اﻻستاذ الدكتور / أحمد محمد فراج قاسم

قطار ارتفاع الأسعار يسحق الفقراء فى مصر

                ا.د/ احمد فراج قاسم

              استاذ الاقتصاد الزراعي

الأرقام لا تخبرنا بالحقيقة كاملة عن أثر الغلاء الفاحش على حياة الكادحين والفقراء، فالأرقام مجرد أرقام قد يمر عليها البعض دون أن يدرك مدى البؤس والشقاء الذى يختفى خلفها الحقيقة تراها مباشرة عندما تنظر إلى طوابير الخبز التى تصطف منذ الفجر أمام مخابز الرغيف المدعوم، نرى حقيقة البؤس عندما نشاهد الأطفال فى المناطق الفقيرة يعانون سوء التغذية، نراها عندما نلاحظ قطع خطوط التليفون والكهرباء عن المنازل التى لم تتمكن من سداد الفواتير، الحقيقة نعرفها بكل قسوتها عندما نرى أب أو شاب فى قبيل العمر يقدمان على الانتحار فراراً من الفقر. نراها من خلال تفشي ظواهر السرقة بالإكراه والقتل والمشاكل الاجتماعية. هل هى الحقائق التى لا تقولها أرقام الغلاء والدخل والفقر فى مصر، ولكننا نراها بكل وضوح وفى كل خطوة. ولكننا بالرغم من ذلك فى حاجة لبعض الأرقام والبيانات لمعرفة أبعاد ما يحدث وحجم المعاناة التى يعيشها الفقراء ونستعرض معا الآتى: (١) وفى يونيو 2000 ارتفعت أسعار الجملة للمواد الغذائية إلى 503.6% بالنسبة لأسعار 1986 / 1987 أى أكثر من خمسة أضعاف ووصلت أسعار الملابس الجاهزة إلى 410% أى أكثر من أربعة أضعاف بالنسبة لنفس العام، أما أسعار الوقود بلغت 679.2% أى أقل قليلاً من سبعة أضعاف. (٢) لقد ترتب زيادة أسعار الجملة زيادة أكبر فى أسعار المستهلك، هذا التضاعف فى الأسعار فى هذه الفترة من شأنه العصف بمستوى معيشة قطاعات واسعة من السكان فى ظل أوضاع الفقر والأجور التى ستتعرض لها لاحقاً. ولكن قفزات الأسعار لم تتوقف وموجات الغلاء واشتعال الأسعار أصبحت أكثر تسارعاً فى السنوات التالية، ففى أكتوبر 2003 شهدت أغلب السلع قفزة كبيرة، فأسعار الدواجن واللحوم البيضاء إرتفعت بنسبة 40% إذ أرتفع سعر كيلو الدواجن من 5.50 جنيه إلى 7.5 جنيه، وارتفعت أسعار اللحوم الحمراء بنسبة ما بين 10% و20%، وارتفعت أسعار البقول بنسبة تصل إلى 18%، وإرتفعت أسعار أغلب السلع الأساسية وخاصة الأغذية بنسبة تصل إلى 40%. (٣) لقد بلغت تكلفة احتياجات أسرة مصرية مكونة من خمسة أفراد فى الحدود الدنيا حوالى 1690 جنيه شهرياً وهو ما يعنى أن أغلب الأسر ستكون عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية من غذاء وسكن وملابس وعلاج وخدمات وتعليم ولكن صعود الأسعار لم يتوقف، فلقد شهد عام 2004 موجة غلاء جديدة وأشد قوة، ففى عام 2004 تراوحت الزيادة فى أسعار السلع الغذائية من 25 : 45% على دفعات، فارتفع سعر زيت الطعام من 2.75 جنيه إلى 4 جنيه، وارتفع سعر الشاى من 65 قرش إلى 1 جنيه، وارتفع سعر العدس من 3.50 جنيه إلى 5.20 جنيه، والفاصوليا من 2.50 إلى 4.20.(٤) كما تفاقمت أزمة رغيف الخبز فعلى الرغم من تصريحات الحكومة المتتالية بالتدخل لحل الأزمة إذ ازدادت الطوابير أمام المخابز إبتداء من أذان الفجر وحتى المساء مع تدهور فى حالة الرغيف ونقص وزنه، كما ارتفعت أسعار الخبز الغير مدعوم بأنواعه من 15 : 25 قرش، ومن 5 : 15 قرش مع إنقاص وزنه أيضاً. (5) وارتفعت أسعار الأسماك إرتفاعاً كبيراً فوصل كيلو البلطى إلى 12 جنيه من 7 جنيه بزيادة أكثر من 65%. (6) كذلك فقد ارتفعت قيمة فواتير الكهرباء