تاريخ نظرية حارس البوابة
يرجع الفضل إلى عالم النفس النمساوي الأصل والأمريكي الجنسية ( كيرت ليوين) ( Kurt Lewin,1977) في تطوير ما أصبح يعرف بنظرية (حارس البوابة الإعلامية ) Gatekeeper. وتعتبر دراسات (ليوين) من أفضل الدراسات المنهجية في مجال القائم بالاتصال حيث يرى أنه على طول الرحلة التى تقطعها المادة الإعلامية حتى تصل إلى الجمهور المستهدف توجد نقاط (بوابات) يتم فيها اتخاذ قرارات بما يدخل وما يخرج.
وقد أجريت في الخمسينيات سلسلة من الدراسات التي ركزت على الجوانب الأساسية لعملية (حراسة البوابة) بدون أن تستخدم بالضرورة هذا المصطلح. وقدمت تلك الدراسات تحليلاً وظيفياً لأساليب التحكم في غرفة الأخبار,والإدراك المتناقض لدور ومركز العاملين في الوسيلة الإعلامية ومصادر أخبارهم, والقيم التى تؤثر في انتقاء وتقديم الأخبار.
وأشارت هذه الدارسات إلى أن الرسالة الإعلامية تمر بمراحل عديدة وهي تنتقل من المصدر حتى إلى المتلقي, وتشبه هذه المراحل السلسلة المكونة من عدة حلقات, أى وفقًا لاصطلاح نظرية المعلومات, فالاتصال هو مجرد سلسلة متصلة الحلقات.
العوامل التي تؤثر على حارس البوابة الإعلامية:
يمكن تقسيم العوامل التى تؤثر على عمل حارس البوابة الإعلامية إلى أربعة عوامل أساسية هي:
1- معايير المجتمع وقيمه وتقاليده.
2- معايير ذاتية تشمل: عوامل التنشئة الاجتماعية, والتعليم, والاتجاهات, والميول, والانتماءات, والجماعات المرجعية.
3- معايير مهنية تشمل: سياسة الوسيلة الإعلامية, ومصادر الأخبار المتاحة,وعلاقات العمل وضغوطه.
4- معايير الجمهور.
أولاً- قيم المجتمع وتقاليده:
يعد النظام الاجتماعي الذي تعمل في إطاره وسائل الإعلام من القوى الأساسية التي تؤثر على القائمين بالاتصال. فأي نظام اجتماعي ينطوي على قيم ومبادئ يسعى لإقرارها, ويعمل على تقبل المواطنين لها, ويرتبط ذلك بوظيفة التنشئة الاجتماعية أو التطبيع, وتعكس وسائل الإعلام هذا الاهتمام بمحاولاتها الحفاظ على القيم الثقافية والاجتماعية السائدة.
ثانياً- المعايير الذاتية للقائم بالاتصال:
تلعب الخصائص والسمات الشخصية للقائم بالاتصال دوراً في ممارسة دور حارس البوابة الإعلامية مثل: النوع, والعمر, والدخل, والطبقة الاجتماعية, والتعليم, والانتماءات الفكرية أو العقائدية, والإحساس بالذات Self Esteem.
ويعد الانتماء عنصراً محدداً من محددات الشخصية,لأنه يؤثر في طريقة التفكير أو التفاعل مع العالم المحيط بالفرد, كما أن الفرد ينتمي إلى بعض الجماعات: التعليمية, والاجتماعية, والسياسية, والاقتصادية. وتعد هذه الجماعات بمثابة جماعات مرجعية Reference Groups يشارك الفرد أعضاءها في الدوافع والميول والاتجاهات.
ثالثاً- المعايير المهنية للقائم بالاتصال:
يتعرض القائم بالاتصال للعديد من الضغوط المهنية التي تؤثر في عمله, وتؤدي إلى توافقه مع سياسة المؤسسة الإعلامية التي ينتمي إليها, والتوقعات التي تحدد دوره في نظام الاتصال.
محتويات المعايير المهنية
(1) سياسة المؤسسة الإعلامية:
تتعدد ضغوط المؤسسة بشكل أكبر مما تقترحه الدراسات التى تناولتها, وتتمثل هذه الضغوط في عوامل خارجية وداخلية, ونعني بالعوامل الخارجية موقع الوسيلة من النظام الاجتماعي القائم, ومدى ارتباطها بمصالح معينة مثل: وجود محطات منافسة. أما العوامل الداخلية فتشمل: نمط الملكية, وأساليب السيطرة, والنظم الإدارية, وضغوط الإنتاج. وتلعب هذه العوامل دوراً مهماً وملموساً في شكل المضمون الذي يقدم للجمهور.
