موضوعات أدبية - درس تلفزيوني - الندوة ( 24-27) :توجيهات عامة للإمتحان .
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 1983-03-19بسم الله الرحمن الرحيم
أعزائنا المشاهدين أخوتنا الطلاب أسعدتم مساء وأهلا بكم ومرحبا لا بد للطالب من أن يمر في حياته الدراسية بتجربة ليست منفعةً في أغلب الأحيان، إن هذه التجربة اسمها الامتحان، وفي الامتحان كما يقولون يكرم المرء أو يهان، وهذه التجربة لا بد منها، وهو في ضوء نظامنا التربوي القائم حتى الآن تعد الوسيلة الوحيدة للكشف عن قدرات الطلاب اللغوية والأدبية، والامتحان ليس خدعة كالحرب، وليس تعجيزاً ولا تضيقياً، ولا تحدياً، ولكنه في الوقت نفسه ليس ساعة كساعة يقضيها الطالب بين أهله وأصدقائه، لا يحاسب فيها عن أقواله وأفعاله ولا تؤثر في مستقبله.
يا أخوتنا الطلاب:
امتحان اللغة العربية لطلاب الشهادتين الثانوية الفرع العلمي والأدبي هو ما يعنينا في هذا اللقاء الأخير، امتحان اللغة العربية يقيس في الطالب قدرته على فهم النصوص الأدبية، ويقيس أيضاً قدرته على تذوقها، ويقيس أيضاً ثقافة الطالب الأدبية من خلال دراسته لمنهاج المقرر، ويقيس قدرته التعبيرية من خلال معالجته لموضوع أدبي عرضاً وتوضيحاً ومناقشةً واستشهاداً، كما يقيس المامه لبعض العلوم العربية كالنحو والصرف واللغة والعروض والبلاغة وما إلى ذلك.
يا طالبنا العزيز:
أول ما يطالعك في امتحان اللغة العربية وفي ورقة السؤال، أول ما يطالعك سؤال النصوص الأدبية، والمعول في نصوص الأدبية على تمكنك من فهم المعنى الصحيح والدقيق والعميق، ومن فهم ما في السطور، وما بين السطور، وفهم ما هو ظاهر وما هو باطن، ما فيه تصريح وما فيه تلويح، هل يمكن للطالب أن يستعين بالتوجهيات التالية على فهم البيت فهماً صحيحاً دقيقاً عميق، فأول شيء:
1 ـ معرفة صاحب النص.
فمعرفة صاحب النص قد تلقي ضوءاً على جوانبه المتعددة، فهذا شاعر معاصر أهتم بالقضايا الوطنية، وهذا شاعر ملتزم من الطراز الأول، وذلك شاعر قديم عُنيّ بالقضايا الفروسية، شيءٌ آخر يعين على كشف جوانب النص وهو:
2 ـ معرفة مناسبته.
إن معرفة مناسبة النص لها شأن كبير في توضيح الغرض العام للأبيات وفي الإضاءة الأبعاد غير الواضحة في معانيها.
يا طلابنا الأحباب دققوا في هذه الملاحظة:
في الأعم الأغلب يتصدر النص الأدبي في ورقة السؤال ذكر لصاحب النص وإشارة عابرة لمناسبته التي قيل فيها، فالتدقيق في اسم صاحب النص وفي مناسبته لا شك أنها تلقي ضوء أحياناً بل في أغلب الأحيان على بعض جوانب النص.
3 ـ القراءة الصحيحة ركنٌ أساسيٌ في فهم الصحيح لمدلول الكلمات والتراكيب.
وكم من قراءة عجلة ذهبت بالطالب مذهباً بعيداً عن مدلول الكلمة التي أرادها صاحب النص.
عزيزي الطالب:
أقر النص مرات عدة، واعلم أن الوقت الذي تمضيه في القراءة متأنية يعد استثماراً للوقت وليس تضيعاً له، والجدير بالذكر أن النص الأدبي موضوع سؤال الشرح تضبط فيه الحروف التي يسبب عدم ضبطها لبساً في المعنى، النص الأدبي موضوع السؤال تضبط كلماته التي تشكل، في السؤال يضبط بالنص ما يشكل، وعليك أنت أيضاً أن تدقق في ضبط الكلمة النحوي والصرفي، يعني ضبط حركتها الأخيرة وضبط بنيتها الداخلية أو حروفها الداخلية، فكلمة الخَلْق لها معنى والخُلق لها معنى، والخَلَق لها معنى، مع أن الحروف واحدة، فلو قرأت ضبط المكان ضبط لذهب بك الغلط مذهباً بعيداً عن المعنى الذي أراده الشاعر، شيءٌ آخر التوجيهات التي تعينك على فهم المعنى:
4 ـ معرفة معاني الكلمات الغامضة.
