في ذكرى فوكوشيما الأولى .... رسائل إنسانية لا تتوقف
لقد دقت حادثة مجمع فوكوشيما النووي ناقوس الخطر بسبب تضرره بفعل الزلزال والتسونامي اللذين ضربا المنطقة في 11 مارس/ آذار 2011، والآثار الكارثية التي لحقت بالبيئة، والمخاطر الجسيمة التي كان يمكن أن تحدث إذا ما أدى ذلك إلى إنفجاره، ليست فقط في اليابان بل في أماكن أخرى من العالم.
أعادت هذه الحادثة إلى الأذهان يوم الـسادس من آب/ أغسطس سنة 1945، مع نهاية الحرب العالمية الثانية، عندما قامت إحدى الطائرات الأمريكية بإلقاء القنبلة الذرية على مدينة"هيروشيما"، ودمرت نحو 90% من مباني ومنشآت المدينة، وقتلت أكثر من 80,000 شخص، كما جرحت 90,000 شخصاً آخراً، وبقي عشرات الآلاف بدون مأوى. كانت الأبخرة الناجمة عن التفجير ذات قطر يقدر بميل ونصف, وسبب تدميراً كاملاَ لمساحة قطرها ميل، كذلك امتد اللهب لأكثر من ثلاثة أميال قطراً.
حتى الآن لا تزال آثار هذه القنبلة في البيئة المجاورة والبعيدة، وتؤدي إلى أمراض وتشوهات عديدة بين سكان تلك المناطق، علما أن تلك القنبلة الذرية التي استخدمت في ضرب هيروشيما، تعد متواضعة وصغيرة بمقاييس الأسلحة النووية الموجودة حالياً في العالم، والتي يبلغ عددها نحو 23 ألف رأس نووي، تصرف الدول النووية سنوياً أكثر من 100 مليار دولار أمريكى للمحافظة عليها وصيانتها وتطويرها.
لقد أثارت حادثة مجمع فوكوشيما النووي من جديد كابوساً لطالما راود الإنسان في كل مكان وهو شبح هذه الأسلحة الفتاكة التي تهدد وفي كل لحظة البنية التحتية للحياة على وجه الأرض، فقد تنفجر بسبب حرب، أو خطأ فردي، أو كارثة طبيعية كالزلازل والأعاصير والفيضانات، يمكن أن تحدث هنا وهناك، في الأرض أو البحر، وفي أي لحظة، بل يمكننا القول أن هذه الأسلحة النووية قد منحت الإنسان، ولأول مرة، القدرة على تدمير نفسه بنفسه، وخلال ساعات معدودة.
نعم... استخدمت المنظمات الإنسانية والحقوقية، لاسيما الحملة العالمية لإزالة الأسلحة النووية (آيكان)، هذه الحقائق في الدعوة للتوصل إلى اتفاقية دولية تحظرها وتعمل على التخلص منها، مؤكدة أن بقاء هذه الأسلحة أشد خطراً من أي كارثة أخرى، كما أن الاستنزاف الهائل للموارد الاقتصادية والذي يزيد عن مائة مليار دولار سنوياً يمكن توجيهها لتحقق الكثير للإنسان والمجتمع العالمي في مواجهة الفقر والجهل والمرض، وتحقيق بيئة مستدامة تنعم بها البشرية.
وهكذا أثمرت هذه الرسائل الإنسانية في تعزيز موقف الرأي العام تجاه هذه القضية من أجل حث حكومات العالم على التوصل إلى الاتفاقية المنشودة التي استجابت لها أكثر من 146 دولة. نعم إنها رسائل الضمير الإنساني، رسائل تستحق أن نبذل لتحقيقها كل ما نستطيع، فالإنجازات العظيمة تبدأ دائماً بخطوات صغيرة.
On its first anniversary, Fukushima sends unstoppable humanitarian messages, by Dr. Ghassan Shahrour, The Arab Human Security Network, Email [email protected]
ساحة النقاش