مفهوم الوسائل التعليمية وأنواعها
د محمد جابر خلف الله
دكتوراه الفلسفة فى التربية تخصص مناهج وطرق تدريس تكنولوجيا التعليم (2006)
مدرس بقسم تكنولوجيا التعليم بكلية التربية جامعة الأزهر
عضو مجلس ادارة جمعية العلوم والثقافة والتكنولوجيا
عضو الجمعية المصرية لتكنولوجيا التربية
http://www.facebook.com/d.gaper
أولا- مفهوم الوسيلة التعليمية Instructional Media :
أحدثت الثورة التكنولوجية تغييراً شاملاً لكثيراً من المتغيرات والنظريات التعليمية التقليدية فأصبحت موضعاً للتعديل والتحدى، مما دفع خبراء التربية لتقديم اقتراحات لتعديل المناهج ووسائل تقديمها حيث اقترحوا مواد تعليمية ووسائل جديدة تزيد من فاعلية الاستخدام فى ظل الظروف الحالية والمتوقعة.
ومن هذه المنطلق نبعت اتجاهات نحو تطوير أساليب ووسائل التعليم والتعليم وأهمية توظيف الوسائل التعليمية فى تقديم المقررات الدراسية؛ وعليه برز الدور الأهم والأكبر للوسيلة التعليمية حتى أصبحت أهم عناصر الاتصال التعليمى.
وتعرف الوسيلة Media بأنها كل ما يستخدم لتحقيق غاية فالوسيلة ليست غاية فى حد ذاتها ولكنها تستخدم لتحقيق غاية.
والوسيلة التعليمية: هي كل أداة يستخدمها المعلم لتحسين عملية التعلم والتعليم، وتوضيح المعاني والأفكار، أو التدريب على المهارات، أو إكساب التلاميذ على العادات الصالحة، أو تنمية الاتجاهات، وغرس القيم المرغوب فيها.
ويرى (حمودة محمد وآخرون، 1988، 21) كما قدمه ( هشام أنور، 2004) أن الوسائل التعليمية: " هى الأدوات والآلات والمعدات التى يستخدمها المدرس أو الدارس لنقل محتوى الدرس إلى مجموعة من الدارسين سواء داخل الفصل أو المدرسة أو خارجها بقصد تحسين ورفع درجة كفاءة العملية التعليمية وبلوغ الأهداف المنشودة فى اقل وقت ممكن وبأقل الجهد وذلك دون الاستناد إلى الألفاظ وحدها.
وعليه فالوسائل التعليمية هى أوعية للمعرفة ونواقل للرسالة التعليمية، وكذلك أدوات ترميز لها، وقد تشمل الخبرات المباشرة وغير المباشرة أيضاً.
وتعتبر الوسائل التعليمية ركناً مهماً من أركان العملية التعليمية وجزءاً مهماً في النظام التعليمي الشامل كذلك، مما أدى إلى انتشارها في جميع النظم التعليمية؛ حيث أخذت السياسات التعليمية توليها عناية فائقة إيماناً منها بأهميتها في التعليم والتدريب، ودورها الرئيس في التنمية المعرفية المستدامة لمواكبة التطور الهائل والسريع في ثورة المعلومات.
ولابد من الإشارة إلى أن الوسائل التعليمية ليست أهدافا في ذاتها، بل لابد من أن تشكّل جزءا من استراتيجية التعليم التي تتبعها الدولة أو المنظمة التعليمية أو المعلّم لتحقيق الأهداف التعليمية التي أنشأت من أجلها العملية التعليمية؛ لذلك أتى اسمها من كونها وسائل تؤدي إلى أهداف سلوكية محددة يمكن قياسها وتقويمها في منظومة شاملة يضعها المعلم أو المدرّب لتحقيق غاية اكتساب العلم والمعرفة.
ثانياً- التطور التاريخي للوسائل التعليمية:
يمتد ظهور الوسائل التعليمية إلى عهود قديمة منذ خلق الله الإنسان على الأرض، حيث إن مظاهر اتصال من مثل: اللغة التي تحدّث بها الإنسان، والنقوش الأثرية والرسومات والمجسمات والصور التي حفرها الإنسان في العصور المختلفة يمكن اعتبارها أشكالا لوسائل تعليمية هدفت لإيصال رسالة ما إلى متلق آخر بطريقة تتواءم مع مستوى الإنسان الإداركي والزماني والمكاني لكل عصر.
وفى مرحلة الحضارية الإسلامية تعدد طرق تدريس وعرض المعرفة، وقد عمل العديد من علماء المسلمين على تطبيق استخدام الوسائل التعليمية في تعليم الطالب؛ فمن ذلك: " الحسن بن الهيثم " الذي استخدم الطريقة العلمية الاستقرائية في القياس والمشاهدة عندما طرح على تلاميذه في وعاء الوضوء في صحن المسجد كيف تتم نظرية الانكسار الضوئي مستخدما لذلك عصا خشبية وبركة الماء ليروا التجربة بالمشاهدة الحقيقية مباشرة وبالتمثيل.
وكذلك " الإدريسي" الذي عمل أول نقش للكرة الأرضية من الفضة ليصور كروية الأرض وأهداها إلى ملك صقلية.
ثم تتابعت جهود العلماء المسلمين الذين أوصوا في مؤلفاتهم إلى العناية باستخدام وسائل التعليم وطرق وأساليب التدريس في منهجية العملية التعليمية التعليّمية.