فالبيت الذي يقول فيه صاحبه:
أي في القدس ضلوع غض ة لم تلامسها ذناب عقرب
هذا البيت كله مركز على كلمة واحدة وهي ضلوع غضة فإذا عرفتها عرفت معنى البيت، وإذا جهلتها جهلت معنى البيت، هناك كلمات يتوقف عليها فهم البيت بكامله، لذلك دقق في ذيل النص هل شرحت هذه الكلمة، وأغلب الظن أن معاني الكلمات الغامضة تشرح في ذيل النص وطلاب كثيرون يحارون في معاني بعض الكلمات ويتيهون بها ويخبطون في شرحها خبط حشواء، وينسون أنها مشروحة في ذيل النص، لا تنس هذه الملاحظة.
شيءٌ آخر قد تصعب عليك كلمة لا تعرف معناها الدقيق وليست مشروحة في ذيل النص ماذا عليك أن تفعل ؟ يمكن لك أن تستنبط معناها من السياق، من سياق الكلمات، فالبيت الذي يقول فيه الشاعر:
يا عروساً تنام ملئ المحاجر شيع الحلم والطيوف السواحر
لو أنك لا تعرف معنى كلمة محاجر لكنك إذا قرأت البيت " يا عروساً تنام ملئ المحاجر " الإنسان ينام ملئ عينيه، فمن سياق هذا البيت يتضح لك معنى كلمة المحاجر، هناك طريقة أخرى قد تكشف لك عن معنى الكلمة وهي طريقة الترادف " شيع الحلم والطيوف السواحر فالطيوف هي الحلام، لأن هذا البيت فيه ما يشبه عطف الشيء على نفسه وهناك كلمات لا يقصد منها المعنى الحقيقي فالعروس هنا ليست عروساً إنها الوطن الحبيب، فقد تعرف الكلمة إذا شرحت في غير النص، وقد تعرفها من السياق، وقد تعرفها من الترادف، وقد يفرض عليك السياق معناً مجازياً للمعنى بعيداً عن المعنى الحقيقي لها، شيءٌ آخر يمكن أن يعينك على فهم النصوص الأدبية، ألا وهو:
5 ـ فهمك للترتيب اللغوية.
فالشاعر حينما قال:
سلام من صبا بردى أرق ودمع لا يكفكف يا دمشق
لا تحاول أن تفهم هذا البيت دفعة واحدة لأنك ربما تعجز عن ذلك هذه الصعوبة قسمها إلى صعوبات أصغر منها، قسمها إلى جزئيات " سلام من صبا بردى أرق " هذه عبارة عليك أن تفهمها بدقة من أجل اكتشاف المعنى، يبدو أن كلمة أرق يجب أن تنتقل إلى ما قبل كلمة من يعني: سلام أرق من صبا بردى، أي أن الشاعر أحمد شوقي يهدي دمشق سلام رقيقاً هو أرق من صبا بردى، وصبا بردى أي نسيم بردى العليل، لأن الصبا هو الرياح الشرقية، ومعنى الرياح في هذا البيت بالذات هو النسيم العليل، فهناك المعنى المعجمي، وهناك المعنى السياقي للكلمات.
شيء آخر "سلام من صبا بردى أرق ودمع لا يكفكف يا دمشق" يعني الشاعر يهدي سلام رقيقاً أرق من نسيم بردى العليل ويهدي دمعاً لا يكفكف أي دمع غزير، هذه صورة، يهدي سلام ودمعاً، هذا السلام وذلك الدمع يهديهما الشاعر لدمشق، في مناسبة العدوان الفرنسي عليها شيءٌ سادسٌ يعينك على فهم الكلمات ألا وهو:
6 ـ فهم الصور الأدبية.
فالصور الأدبية قد يلجئ إليه الشاعر إلى التعبير عن فكرته بشكل غير مباشر، إنه يستخدم أسلوب التصوير بدل أسلوب التقرير.