والغاز والتليفون إرتفاعاً ملحوظاً كذلك رسوم النظافة التى أثارت غضباً واسعاً بين الجماهير، العلاج والأدوية لم تنجو أيضاً من الغلاء الفاحش، فتكلفة جراحات القلب زادت بنسبة 100% وإرتفعت تكلفة علاج السكر والضغط والقلب والفشل الكلوى بنسبة تزيد على 45%، كما أرتفع سعر دواء التهاب الكبد الوبائي ( الحبة الصفراء) من 8 جنيه للعلبة الي 12 جنيه للعلبة في حين أن سعر إستيراد هذا الدواء أقل من نصف دولار للعلبة، ومن المعروف أن نسبة الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي في مصر عالية خاصة بين الفقراء.(٧) والحقيقة أن مؤشرات الأسعار المنشورة فى الجرائد أو تقارير الغرفة التجارية أو مؤشرات أسواق الجملة لا تعكس بالضرورة الأسعار الحقيقية التى تكون عادة أكثر ارتفاعا خاصة أسعار الخضر والفاكهة فمثلاً عندما كان سعر الخيار فى سوق العبور 150 قرش للكيلو كحد أقصى كان سعره فى الأسواق الشعبية 350 قرش والكوسة كانت بـ 160 قرش بحد أقصى فى سوق العبور وكانت تباع بـ 4 جنيه للكيلو والطماطم بـ 55 قرش فى سوق العبور وبـ 2 جنيه فى الأسواق الشعبية ونفس النسب تقريباً لباقى الخضروات والفاكهة. (8) هذه مجرد إطلالة سريعة على قطار الأسعار الذى يسحق الفقراء والكادحين والحقيقة أن حتى هذه الأرقام قد تكون متواضعة إذا أخذنا فى الاعتبار إختلافات الأسعار من يوم إلى يوم ومن منطقة إلى منطقة. ولكن هذه المؤشرات لا يظهر أثرها الحقيقي على حياة الفقراء إلا إذا تعرضنا لأوضاع الأجور والدخل والتى من المفترض أن يلى على الأقل الاحتياجات الأساسية.(٩) تشير إحدى الدراسات إلى تطور متوسط الأجر النقدى من عام 1987 إلى 1996 حيث بلغ حوالى 38 جنيه أسبوعياً عام 1984، 55 جنيه عام 1990، 59 جنيه عام 1991، 82 جنيه عام 1994، 99 جنيه عام 1996، وترصد نفس الدراسة تطور نسبة متوسط الأجر الحقيقى أى القيمة الفعلية للأجر بالنسبة لقيمة الأجر النقدي حيث بلغ حوالى 35%، 31%، 28%، 26%، 27%، 27% بنفس ترتيب السنوات، معنى ذلك أن متوسط الأجر عام 1996 كان يساوى 27% أى أكثر قليلاً من ربع متوسط الأجر عام 1986 هذا الانخفاض الشديد فى الأجر الحقيقى يعكس تأثير إرتفاع الأسعار وإرتفاع نسبة التضخم على قدرة أصحاب الأجور على تلبية احتياجاتهم الأساسية بأجور فقدت أكثر من ثلثى قيمتها رغم زيادتها إسمياً وبشكل عام فإن مستوى الأجور فى مصر يعتبر من أدنى مستويات الأجور فى العالم فعلى الرغم من أن متوسط ساعات العمل أسبوعياً فى مصر أكبر متوسط ساعات عمل فى العالم على الإطلاق حيث يبلغ 58 ساعة أسبوعياً إلا أن الحد الأدنى للأجور يعد من المستويات المتدنية إذ بلغ حوالى 415 دولار سنوياً عام خلال متوسط الفترة (1995- 1999) بينما بلغ فى الجزائر حوالى 1340 دولار سنوياً، وفى المغرب بلغ حوالى 1672 دولار سنوياً، وفى تونس بلغ حوالى 1525 دولار سنوياً، وفى السنغال بلغ حوالى 848 دولار سنوياً. (١٠) يعد القطاع الخاص فى مصر والذى يعمل وفقاً لقانونه 12.7 مليون عامل نموذجاً لتدني الأجور وزيادة ساعات العمل، ففى عام 1996 بلغ إجمالى الأجور السنوية التى يتقاضاها ٢٠١,٦٦ الف عامل فى المدن الجديدة هى 628.8 مليون جنيه أى بمتوسط أقل من 260 جنيه شهرياً للعامل فى حين بلغت قيمة الإنتاج سنويا ١٨.