<!--<!--<!--
<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <mce:style><! /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} -->
<!--[endif]-->
في وقفةٍ تأملية لأحوال مجتمعاتنا العربية والإسلامية والتي تعاني الضعف والهزيمة لفتتني معضلة تسيطر على الأفراد والجماعات بكل مستوياتهم وهي من أحد أهم أسباب تراجعنا المستمر ,إنه التعصّب في كل شيء ولكل شيء , فلا مجال للتعددية وإفساح الطريق لرؤية نظرة الآخر والمرجعية التي ينتمي إليها , نفرض على الآخر قناعاتنا أياً كانت دينياً أو ذوقياً ..لمذاهبنا متعصبون ولعاداتنا نحن كذلك ولأذواقنا ولكل شيء ..
وللأسف نحن نتعصب حتى ضد أنفسنا فما دام المجتمع يرغب في ذلك فلابد أن أفعله دون مِراء ,وما أشهر المثل الذي يقول : ( كُلْ على كيفك ,والبس على كيف الناس ) ..وسأقول اليوم كُلْ على كيفك , والبس على ذوقك .
تحجّر العقول أوْدى بنا إلى ما نحن فيه من جمودٍ وتخلّف ورجعية لا نحسد عليها , وما أعلى تلك الأسوار التي بنيناها حول عقولنا فلم نعد قادرين على تجاوزها , فهذا عيْب وهذا لا ينبغي !!
أسوار كانت سبباً للتعصّب , أسوار بناها المجتمع تحت سلطاتٍ تبحث عن مصالحها , وأيدلوجيات تقمع كل من يخالفها وكّلت نفسها وصيَّةً عليه , وتفرض رأيها بأساليب ناعمة أو قسرية –وهو الغالب- فتارةً تأتينا باسم الدين وتارةً باسم الوطنية وتارةً باسم المصلحة العامة وغيرها من الوسائل التي تُسلّط على عقولنا في الوعي وفي اللاوعي . وللأسف أن الأفراد أصبحوا يتعاملون مع بعضهم البعض بنفس الأسلوب وبنفس الطريقة ..
وفي المشهد الثقافي المنقسم على نفسه بين تراثيين يتعصبون للقديم وبين حداثيين يتعصبون للجديد وفئة أخرى بين وبين وتسمى بالتوفيقية , و التي حاولت التقريب بين الطرفين , يقف التراثي مكانه خشية الذوبان في الآخر , بينما الحداثي يريد الأخذ بكل عوامل ومظاهر التطور من أي مكان بغض النظر عن صحتها أو سقمها أو ملاءمتها مع طبيعة المجتمع أو عدمها , وتأتي الفئة الثالثة التي تحاول التكيّف مع الوضع الراهن كما هو دون إيجاد حلول عملية تساهم في إنقاذ الوضع , ربما يكون هذا الصراع بدايةً تُبشِّر بحراكٍ ثقافي يرتقي بمجتمعنا نحو فسحة من التعايش المثمر بين جميع أطيافه ,وإيقاد الوعي في نفوس أفراده , ولكن المصيبة إذا تحوّل ذلك الصراع إلى فرْض لسيطرة الرؤية الواحدة على الساحة وإقصاء الغير بالسعي للقضاء عليه وعلى جميع أشكال تواجده وتقييد حريته ومحاصرته من جميع النواحي , بحجة أن مالدينا هو الأفضل وهو الأكمل وهو الذي سيقودنا نحو تحقيق المأمول ..!
إن الركض وراء الحداثة بدون وعي سيؤدي إلى تهميش ثقافة المجتمع الذي يركض خلفها , وبالتالي ستظهر لنا حركة معاكسة تماماً تحاول التمسك بالذاتية وفرض ثقافة المجتمع الأصلية وإعتبار كل ما سواها ثقافة دخيلة ومخرِّبة , والفئة التوفيقية ستظهر كحلَّ أخير وكحالة استسلامية وانهزامية فترضى بما نحن فيه محاوِلةً التكيّف مع هذه الأوضاع بشتى الوسائل الممكنة .
وأنا هنا بالطبع أتحدث عن النخب المثقفة بكل فئاتها , فإذا كان هذا هو حالها فكيف هو حال العامة والتي باتت مسيّرة لا مخيّرة , والذين هم بعيدون عن هكذا صراعات ..
آمنتُ حينها أن عقولنا بحاجة ماسّة لأن تتنفس الحرية , فلا وصاية لأحدٍ على أحد , وعقولنا لابد أن تحطِّم أسوار الخنوع التي اعتادت عليها لتنفتح على عوالمٍ جديدة من الإبداع والسمو , لا نريد حلاّ من تراثنا أو من غيرنا أو من تراث غيرنا , نريد حلولاً تنبع من ذواتنا من وعينا الذي يتفاعل داخل المجتمع بمختلف أطيافه , إبداعاً يلتمس حلولاً جديدة لأوضاعنا ومشاكلنا الجديدة , يجب أن نعيد قراءة تاريخنا وقراءة واقِعنا بطريقة أكثر موضوعية وحيادية تعكس الحقيقة وليس الزيف, ونكفّ عن العيش في أزمنة غير أزمنتنا أو مجتمعاتٍ غير مجتمعاتنا ,إن الإنسجام بين الذاتية والعصرية لا يَتأّتَّى إلا بمشاركتنا في بناء الحضارة دون أن نكون عالةً عليها -كما هو حالنا اليوم , وأن نوقظ وعي الأفراد نحو بناء شخصية ذات حرية مسؤولة تعطي وتبدع وتتفانى في عملها , شخصية تحترم الغير مهما اختلفت عنها .
علا باوزير
ساحة النقاش