مناظير
زهير السراج
الرئيس صاحب المعجزات !!
* عندما يقول رئيس الدولة ان شهداء الثورة، ومنهم الشهيد الدكتور (بابكر عبدالحميد) قتلوا من داخل المظاهرات بأيدٍ غريبة، وسلاح غريب لا يوجد لدى القوات المسلحة او الشرطة او حتى في السودان، فإنه يُحرّض بذلك على إرتكاب جرائم القتل عيانا بيانا ضد المتظاهرين ثم رمى التهمة على آخرين، فكل من يقتل سينكر القتل ويرمى الجريمة على الآخرين مستندا على أكاذيب الرئيس!!
* كما أنه من العار، وأى عار، ومن الخيبة، وأى خيبة ، ومن الفشل وأى فشل للحكومة ورئيسها أن يُقتل الناس في المظاهرات السلمية بواسطة غر باء وأسلحة غريبة في وسط العاصمة الخرطوم رغم كل اجهزة الامن والقوات التى تُنفَق عليها معظم ميزانية الدولة .. لو كنتُ رئيس الدولة وحدث هذا بالفعل لاستحييتُ من ذكر هذه الحقيقة المخزية التى توضح ضعف وفشل وخيبة النظام الحاكم، ولكن متى كان النظام ورئيسه وزبانيته يعرفون الخجل والحياء .. ويكفى أنهم لا يتورعون عن الكذب حتى في أفدح وأعظم الكبائر عند الله وهى قتل الناس بدون سبب (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا) المائدة، 32، ثم يرقصون بدون حياء أو خجل على أشلاء الجثث ودموع المكلومين!!
* قد يكون مقبولا أن تنفى الشرطة عن نفسها تهمة إستخدام الرصاص الحى وقتل المتظاهرين، وأن تفعل نفس الشئ قوات أخرى تشارك في قمع المتظاهرين، فالقوات التى تشارك في قمع المتظاهرين متعددة ومتنوعة، ويستطيع كل طرف أن ينفى إستخدام الرصاص الحى وقتل المتظاهرين لإبعاد التهمة عن نفسه، ولكن ان يقول الرئيس ان المتظاهرين قتلوا في داخل المظاهرات بواسطة أيدٍ غريبة وسلاح غريب وأن المجرمين إعترفوا بارتكاب الجريمة، فإنها فضيحة كبرى بأن البلد سايبة، يرتع فيها من يريد ان يرتع، ويقتل فيها من يريد أن يقتل، ويدخل فيها السلاح ويستخدمه خلال التظاهرات، واجهزة الدولة نائمة رغم أنها في حالة إستعداد قصوى!!
* وإذا كان الذى قتل المتظاهرين هم بالفعل أولئك المجرمون الذين تحدث عنهم الرئيس، فلماذا كوّن إذن لجنة تحقيق لتنظر في قتل المتظاهرين السلميين، ولماذا لم يترك للجنة التوصل الى هذه النتيجة، على الأقل حتى يقول الناس أنها قد فعلت شيئا، بدلا من إملاء النتيجة عليها، ويظهرها بمظهر الذليل الخانع، ثم أين أجهزة القانون المناط بها التعامل مع مثل هذه الجرائم .. ولماذا ظلت ساكتة عن قول (الحقيقة) حتى أفصح عنها الرئيس ؟!
* لقد خرج علينا الناطق الرسمى للشرطة قبل يومين لينفى استخدام الشرطة للرصاص الحى وقتل المتظاهرين، فلماذا لم يذكر المعلومات التى أدلى بها الرئيس أمام حشد جماهيرى مصنوع بقرية (الكريدة) بولاية النيل الأبيض، عن قتل المتظاهرين بايدٍ غريبة وسلاح غريب، إذا كان هذا ما حدث بالفعل، أم أن المعلومات التى توصل اليها الرئيس صاحب الكرامات بحدسه واساطينه، أو أُوحى له بها، لم يكن بمقدور الشرطة ان تتوصل اليها، رغم أن رئيس جهاز الأمن كان قد ذكرها منذ اليوم الأول لاندلاع التظاهرات، وأثارت إستياء وسخرية الكثيرين، فنأت الشرطة بنفسها عن السخرية وتركتها للرئيس الملهم الخارق ينالها وحده؟!
* الآن بعد أن كشف الرئيس الخارق الجهة التى تقتل المتظاهرين بالرصاص المتشظى، فلم يعد للجنة التحقيق أهمية، وننتظر من أعضائها الكرام تقديم إستقالاتهم بدون تأخير أو إنتظار، إلا إذا كانوا يرغبون في تمثيل دور الببغاوات وترديد كلام صاحب الكرامات، والتقليل من احترام الناس لهم، أما إذا توصلوا الى حقائق أخرى غير التى ذكرها الرئيس فهل ستواتيهم الجرأة لكشفها للناس وتكذيب الرئيس واعلان كذبه الصريح .. أم انها لجنة كغيرها من اللجان السابقة ليس لها من عمل تؤديه سوى أداء القسم، ثم قبض الأجر، ويا لجنة ما دخلك شر!!
* إذا ظن رئيس النظام وزبانيته أن ممارسة الكذب والخداع ستنجيهم في كل مرة، فإنها لن تنجيهم هذه المرة، ولن يذهب دم الشهيد بابكر، وبقية الشهداء الأماجد هدرا، وعلى الباغى تدور الدوائر!!
الجريدة
موقع ودالعكلي الشيخ حسن
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع