يعتبر الإنتاج النباتي من أهم المجالات التي لعبت التقنية الحيوية والهندسة الوراثية دوراً كبيراً في تحسينه كماً ونوعاً وبأقل تكلفة ممكنة لتغطية الحاجة الملحة والمتزايدة عليه، لا سيما من المحاصيل الحقلية الرئيسية التي تعتبر الغذاء الرئيس لمعظم سكان العالم
وقد بدأت البلدان المتقدمة في إنشاء مراكز متخصصة في مجال التكنولوجيا الحيوية ودعم بحوثها بأموال طائلة بهدف إنتاج محاصيل معدلة وراثياً أكثر تطوراً وأفضل مردودا من المحاصيل المنتجة بالطرق التقليدية
فبعد أن ساهمت ثورة النهضة الزراعية الخضراء باختراع الآلات الزراعية المتنوعة والبذور المحسنة، في زيادة كمية المحصول وتحسين جودته بصورة كبيرة نعيش اليوم عصر ثورة الاتصالات والمعلومات والتكنولوجيا الحيوية بما فيها الهندسة الوراثية التي ساعدت في التعرف على أسرار الكائن الحي عن طريق فك رموز الشيفرة الوراثية
ومن المتوقع أن يشهد القرن الحادي والعشرين أحداثاً هامة منها انتقال الشركات الطبية من المدينة إلى المزرعة، بهدف تسخير التكنولوجيا الحيوية في تحوير بعض المحاصيل الحقلية مثل الذرة الشامية والكانولا واللقاحات والأنسولين وهرمون النمو والأجسام المضادة للأمراض من حبوب هذه المحاصيل
ووصف بعض العلماء المحاصيل الزراعية المعدلة وراثياً واستخدام ما يعرف بالتكنولوجيا الحيوية «بالحل السحري» لمشكلات الجوع والمرض في العالم النامي
الهندسة الوراثية
يتركز مفهوم الهندسة الوراثية في القيام بتحوير أو تلاعب في الترتيب الجيني المورثات الموجود في نواة الخلية والمتمثل في شريط الحياة المزدوج للحمض النووي الرايبوزي منقوص الأوكسجين «DNA» الذي يحمل جميع المعلومات الوراثية التي تخص الكائن الحي والتي تورث من جيل إلى آخر بحيث يتم استبدالها بجينات أخرى سواء بالاستنساخ أو الزراعة عن طريق القطع واللصق والإدخال إلى شريط الحمض النووي المراد تعديله. وقد تؤخذ هذه الجينات من سلالات مختلفة تماماً أو من بكتيريا أو فيروسات، لتضيف خصائص جديدة مرغوبة كالمقاومة للآفات والأمراض والمبيدات أو زيادة نسبة بعض العناصر الغذائية أو زيادة الإنتاج
وتعنى هذه التقنية بتطبيق المعطيات البيولوجية والهندسية وتسخيرها لمصلحة الإنسان عن طريق تغيير طريقة نمو النبات أو الكائن الحي باستخدام وسائل عالية الدقة خصوصاً بعد إنجاز الخريطة الوراثية لنيات «أرابيدوبس» المحتوية على 26.000 مورث جيني، الأمر الذي سيساعد العلماء في تحديد ومعرفة وظائف هذه الجينات ومكان وجودها على الكروموسومات وبالتالي معرفة الخصائصص البيولوجية لها.
ويتوقع الخبراء أن يكون بالإمكان في السنوات القليلة القادمة رسم خريطة وراثية وتحديد موقع وبنية جميع الجينات الموجودة على الكروموسومات لمعظم المحاصيل الاقتصادية الهامة ومعرفة تسلسل مكوناتها ووظيفتها ودور جميع البروتينات الناتجة عنها وفهم آلية نشاطها وكيفية تأثير بعضها على بعض.
ومن أبرز الأمثلة على النجاحات المتحققة في مجال المحاصيل المعدلة وراثياً ما أنتجته شركة مانسانتو الأميركية من نباتات فول الصويا المعدلة وراثياً لتحتوي على جين مقاوم للمبيدات العشبية يعرف باسم «راوند اب ردي» يعطي إنتاجاً عالياً ولا يتأثر بالمبيدات اطلاقاً وفي المقابل انتجت نفس الشركة ذرة شامية تحتوي علي جين بي تي المقاوم للحشرات.
