وبعد أن ذكرنا أصل الهجر وموقعه من العقيدة تحت أصل الولاء والبراء
والحب في الله والبغض في الله كان لزاماً إسقاط الكلام النظري على أرض الواقع
وقد سبق الكلام على حكم جماعة خوان المسلمين في موضوع ( خوان المسلمين خارج نطاق السنة وخارج نطاق الخدمة ) وخرجنا بحكم شرعي ان تلك الفئة الباغية الضالة خارجة على السنة ومن أشر فرق الضلال والبدع ..
فيجب هجرها وهجر من انتسب إليها سواء كان عاملاً في الجماعة أو مؤيداً متعاطفاً - مدافعاً - ألخ ..فإذا بلغته الحجة والأدلة على ضلال تلك الطائفة المنحرفة
وأصر على موقفه منها .. فيجب هجره .. لا يجالس ولا يكلم ولا يسلم عليه
وإن ألقى السلام لايرد عليه ..ولا يصلى خلفه
ولا يشهد جنازته العلماء وطلاب العلم المبرزين ( لكن لابد لطائفة أن تقوم عليه تغسيلاً وتكفيناً إلى أخره ) ..
الأمر جد خطير .. ولابد لأهل السنة أن يقوموا بذلك الأصل العظيم من أصول الإسلام ألا وهو الهجر للمبتدع ...
وليس الهجر لأهل السنة .. فقد صار الناس يعادون من أظهر سنة من سنن الإسلام ظناً منهم أنه على بدعة الخوان .. وكثير من الخوان ذابوا وسط الناس وتركوا السب والأذى ينهال على رؤوس المتمسكين بالسنة من هدي ظاهر ...
وفيما يلي بعض الأثار من السلف الصالح والعلماء العاملين بالكتاب والسنة في معاملة أهل البدع والأهواء ..تعضيداً لما ذكرت أنفا ...
قال مصعب بن سعد :" لا تجالس مفتوناً، فإنك منه على إحدى اثنتين:
إما أن يفتنك فتتبعه،
وإما أن يؤذيك قبل أن تفارقه".
وقال الحسن وابن سيرين:"لا تجالسوا أصحاب الأهواء ولا تجادلوهم ولا تسمعوا منهم".
وقال أبو قِلَابَةَ :" لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الْأَهْوَاءِ ولا تُجَادِلُوهُمْ فَإِنِّي لَا آمَنُ أن يَغْمِسُوكُمْ في ضَلَالَتِهِمْ
أو يَلْبِسُوا عَلَيْكُمْ ما كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ".
وقال ابن عون :" من يجالس أهل البدع أشد علينا من أهل البدع ".
وقال سفيان الثوري :" من جالس صاحب بدعة لم يسلم من إحدى ثلاث:
- إما أن يكون فتنة لغيره.
- وإما أن يقع في قلبه شيء فيزل به فيدخله الله النار.
- وإما أن يقول: والله ما أبالي ما تكلموا، وإني واثق بنفسي، فمن أمن الله على دينه طرفة عين سلبه إياه".
وقال الفضيل بن عياض :"من جلس مع صاحب بدعة فاحذره".
وقال الإمام أحمد :" أهل البدع ما ينبغي لأحد أن يجالسهم، ولا يخالطهم، ولا يأنس بهم".
وسأل أَبُو دَاوُد الإمام أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ :" أَرَى رَجُلًا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ مَعَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبِدْعَةِ أَتْرُكُ كَلَامَهُ ؟
فقَالَ : لَا أَوْ تُعْلِمُهُ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي رَأَيْته مَعَهُ صَاحِبُ بِدْعَةٍ فَإِنْ تَرَكَ كَلَامَهُ فَكَلِّمْهُ، وَإِلَّا فَأَلْحِقْهُ بِهِ".
