سيوة واحة خالية من السكان
عرفت واحة سيوة في التاريخ القديم بأسماء عدة ، فقد عرفت في التاريخ الفرعوني بإسم "واحة آمون" ، ومعلوم أن آمون كان أعظم معبود لدى المصريين القدماء ، وقد برزو علي السطح معبد "آمون" في سيوة وعرف بمعبد التنبؤات لبراعة كهنته فى هذا المجال.وفى عام 525 ق.م أغار " قمبيز" الملك الفارس علي مصر واستطاع احتلالها ، وبذلك زالت عن مصر دولة بنيها وتملكها آخرون أجانب وإتخذ قمبيز ممفيس قاعدة لأعماله الحربية، وفى تلك الفترة قدم إلي واحة آمون "سيوة" وفد ليسأل كهنتها أو كهنة المعبد عن مصير قمبيز وجنوده ، فتنبأ كهنة المعبد بأن جيش قمبيز ستهلك عن آخره وسيموت هو حزنا وغما عليه .
ولما بلغت قمبيز تلك النبؤة أرسل بعثا عدته خمسين ألف مقاتل لفتح واحة آمون "سيوة" وأعطي قواده الأمر بسلب وإحراق المعبد وأسر الأهلين وإستباحة الواحة ،ولكن الجيش ضل فى فيافى الصحراء إذ أضلته عاصفة رملية هاتيك العواصف الشديدة التى تهب فى الماطق الجنوبية من الصحراء الغربية ، فهلك الجيش الفارس عن آخره ، وهلك " قمبيز" الطاغية المتلاف الثائر علي الديانات المصرية إذ قتل بين قواده .
ولكن الثابت أن أهالى الواحة عندما سمعوا بمقدم الجيش الفارس العرمرم خرجوا في هجرات كبيرة هائمين علي وجوههم في كل صوب وحدب ، وتشتتوا فى هذه الصحراء الشاسعة ، فأفقرت الواحة من السكان، وخلا المكان الذى كان يستوعب مايزيد علي ربع المليون نسمة إلا من شراذم قليلة ممن أبوا الفرار ،ولم يشرف عام 500 ق.م علي العالم إلا والواحات المصرية جميعها ومن بينها "واحة خربة " تحت نفوذ الفرس .
· قبائل من جبل " يفرن" تستوطن الواحة :
دخلت الواحة بعد ذلك فى فترة طويلة من الإهمال والنسيان ، وفقدت أهميتها م الوجهة الحربية كنقطة إستراتيجية علي الحدود الغربية ، ولم تعد ذات شأن يذكر فى الميثولوجيا المصرية .
وظلت الواحة حينا من الدهر لايعرف مداه ، محوطة بالجهل والإهمال إذ دخلت فى مرحلة غموض ، وكان سكانها من الغرب والبربر والعبيد قد أخذوا فى التناقص من جراء ماتناوب عليهم من الأوبئة الفتاكة إلي أن أبيدوا بالطاعون فى حوالي منتصف القرن الثاني للهجرة .
ويعد ضربا من الحدس والتخمين أن يتعرض أى من الناس لتحديد المدى الذى ظلته الواحة خربة خالية من السكان .
علي أن الصدف قد دمغت أخيرا بقبائل من جبل " يفرن" بتونس إلي جهة " المعاصر" التى تصنع مع حطية " "الزيتون " وحطية " أبوشروف" مثلثا متساوى الأضلاع ، وكانت هذه القبائل ممن يجيدون زراعة النخيل ، وقد وجدوا الأرض التي حلوا بها مليئة به ، فكانت لهم حتما ومقاما حميدا .
قرية " سيدى مسلم " :
فى جهة المعاصر يكثر البعوض والذباب الذى أضر بحال جمالهم ودوابهم وأغنامهم ، الأمر الذى اضطرهم للهجرة مرة ثانية ، ولكن نحو الغرب موغلين في الواحة إلي أن استقروا بجوار أغورمي وأقاموا يزارعون زراعات صغيرة ، ولما كان البدو لايألفون العيش بين الجدران فقد سكنوا بيوتا من الشعر ، وظلوا كذلك حينا حتى جاء رجل من الأتقياء يدعى الشيخ " مسلم " من بنى جلدتهم ، وفد عليهم وأقام بينهم ، وابتنى له بيتا فالتف حوله نفر منهم وحذوا حذوه ، أما الباقون من ذوى البيوت الشعر فقد انتقلوا إلي جوار ذوى المنازل نجيا مهم ، وكونوا قرية صغيرة دعوها " قرية سيدى مسلم " نسبة إلى ذلك الرجل التقى ، وشاد الشيخ " مسلم " مسجدا صغيرا يؤدى فيه هو ومن حوله شعائر دينهم الحنيف ، وكان هذا المسجد الصغير أول مسجد يقوم علي أرض " واحة آمون" الأثرية .
وظلت قرية "سيدى مسلم " فى واديها المحوط بالجبال حيناَ من ا لدهر , مجهولة من البدو الرحل اللذين يملأون
الشمال الافريقي ......... فتكاثر أهلها وعظم عددهم , وعاد للواحة سالف عصرها من النضرة والعمران .
بعد الفتح الفاطمى لمصر كثرت قبائل البدو فى الساحل الشمالي , فكانوا يقعون على سيوة إتفاقاَ , فينهمون ما فيها من ثمار وخيرات , مقاتلين كل من يقف فى وجوههم , فتتالت الغزوات الهجمات حتى نقص تعداد قرية " سيدى مسلم إلى ان اصبح أربعين رجلاَ وكانت معرضة للنقصان أكثر من ذلك .
فكر هؤلاء الاربعون فى موقفهم , وعلموا أنهم ان ظلوا كم هم فسيكون مصيرهم المحتوم هو الفناء والإبادة , إذاَ فلابد لهم من تحصن و الامناع عن يد الطالبين , ولم ياتى لهم ذلك إلا إذا ابتعدوا عن المواطن التى يواثبهم منها الخطر ويداهمهم فيها المغير , فأنتقوا هضبة عالية من الصخر , وشادوا مساكنهم عليها , وأقاموا حول الدور سوراً عالياً , وجعلوا عند أسفل الهضبة باباً يفتح نهاراً ويغلق ليلاً شأن كل المدن القديمة فى العصور الأولى ........ودعوها " شالي " .
انتظروا مني المزيد عن واحة سيوه
ساحة النقاش