٨٦ مليار جنيه وبمعدل الزيادة السنوي فإن هذا الأجر بالكاد سيصل إلى حوالى 430 شهرياً عام 2004، وترصد دراسة للأجور أن متوسط الأجر فى القطاع العام عام 1996 بلغ حوالى 103 جنيه أسبوعياً أى حوالى 412 جنيه شهرياً وفى القطاع الخاص 91 جنيه أسبوعياً أى 364 شهرياً وبمعدل الزيادة السنوي سنجد أن المتوسط العام للأجور عام 2004 يتراوح بين 500، 650 جنيه، ويعكس هذا المستوى من الأجور  حجم المعاناة الناتجة عن إرتفاع الأسعار، إذا أضفنا إلى ذلك نسبة البطالة التى لا تتمتع بأى دخل أو إعانة بطالة والتى تصل نسبتها فى بعض الإحصائيات إلى 29% من قوة العمل بواقع 7.3 مليون عاطل فإن الصورة ستصبح أكثر كآبة. (١١) وإذا نظرنا إلى توزيع الدخل على الأسر المصرية سنكشف عمق الأزمة، 403 ألف أسرة تعيش على دخل أقل من 250 جنيه شهرياً، وهى 2.9% من السكان و 2.7 مليون أسرة أى 20.2% من السكان تعيش على 500 جنيه شهرياً، 7 ملايين أسرة بنسبة 49.8% من السكان تعيش على دخل يتراوح بين 500 و1000 جنيه شهرياً، معنى ذلك أن حوالى 70% من السكان لا تكفيهم دخولهم لتلبية الحاجات الأساسية فى ظل الأسعار الحالية، فإذا كانت تكلفة الاحتياجات الأساسية فى حدها الأدنى لأسرة مكونة من خمسة أفراد تساوى 1690 شهرياً بأسعار 2003 وإذا أضفنا متوسط زيادة فى الأسعار بنسبة 25% فى عام 2004 فإن التكلفة سترتفع لأكثر من 2000 جنيه شهرياً، هذه الحسابات وإن كانت متواضعة للغاية إلا أنها تفاجئنا بحقيقة مؤلمة، وهى أن حوالى 50% من السكان والذين يعيشون فى أسر يتراوح دخلها من 500 : 1000 جنيه شهرياً لن يكفيهم دخلهم لأكثر من أسبوعين وأن 20.2% من السكان والذين يعيشون فى أسر دخلها 500 جنيه شهرياً سيعانون من الجوع فى نهاية الأسبوع الأول من الشهر أما الذين يعيشون على أقل من 250 جنيه شهرياً فلن يكفوا عن الشعور بالجوع طوال الشهر. هذه الحقائق المريرة التى تعبر عنها معدلات الزيادة فى الأسعار وتدهور الأجور والدخل الحقيقى تنعكس بقوة فى مؤشرات الاستهلاك التى تبين مدى الفقر والبؤس الذى تعيش فيه غالبية السكان ففى عام 2003 كان إنفاق الفرد على الملبس 386.9 جنيه طوال العام، هذا المبلغ لا يكفى لشراء حذاء واحد من أرخص الأنواع أو بنطلون وبالكاد سيكفى لاستهلاك جوارب طوال العام. (١٢) فى عيد الأضحى 2004 كان إجمالى الإنفاق على استهلاك اللحوم خلال العيد 308.21 مليون جنيه أى أقل من 5 جنيه وهو ما يساوى حوالى 200 جنيه للفرد طوال عيد الأضحى أما معدل استهلاك الفرد من اللحوم الحمراء طوال العام فقد إنخفض من 18.9 كجم عام 2002 إلى 8.8 كجم عام 2003، وهو ما يساوى حوالى 735 جم شهرياً أى 184 جم أسبوعياً، أما استهلاك الفرد عن الأسماك فإنه يساوى 11 كجم سنوياً، أى أقل من كيلو جرام شهرياً هذا فى بلد تغطى البحار حوالى 50% من حدوده ويتمتع بمصايد داخلية من بحيرات ونهر النيل وفروعه غنية بالثروة السمكية، والجدير بالذكر أن كيلو السمك البلطى كان يباع حتى منتصف الثمانينات بسعر 25 قرش. (١٣) أما القمح بكل ما يعنيه على مائدة الفقراء فإن معدل استهلاك الفرد منه سنوياً بلغ حوالى 180 كيلو ولكن الاستهلاك الحقيقى منه بعد خصم الفاقد يتراوح من 130 : 150 كجم سنوياً أى أقل من 450 جم يومياً أى ثلاثة لأربعة أرغفة فى اليوم بالوزن الرسمى للرغيف وتعتبر هذا المعدل مرتفع بالنسبة لمعدلات الاستهلاك العالمية إلا أننا نراه منخفضاً جداً إذا وضعنا فى الاعتبار إنخفاض الاستهلاك من اللحوم