كما قامت شركة «كالجن» بهندسة طماطم يمكن زراعتها في أوقات مختلفة ومقاومة للتلف ومتجانسة الشكل ويانعة، ويمكن تخزينها لفترات طويلة من الزمن وتتحمل عمليات النقل والتصدير إلى جانب قمح معدل يتميز بصلابة قشرته ومقاومته لمرض التفحم، مما يساعد على زيادة الإنتاجية إضافة إلى بطيخ مقاوم للفيروسات وأرز أصفر ذهبي غني بمادة بيتاكاروتين التي تتحول في الجسم إلى فيتامين أ .
أما من ناحية البروتين النباتي فقد استطاع العلماء استنباط سلالة من الذرة الشامية ذات قيمة غذائية عالية في الأحماض الأمينية تشبه البروتين الحيواني من حيث القيمة الغذائية كما نجح العلماء البريطانيون في شركة «أكسيس جينتيكس» حديثاً، في تطوير نوع خاص من الفيروسات المعدلة وراثياً تحفز جسم الإنسان لمكافحة أورام سرطان الثدي عند حقنها داخل نبات اللوبيا فضلاً عن إنتاج بطاطس معدلة وراثياً تتوهج عندما تتعرض لنقص الماء وحبوب قهوة خالية من مادة الكافيين وبطاطس يمكن تحميرها دون أن تتشرب الزيت وتكون مقرمشة، وقطن مقاوم للحشرات.
فوائد التعديل الوراثي
يمكن الآن عن طريق الأساليب العلمية والمخبرية فيما يعرف بالتقنية الحيوية فصل أي مورث جيني من أي كائن ووضعه في كائن آخر ومنها المحاصيل الزراعية والمنتجات الغذائية وهذه العملية تسمى عملية نقل المورثات أو عملية التعديل التغيير الوراثي أما المحاصيل فتسمى المحاصيل ذات المورثات المنقولة أو المحاصيل المعدلة وراثياً.
وللتعديل الوراثي عدة فوائد أهمها جعل المحاصيل مقاومة للأمراض والحشرات وبالتالي الحد من استخدام المبيدات وزيادة الإنتاجية وتعديل مكونات المحاصيل لكي تكون أفضل للاستخدام في الأغذية كما يساعد التعديل في صفات النبات في جعله مناسباً للأساليب الزراعية الحديثة أو جعلها أكثر تحملاً للظروف البيئية الصعبة مثل الملوحة والجفاف والصقيع إضافة إلى إمكانية تعديل صفات الثمار بحيث تصبح أكثر جودة وقدرة على تحمل عمليات النقل والتخزين وإزالة بعض الصفات السيئة من بعض المحاصيل وتحسين القيمة الغذائية للمحاصيل والثمار وإكساب المحاصيل مقاومة لمبيدات الأعشاب.
التقينات الحيوية المستخدمة لتحسين المحاصيل
كانت أهم الطرق المستخدمة لتحسين المحاصيل وفقاً لتسلسلها التاريخي استئناس وزراعة المحاصيل، فقد بدأ الإنسان منذ آلاف السنين يختار المحاصيل المناسبة له كغذاء وكساء، مما أدى إلى استبعاد بعض السلالات، وتكثير أنواع أخرى ذات صفات جيدة، خصوصاً بعد دراسات العالم مندل للوراثة وكيفية انتقال الصفات.
ومن الطرق الأخرى، تهجين النباتات وهي عملية تلقيح للنبات من سلالات أو أنواع أو حتى أجناس مختلفة وراثياً التي لا تتلقح مع بعضها البعض طبيعياً لو تركت في الحقل، ويجرى التلقيح لغرض التهجين بوضع حبوب اللقاح على الأجزاء الأنثوية في النبات أو قد يكون مخبرياً بزراعة المبايض أو الأجنة التي لا تستطيع النمو طبيعياً، وقد تم إنتاج العديد من المحاصيل والفواكه والخضار بهذه الطريقة أي بعملية نقل الجينات بين النباتات المختلفة منذ عشرات السنين ولكن الطرق كانت مختلفة حيث يتم غالباً في الطرق القديمة نقل مجموعة من الصفات من سلالة إلى أخرى، ثم اختيار النباتات المناسبة من السلالات الجديدة وقد استخدمت هذه الطرق لتحسين البطاطس بتهجينها مع الأنواع البرية التي تحتوي على بعض المواد السامة ولكنها أكثر مقاومة للأمراض كما تم تطوير الشوفان بتهجينه بالشوفان البري المقاوم لنوع من الأمراض أما ثالث هذه الطرق المستخدمة حالياً في تربية النباتات، فتتمثل في إحداث طفرات وراثية جينية بواسطة المواد الكيماوية أو الإشعاع فينتج عن ذلك تغيير غير محدد في الصفات الوراثية قد يعطي نباتات مختلفة تماماً في صفاتها عن النبات الأساسي بسبب حدوث تغيير في جين واحد، أو عكس ترتيب الجينات أو تغيير في أماكنها وبالتالي فلا يمكن التحكم بها أو بنتائجها.
