د / محمد جابر خلف الله
دكتوراة الفلسفة فى التربية تخصص تكنولوجيا التعليم
مدرس بكلية التربية – جامعة الأزهر
[email protected]
yahoo.com
تعتبر شبكة المعلومات الدولية Internet من أبرز المستحدثات التكنولوجية التي فرضت نفسها على المستوى العالمى خلال السنوات القليلة الماضية، حتى أصبحت أسلوباً للتعامل اليومى، ونمطاً للتبادل المعرفى بين شعوب العالم، كما أن الانتشار السريع لهذه الشبكة جعلها من أهم معالم العصر الحديث، حتى إن البعض أطلق على هذا العصر ( عصر الإنترنت )، لما أحدثته هذه الشبكة من آثار عميقة، وتغيرات جذرية فى أساليب وأشكال التواصل فى شتى مناحى الحياة.كما تعد الإنترنت ثورة علمية فى مجالات الاتصالات البشرية، لكونها توفر سهولة الاتصال الفكرى بين مستخدميها مقارنة بوسائط نشر المعلومات الأخرى التى تعتبر عالية الكلفة ومحدودة النطاق وتستغرق وقتاً أكبر لإتمام الاتصالات. وشبكة الإنترنت أحد مصادر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحديثة، وأوسعها انتشاراً، فضلاً عن كونها جامعة مفتوحة يستفيد منها طلاب العلم والمعرفة فى جميع أنحاء العالم، ومن خلالها تنمو العلاقات الإنسانية بشتى أنواعها بلا حدود أو قيود مفروضة.
ويرى ( Kian, Samhong, 2001, 223 ) أن ثورة الإنترنت غيرت من الفكر التربوى، وفرضت على المهتمين بالتربية والتعليم محاولة توظيف تكنولوجيا الاتصال بواسطة الإنترنت فى التعليم والتدريب من بعد، فالتدريب بالإنترنت نظام تدريبى فريد يساعد على تغيير الفكر والإبداع فى المهارات.
مفهوم الإنترنت Internet :
تعددت التعريفات الخاصة بالإنترنت والتي ربما ترجع إلى الأهمية الكبيرة لهذه التقنية؛ ليس على مستوى التعليم والتدريب فحسب، بل على مستوى جميع المهن والتخصصات.
يذكر ( على عبد المنعم، 2005، 262 ) أن كلمة إنترنت: تتكون من مقطعين أولهما إنتر " Inter " وهو مشتق من كلمة دولى /عالمى International، وثانيهما نت " net " وهو مقطع مشتق من كلمة Network بمعنى شبكة اتصالات، ويشكل المقطعان معاً كلمة الإنترنت (Internet) والتى تعرف فى العالم أجمع بشبكة المعلومات الدولية.
ويعرف ( الغريب زاهر، 2000، 4 ) الإنترنت بأنها: " الشبكة البينية؛ وفى مدلولها تعنى الترابط بين الشبكات بكونها تتضمن عدداً كبيراً من الشبكات المترابطة فى جميع أنحاء العالم، ومن ثم يطلق عليها شبكة الشبكات المعلوماتية.
ويعرف (محمد جابر، 2006، 72) الانترنت بأنها: شبكة مترابطة من الحواسيب المتزايدة فى العدد؛ والمنتشرة حول العالم؛ المتصلة ببعضها عبر تكنولوجيا الاتصالات والأقمار الصناعية، باستخدام بروتوكولات اتصال مقننة؛ بما يسمح لمستخدمى الشبكة من نشر واستقبال المعلومات بعناصرها المختلفة: ( النصوص - الصور - الأصوات - الحركة - الألوان، وغير ذلك )، وجعلها متاحة للجميع حول العالم؛ مما يؤهلها لتقديم التعليم والتدريب من بعد وتحقيق حرية التدريب ومرونته وعالميته، والقدرة على التجديد المستمر للمعلومات والمهارات.
نشأة وتطور الإنترنت:
فتشير الدراسات إلى أن البداية الحقيقية لهذه الشبكة العملاقة كانت بداية عسكرية؛ حينما أمر رئيس الولايات المتحدة الأمريكية عام 1957 بإيجاد قاعدة معلومات Data Base للأغراض العسكرية، وظل الأمر فى طور التحضير إلى أن تم إنشاء ما يسمى بوكالة مشاريع البحوث المتقدمة (ARPA ) Advanced Research Projects Agency والتى استقطبت مجموعة من مؤسسات وجامعات تعمل فى مجال الأبحاث العسكرية، وكانت المشكلة فى تباعد أماكن هذه المؤسسات والجامعات عن بعضها بعضاً، مما يعوق عملية تبادل نتائج الأبحاث مباشرةً عبر حواسيبها، ومن ثم طلبت وزارة الدفاع الأمريكية من مجموعة من العلماء فى مجال الحاسوب البحث عن أفضل طريقة للاتصال بين عدد كبير من الحواسيب؛ ومن نتائج البحث ظهور شبكة ARPA NET والتى ربطت بين أربعة مختبرات للبحوث، ثم توسعت فشملت عشر جامعات ومؤسسات.( عبد الله خليل، 1999، 91 ).
