أقرت محكمة النقض مبدأ مهما يتعلق بتنفيذ التعديل الذى أقر على قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ونشر فى الجريدة الرسمية بتاريخ 27 أبريل الماضى، والذى يتعلق بأن تكون محكمة النقض محكمة موضوع من المرة الأولى، بحيث تنقض الحكم وتحدد جلسة لنظره دون أن تعيده للجنايات مرة أخرى.
وينص هذا المبدأ الذى من المتوقع أن تطبقه كافة دوائر المحكمة، على أن تسرى التعديلات فقط على الطعون الجديدة التى تقدم للمحكمة بعد تاريخ 1 مايو الجارى، وهو تاريخ العمل بالقانون، فى حين أن كافة الطعون الموجودة فى المحكمة حالياً والتى قدمت قبل هذا التاريخ لا تسرى عليها التعديلات، وتعامل وفقاً للقانون قبل تعديله، فتعيدها المحكمة مرة أخرى إلى الجنايات حال نقضها.
هذا المبدأ أقرته محكمة النقض برئاسة المستشار عادل الشوربجى النائب الأول لرئيس المحكمة، فى حيثيات الطعن رقم 28605 لسنة 86 قضائية، والخاص بالمتهمين فى قضية "الدابودية والهلايل"بأسوان، وهى الأحداث التى راح ضحيتها 28 قتيل وعشرات المصابين عام 20144 ، وقبلت المحكمة طعن المتهمين وألغت أحكام الإعدام وقررت إعادة محاكمتهم أمام محكمة جنايات أسوان للفصل فيها مجدداً أمام دائرة أخرى.
وأسندت المحكمة فى مبدأها على أن تطبيق التعديلات على الطعون المتداولة أمامها قبل تاريخ العمل بالقانون ينطوى على إساءة لمراكز الطاعنين القانونية وإضرارا بحقوقهم وهو ما تأباه العدالة، مما ينبغى عدم تطبيقه عليهم.
وأشارت المحكمة فى نهاية حيثيات حكمها إلى صدور القانون رقم 11 لسنة 2017 ، وقالت: ان القانون نص فى مادته الثانية على تعديل المادتين 39 ، 44 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، حيث نصت المادة ( 39 ) بعد تعديلها على أنه : ( إذا قدم الطعن أو أسبابه بعد الميعاد تقضى المحكمة بعدم قبوله شكلاً، وإذا كان الطعن مقبولاً وكان مبنياً على مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو تأويله، تصحح المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضى القانون.وإذا كان الطعن مبنياً على بطلان فى الحكم أو بطلان فى الإجراءات أثر فيه، تنقض المحكمة الحكم، وتنظر موضوعه، ويتبع فى ذلك الأصول المقررة قانونا عن الجريمة التى وقعت، ويكون الحكم الصادر فى جميع الأحوال حضورياً).
ونصت المادة ( 44 ) منه على أنه : ( إذا كان الحكم المطعون فيه صادراً بقبول دفع قانونى مانع من السير فى الدعوى، أو صادراً قبل الفصل فى الموضوع وأنبنى عليه منع السير فى الدعوى ونقضته محكمة النقض، أعيدت القضية إلى المحكمة التى أصدرته للحكم فيها من جديد مشكلة من قضاة آخرين. ولا يجوز لمحكمة الإعادة أن تحكم بعكس ما قضت به محكمة النقض. كما لا يجوز لها فى جميع الأحوال أن تحكم بعكس ما قررته الهيئة العامة للمواد الجنائية بمحكمة النقض )
وتابعت المحكمة: وقد نشر هذا القانون بالجريدة الرسمية بالعدد الصادر فى 27/4/2017 ويعمل به اعتبارا من 1/5/2017 ، ولما كان هذا التعديل لا ينطوى على قاعدة من القواعد التجريم المقررة فى قانون العقوبات وهو بهذه المثابة يعتبر قاعدة من القواعد المنظمة لإجراءات التقاضى أمام محكمة النقض وضعت لكفالة حسن سير العدالة وحمايتها من أسباب الانحراف فتسرى من يوم نفاذها بالنسبة للمستقبل. ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 7/6/2016 وتم الطعن عليه أمام هذه المحكمة بتاريخ 13/6/2016 فهى صحيحة على مقتضى المادتين 39 ، 44 من القانون رقم 57 لسنة 1959 قبل هذا التعديل وقت حصول هذه الطعون، ومن ثم فإن التعديل المستحدث بالقانون رقم 11 لسنة 2017 لا يسرى على الطعون الماثلة باعتبارها أنها قد تمت فى الفترة السابقة على صدور هذا التعديل، هذا إلى أنه، وكان من المقرر أن الأحكام الصادرة قبل العمل بهذا التعديل واستناداً إلى ما تنص عليه الفقرة الثالثة من المادة الأولى من قانون المرافعات من أن القوانين الملغية لطريق من طرق الطعن لا تسرى على ما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بها واعتبارا بأن عبارة "طرق الطعن" الواردة فى هذا النص تشمل طرق الطعن بأوسع معانيها لتحقيق الحكمة التى توخاها المشرع من إيراد هذا الاستثناء وهى رعاية الحقوق المكتسبة وهو ما خلا منه القانون رقم 11 لسنة 2017، ومن ثم فإن تطبيق هذا التعديل على الطاعنين ينطوى على إساءة لمراكزهم القانونية وإضرارا بهم بما تأباه العدالة مما ينبغى عدم تطبيقه عليهم بغض النظر عما استحدثه القانون سالف البيان فى شأنهم.
ساحة النقاش