ويا أخوتنا الطلاب:
الصورة ليست مقصودة بذاتها، لا ينبغي أن تقف عند شرحها لا بد من أن تنفذ إلى مدلولها، الصورة لبوسٌ فني ليهيكل فكري، يجب أن تخترق اللبوس الفني إلى الهيكل الفكري، لذلك في شرح البيت الذي ينطوي على صورة لا بد من شرح الصورة والنفوذ من خلالها إلى مدلولها، لذلك يكون فهمك للبيت فهماً عميقاً، أما إذا اكتفيت بشرح الصورة ففهمك له ليس عميقاً، الخنساء حينما قالت ترثي أخيه صخراً:
حمال ألوية هبات أودية شهاد أندية من جيش جرار
هذه الصور ليست مقصودة بذاتها إنه يحمل اللواء، إنه قائد في الحرب، هبات أودية لا يخشى مفاجئات الأودية، إنه شجاع، شهاد أندية من علية القوم، من جيش جرار إنه إذا غضب غضب لغضبته قومه إذاً هو قائد لهم، مدلولات الصور هي المقصود منها هي ليست نفس الصورة بالذات، شيء آخر:
7 ـ معرفة مدلول الضمائر وعلى من تعود ركن أساسي لفهم المعنى.
فإذا وجدت رقعة كتب فيها: لك عليّ ألف درهم ونصفه، من المعني بالخطاب لك ؟ " لك " على من تعود، "وعليّ " من المقصود بواو المتكلم ؟ وكلمة " ألف درهم ونصفه " الهاء في نصفه على من تعود أتعود على الألف ؟ إذاً ألف وخمسمائة، أم تعود على الدرهم ؟ إذاً ألف ونصف درهم، لا بد من أن تعرف كل ضمير على من يعود، وربما كانت معرفة العائد اتجاه حاصل في فهم المعنى، وربما كان غلط الطالب في فهم العائد يذهب به مذهباً بعيداً عن المعنى، لا تنسى يا أخي الطالب أن درجات شرح النصوص نصفها لصحة المعنى، ونصفها لسلامة الأسلوب ولا تنال درجة المعنى، ولا تنال درجة الأسلوب ما لم يكن المعنى صحيحاً، هذا من حيث الفهم، ولكن شرح البيت ينطوي على مرحلتين، مرحلة الفهم أولاً، ومرحلة الكتابة ثانياً، أما طبيعة الشرح أو طبيعة الكتابة، فلا ينبغي أن تكون نسخاً، والنسخ أن تعيد ما قاله الشاعر عبارة وكلمات إعادة مع تبديل طفيف لصيغة البيت، هذا اسمه نسخُ وهو..... في الامتحان، ولا ينبغي أن يكون شرحك للبيت مسخاً المسخ أن تتقيد بعبارة الشاعر وتحافظ عليها وتبدل بعض الكلمات، وقد تبدل الكلمة الجيدة، وقد تستبدل الكلمة الجيدة بكلمة سيئة، لكن الذي نعنيه في الشرح أن تفهم البيت فهماً صحيحاً عميقاً دقيقاً وأن تعبر عنه بأسلوبك أنت، بأسلوبك الذاتي، وأن تراعي أن يكون أسلوبك منطوياً على مسحة أدبية ترفعه إلى مستوى الشرح الأدبي، مع لفت النظر إلى أنه يجب عليك أن تبتعد عن عبارة الشاعر كلياً وعن كلماته جزئياً.
الآن السؤال الثاني الذي يطالعك في امتحان اللغة العربية في الأعم الأغلب هو سؤال النقد الأدبي، إذا كان سؤال الشرح يقيس في الطالب قدرته على الفهم، فإن سؤال النقد يقيس في الطالب قدرته على التذوق ونعني بسؤال النقد أي الدراسة الفنية المناقشة والعاطفة والخيال والأسلوب ففي سؤال مناقشة المعاني غالباً ما يرافق هذا السؤال نصوص النثر لأن النثر هو القالب الطبيعي للمعاني، ومناقشة المعاني ليست إعادة لشرح المعاني ولا تلخيصاً لها، إنها تقيّم ذكي دقيق عميق لأفكار النص من زوايا متعددة، وما هي بعض هذه الزوايا التي يمكن أن تقيم من خلالها المعاني، هل معاني النص وأفكاره، هل المعاني صحيحة أو مغلوطة هل هي عميقة أو سطحية، هل هي واقعية أو خيالية، هل هي ذاتية تعبر عن ذات الشاعر أو موضوعية تعبر عن موضوع حيادي، هل هي تعنى بالكليات، أم تعنى بالدقائق والجزئيات، هل هي إيجابية فيها معالجة لمشكلة وطرح لحلها، أم هي سلبية يكتفى بها بالنقد غير البناء، هل هي إصلاحية ترمي إلى التغير عن طريق النصح والإرشاد، أم هي ثورية ترمي إلى التغير السريع عن طريق العنف، هل هي جديد مبتكرة، أم هي تقليدية معادة، هل يغلب عليها الطابع العقلي، أم يغلب عليها الطابع العاطفي.
هل الوجد إلا أن قلبي لو دنا من الجمر قيد الرمح لاحترق الجمر
يغلب على فكرة هذا البيت الطابع العاطفي، أما إذا قال الشاعر.
