الشعب قال كلمته، بينما قال الشعبي :« أحسن لينا المؤتمر الوطني 100 مرة من يستلمها اليسار«، وبالأمس كتبتُ عن »فزاعة« اليسار.. واليسار يأتي في ساحة المجادلة السياسية الأيدولوجية دائماً مقابل اليمين أو بصورة أخرى: العلمانية الليبرالية مقابل مشروع الإسلام السياسي، وبصورة أكثر دقة عندنا في السودان هذه الأيام: )الشيوعية مقابل الإسلاميين(، وفي هذا أرى أن أهل النظام يريدون الالتفاف على المشهد بخطاب ديني لا يلامس الواقع كثيراً وليس هو المحك ولا الموضوع الذي يمثل أهم الشواغل والهم الوطني الآن. وفي رأيي أن الشيوعية نظام مجبول على الدكتاتورية ولا علاقة له بالديمقراطية البتة ، والفكر الشيوعي في كثير من البلدان أسس لأنظمة سياسية قمعية، كما هو الحال في فكر حركات الإسلام السياسي، وفي تقديري أن الاثنين يؤسسان لأنظمة دكتاتورية قمعية مستبدة وليس لهما من الديمقراطية ولا الإعلاء من شأن الحريات نصيب، واليوم شعار المرحلة حرية سلام وعدالة.. فما يريد الشعب السوداني اليوم هو السلام والعدالة والحرية، فإذا لم أجد كمواطن السلام والعدالة والحرية في ظل حكم المؤتمر الوطني فما الذي يحملني على تأييده.. أعود لموقف المؤتمر الشعبي المعلن :« أحسن لينا المؤتمر الوطني 100 مرة من يستلمها اليسار«، واعتبره خطاباً عاطفياً يدغدغ مشاعر قديمة أنبتها صراع أيدولوجي قديم.. صحيح ربما أن المؤتمر الوطني أفضل 100 مرة للشعبي من اليسار لأسباب أيدولوجية تاريخية، وكراهية جُبل عليها الطرفان )اليسار والإسلاميون( على بعضهما.. لكن المواطن العادي لن يرى تلك الأفضلية إلا إذا غيّر المؤتمر الوطني ممارساته الفعلية الحالية في الحكم وأصلح المعطوبة منها، وطبق مبادئ العدالة الاجتماعية بين الناس، وحارب الفساد وقدم كل قططه السمان إلى المحاكم، وعوّض أصحاب المظالم أجمعين... الممارسات الفعلية هي التي يحكم عليها الناس وليس الخطاب العاطفي ولا العداء التاريخي بين اليسار والجبهة الإسلامية، فالاثنان يتساويان عندي لكونهما قوى سياسية ولهما حق الممارسة والحكم ونشر الأفكار والنشاط السياسي، ولي كمواطن حق الاختيار بعد الممارسة الفعلية لكلاهما لكي اُفرِّق بين الغث والسمين، وبين الموقف الانتهازي والصادق.. لأن المحصلة النهائية لأي حكم لابد أن تكون بسط العدالة الاجتماعية والحريات والأمن والسلام والرخاء والاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي وحماية البلاد لا تمزيقها واحتلال أجزاء عزيزة منها، فإذا فعل المؤتمر الوطني كل هذا فحق علينا أن نردد مع المؤتمر الشعبي :«أفضل لينا المؤتمر الوطني 100 مرة من يستلمها اليسار«، وإلا فإن المعادلة متساوية والترجيح لا يكون بالحكم على الممارسة.. وخلاصة القول عندي أن المؤتمر الوطني بممارساته الحالية ليس أفضل من اليسار اللهم إلا إذا كان الحكم يُبنى على مجرد الشعارات وحدها دون النظر إلى الممارسة الفعلية، والشعار المخادع هو سهم يرتد بقوة على نحر من يطلقه وينزع أوراق التوت التي يستتر بها....اللهم هذا قسمي في ما أملك.. نبضة أخيرة: ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
موقع ودالعكلي الشيخ حسن
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع