<!--<!--<!--

أصيب مكتب المرشد العام للإخوان المسلمين بصدمة بدأت تفاصيلها مع أغرب دعوي قضائية يواجهها الإخوان، فالقضية المتداولة منذ 2008 في سرية تامة تخص المؤسس الأول للجماعة وهو الشيخ الشهيد حسن البنا الذي يضعه الإخوان كبيراً وصغيرا في منزلة خاصة تتجاوز الأبوة الروحية وتقترب من التقديس أو التبجيل علي أقل تقدير.

والحقيقة أنني ترددت كثيراً في عرض تفاصيل تلك القضية ليس فقط لما يمثله حسن البنا من نموذج يستحق الاحترام، إنما أيضا لما تضمنته القضية من اتهامات خطيرة تتجاوز الحدود الدنيوية من اتهامات بالعمالة للصهيونية العالمية إلي الحدود الدينية بالاتهام بتحريف آيات من القرآن الكريم وتبديل معاني بعض الآيات والعياذ بالله.. إلا أنني قررت عرض القضية ليس تضامنا من رافعها أو تأييداً لما توصل إليه بعد دراسة مستفيضة لكتابات حسن البنا وإنما للتخلص من الحيرة التي انتابتني وأنا أقرأ عشرات المستندات والأوراق والتي لا تخلو -بكل أسف- من وجهة نظر تحتمل الصواب بدرجة أو بأخري، وهذا في حد ذاته كارثة فشخصية حسن البنا مهما كان حجم الاختلاف حولها إلا أنها استحقت الاحترام حتي من ألد أعدائها، وطيلة تلك السنوات التي مضت لم نقرأ عن وجود شبهات وطنية ودينية حولها، لكن صاحب الدعوي القضائية قدم ما يشبه الدراسة البحثية ومن خلال المقدمات والاستنتاجات والاستناد إلي مقولات البنا نفسه وأفعاله اكتشفت أنني بالفعل في حيرة من أمري.. لذا فأنا أفتح معكم هذا الملف الخطير مستعرضاً أسانيد صاحب الدعوي التي يتهم فيها حسن البنا اتهامات خطيرة راجياً أن يساهم بالرد المقنع كل غيور علي المرشد الأول للجماعة فربما كانت لديكم القدرة علي مساعدتي في تبرئة ساحة رجل أختلف معه لكنني أقدره وأقدر دوره التأسيسي والتعليمي.

حصلت علي أوراق تلك القضية الخطيرة والتي رفعها "فرج زكي محمد غانم" أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية الدائرة «27» تعويضات واختصم فيها الإمام الأكبر شيخ الأزهر والمرشد العام للإخوان.. وبعد قراءة متأنية للأوراق لم أجد أمامي سوي عرض تفاصيلها لفتح باب النقاش حولها قبل أن يكون الغرض تحقيق سبق صحفي.. خاصة أن ما جاء بها ومنذ الصفحات الأولي يعد خطيرا بكل المقاييس، فصاحب الدعوي يبدأ اتهاماته لحسن البنا بأنه ماسوني.. وأن والده أيضا كان ماسونياً مستشهداً في ذلك بأسانيد ودلائل كثيرة.. أولها كتاب «خطابات حسن البنا الشاب إلي أبيه» والذي ألفه جمال البنا شقيق حسن البنا وهو ترجمة موثقة لحياة الوالد الشيخ أحمد البنا، ويستشهد صاحب الدعوي علي ماسونية الوالد والابن من هذا الكتاب، فالوالد اسمه أحمد عبدالرحمن الساعاتي وهو الثابت في المحكمة الشرعية، أي أن اسم «البنا» لم يرد إلا كصفة أعطاها الاب لولده حسن، ويري صاحب الدعوي أن هذا الاسم «البنا» تعني «ماسوني» في اللغة الانجليزية، وأن الوالد منحها لابنه لأنه كان ماسونياً هو الآخر ويستشهد علي ذلك من الكتاب المذكور حيث كتب جمال البنا: «وضمت مكتبة الشيخ - الوالد - مجموعات من مجلة اللطائف المصورة، وكان لديه مجموعة كاملة من مجلة «الأمل» وكانت الأمل تنشر رواية اسمها «قمر بني إسرائيل».

وهنا يتوقف صاحب الدعوي القضائية ويقول إن العدد الأول من مجلة الهلال الصادر في 1892 قد احتوي علي تصنيف المجلات والجرائد في العالم وفي الصفحة 14 جاء تصنيف مجلة اللطائف بأنها «ماسونية»، أما مجلة الأمل فنشرها لرواية قمر بني إسرائيل دليل علي صهيونيتها وماسونيتها، ويري أن احتفاظ الأب بتلك المجموعات دليل علي ماسونيته وأنه كي يثبت إخلاصه للماسونية أطلق لقب البنا التي تعني في الإنجليزية «ماسون» علي ابنه !!

والحقيقة أن كل هذا الكلام قد يكون مردوداً عليه، فربما كانت المصادفة هي السبب في اعتقادات صاحب الدعوي، إلا أن أموراً أكثر من ذلك ستأتي لتضعنا في حيرة.. كما سنري.