زعم المنجم والطبيب كلاهما لا تبعث الأموات قلت إليكما
إن صح قولكما فلست بخاسر أو صح قولي فالخسار عليكما
يغلب على هذا البيت الطابع العقلي و العقلي الفلسفي، وغالباً ما ينطوي سؤال النقد على سؤال للخيال، ونعني بسؤال الخيال، المطلوب من الطالب أن يحدد الصور الأدبية ثم يقيمها أو يقومها كلاهما صحيح والصور الأدبية على نوعين صور وصفية كقول ابن الراوي يصف الحمال
رأيت حمالاً مضينا العمى يعصر في الأكم وفي الوهب
محتلاً ثقلاً على رأســـــــه تضعف عنه قوة الجـــــــــلد
وما اشتهى ذاك ولكنـــــــه فر من اللؤم إلى الجـــــــــهد
وقد تكون الصور ليست وصفية هي بيانية كأن تنطوي على تشبيه أو استعارة أو كناية من الأبيات التي تنطوي على صورة بيانية من نوع التشبيه.
إن القلوب إذا تنافر ودهــــــــا عند الأكارم جبرها لا يعصها
وقلوب أرذال الأنام إذا التوت مثل الزجاجة كسرها لا يجبر
في هذا البيت تشبيه، أم الصورة من نوع الاستعارة كقول الشاعر:
وإذا المنية انشبت أظفارها ألفيت كل ثمينةٍ لا تنفع
المنية شبهت بوحش كاسر حذف الوحش وبقيت بعض لوازمه ألا وهي انشاب الأظفار هذه استعارة نقمية، أما السؤال الرابع من خلال أسئلة النقد فهو سؤال الأسلوب اللفظي، وتقتضي الإجابة عن هذا السؤال أن يقف الطالب عند كلمات النص وعند تراكيبه، وعند الصناعة البديعية، وعند الموسيقا، فالكلمات إما أن تكون واضحة أو غامضة، جذلة أو رقيقة.
سائل العلياء عنا والزمان هل خطرنا ذمةً منذ عرفان
كلمات جذلة:
صنت نفسي عما يدنس نفسي وترفعت عن جبى كنت جبس
كلمات رقيقة، وإما أن تكون واضحة أو غامضة، جذلة أو رقيقة مناسبة أو غير مناسبة، بشار بن برد حينما تغزل بفتاة اسمها سلمى قال:
إن سلمى خلقت من قصب قصب السكر لا عظم الجمـــــل
وإذا قربت منها بــصل غلب المسك على ريح البصـــل
كلمة البصل والمطبخ وعظم الجمل لا تناسب موضوع الغزل فالكلمات إما أن تكون مناسبة أو غير مناسبة.
شيءٌ آخر:
ألا وهي التركيب ؛ التركيب إما أن تكون واضحة أو أن تكون غامضة، طويلة أو قصيرة، خبرية أو إنشائية، مثال التركيب الخبري.
قد جاوزا الظالمون المدى
ومثال التركيب الإنشائي.
فجرد حسامك من خمده
الأمر والنهي والاستفهام والتمني والحذف والترجي والنداء هذه من أساليب الإنشاء، أما الكلام الذي يصلح أن تقول لكاتبه صادق أو كاذب فهو الكلام الخبري، بعض التراكيب تأتي الموسيقا إما أن تكون داخلية أو أن تكون خارجية، صاخبة أو هادئة، إيقاعية أو انسيابية وفي الصناعة البديعية نحدد ما إذا كان في النص طباقاً أو جناساً ونتحدث عن كثرت هذه المحسنات أو قلتها بحسب النص، وعن كونها عفوية أو متكلفة.
أخي الطالب:
دقق في هذه النصائح، كون واضحاً في أحكامك النقدية، وادعم أحكامك بالشواهد المنتزعة من النص، وإياك والأحكام الضبابية الغائمة أو الأحكام السلبية، وإياك والعبارات التقليدية المحفوظة مسبقاً، فهي تنطبق على كل نص ولا تصلح لأي نص، وكم تكون إجابتك مسددة لو عللت هذه الأحكام، ولا تنسَ أن النقد في مفهومه الحديث يصف ولا يحكم، يحلل ولا يتهم، يعتدل ولا يبالغ، وإذا لم يكن لديك ما تقول فلا غناء في القول.
في سؤال العروض للفرع الأدبي لا بد من تقطيع البيت، ولا بد من تسمية تفعيلات التقطيعات، ولا بد من تسمية البحر.
