"النحل"... ورحلة المراعي
نكهات وألوان وفوائد
سمير الزعبي
الاثنين 15 آذار 2010
تعتبر تربية النحل فرعاً من فروع الاستغلال الزراعي، أساسها استغلال الأزهار والمراعي الطبيعية لتربية النحل، وإنتاج محاصيل غذائية (العسل، الغذاء الملكي) وصناعية هامة (الشمع والبروبوليس)، واستخدام النحل في تلقيح كثير من المحاصيل الزراعية، والخضراوات، والفاكهة لزيادة الإنتاج وتحسين النوعية.
عن واقع تربية النحل في "ريف دمشق" وكيفية جعل العسل سلعة شعبية بمتناول الجميع مع الحفاظ عليه سليماً خالياً من أي غش في ظل فورة الإنتاج، والعرض الكبير، كان لموقع eDamascus بتاريخ 3/3/2010 هذه الوقفة السريعة مع المهندس "بسام نضر" رئيس جمعية تربية النحل في "دمشق" الذي بدأ حديثه بالقول:
«دلت الآثار الباقية على أن ظهور نحل العسل سابق لنشأة الإنسان على هذا الكوكب، وتربية النحل في سورية عامة و"دمشق" خاصة قديمة قدم سلالة النحل السوري المعروفة عالمياً، والتي تعرف محلياً بالنحل "السيافي" و"الخنجري" و"الهلالي" و"القمري" و"الغنامي"، وقد جُني عسلها في ذلك الحين من جذوع الشجر، وشقوق الصخور في جبال "القلمون" و"قاسيون"، ثم ابتكرت الخلية الطينية، فالخلية الخشبية الحلبية، وأخيراً الخلية الخشبية الحديثة التي تعرف عالمياً باسم خلية "لانجستروث"، والتي دخلت سورية في ستينيات القرن الماضي، وقد أسهمت في تطوير تربية النحل، وزيادة إنتاج العسل».
لكن ما الذي يميز العسل المنتج في "دمشق" عن غيره من الأعسال في بقية المحافظات؟
يجيب المهندس "نضر": «لا فرق من حيث الفائدة، والاختلاف يكمن في النكهة واللون، وذلك تبعاً لتغير مكونات التربة والنبات، فالنحل يجول على مختلف مناطق القطر طوال شهور وفصول السنة خلال ما يسمى "رحلة المراعي" حيث تبدأ الرحلة من "غوطة دمشق" حيث تزهر أشجار اللوزيات والتفاحيات، ثم ينتقل إلى الساحل السوري حيث أزهار الحمضيات، فمحافظة "إدلب" حيث (حبة البركة)، لينتقل بعد ذلك إلى "حمص" والمنطقة الجنوبية حيث نباتات (اليانسون) و(الكزبرة)، فالمناطق الجبلية حيث غابات (الكينا) الموجودة في "عقدة حمص" وطريق "اللاذقية" وسلسلة جبال "القلمون"، ثم يعود النحل إلى منطقة "الغاب" حيث المحاصيل الصيفية"، ولا سيما (القطن) و(عباد الشمس)، لينتقل بعد لك إلى المنطقة المحاذية للحدود السورية- التركية حيث النباتات الشوكية، وليختتم رحلته في الساحل السوري خلال شهري تشرين الأول والثاني، حيث تظهر نباتات (العجرم) و(الطيون)، والعروة الثانية لأشجار (الكينا)، ينتج خلال
المهندس الزراعي بسام نضر |
النحال "أحمد الحجار" تحدث عن سلالة النحل السوري عامة قائلاً: «نحل العسل السوري من أفضل سلالات العالم في إنتاج الغذاء الملكي، وتظهر تفوقاً على كل السلالات الأجنبية في قدرتها على مقاومة فقر المراعي اجتياز الشتاء بأقل كمية من الغذاء، وقدرتها على الدفاع عن مسكنها ضد الأعداء الحيوية كالدبور الأحمر».
ورداً على سؤال للموقع حول كيفية جعل العسل سلعة شعبية من جهة، وقادرة على مواجهة الأعسال المغشوشة الموجودة في الطرقات من جهة ثانية، يجيب رئيس جمعية النحل بــ "دمشق" قائلاً: «تحقيق ذلك ممكن من خلال التوسع الأفقي أي زيادة عدد الخلايا، والتوسع الرأسي من خلال رفع إنتاجية الخلية من العسل، بالإضافة إلى تخفيض تكاليف الإنتاج، وهذه مسؤوليتنا جميعاً بدءاً من جمعيات تربية النحل، ومشروع تطوير تربية النحل، وانتهاء بالقطاع الخاص».