وقد بدأت الدعوة لاستخدام الوسائل التعليمية فى التربية بشكل واضح فى عصر النهضة الأوربية؛ فقد دعا رابليه Rabelais 1483-1554 إلى التشويق فى التعليم عن طريق اللعب، وهو ما يسمى بالألعاب المحاكية، وفى نفس الفترة ظهر ايراسموس Erasmus 1466- 1546 مؤكداً على استعمال وسائل الإيضاح فى التعليم وخاصة تعليم الصغار، وحث مونتينى Montainge فى كتاباته على الاستفادة من الزيارات الميدانية فى التعليم، ثم جاء كومينوس 1592-1670 والذى اعتبره البعض الأب الحقيقي لوسائل تكنولوجيا التعليم حيث أكد على أهمية استخدام الحواس فى التعليم مع المواضع والأشياء الحقيقية والصور التوضيحية ودعا المؤسسات التعليمية لتكون بالمواد الواقعية والتوضيحية، ومن أشهر مؤلفات كومينوس كتابه الشهير ( العالم فى صور the World in Pictures ) ويعد هذا الكتاب أول مقرر مدرسى قام على استخدام الوسائل التعليمية.
ثم جاء بعد ذلك مجموعة كبيرة من العلماء والذين وظفوا الوسائل التعليمية فى التعليم مثل بستالوزى وفروبل وديوى فى الفترات التالية لكومنيوس وحتى منتصف القرن العشرين، وقد أكد معظم هؤلاء العلماء على ضرورة الاستعانة بالوسائل الرمزية كالصور والأشكال والرسوم التوضيحية والنماذج المجسمة.
وخلال العقد الثالث من القرن العشرين بدأ دخول الوسائل التعليمية فى عالم التربية بصورة شرعية وبصفتها التقنية الحديثة واستخدامها النظم المقصود، حيث بدأ عدد من المدارس والجامعات بالولايات المتحدة وبعض الدول الغربية باستخدام بعض أنواع الوسائل التعليمية السمعية والبصرية كالصور والشرائح والأفلام.
وفى بداية العقد السادس من القرن العشرين أصبحت الوسائل التعليمية جزءاً أساسياً من برامج ومناهج التعليم بالمؤسسات التربوية المختلفة.( محمد حمدان، 1986، 19-20).
وهكذا نرى التطور فى استخدام الوسائل التعليمية المتاحة فى كل عصر وفى كل فترة من الزمن وما بها من وسائل وتقنيات؛ حتى توصلنا إلى الكمبيوتر والانترنت؛ ولا يعرف أحد ما هى الوسائل التى يمكن أن تكون فى القرون التالية.
ثالثا- أنواع الوسائل التعليمية:
بعد أن فرغ العلماء من تصنيف الوسائل التعليمية اتجه بهم الحال إلى تقسيمها إلى أنواع محددة فالوسائل التعليمية تطورت بتطور الصناعة فهى تختلف باختلاف التكنولوجيا الصناعية المتاحة بكل فترة زمنية، كما أنها متعددة ومتنوعة فمنها الوسائل البسيطة كالسبورة، ومنها الوسائل المعقدة كالكمبيوتر، وتنوعت الوسائل التعليمية وفق مجموعة من التقسيمات المختلفة ونعرض عليك فيما يلى التقسيمين الأكثر استخداما فى المجال التربوي:
1- الوسائل البصرية Visual Aids:
وهى تضم الوسائل التى تعتمد على حاسة البصر لدى المتعلم فى تحقيق أهدافها، واكتساب الخبرات من خلاله، وتشمل هذه المجموعة: الصور الفوتوغرافية- الصور المتحركة الأفلام الصامتة - الشرائح الفوتوغرافية التعليمية – الرسوم التعليمية الثابتة – الرسوم المتحركة غير الناطقة – المجسمات - العينات – الحقائق- النماذج – الخرائط- الكرات الأرضية، كما تتمثل أيضاً هذه الوسائل فى: التمثيليات، والرحلات – والمعارض – والتجارب- والمتاحف- واللوحات – المجلات.
2- الوسائل السمعية Audio Aids:
وتشمل الوسائل التعليمية التى تعتمد على حاسة السمع فقط فى تحقيق أهداف العملية التعليمية، واكتساب الخبرات التعليمية، وتشمل الراديو، وبرامج الإذاعة المدرسية، والتسجيلات الصوتية وغيرها من الوسائل التى تخاطب حاسة السمع لدى المتعلم.
3- الوسائل السمعية البصرية Audio Visual Aido:
وتضم الوسائل التى تعتمد على حاستي السمع والبصر معاً عند المتعلم لاكتساب الخبرات والمعارف، من أجل تحقيق أهداف العملية التعليمية؛ فهى تخاطب سمع وبصر المتعلم فى الوقت نفسه، وتشمل: الأفلام المحركة الناطقة- وبرامج التلفاز الناطقة، والشرائح التعليمية المصاحب لها تعلق صوتى، وبرامج الكمبيوتر التعليمية، وبرامج الانترنت التعليمية، وغيرها من الوسائل.
4- الوسائل التفاعلية:
اعتمدت فيها الوسائل التعليمية كأحد أهم عناصر طرق التدريس الحديثة وكان ذلك نتيجة للثورة الصناعية والتكنولوجية بالقرن الحادى والعشرين حيث تطورت الصناعات والاتصالات والتى يتفاعل معها المتعلم فى الحياة مثل الموبيل والانترنت والكمبيوتر، فوسعت هذه الأجهزة من خبرات الإنسان فى التعامل مع التقنية ووفرت الوقت والجهد الذى كان يستغرق سابقاً للوصول للمعلومة وأصبح التفاعل بين الإنسان والآلة هو السمة السائدة فى هذا العصر.
ساحة النقاش