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً
ستبدي فعول لك الأيام مفاعل، مو ما كن فعول، تجاهل مفاعل اسم البحر وحده لا يكفي لا بد من التقطيع، ولا بد من تسمية المقاطع للتفعيلات.
في سؤال المطالعة يا أخوتنا الطلاب تقاس في الطالب ثقافته الأدبية من خلال مطالعة لكتاب المطالعة المقرر، ومدى تمكنه من هذه الأفكار الأدبية، فهماً وحفظاً وتنظيماً من دون أن يكلف التقيد بعبارة المؤلف وحفظها عن ظهر قلب.
بقي علينا السؤال الكبير هو سؤال التعبير الأدبي، يا طالبنا العزيز سؤال التعبير الأدبي لا يقيس مدى حفظك للأفكار الأدبية والشواهد الشعرية التي تدعمها فحسب بل يقيس فيك القدرة على استيعاب المنهاج والاستفتاء منه بحسب ما يناسب السؤال، والربط بين فقراته التي بينها علاقات معينة والمناقشة، ويقيس فيك قوة الشخصية وثقافتك الأدبية ومتانة أسلوبك، لذلك يفضل أن تسلك في كتابة الموضوع الخطوات التالية:
أقرأ السؤال جيداً، وأعد قراءته مرة بعد مرة، ولا تنسَ أن الخطأ في فهم السؤال يذهب بك مذهباً بعيداً عن الهدف وإذا خرجت عن الموضوع كلياً خسرت علامته كلياً، إن قراءة السؤال وتفهمه جزء أساسي من الإجابة.
بعد أن تقرأ السؤال حاول أن تستخلص عناصره الرئيسة من نفس السؤال بالذات إليك هذا السؤال كمثل على هذه الفكرة.
قال أحد النقاد: اعتمد الأدباء منذ عصر النهضة وحتى يومنا هذا في إثارة الحماس القومي على التذكير بالبطولات العربية القديمة، سواء ذلك في الشعر أو في القصة أو المسرحية، ناقش هذا القول وأيد رأيك بالشواهد المناسبة.
لاحظ يا أخي الطالب أن كلمة اعتمد الأدباء منذ عصر النهضة وحتى يومنا هذا، السؤال يجب أن تستنبط إجابته من مراحل الأدب القومي المتعددة، يجب أن تأخذ فكرة التذكير بالبطولات من الأدب العثماني، وأن تأخذ فكرة التذكير بالأمجاد العربية من فترة ما بين الحربين العالميتين، وبما أن في نص السؤال كلمة سواء ذلك في الشعر أو في القصة أو في المسرحية، لا بد من تحليل قصة تاريخية، كقصة عمر بن الخطاب، المعروف أرناؤط، أو تذكر مجموعة قصص تاريخية وتعلق عليها تعليقات سريعة، ولا بد من أن تحلل مسرحية تاريخية كمسرحية طارق بن زياد لمحمود تيمور، أو أن تذكر مجموعة مسرحيات وتعلق عليها تعليقاً سريعاً، في المقدمة يجب أن تبرز دور التذكير بالماضي والبطولات في إثارة الحماس القومي، بينما في الخاتمة يجب أن تستخلص من الموضوع النتائج وأن تربطها بالسؤال.
لا تنسَ يا أخي الطالب أنه بعد أن تستنبط العناصر عليك أن تشرع في الكتابة، حاول أن تفكك هذه العناصر وأن تفرعها، كأن تربط كل فكرة بسابقتها، وأن تمهد لها ثم تشرحها وتعللها، ولا بئس من أن توازن بين فكرة وأخرى، أو أن تربطها بأصلها التاريخي، ثم نفذ للشاهد بكلام منتزع من الشاهد نفسه، ولا تنسَ أن مادة الموضوع يجب أن تكون صحيحة وافية متوازنة عميقة مدعمة بالشواهد، أما الشواهد فهي كالملح في الطعام، إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده، لا بد في الشواهد أن تكون متلاحمة مع الموضوع، وتلاحمها يكون بأن تمهد لها أو تعلق عليها بصورة منتزعة منها أو فكرة أو بعض فقراتها، بهذا تتخلص من علة قصر النفس التعبيري، وأما التنقيح فإذا قرأت أنت ما كتبت تستطيع أن تكتشف معظم أغلاطك، أقر ما كتبت.
أعزائنا الطلاب:
أرجو أن تكونوا قد أفتم من هذه التوجيهات إنها خلاصة خبرات طويلة، وأرجو لكم النجاح والتفوق وأن نراكم في العام القادم في كليات جامعية تطمحون إليها وتعتزون بها.
والحمد لله رب العالمين
ساحة النقاش