أهمية العنصر السياسي في غرفة الأخبار
فالسياسة عنصر هام من عناصر الأنماط أو الأساليب السائدة في غرفة الأخبار, ويتم ذلك من خلال مايلي:
1- يقوم العامل في الجريدة يومياً بقراءة جريدته, وتشترط بعض الصحف هذا, ومن السهل تحديد خصائص الجريدة من هذه القراءة.
2- توجه الجريدة العاملين الجدد فيها بشكل غير مباشر عن طريق المحررين والعاملين القدامى.
3- يتعرف الصحفي على سياسة الجريدة من أحاديثه مع زملائه الصحفيين, أو من المؤتمرات الصحفية التي تعقد بالجريدة.
الأسباب التى تجعل العاملين في الجريدة يخضعون لسياستها
- يتوقع الناشر أو المالك – من وجهة النظر التجارية البحتة – ان يطيعه من يعملون عنده, فالناشر أو المالك له سلطة عقاب المحرر أو فصله, وذلك بتقليص سلطته أو تعديل منصبه عن طريق تكليفه بمهام أقل من مستواه. فالخوف من العقاب, وليس توقيعه هو الذي يسبب الخضوع.
2- شعور الصحفي بالالتزام نحو الوسيلة الإعلامية لأنها هي التى وفرت له عملاً, وقد يشعر بالاحترام والعرفان لبعض المحررين لتعليمهم إياه.
-تطلعات الصحفيين, حيث يعتبر الصحفيون عملهم الصحفي مجرد جسر يؤدي بهم إلى أعمال أخرى يحققون منها أرباحاً أكثر في مجالات مثل:
العلاقات العامة, أو الإعلان, أو العمل كنقاد مستقلين يرسلون إنتاجهم إلى العديد من الصحف.
4- عدم وجود تكتل لمعارضة السياسة السائدة في الوسيلة الإعلامية.
5- طبيعة العمل الإعلامي الذي يتسم بالود والتعاون وتبادل المناقشات والأفكار.
6- التركيز على الأخبار كقيمة أساسية, فبدلاً من أن يسعى الصحفيون لتحقيق الحياد بالنسبة للسياسة الإعلامية كمقياس لحسن الأداء, فإنهم يبذلون جهودهم للحصول على مزيد من الأخبار, ويعمل التنافس الصحفي والرغبة في تحقيق السبق على التركيز على جمع الأخبار.
(ب) مصادر الأخبار:
وتتمثل تأثيرات المصادر على القيم الإخبارية والمهنية فيما يلي:
1- تقوم وكالات الأنباء بتوجيه الانتباه على أخبار معينة بطرق عديدة.
2- تؤثر الوكالات على طريقة تقييم أقسام الأخبار لعمل مندوبيهم ومراسليهم.
3- تؤثر وكالات الأنباء على طريقة توزيع وسائل الاتصال لمراسليها لتغطية الأحداث الهامة.
4- تصدر وكالات الأنباء سجلاً يومياً بالأحداث المتوقع حدوثها في المدن الكبرى.
5- تقدم وكالات الأنباء – بشكل غير مباشر – النموذج الذي يتعرض له المسئولين عن التحرير.
6- تقلد الصحف الصغرى الصحف الكبرى في أسلوب اختيار المضمون.
(ج) علاقات العمل وضغوطه:
وتظهر أهمية علاقات العمل في أن وظيفة القائم بالاتصال في حد ذاتها هي وظيفة تنافسية بطبيعتها, حيث يستهدف كل صحفي تحقيق السبق للوصول إلى أكبر عدد من الجمهور, وكسب ثقة المتلقين لأسباب اقتصادية أو فكرية وعقائدية. ولذلك فإنه على الرغم من اعتناق جميع الصحفيين نفس المعايير المهنية, إلا أنه يظل لكل منهم معاييره الخاصة.
رابعاً – معايير الجمهور:
لاحظ الباحثان ( إثيل دي سولا بول) و( شولمان) أن الجمهور يؤثر على القائم بالاتصال, مثلما يؤثر القائم بالاتصال على الجمهور. فالرسائل التى يقدمها القائم بالاتصال يحددها- إلى حد ما – توقعاته عن ردود فعل الجمهور, وبالتالي يلعب الجمهور دوراً إيجابياً في عملية الاتصال. ويؤثر تصور القائم بالاتصال للجمهور على نوعية الأخبار التى يقدمها. وقد أظهرت الدراسات التجريبية التى عقدها ( ريموند باور) أن نوع الجمهور الذي يعتقد القائم بالاتصال أنه يخاطبه له تأثير كبير على طريقة اختيار المحتوى وتنظيمه.
ساحة النقاش