محاولة في تاريخ البدايات للسينما المصرية

"السينما" شهدت الإسكندرية بدايتها ..فوثقت لها مكتبتها 

الإسكندرية- سميرة المزاحى

 وثق مشروع "ذاكرة مصر المعاصرة"، تاريخ الفن في مصر لاسيما الفن السينمائي، الذي يتميز بأكبر شعبية جماهيرية على الإطلاق لكونه الفن الذي يرصد أحداث المجتمع ويقدمها بعين واقعية فاقترب من الجمهور وأصبح جزء لا يتجزأ من حياته.

 وصرح الدكتور خالد عزب، المشرف على مشروع ذاكرة مصر المعاصرة، بأن ذاكرة مصر وثقت لميلاد الفن السابع-الفن السينمائي- في مصر، وحرصت على جمع كل ما يتعلق به من وثائق وصور وأفيشات للأفلام وأخبار صحفية تتعلق بنجومه ونجماته. 
وأضاف أن عدداً من الباحثين قاموا بتوثيق دقيق لحياة أبرز نجوم الفن السينمائي في مصر وتسليط الضوء على مؤسسي هذا الفن من المصريين الذين انحسرت عنهم الأضواء لسنوات طويلة، فجاءت ذاكرة مصر لتعيد لهم جزءا مما يستحقونه من تقدير وشكر من أمثال الفنان محمد كريم ومحمد بيومي والأخوان لاما (إبراهيم لاما وبدر لاما) وتوجو مزراحي ومحمود خليل راشد. وأوائل المنتجين الذين حملوا على عاتقهم صناعة هذا الفن الوليد والمخاطرة بأموالهم من أجل نشره في مصر من أمثال عزيزة أمير وآسيا داغر. وأول نجومه فؤاد الجزايرلي وابنته إحسان الجزايرلي ونجيب الريحاني وبشارة واكيم ويوسف وهبي.

 

الأخوان إبراهيم لاما وبدر لاما
 

يروي الموقع أن علاقة مصر بالسينما بدأت في نفس الوقت الذي بدأ في العالم الخارجي، ففي‏ ‏28‏ ‏‏ديسمبر‏ ‏عام‏ 1895 ‏عرض‏ ‏أول‏ ‏فيلم‏ ‏سينمائي‏ ‏أمام‏ ‏جمهور‏ ‏تواق‏ ‏لمشاهدة‏ ‏هذه‏ ‏الأعجوبة ‏الجديدة‏ ‏في‏ ‏باريس‏ ‏وتحديدًا‏ ‏في‏ ‏الصالون‏ ‏الهندي‏ ‏بالمقهى‏ ‏الكبير "الجراند‏ ‏كافيه" الكائن‏ ‏بشارع كابوسين بالعاصمة‏ ‏الفرنسية‏ ‏على‏ ‏يد‏ ‏مخترعها‏ "‏لويس‏ ‏لوميير"‏.‏ ولم يمر عام إلا وقد بدأت أولى عروض السينما على أرض مدينة الإسكندرية في 5 نوفمبر 1896 ببورصة طوسون بشارع فؤاد (مركز الإسكندرية للإبداع الآن)، وذلك من خلال مجموعة من الأجانب المقيمين بالإسكندرية الذين استقدموا بعضًا من الشرائط الأولى الأوروبية، فحققت نجاحًا مدويًا.
استقبلت مدينة الإسكندرية بعثة لوميير الأولى برئاسة المسيو بروميو (بعثات كان يرسلها المسيو لوميير لعرض اختراعه الجديد على الناس مقابل جني المال لتطويره) وذلك في 8 مارس 1897، وقامت البعثة بتصوير بعض الشرائط الأولى بالمدينة منها ميدان القناصل وبعض محطات الترام الشهيرة. ورافق البعثة أثناء التصوير هنري ديللو الذي أخذ حق الامتياز في عرض هذه الأفلام التي يتم تصويرها وبالفعل افتتحت‏ ‏أول‏ ‏سينما‏‏توغرافي‏ ‏‏بالإسكندرية‏ لهنري‏ ‏ديللو‏ ‏ستروي لتوجو وحمل‏ ‏على‏ ‏عاتقه‏ ‏مسئولية‏ ‏إعداد‏ ‏موقع‏ ‏فسيح‏ ‏لتركيب‏ ‏آلاته‏ ‏واستقر‏ ‏على‏ ‏المكان‏ ‏الواقع‏ ‏بين‏ ‏بورصة‏ ‏طوسون‏ ‏وتياترو "‏الهمبرا‏".