وتتمثل رابع هذه التقنيات في مضاعفة الكروموسومات التي تتم بواسطة تعريضها لمستخلص نباتي مسبب للطفرات الوراثية يسمى «كولشيسين»، وهذه العملية هي نوع من الطفرات الوراثية وقد استخدمت في تطوير أنواع من الأعلاف بعد أن تم مضاعفة الكروموسومات من 14 إلى 28 كروموسوما في البرسيم والدخان.
ويتم إنتاج المحاصيل المعدلة وراثياً بإضافة مورث أو بضعة مورثات في النبات المطلوب تعديله وراثياً ليكتسب بعض الصفات المطلوب فتكون نسبة التغير في الموروثات محددة وضئيلة، فمثلاً هناك ألف جين في القمح، وبالتالي فإن إضافة بضع مورثات يشكل نسبة ضئيلة منها ولكن التغيرات الوراثية التي قد تحدث خلال عملية التعديل الوراثي والتي لا يمكن التحكم فيها، قد تظهر بشكل عكس الجين المركب أي تكون البداية محل النهاية في سلسلة التركيب أو التغييرات الناتجة عن مكان تركيب المورث في الكروموسوم، وعادة ما يتم اختيار التغيير الصحيح والتخلص من الباقي، كما قد يستخدم مورث خاص لمضاد حيوي معين كعلامة تكون موجودة في الخلايا التي تم تعديلها وراثيا بحيث يمكن تمييزها بسهولة ويبقى هذا المورث «العلامة» في النبات المعدل وراثياً دون أن يكون له أي تأثير على الإنسان.
السلامة البيولوجية للتقنيات الحيوية
ويرى مؤيدو التعديل الوراثي للنباتات أن التغير في الصفات الوراثية بطرق غير دقيقة أو محددة النتائج مقبول نوعاً ما وله أثر كبير في توفير الغذاء للإنسان الذي لا يقدره إلا من يتعرض للجوع كما في المناطق الفقيرة من إفريقيا وآسيا.
وبالنسبة إلى سلامة هذه التقنيات وأمانها أوضح الخبراء أن عملية نقل المورثات الجينية ممكنة بسبب تماثل التركيب الكيميائي للمورثات إضافة إلى التشابه الوراثي للكائنات الحية، فعلى سبيل المثال تتواجد كثير من المورثات المحددة لصفات معينة مثل عمليات الأيض في معظم الكائنات الحية ومنها المورث المحدد لإنتاج إنزيم يسمى «لايسوزايم» موجود في مورثات مخ الإنسان ونبات الأرز كما أن هناك نوع من البكتيريا ينقل بعض مورثاته إلى النبات عندما يصيبه فينتج النبات على إثرها مركبات تتغذى عليها البكتيريا.
وأشار هؤلاء إلى أن نقل المورثات بين الأنواع المختلفة غير المترابطة وراثياً لا يحول الكائنات الحية كالنبات مثلاً إلى كائن آخر أو إلى نبات ضار ولن يكون ضاراً إلا إذا نقل له مورث يسبب ضرراً معيناً وهذا لا يحدث لأن هذه العملية دقيقة جداً ومحددة النتائج بالإضافة إلى أن النباتات المعدلة تخضع لتقويم السلامة البيولوجية.
أما معارضو التعديل الوراثي للنباتات، فيحذرون من أن هذا التعديل قد يسبب تغييرات تؤدي إلى أضرار بالإنسان والبيئة لا يمكن معرفتها وحصرها فعلياً.