وقال البربهاري :" إذا رأيت الرجل جالس مع رجل من أهل الأهواء فحذره وعرفه
فإن جلس معه بعد ما علم فاتقه فإنه صاحب هوى" انتهى
وقال ابن بطة :" اعلموا إخواني أني فكرت في السبب الذي أخرج أقواما من السنة والجماعة،
واضطرهم إلى البدعة والشناعة، وفتح باب البلية على أفئدتهم وحجب نور الحق عن بصيرتهم،
فوجدت ذلك من وجهين:
أحدهما: البحث والتنقير، وكثرة السؤال عما لا يعني، ولا يضر العاقل جهله، ولا ينفع المؤمن فهمه.
والآخر : مجالسة من لا تؤمن فتنته، وتفسد القلوب صحبته". انتهى
وقال ابن بطة أيضاً :" الله، الله معشر المسلمين، لا يحملن أحداً منكم حسن ظنه بنفسه،
وما عهده من معرفته بصحة مذهبه على المخاطرة بدينه في مجالسة بعض أهل هذه الأهواء،
فيقول : أداخله لأناظره، أو لأستخرج منه مذهبه، فإنهم أشد فتنة من الدجال،
وكلامهم ألصق من الجرب، وأحرق للقلوب من اللهب،
ولقد رأيت جماعة من الناس كانوا يلعنونهم، ويسبونهم،
فجالسوهم على سبيل الإنكار، والرد عليهم، فما زالت بهم المباسطة وخفي المكر، ودقيق الكفر
حتى صبوا إليهم". انتهى
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :" يَجِبُ عُقُوبَةُ كُلِّ مَنْ :
انْتَسَبَ إلَيْهِمْ أَوْ ذَبَّ عَنْهُمْ أَوْ أَثْنَى عَلَيْهِمْ أَوْ عَظَّمَ كُتُبَهُمْ أَوْ عُرِفَ بِمُسَاعَدَتِهِمْ وَمُعَاوَنَتِهِمْ
أَوْ كَرِهَ الْكَلَامَ فِيهِمْ أَوْ أَخَذَ يَعْتَذِرُ لَهُمْ بِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا يَدْرِي مَا هُوَ
أَوْ مَنْ قَالَ إنَّهُ صَنَّفَ هَذَا الْكِتَابَ
وَأَمْثَالَ هَذِهِ الْمَعَاذِيرِ الَّتِي لَا يَقُولُهَا إلَّا جَاهِلٌ أَوْ مُنَافِقٌ ؛
بَلْ تَجِبُ عُقُوبَةُ كُلِّ مَنْ عَرَفَ حَالَهُمْ وَلَمْ يُعَاوِنْ عَلَى الْقِيَامِ عَلَيْهِمْ
فَإِنَّ الْقِيَامَ عَلَى هَؤُلَاءِ مِنْ أَعْظَمِ الْوَاجِبَاتِ؛
لِأَنَّهُمْ أَفْسَدُوا الْعُقُولَ وَالْأَدْيَانَ عَلَى خَلْقٍ مِنْ الْمَشَايِخِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ
وَهُمْ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ". انتهى
وقال الشيخ صالح الفوزان :" لا يجوز تعظيم المبتدعة والثناء عليهم، ولو كان عندهم شيء من الحق؛
لأن مدحهم والثناء عليهم يروج بدعتهم،
ويجعل المبتدعة في صفوف المقتدى بهم من رجالات هذه الأمة.
والسلف حذرونا من الثقة بالمبتدعة، وعن الثناء عليهم، ومن مجالستهم،
والمبتدعة يجب التحذير منهم، ويجب الابتعاد عنهم، ولو كان عندهم شيء من الحق،
فإن غالب الضُلاَّل لا يخلون من شيء من الحق؛
ولكن ما دام عندهم ابتداع، وعندهم مخالفات، وعندهم أفكار سيئة،
فلا يجوز الثناء عليهم، ولا يجوز مدحهم، ولا يجوز التغاضي عن بدعتهم؛
لأن في هذا ترويجاً للبدعة، وتهويناً من أمر السنة،
وبهذه الطريقة يظهر المبتدعة ويكونون قادة للأمة - لا قدَّر الله - فالواجب التحذير منهم". انتهى
ساحة النقاش