‏ ‏‏توالت‏ ‏العروض‏ ‏السينمائية‏ ‏ولم‏ ‏تعد‏ ‏سينما‏ ‏لوميير‏ ‏تنفرد‏ ‏بالسوق‏ ‏فظهر‏ ‏جومون‏ ‏باتيه‏ ‏من‏ ‏فرنسا‏ ‏و إيربانورا‏ ‏من‏ ‏إيطاليا. الذين جابوا البلاد لتصوير أهم الميادين والطرقات فيها. وبدأت‏ ‏العروض‏ ‏السينمائية‏ ‏الناطقة‏ ‏في‏ ‏مصر‏ في ‏سينما‏ ‏فون‏ ‏عزيز‏ ‏دوريس‏ ‏بالإسكندرية ‏ونجح‏ ‏عزيز‏ ‏بندرلي‏، ‏وامبرتو‏ ‏ملافاسي‏ ‏دوريس‏، ‏في‏ ‏استيراد‏ ‏الحاكي‏ ‏والاسطوانات‏ ‏الناطقة‏ ‏للتعليق‏ ‏على‏ ‏الأفلام‏ ‏وموقع‏ ‏هذه‏ ‏السينما‏ ‏تشغله‏ ‏الآن‏ ‏سينما‏ ‏ستراند‏ ‏بمحطة‏ ‏الرمل‏.

وحظت‏ ‏دار‏ ‏عزيز‏ ‏دوريس‏ ‏بأهم‏ ‏إسهام‏ ‏في‏ ‏النشاط‏ ‏السينمائي‏ ‏حيث‏ ‏انفردت‏ ‏بتصوير‏ ‏أول‏ ‏أحداث‏ ‏محلية‏ ‏تدور‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏وكان‏ ‏ذلك‏ ‏في‏ 20 يونيه1907 ‏حيث‏ ‏قامت‏ ‏بتصوير‏ ‏زيارة‏ ‏الخديوي‏ عباس حلمي الثاني ‏لمعهد‏ ‏سيدي‏ ‏أبو‏ ‏العباس،‏ ‏وتصوير‏ ‏ثاني‏ ‏فيلم‏ ‏عن‏ ‏الأعياد‏ ‏الرياضية‏ ‏في‏ ‏مدارس‏ ‏الفرير.‏ ‏وتعد‏ ‏هذه‏ ‏هي‏ ‏الخطوة‏ ‏الأولى‏ ‏لبداية‏ ‏الأخبار‏ ‏المصورة‏ ‏سينمائيًا‏ في‏ ‏مصر، ويعتبر‏ ‏البعض‏ 20 ‏يونيه‏ 1907 ‏هو‏ ‏بداية‏ ‏الإنتاج‏ ‏السينمائي‏ ‏المصري‏، ‏وعلى‏ ‏الرغم‏ ‏أن‏ ‏عزيز‏ ‏بندرلي‏ ‏وإمبرتو‏ ‏ملافاسي‏ ‏أجنبيا‏ ‏الأصل‏ ‏إلا‏ ‏أنهما‏ ‏ينتميان‏ ‏من‏ ‏عائلات‏ ‏عاشت‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏منذ‏ ‏قرون‏ ‏بعيدة‏.‏ تتابعت العروض في مصر، ففي الأسبوع الأخير من عام 1906، بدأت محلات عزيز ودوريس بالإسكندرية تقديم أول عرض سينمائي ناطق في "سينما فون عزيز ودوريس". تلا ذلك أول عرض لجريدة سينمائية أجنبية في مصر، ثم تصوير وعرض الفيلم المصري "ملعب قصر النيل بالجزيرة" وتصوير وعرض الفيلم المصري "الاحتفال بجنازة مصطفى باشا كامل"، وتصوير وعرض "رجوع جناب الخديوي من مكة المكرمة"، وتصوير وعرض "خروج المصلين من الكنسية الكاتدرائية الكبرى للروم الكاثوليك بالفجالة"، وعرض الفيلم "سفر المحمل الشريف من مصر". وهنا ظهرت ترجمة عربية لعناوين وحوارات الأفلام الأجنبية، وكانت الأفلام تتم على ألواح الزجاج يظهرها الفانوس السحري على شاشة صغيرة بجوار الشاشة الأصلية، وهو من اختراع الإيطالي ليوبو فيوريللو المقيم في مصر.