ولم يمض أكثر من بضعة أشهر، حتى أصبحت شبكة ARPA NET تضم حوالى 42 من أشهر مراكز البحوث فى الولايات المتحدة، ونظراً لتزايد الإقبال على الاشتراك فى شبكة ARPA NET من قبل الجامعات والمؤسسات الأخرى؛ بدأت الشبكة تعانى من صعوبات تتعلق بإدارة العمل فيها؛ ومن ثم انقسمت شبكة ARPA NET إلى قسمين: (الأول يعرف باسم Milnet؛ وهو مخصص للأغراض العسكرية، والثانى هو ARPA NET الصغرى وهى مخصصة للأغراض المدنية)، وظلت هاتان الشبكتان متصلتين عن طريق بروتوكول الإنترنت IP Internet Protocol والذى يسمح بتوجيه المعلومات والبيانات عبر الشبكات.
وفى عام 1971 كان هناك 23 نقطة اتصال مكونة ما يشبه الشبكة العنكبوتية، حيث كانت النقطة الأولى فى (أوكلا)، كما كانت هناك نقطة ثانية فى معهد (استانفورد للأبحاث) مع تمكين العلماء من المشاركة بأجهزة الحاسوب الشخصية عبر الشبكة، ويعتبر عام 1972 نقطة انطلاق مهمة؛ حيث استطاع "راى توملنيسون Ray Tomlinson " أن يخترع البريد الإليكترونى E. mail ؛ ليستخدمه العلماء فى المشاركة فيما بينهم وتبادل الرسائل عبر الشبكة، وأصبح لكل مشترك عنوان خاص به بالبريد الإليكتروني، وأصبحت شبكة ARPA NET فى نمو متزايد بمعدل حاسوب جديد كل 20 يوماً.
وقد تلى ذلك انضمام جامعة لندن والمؤسسة الملكية للرادار بالنرويج إلى هذه الشبكة؛ فأصبحت بذلك شبكة دولية فى عام 1973، وسمى هذا المشروع؛ مشروع ربط الشبكات، وأطلق على النظام الناتج عنه باسم إنترنت Internet، وفى عام 1977 أصبحت شركة ( ديجيتال أكوبمنت ) أول شركة حاسوب تبتكر موقعاً خاص بها على الإنترنت.
كما شهدت أوائل الثمانينيات من القرن السابق قيام العديد من الوكالات الأمريكية الفيدرالية بالاستفادة من الشبكة وتم ربط الجامعات والشبكات التجارية والحكومية وتسهيل عمليات التوصيل ودعم مجموعات النقاش الحية والسماح بالدخول إلى قواعد البيانات، وتم استخدام اسم الإنترنت Internet على هذه الشبكة بمعناه الشامل فى يناير عام 1983.
وفى عام 1989 وضع عالم الطبيعة برينرس لى Berners Lee خطة اقترح فيها نظام الوصلة المحورية Hyper Link، وكانت عبارة عن شبكة من الموصلات تسمح للمستخدمين على حواسيب العميل أن يتحركوا من حاسوب مضيف Hosts، أو العنوان المتصل بالإنترنت إلى حاسوب آخر، وذلك للبحث عن المعلومات ذات الصلة، وفى عام 1990 طور "برينرس لى" مواصفات كل من حاسوب الخدمة والعميل لبروتوكول إنترنت جديد بتوظيف لغة HTML ، والتى طورت المواقع ويسرت التجول حول الإنترنت من نقطة إلى أخرى، وكانت الوثائق المكتوبة بلغة HTML تستخدم فى تصميم ونشر صفحات الإنترنت على شبكة الويبwww World Wide Web، لتمكن جميع مستخدمى الشبكة من الاستفادة من المعلومات.
وفى عام 1994 قام أحد طلاب جامعة إلينوى الأمريكية، ويدعى مارك أند رسون Marc Anderson بتطوير متصفح للإنترنت يسمى موزيك Mosaic؛ يستطيع قراءة صفحات HTML، وقد حولت شركة Netscape تصميم موزيك إلى الإصدار الأول متصفح Netscape Navigator المتاح للتحميل المجانى على الإنترنت، وبدأ التطور يتلاحق سريعاً وبصورة كبيرة؛ ففى عام 1995 بدأ استخدام لغة VRML، ولغة Gava لتصميم شاشات الرسومات المتحركة عبر الشبكة، وتلاها دخول الإنترنت بقوة فى التسويق والمبيعات وذلك فى عام 1997، وقد تجاوزت المبيعات على الإنترنت المليارات من الدولارات سنوياً.