بأنواعها والخضروات والبقول والفاكهة، ولكن نجد الإشارة أيضاً أن حتى هذه المؤشرات الفقيرة جداً فى الاستهلاك لا تعبر بالكامل عن مدى المعاناة التى يعيشها الفقراء، فهذه المؤشرات تمثل متوسط الاستهلاك الذى يتزايد لأضعاف هذه النسب بين الطبقات الغنية والتى تستطيع أن تنفق بوفرة على الاستهلاك من الغذاء والملبس والترفيه، وينخفض إلى أقل من ذلك كثيراً للطبقات الفقيرة التى يتلاشى دخلها خلال النصف الأول من الشهر. وبالنسبة لـ 7 مليون يعانون منم البطالة فإننا نجد صعوبة فى توقع معدلات استهلاكهم.(١٣) لقد تركز حديثنا على السلع الغذائية سواء فى إرتفاع الأسعار أو الإستهلاك، وستصبح الصورة أسوأ كثير إذا ما تطرقنا للتعليم مع ارتفاع نفقات التعليم المختلفة من أدوات مدرسية إلى مصروفات إلى زى مدرسي وكتب خارجية فضلاً عن مجموعات التقوية والدروس الخصوصية الإجباري، كذلك إذا نظرنا إلى المواصلات التى ارتفعت أيضاً أسعارها سواء الخاصة، التاكسى والسرفيس أو العامة مثل الأتوبيسات بعد إختفاء أغلب الخطوط فئة الـ 25 قرش وظهور الأتوبيس المكيف، ورفع ثمن تذكرة مترو الأنفاق مع استمرار تدهور الخدمة والزحام الخانق، ناهيك عن أسعار السلع المعمرة والأثاث، والأجهزة الكهربائية، ولا يمكن طبعاً تجاهل أسعار المساكن والإيجارات – باختصار أصبحت حياة الفقراء عبارة عن معاناة متصلة لتدبير شئون الحياة وتوفير الحد الأدنى الضرورى عن الاحتياجات الأساسية دون جدوى. (١٤) نظرة سريعة على الإحصاءات الخاصة بالفقر فى مصر توضح حجم هذه المعاناة حيث تشير إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء إلى إرتفاع نسبة الفقراء فى الحضر من 39.01% عام 90 / 1991 إلى 44.95% عام 95 / 1996، كما ازدادت حدة الفقر من 4.04% إلى 4.96% فى نفس الفترة وازدادت فجوة الفقر من 10.80% إلى 12.98% فى نفس الفترة هذا فى الحضر أما فى الريف وفى نفس الفترة فقد إرتفعت نسبة الفقراء من 39.21% إلى 50.21% وزادت فجوة الفقر من 7.67% إلى 12.54% وزادت حدة الفقر 2.42% إلى 4.18%، كما ترتفع نسبة الفقراء بشدة فى بعض المحافظات لتصل إلى 78.98% فى أسيوط، 62.02 فى بنى سويف، 88.71% فى سوهاج و68.42% فى قنا، بينما يشير تقرير البنك الولى 2001 إلى أن نسبة السكان تحت خط الفقر الأعلى والذى يساوى دولارين يومياً يصل إلى 52.7% وتصل فجوة الفقر عند هذا الحد إلى 11.4% هذا عن مسح عام 95 / 1996 (23) هذا بسعر صرف الدولار عام 1993 أى أقل من نصف قيمته الحالية. هذه الإحصائيات ترجع إلى عام 95 / 1996، لاشك أنه مع موجات تزايد الأسعار وانخفاض الدخل الحقيقى فإن عدد الفقراء قد تزايد على نحو مخيف، وأن أحوالهم المعيشية قد تدهورت أكثر، لكن حتى هذه الأرقام تبدو كارثة، فبلد يقترب عدد سكانه من 70 مليون يعانى حوالى نصفهم من الفقر هذا حسب بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، ومع هذا الاشتعال فى الأسعار يبقى السؤال هو كيف سيعيش أكثر من نصف السكان. وللأسف فالإجابة المنطقية الوحيدة بعد قراءة هذه الأرقام هى أن أكثر من نصف السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر سيجوعون وأن قطاعات جديدة ستنضم إليهم مع هذا الارتفاع المستمر فى الأسعار، لقد عرضنا بعض البيانات والإحصائيات عن ارتفاع الأسعار وأوضاع الأجور ومعدلات الاستهلاك وحجم الفقر فى مصر فى أواخر