 

في عام 1914عرض الفيلم المصري"حرب الزهور" في الجزيرة، و"المحرك الشمسي" بالمعادي، و"حفلة استقبال البطل عزيز بك المصري" ونقل فيه المصوران وقائع حفل وصول القائد العسكري إلى الإسكندرية. في هذه الأثناء ظهرت رواية "زينب" من تأليف"مصري فلاح"، فقد خجل محمد حسين هيكل ذكر اسمه على الرواية لحساسية مركزه ولنظرة المجتمع المتدنية للمؤلفين والفنانين.
كما تمّ عرض أفلام روائية قصيرة، وصدرت مجلة "الرسوم المتحركة"، وهي أول مجلة متخصصة بالكامل للسينما المحلية والأجنبية. وتم تأسيس نادي الصور المتحركة الشرقي، وصدر المرسوم الملكي بتأليف"شركة مصر للتياترو والسينما" إحدى شركات بنك مصر، وكان هدف الشركة العمل في مجال المسرح والسينما والأفلام وعمل الأشرطة السينمائية، ثم عرض فيلم "ليلى" بدار سينما متروبول بالقاهرة، إخراج استيفان روستي، وقد حضره أمير الشعراء أحمد شوقي الذي حيّا المنتجة عزيزة أمير.

 

استيفان روستي

بدأ عرض الفيلم الروائي الطويل "قبلة في الصحراء" من إنتاج كوندور فيلم، وتأليف وسيناريو وإخراج إبراهيم لاما، وقد هاجمته الصحف الفنية بقسوة، واتهمته بالإساءة إلى المصريين، ثم توالى في عروض أفلام هاجمتها الصحافة كفيلم "سعاد الغجرية"، و"فاجعة فوق الهرم"، و"تحت سماء مصر"، و"الضحية"، و"مأساة الحياة"، و"بنت النيل"، وهي أول مسرحية لمؤلف مصري تتحوّل إلى عمل سينمائي.كما عرض فيلم "معجزة الحب" من إخراج إبراهيم لاما، وتذكر إعلانات الفيلم أنه أول فيلم مصري ناطق، كما ظهر الفنان نجيب الريحاني في السينما لأول مرة في فيلم "صاحب السعادة كشكش بك" الذي أخرجه مع استيفان روستي، وقام بإنتاجه من خلال شركة أفلام نجيب الريحاني.