مواقف دولية
وقد قامت المنظمات الدولية بوضع اتفاقيات خاصة بنقل المورثات من أي كائن حي إلى نباتات المحاصيل مفادها أن من يريد أن يطور نباتات معدلة وراثياً يجب عليه القيام بعمليات تقويم للسلامة، وذلك بإجراء جميع الاختبارات التي تستخدم في طرق تربية النباتات التقليدية وكذلك اختبارات التقويم التي تأخذ في الاعتبار التأثيرات المحتملة على صحة الإنسان وعلى البيئة، وتشكل متطلبات رسمية في معظم الدول في أوروبا وأميركا وكندا وللهيئات الدولية مثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تسعى لتوحيد هذه العمليات بوضع مواصفات موحدة والتأكد من الإجابة على عدد من الأسئلة عند تعديل المحاصيل وراثياً حول تأثير نقل المورثات للنبات الجديد، هل سيسبب سمية أو حساسية للإنسان أو للحيوان؟ وما هو تأثير التعديل الوراثي على الكائنات الحية غير الضارة؟ وإذا ما كان بإمكان التعديل الوراثي الانتقال إلى نباتات أخرى طبيعياً لا سيما وأن من خواص النباتات المعدلة وراثياً إمكانية معرفة التغييرات الوراثية التي تمت، بدقة متناهية بخلاف الطرق التقليدية السابقة التي يكون التغيير فيها غير معروف في معظم الحالات.
كما تم إصدار عدد من القوانين المنظمة لاستخدام المحاصيل المعدلة وراثياً التي أضحت أغذية موجودة أو تدخل في الصناعات الغذائية وهي تتعلق بشكل أساسي بتقييم سلامة هذه الأغذية والموافقة على إنتاجها محلياً في الدول المنتجة لها وتقييم آخر للسلامة في الدول المستوردة بعد أن دخلت هذه المنتجات مجال التجارة العالمية.
ومن أهم الدول التي تنتج هذه المحاصيل الولايات المتحدة الأميركية التي تقود صناعة التكنولوجيا الحيوية، ويحمل الآن محصولها من فول الصويا وثلث محصولها من الذرة جينات معالجة وراثياً أنتجت لمقاومة الأمراض أو الآفات إضافة إلى كندا والصين والأرجنتين أما المحاصيل المعدلة وراثياً المزروعة فتشمل فول الصويا والذرة والكانولا والكتان لإنتاج الزيت والقطن وبنجر السكر والباباي والكوسا والطماطم والبطاطس حيث يتركز معظم التعديل الوراثي فيها، إما لجعل المحصول مقاوما لمبيدات الحشائش أو لجعله مقاوما للحشرات أو لكليهما.
وتقدر نسبة المحاصيل المزروعة والمعدلة وراثياً في الولايات المتحدة الأميركية لعام 1999 بحوالي 65 في المئة من فول الصويا، و 31 في المئة من الذرة، و 40 في المئة من القطن ويزرع في كندا نبات الكانولا المعدل وراثياً لإنتاج زيت الطعام بنسبة 70 في المئة من المحصول الكلي لهذا النبات.
وبالرغم من طمأنة الشركات المنتجة للمحاصيل أو الأغذية المعدلة وراثياً في كونها لا تختلف كثيراً عن الأغذية المنتجة بالطرق التقليدية إلا أن الخوف مازال يراود الكثير من المعارضين وخاصة في دول الاتحاد الأوروبي، لذا اتخذت هذه الدول بعض التدابير مثل كتابة البيانات الإيضاحية للأغذية المعدلة وراثياً، وتوحيد إجراءات الموافقة لتسويق المنتجات المحتوية على مكونات من محاصيل معدلة وراثياً، حيث يلزم لأخذ هذه الموافقة تقديم طلب للبلد الأصلي للشركة، وللجنة العلمية للنباتات في إدارة الاتحاد ثم عرض الطلب بعد دراسته على بقية الأعضاء للموافقة عليه أو إبداء ملاحظاتهم وفقاً لمواصفات محددة للأغذية الخاصة تلزم بوضع معلومات عن الغذاء على بطاقة العبوة تشير بوضوح إلى وجود مواد من محاصيل معدلة وراثياً، وقد وافق الاتحاد الإوروبي بالفعل على تسويق عدد من الأغذية المعدلة وراثياً بلغ عددها ثمانية منتجات حتى عام.
