداً أو مجموعة أو قبيلة أو حزباً.مع محافظتنا على بقية مكونات النظام لنقوم بعد ذلك بتطهيره بشكل أكثر هدوءاً وإتزانا وفق خطة مدروسة تراعي تحديثه وبنائه وفقا لما نحتاجه في حينه، لنغدو في ركب الأمم السائرة بإتجاه الغد.

 

السبت 12 مارس 2011

 

  • Currently 237/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
59 تصويتات / 322 مشاهدة
نشرت فى 12 مارس 2011 بواسطة basheerye

المدرب/ بشير بن علي

basheerye
مدرب أول في مجال المبيعات »

عدد زيارات الموقع

54,637