هكذا‏ ‏ظهرت‏ ‏الأفلام‏ ‏المصرية‏ ‏الإخبارية‏ ‏القصيرة التسجيلية، أما‏ ‏أول‏ ‏فيلم‏ ‏روائي‏ ‏فلم‏ ‏يظهر‏ ‏إلا‏ ‏في‏ ‏سنة‏ 1917 ‏وأنتجته‏ ‏الشركة‏ ‏السينمائية‏ ‏الإيطالية‏- المصرية‏ ‏وأنتجت‏ ‏فيلمين‏ ‏هما‏ ‏"الشرف‏ ‏البدوي" و"الأزهار‏ ‏القاتلة"‏ ويرجع‏ ‏للشركة‏ ‏الفضل‏ ‏في‏ ‏إعطاء‏ ‏الفرصة‏ للمخرج‏ ‏المصري‏ ‏محمد‏ ‏كريم‏ ‏في‏ ‏الظهور‏ ‏في‏ ‏الفيلمين‏.
يعد‏ ‏محمد‏ ‏كريم‏ ‏أول‏ ‏ممثل‏ ‏سينمائي‏ ‏مصري‏، ‏كما‏ ‏ظهرت‏ ‏جهود‏ ‏محمد‏ ‏بيومي‏ ‏في‏ ‏الإسكندرية‏ ‏عام‏ 1923 حيث‏ ‏أنشأ‏ ‏ستوديو‏ ‏للسينما‏ ‏استعدادًا‏ ‏لإنتاج‏ ‏أفلامه‏ ‏ومن‏ ‏باكورة‏ ‏أفلامها "الباشكاتب" وقام‏ ‏ببطولته‏ ‏أمين‏ ‏عطا‏ ‏الله‏ ‏وبشارة‏ ‏واكيم‏، وكان‏ ‏فيلم‏ ‏قصير‏ ‏استمر‏ 30 ‏دقيقة‏ ‏وبلغت‏ ‏نفقات‏ ‏إنتاجه‏ 100 ‏جنيه‏ ‏وبعد‏ ‏ذلك‏ ‏قام‏ ‏بإنتاج‏ ‏وإخراج‏ ‏فيلمه‏ ‏الثاني‏ ‏"الخطيب‏ ‏نمرة‏ 13".‏ وبدأ‏ ‏في‏ ‏تكوين‏ ‏شركة‏ ‏مساهمة‏ "‏شركة‏ ‏مصر‏ ‏للتياترو‏ ‏والسينما" وتعد‏ ‏هي‏ ‏البذرة‏ ‏التي‏ ‏أخرجت‏ ‏لنا‏ ‏بعد‏ ‏ذلك "ستوديو‏ ‏مصر"‏، ‏واتخذت‏ ‏الشركة‏ ‏مقرًا‏ ‏لها‏ ‏فوق‏ ‏مطبعة‏ ‏مصر‏ ‏بشارع‏ ‏نوبار‏ ‏وأنتجت‏ ‏سلسلة‏ ‏من‏ ‏الأفلام‏ ‏القصيرة‏ ‏كان‏ ‏الغرض‏ ‏منها‏ ‏الدعاية‏ ‏لشركة‏ ‏بنك‏ ‏مصر‏.

 

محمد بيومي

باع‏ ‏محمد‏ ‏بيومي‏ ‏أجهزته‏ ‏ومعامل‏ ‏التحميض‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏فشلت‏ ‏مشروعاته‏ ‏وعمل‏ ‏بها‏ ‏مخرجًا‏ ‏ومصورًا‏ ‏حيث‏ ‏قام‏ ‏بتصوير‏ ‏أول‏ ‏فيلم‏ ‏روائي‏ ‏طويل في‏ ‏بلاد‏ ‏توت‏ ‏عنخ‏ ‏آمون في‏ ‏عام‏ 1924 ‏من‏ ‏إنتاج‏ ‏وإخراج‏ ‏فيكتور‏ ‏روسيتو،‏ ‏وقام‏ ‏ببطولته‏ ‏فوزي‏ ‏منيب‏ ‏والممثل‏ ‏الإيطالي‏ ‏أرستيدهاج‏ ‏أندريا‏. وعندما نتحدث‏ ‏عن‏ ‏تاريخ‏ ‏صناعة‏ ‏السينما‏ ‏لا نستطيع‏ ‏إخفاء‏ ‏دور‏ ‏عزيزة‏ ‏أمير‏ ‏وهي‏ ‏أول‏ ‏سيدة‏ ‏مصرية‏ ‏اشتغلت‏ ‏بالسينما‏ ‏وقامت‏ ‏ببطولة‏ ‏فيلم "ليلى".‏