وتتباين وجهات النظر بين الدول والمنظمات الدولية حول تصدير المحاصيل الزراعية من الدول التي تزرع فيها المنتجات المعدلة وراثياً ففيما تستورد اليابان محاصيل وأغذية معدلة وراثياً وسمحت بتسويق مادة غذائية محتوية على مواد من محاصيل معدلة وراثياً، تقوم استراليا ونيوزلندا بإعداد قوانين تنظيمية للأغذية من المحاصيل المعدلة وراثياً وسمح في استراليا باستخدام بذرة القطن وفول الصويا المعدلة وراثياً في الأغذية.
أما في جنوب إفريقيا التي تستورد بعض الأغذية المحتوية على مواد من محاصيل معدلة وراثياً فيتم حالياً وضع مواصفات لبطاقات الأغذية المعدلة بعد مرورها على لجنة خاصة لمراجعة خوص السلامة البيئية وسلامة الغذاء لهذه الأغذية.
وفي أميركا الجنوبية وخصوصاً في الأرجنتين والبرازيل وتشيلي، فقد صدرت قوانين صارمة لاستخدام المحاصيل المعدلة وراثياً، وتعليمات واضحة لمراجعة خواص السلامة البيئية وسلامة الغذاء، بينما تم في أميركا الشمالية توحيد الجهود المتعلقة بالأغذية المعدلة وراثياً في كل من كندا والولايات المتحدة الأميركية لزيادة سرعة الإنجاز وتقييم سلامة المكونات الغذائية المعدلة وراثياً بنفس طريقة تقييم سلامة الأغذية الأخرى.
وفيما يتعلق بتعريف المنتج على العبوة، فما يزال هناك جدل حول التعريف بالمنتج على أنه يحتوي مواد من محاصيل معدلة وراثياً من حيث السلامة والصحة من جهة، ومن حيث حق المستهلك في الاختيار من جهة أخرى، ولكن النظام الأوروبي الحالي يطلب دراسة مدى الحاجة إلى التعريف بالمنتج على أنه يحتوي على مكونات معدلة وراثياً حسب المنتج ولكل حالة على حدة، فالمكونات البروتينية أو المحتوية على المورثات يجب أن تعرّف، أما المكونات المصفاة مثل الزيت والسكر والتي لا تحتوي على بروتين أو مورثات فإنه لا يلزم التعريف بالمنتج الذي تدخل فيه على أن به مواد معدلة وراثياً، إضافة إلى ضرورة تحديد النسب في المحاصيل المخلوطة بالمحاصيل المعدلة.
وعلى الصعيد ذاته تم إنشاء لجنة دستور الأغذية، وهي هيئة دولية لمواصفات الأغذية تتبنى مشروع المواصفة وتتركز على مبدأ «المماثلة شبه التامة» وهو يعني أن الغذاء المنتج بواسطة التقنية الحيوية إذا لم يكن له مماثل بشكل كبير في الأغذية الحالية المتناولة أو لا يوجد له مماثل أصلي فإنه يجب أن يعرف به بشكل تام من حيث المصدر والتركيب والاستخدام وإذا كان له مماثل فإنه لا يلزم التعريف به.
بينما لا يتطلب النظام في الولايات المتحدة الأميركية المتمثل في إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية التعريف بالمنتج على أنه يحتوي على مكونات معدلة وراثياً إلا إذا كان هناك احتمال مخاطر صحية على الإنسان بعد المراجعة من قبل الجهات المسؤولة التي تكون مطلوبة إذا كانت المادة جديدة وليست مستخدمة سابقاً كغذاء أو علف للحيوان أو أن التعديل الوراثي تضمن استخدام جينات من نباتات معروف أنها تسبب مشكلات صحية مثل الحساسية.
ولا تطلب اليابان أيضاً التي تستورد أغذية ومحاصيل معدلة وراثياً، التعريف بالمنتج إذا كان يحتوي على مكونات معدلة وراثياً ولكن يدرس الآن إمكانية وضع قانون يوجب التعريف بالمنتجات المحتوية على مثل هذه المكونات بما في ذلك السكر والزيت كما هو الحال في استراليا ونيوزلندا.