وكان للنحال "الحجار" رأي في أسباب ارتفاع الأسعار قائلاً: «يعود ارتفاع سعر الكيلوغرام من العسل أو غرام الغذاء الملكي إلى ارتفاع التكاليف، خاصة أن الإنتاج يحتاج إلى الكثير من العمل، فالعسل قبل أن يصل إلى المستهلك يكلف كثيراً سواء من ناحية شراء الخلايا أو النقل من مكان لآخر أو حتى التعبئة، وأحياناً إلى قلة الإنتاج فمتوسط إنتاج الخلية يتراوح بين أربعة إلى خمسة كيلوغرامات».
النحال المهندس "محمد علي كحيل" من "داريا" قال للموقع في اتصال هاتفي: «لم تعد مهنة تربية النحل وإنتاج العسل مهنة من لا عمل له، أو بمثابة عمل ثانوي، بل غدت مهنة متعبة تحتاج إلى كثير من الجهد سواء من خلال متابعة الخلايا بالأدوية المناسبة أو بنقلها من مرعى إلى آخر، أو في تسويق الإنتاج الذي أصبح يشكل عبئاً إضافياً على كاهل المربي إلى جانب ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، ولاسيما مع انتشار الأعسال على قارعة الطرقات مع قدوم الحجاج من دول الاتحاد السوفيتي السابق
خلايا النحل الحديثة |
بائع العسل "بسام حجو" في "مخيم اليرموك" بين أسباب ارتفاع الأسعار واختلافها بالقول: «يرجع تباين أسعار العسل تبعاً لموسم الإنتاج ونوعه، فالعسل ليس له سعر ثابت، وغالباً ما يتحدد السعر بموجب قانون العرض، والطلب والمهم عند شرائه من المنتج أن يكون من مصادر موثوقة، ولاسيما أن المستهلك العادي لا يمكنه كشف غش العسل، وبالعموم يتراوح سعر الــ كغ الواحد من العسل ما بين (500 – 1500 ) ليرة سورية ، أما سعر الـــ غرام الواحد من الغذاء الملكي فيتراوح ما بين ( 75- 100) ليرة سورية».
بالمقابل يقول "نضر": «لابد من تحديد سعر العسل الجيد ومواصفاته، ومصادرة ومنع دخول الأعسال المغشوشة التي يصعب على المواطن العادي تمييزها، ولاسيما أن الكشف عن العسل المغشوش يحتاج إلى: التحليل الكيميائي والفيزيائي لمركبات العسل داخل المخابر، وتحليل حبوب الطلع المحمولة بالعسل، وأخيراً تحليل حسي لطعم ونكهة العسل من خلال التذوق، وهذه الطرق الثلاث لابد من استعمالها مجتمعة لتحديد الحكم على العسل، والأهم من كل ذلك لابد من السؤال عن أمانة بائع العسل، ولن ننسى هنا- يضيف "نضر"- دور الإعلام في توعية المواطنين لمعرفة العسل الصافي من المغشوش، من خلال إجراء لقاءات تلفزيونية، وإذاعية، ومقروءة "ورقية وإلكترونية" يتحدث فيها الاختصاصيون عن العسل الجيد ومواصفاته، ومصادر الحصول عليه».
يشار إلى أن جمعية تربية النحل وإنتاج العسل الفلاحية بـ "دمشق" تأسست عام /1991 / وتضم نحو ألف عضو، ينتجون حوالي (200-300 ) طن من العسل سنوياً من أصل نحو /342/ طناً هو إنتاج المحافظة، ويملك الأعضاء حوالي (450) طائفة نحل موزعة في محافظتي دمشق وريفها.
أما الخدمات التي قدمتها الجمعية لأعضائها خاصة، ولمربي النحل بالمحافظة عامة، فتتلخص حسب المهندس "نضر" بـ: «تأمين وسائل الإنتاج للأعضاء تعاونياً
العسل والوان عديدة |
بقي أن نشير إلى أن خلايا النحل في سورية حسب إحصاءات وزارة الزراعة لعام /2009 / تبلغ /541027/خلية بلدية وحديثة تنتج نحو /2750/طناً من العسل و/111/ طناً من شمع العسل.
ساحة النقاش