في عام 1927 كانت البداية التاريخية الحقيقية للسينما المصرية حيث تم إنتاج وعرض أول فيلمين شهيرين هما "قبلة في الصحراء" ، والفيلم الثاني هو"ليلى"، ومن أشهر الأفلام في السينما الصامتة في تلك الفترة كان فيلم "زينب" الذي أخرجه محمد كريم ويعد‏ ‏هذا‏ ‏أول‏ ‏فيلم‏ ‏مأخوذ‏ ‏عن‏ ‏عمل‏ ‏أدبي‏ ‏وهي‏ ‏قصة زينب وكانت‏ ‏أول‏ ‏قصة‏ ‏مصرية‏ ‏تنشر‏ ‏ومؤلفها‏ ‏د‏. ‏محمد‏ ‏حسين‏ ‏هيكل‏.‏

في 14 مارس عام 1932 تم عرض أول فيلم مصري روائي طويل ناطق، وهو فيلم "أولاد الذوات"، إخراج محمد كريم، عن مسرحية شهيرة لمنتج الفيلم وبطله يوسف وهبي، ولقي الفيلم نجاحًا تجاريًا كبيرًا. وفي 14 إبريل بدأ عرض الفيلم المصري الغنائي الناطق "أنشودة الفؤاد"، إخراج ماريو فولبي، وفي هذا العام صدر العدد الأول من مجلة "الكواكب" الأسبوعية، عن دار الهلال، وتوالت الأفلام الناطقة، فعرض فيلم "الزواج" وفيلم "كفري عن خطيئتك"، إلى أن عرض فيلم "الوردة البيضاء" بطولة المطرب محمد عبد الوهاب وهو من إخراج محمد كريم، وكان الفيلم حدثًا سينمائيًا ضخمًا.
كان إنشاء ستوديو مصر عام 1935 نقلة جديدة في تاريخ السينما المصرية وهو أحد مشروعات شركة "مصر للتمثيل والسينما" التي أسسها طلعت حرب عام 1925 إحدى شركات بنك مصر، وظل ستوديو مصر محور الحركة السينمائية حتى نشوب الحرب العالمية الثانية. بدأت المرحلة الثانية في تطور هذه الصناعة بعد أن كانت تعتمد على الفنانين المغامرين من الرواد الشجعان أصحاب الشركات الصغيرة، حيث اعتمدت على أحد كبار البنوك المصرية في ذلك الحين، وبوجود ستوديو مصر عرفت صناعة السينما المصرية عصرًا من الازدهار وصل فيه عدد دور العرض إلى أكثر من مائة دار عرض وارتفع متوسط إنتاج الأفلام من عشرة أفلام في السنة في السنوات الأربع السابقة على افتتاحه إلى عشرين فيلم في السنوات التسع التالية حتى نهاية الحرب العالمية الثانية حيث تم في هذه الفترة إنتاج 140 فيلم.

وفي عام 1936 تم عرض فيلم "وداد" إخراج فريتز كرامب، وهو أول ظهور في السينما للمطربة أم كلثوم، وهو أول فيلم لستوديو مصر، وبداية لمرحلة جديدة في تاريخ السينما في مصر، وتدور أحداث الفيلم في أجواء تاريخية، وقد ساهم ظهور أم كلثوم وصوتها في نجاح الفيلم داخل وخارج مصر.