القرن الماضي، إنها مجرد أرقام تتداولها التقارير ومراكز البحوث والخبراء، ولكن لحجم المرارة التى تختفى وراء هذه الأرقام. إنها المرارة التى يشعر بها عشرات الملايين من الفقراء الذين يعجزون عن توفير حياة كريمة فى ظل هذا الغلاء، المرارة والقهر التى يشعر بها عامل يعمل لمدة 58 ساعة فى الأسبوع ويضيف من عمله ما قيمة 4113 دولار سنوياً إلى رأس المال، ولا يستطيع توفير ثمن حذاء أو بنطلون متوسط الثمن على مدى العام الإضطهاد الذى ستشعر به أسرة يقطع عنها التيار الكهربائى لأنها دخلها نفذ قبل أن تسدد فاتورة الكهرباء، المهانة والإذلال التى يشعر بها كل من قف ساعتين فى طابور الخبر لأنه لا يستطيع شراء الخبز الفاخر، الانتهاك الذى ستشعر به عاملة أو طالبة أو موظفة، أو عامل أو طالب أو موظفاً فى زحام المواصلات لأنهم يعجزون عن دفع تذكرة الأتوبيس المكيف أو أجرة التاكسى، حتى الأرقام المجردة تكاد تنطق بكل هذا، وتصور الحياة اليومية للفقراء والكادحين ككابوس لا يمكن الإفاقة منه، معاناة دائمة، قهر وإنتهاك لأبسط مبادئ الحقوق الإنسانية، إهانة للكرامة وسحق للمشاعر الإنسانية هذا ما تعبر عنه هذه الأرقام وهذا ما سيشعر به كل إنسان لا يوفر له العمل الكادح حتى غذاء أسرته، هذا ما يدفع أب فقير إلى الانتحار فراراً من فقره وعجزه عن تلبية احتياجات صغاره، ولكن تلك المعاناة مثلما تكون قادرة على خلق هذا الشعور بالمرارة والقهر، فإنها أيضاً قادرة على خلق الشعور بالغضب والرفض، كما توقع للانتحار فإنها أيضاً تدفع للمقاومة والنضال. إن السؤال البسيط الذى نقرأه بكل وضوح على وجوه الكادحين والفقراء فى كل مكان هو هو لماذا نجوع؟ أجل، إذا كنا نعمل هذه الساعات الطويلة وننتج كل هذا الإنتاج فى الريف والمدن فكيف لا نستطيع أن نوفر احتياجاتنا البسيطة. هذا السؤال البسيط هو الذى يخلق بدلاً من الشعور بالمرارة واليأس الشعور بالرفض والرغبة فى المقاومة والنضال. ومحاولتنا الإجابة على هذا السؤال هى خطوة على هذا الطريق بعد الرفض والمقاومة، خطوة على طريق توحيد جماهير الكادحين والفقراء فى مواجهة غول الغلاء والفقر والجوع. لذا فإننا فى مواجهة كل ما عرضناه نتسائل مع كل الفقراء والكادحين هذا السؤال المشروع .. لماذا نجوع؟الإجابة بإختصار شديد"" أنه التخطيط السيء فى إدارة الموارد ""ومازال قطار ارتفاع الأسعار حتى يومنا هذا فى ظل التطورات التكنولوجية والمتغيرات العالمية يسحق الفقراء،،،،فهل من منقذ.المرجع: مصطفى بسيوني، غول ارتفاع الأسعار (مقال)،،  ٢٠٠٦ ا.د/ احمد فراج قاسمرئيس بحوثمعهد بحوث الاقتصاد الزراعيمركز البحوث الزراعية ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤Yahoo Mail: Search, Organize, Conquer

المصدر: ا.د/ احمد فراج قاسم، معهد بحوث الاقتصاد الزراعي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 5 مشاهدة

ساحة النقاش

اﻻستاذ الد كتور / أحمد محمد فراج قاسم

amfk
- أستاذ - معهد بحوث الاقتصاد الزراعي - جمهورية مصر العربية. - أستاذ مشارك - كلية الاقتصاد - درنة - جامعة عمر المختار- ليبيا سابقا. - إجراء العديد من البحوث والدراسات العلمية المتخصصة في مجال الاقتصاد الزراعي. - كتابة عديد من المقالات في المجالات المختلفة. - العديد من المؤلفات في »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

374,348