وثائق تكفير البنا ومحاولات تحريف القرآن

أورد صاحب الدعوي "فرج زكي محمد غانم" العديد من العناوين المثيرة التي تحتاج إلي توقف وتأمل، فتحت عنوان «البنا يتعمد تحريف القرآن الكريم» يقول إن البنا كتب في الصفحة «39» من كتاب الدعوة والداعية يقول «وأن الله وملائكته يصلون علي معلمي الناس»، وهذا تحريف للآية 56 من سورة الأحزاب «إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما».

ليس هذا فحسب بل إن فرج زكي يتهم البنا بالاستهزاء من الرسول الكريم صلوات ربي وسلامه عليه ففي الصفحة نفسها من الكتاب كما يقول صاحب الدعوي نقرأ «إنما بعث الرسول صلي الله عليه وسلم معلماً»، ويري صاحب الدعوي أن البنا يردد قول الكافرين والمستهزئين كما ورد في سورة الدخان «أني لهم الذكري وقد جاءهم رسول مبين ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون».. ويصل الاتهام ذروته حين يري صاحب الدعوي أن البنا حاول الإتيان بمثل آيات الكتاب الكريم ففي الصفحة «151» يقول البنا «نفسك يا هذا وإياك والخلق.. ربك وحسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين»، وبهذا يخلط بين كلامه وآيات القرآن الكريم كما وردت في سورة الأنفال «يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين».

وفي الصفحة «141» يقول البنا: "فأصلحوا بينهما صلحا والصلح خير".. ويري صاحب الدعوي أن في ذلك تحريفاً للآية الكريمة في سورة النساء «وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما والصلح خير».

يقول صاحب الدعوي إنه وفي الصفحة 77 من كتاب الدعوة والداعية كتب البنا: «ومن النكات اللطيفة أن أحد قدامي المشايخ الذين قضوا بالأزهر سنوات طوالا علي نظامه الأول وكان مولعا بالنقاش والجدل حاول إحراجي ذات يوم وأنا أقص قصة إبراهيم الخليل فسألني عن اسم ابيه، فابتسمت وقلت له: يا مولانا قالوا إن اسمه "تارخ" وإن آزر عمه والقرآن يقول إن آزر أبوه ولا مانع من أن يكون عمه لاستخدام ذلك في لغة العرب.. وقال بعض المفسرين إن آزر اسم للصنم لا لأبيه ولا لعمه.. والتقدير "إذ قال إبراهيم لأبيه اترك آزر أتتخذ أصناماً آلهة".

انتهي كلام البنا ولكن صاحب الدعوي يعتبر ذلك تحريفا لقوله تعالي في سورة الأنعام " وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناماً آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين».

وبالطبع هناك الكثير من علامات الاستفهام حول كل ذلك، لكن يبقي أن صاحب الدعوي في كثير من الشواهد يأخذ من كلام البنا ما يدلل به علي فكرته أي أن صاحب الدعوي في كثير من الاستشهادات يفصل الكلام من سياقه، إلا أن ذلك لا يمنع من وجود تلك الاستفهامات خاصة بعد ربط التأويلات أو ما اسماها صاحب الدعوي بالتحريفات بكثير من الأمور التي سنتوقف عندها.

هل كان حسن البنا عميلاً للصهيونية العالمية ؟

انتقل صاحب الدعوي إلي ما هو أخطر مستشهداً بكتاب «الدعوة والداعية» لحسن البنا نفسه، لدرجة أنه يتوصل إلي أن اسم «الداعية» كان مقصوداً منه سيدة إيطالية جندت البنا في الماسونية وأن البنا اختار هذا الاسم للكتاب بخبث شديد.

يبدأ صاحب الدعوي من مقدمة كتاب «الدعوة والداعية» ويقول إن الذي كتب المقدمة للكتاب هو «أبو الحسن علي الحسني الندوي» وأن هذا الندوي أسس فرقة اسمها «الأحمدية» ينتحل أفرادها صفة الدفاع عن الإسلام وفي الحقيقة أنهم زنادقة وملاحدة ويقولون بنزول الوحي بعد سيدنا محمد، ويقدم صاحب الدعوي صورة ضوئية من كتاب «فلسفة الأصول الإسلامية أو الخطاب الجليل» الذي جاء علي غلافه «لخاتم الخلفاء والمجددين حضرة أحمد المسيح الموعود علي متبوعه وعليه الصلاة والسلام» وفي الصفحة الخامسة من الكتاب نقرأ «فصاحب هذا الخطاب العظيم حضرة مؤسس الأحمدية هو أعظم شخصية من بين أولياء الأمة المحمدية وشرفها الله بوحيه وكلامه».. ويقول صاحب الدعوي إذا كانت الطريقة الأحمدية قد نشأت في الهند فإن هذا الهندي وهو أحد خلفاء الأحمدية والذي يقدم لكتاب حسن البنا إنما يثبت أن البنا اتخذ من الطريقة الأحمدية منهاجا للدعوة التي استمر عليها الإخوان، ولاشك أن تلك الدعوي القضائية تعتبر قنبلة تفجرت في وجه جماعة الإخوان وفي وجه حزب «الحرية والعدالة»

الموضع خطير و موثق بدعوى قضائية .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 56 مشاهدة
نشرت فى 6 أكتوبر 2012 بواسطة ateffahd

جريدة أخبار مصر

ateffahd
جريدة أخبار مصر »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

57,409

للاعلان على جريدة أخبار مصر

للاعلان على جريدة أخبار مصر الاتصال على ت 01277233121

وتس اب 01277233121