كان فيلم"العزيمة" في عام 1939 محطة هامة في تلك الفترة، وكذلك فقد ظهرت جريدة مصر السينمائية أو الجريدة الناطقة التي لا تزال تصدر حتى الآن. بعد الحرب العالمية الثانية تضاعف عدد الأفلام المصرية من 16 فيلم عام 1944 إلى 67 فيلماً عام 1946، ولمع في هذه الفترة عدد من المخرجين مثل صلاح أبو سيف، وكامل التلمساني، وعز الدين ذو الفقار، وكذلك أنور وجدي الذي قدم سلسلة من الأفلام الاستعراضية الناجحة. استمر الكتاب بعرض أفلام ناطقة كل عام حتى عام 1947، فقد كتب نجيب محفوظ سيناريو فيلم "المنتقم" بالتعاون مع مخرجه صلاح أبو سيف وهي أول مرة يظهر فيها اسم الكاتب على الشاشة ككاتب سيناريو. وفي هذا العام ظهرت شادية كبطلة لأول مرة مع المطرب محمد فوزي، الذي يظهر لأوّل مرة أيضًا في فيلم "العقل في أجازة" إخراج حلمي رفلة الذي يخرج لأول مرة. وقد بلغ عدد دور العرض في مصر 248 دارًا، وتم تخريج أول دفعة من المعهد العالي للتمثيل. وكان بين الخريجين شكري سرحان وفريد شوقي وحمدي غيث وزهرة العلا وصلاح سرحان.
يمكننا القول، أنه في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية بدأت مرحلة جديدة في تاريخ صناعة السينما في مصر حيث أصبح إنتاج الأفلام أكثر سهولة وأسرع وسيلة لتحقيق الأرباح، ووصلت أرباح العديد من الأفلام إلى أكثر من مائة ألف جنيه على الرغم من أن متوسط التكلفة كان حوالي 20 ألف جنيه. وذلك نتيجة دخول رؤوس الأموال الطفيلية المتمثلة في أغنياء الحرب إلى ميدان صناعة السينما، وزيادة القوة الشرائية في نفس الوقت، ففي الفترة من عام 1945 إلى عام 1951 مثلا ارتفع متوسط إنتاج الأفلام كل سنة إلى 50 فيلمًا وبلغ عدد الأفلام 341 فيلمًا أي نحو ثلاثة أضعاف الأفلام المصرية منذ عام 1927، ووصل عدد دور العرض إلى 224 دار عام 1949، وعدد الاستوديوهات إلى خمسة وفيها أحد عشر بلاتوه. وعقب ثورة 23 يوليه 1952 ارتفع متوسط عدد الأفلام كل سنة إلى 60 فيلمًا، وبلغ عدد الأفلام 588 فيلمًا حتى عام 1962. أي نحو ضعف الأفلام المصرية منذ عام 1927 ووصل عدد در العرض إلى 354 عام 1954.

عندما قامت ثورة 23 يوليه 1952 كانت السينما المصرية مزدهرة، حيث شهد الفيلم المصري نشاطًا ورواجًا متزايدًا منذ سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية، فقد شهد النصف الثاني من الخمسينات بداية اهتمام الدولة الصناعية السينما وقد تمثل ذلك في إنشاء مصلحة الفنون عام 1955 التي اقتصر إنتاجها على الأفلام القصيرة، ثم في إنشاء مؤسسة دعم السينما عام 1957 التي ساهمت في تمويل بعض الأفلام وإنشاء المعهد العالي للسينما عام  .1959 وكانت جميع أوجه النشاط السينمائي في أيدي شركات القطاع الخاص وكانت القاهرة هي هوليود الشرق بالفعل، فانتشر الفيلم المصري في الدول العربية التي عرفت السينما واعتمدت عليه دور العرض في سوريا ولبنان والعراق وشرق الأردن وفلسطين والجزائر وتونس وليبيا وحتى الحبشة، بل وصلت الأفلام المصرية إلى الهند وباكستان واليونان والولايات المتحدة الأمريكية.

وثقت السينما المصرية لتاريخ مصر من خلال لقطات متتابعة تعرض على شاشات العرض فجسدت السطور المكتوبة إلى واقع ملموس لاسيما في تناولها للقضايا والأحداث الكبرى كثورة 23 يوليو 1952، نكسة 5 يونيه 1973، وحرب أكتوبر 1973 فتركت بصمات أبدية في وجدان المشاهدين.

  • Currently 17/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
7 تصويتات / 415 مشاهدة
نشرت فى 18 مارس 2011 بواسطة artsfilms

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

15,536