وقد تطورت الإنترنت كثيراً بإنشاء المواقع المتخصصة على الشبكة عام 1998؛ وبدأت الإذاعات والتلفاز تبث برامجها بواسطة الإنترنت، كما بدأت عمليات التوظيف وإدارة الموارد البشرية عبر الإنترنت، وارتبط ذلك بظهور التكنولوجيا الرقمية؛ وأساليب تخزين الصور والرسوم الثابتة والمتحركة ونقلها ومعالجتها واسترجاعها، مرتبطاً بتوظيف شبكات الألياف الضوئية ودوائر الأقمار الصناعية مع تعدد وسائل عرض المعلومات من خلال الإنترنت وأصبحت تشمل القدرة الفائقة على عرض ( النصوص الفائقة - الصوت - الموسيقى - الصور المتحركة - الرسوم المتحركة - الصور الثابتة - الرسومات والأشكال الخطية - الوسائط المتعددة ).
ومع شروق القرن الحادى والعشرين وتفجر العلوم والمعارف على المستوى العالمى أصبحت الإنترنت شرياناً لحياة البشر، ووسيلة تعليمية وتدريبية وتثقيفية وترفيهية؛ كما أصبحت أهم الوسائل الإخبارية؛ وأصبحت متاحة للجميع ومن دون تكلفة إضافية؛ فهى فى متناول كل من يملك جهاز حاسوب وخط ربط، ودخلت كأهم وسائل تقديم المقررات الدراسية، واعتبرت مهارات استخدامها متطلبا لمعظم الوظائف والمهن المختلفة.
المراجع:
1- أحمد حسن خميس (2003). كل شئ عن استخدام الإنترنت، القاهرة، مكتبة خوارزم للنشر والتوزيع.
2- أشرف أحمد حامد (2003). دليلك إلى عالم الكمبيوتر والإنترنت، المنصورة، مكتبة جزيرة الورد
3- الغريب زاهر إسماعيل(2000). الإنترنت للتعليم خطوة خطوة، المنصورة، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع.
4- حسام محمود فهمى (2003). فن البحث فى الإنترنت، القاهرة، (د . ن).
5- سعد خلف عبد الكريم(2002 )." أثر التعلم الفردى الذاتى بالإنترنت والتليفزيون التعليمى على تنمية الوعى البيئى لدى طلاب العلوم بالفرقة الأولى بكلية التربية بسلطنة عمان ( دراسة تجريبية )"، مجلة كلية التربية- جامعة أسيوط، مج 18، ع 10، يناير، ص ص203 – 251.
6- عادل عبد الحليم مصطفى (2003). فاعلية استخدام كل من البرمجيات والإنترنت في تدريس مادة الميكانيكا لطلاب الصف الثالث الإعدادى، رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية التربية، جامعة الأزهر.
7- عبد الله النجار (2001)." واقع استخدام الإنترنت فى البحث العلمى لدى أعضاء هيئة التدريس بجامعة الملك فيصل"، مجلة مركز البحوث التربوية - بجامعة قطر، ع 19، ص ص 135-160.
8- عبد الله عبد الرحمن الكندرى (2000)." الأسس العلمية لتصميم وحدة تعليمية عبر الإنترنت"، المجلة التربوية، جامعة الكويت، مج 15، ع 57، ص ص 167-197.
9- عبد الله عمر خليل (1999)." شبكات المعلومات فى التعليم العالى (التدريس والبحث) ،فى تكنولوجيا التعليم – دراسات عربية، مصطفى عبد السميع محمد، مركز الكتاب للنشر، القاهرة، ص ص 85- 121.
10- على محمد عبد المنعم(2005). تكنولوجيا التعليم والوسائل التعليمية، قسم تكنولوجيا التعليم، كلية التربية، جامعة الأزهر.
11- محمد جابر خلف الله (2006) فاعلية برنامج تدريبى من بعد بالانترنت على مهارات استخدام برامج الحاسوب والتحصيل والاتجاه نحو التدريب بالشبكة، رسالة دكتوراة غير منشورة، كلية التربية بالقاهرة – جامعة الأزهر.
12- Kian, S (2001)."Web Based Learning Environments: Observations From a Web Based Course in a Malaysian Context, Australian Journal of Educational Technology, Vol. 17, No. 3, pp. 223- 24
ساحة النقاش