كنوز المعرفة

موقع يهتم بالنفس البشرية وسبل تنميتها

 

الشخصية هي صورة الفرد الجامعة لحياته النفسية، وما ينتج عنها من سلوك صريح ومضمر . ولها وجهان كباقي الحوادث النفسية : وجه داخلي وآخر خارجي .

وهذا انقسمت أبحاث الشخصية إلى قسمين : قسم يبحث في الشخصية الذاتية أو الآنية وقسم يبحث في الشخصية الموضوعية أو ما يسمى في الخلق والطبع .

 

·        فالشخصية الذاتية هي شعور الفرد بذاتيته ، وشعوره انه هو هو ، وانه هو نفسه واحد مهما طرأ مهما طرأ على حياته من تقدم في السن أو في الصحة أو الحياة أو في المال . فمثلاً حين اسأل , أو حينما قال ديكارت أنا أفكر إذن أنا موجود. ففي هذه الحالة اشعر بوجود ذات هي ذاتي متميزة عن غيري .

·        أما الشخصية الموضوعية فهي الأثر الحاصل في شعور شخص آخر يشاهد المظاهر السلوكي لإنسان معين ويحكم او يتعرف عليها . فمثلاً حين أقول ان احمد ابيض الوجه ، حسن القامة ، عظيم العظام ، صغير العينين ، كث الشعر ، اشهل العينين .... يسرع في مشيته إذا خلا ويبطئ اذا كان معه أصحابه ،يطيل الاطراق عند السؤال، قليل الجواب ، محب لاستماع الالحان ، معتدل في المآكل والمشارب .                                                

فهذا قول فيه وصف لشخصية احمدكما تبدو للملاحظة الخارجية . فقد ذكرنا اولاً الصفات الجسمانية ثم اهم الصفات العقلية والاجتماعية بحيث يتاح لمستمعي التعرف على شخصية احمد الموضوعية بمعرفة هذه الاوصاف او معظمها.

         فالشخصية الذاتية اذن تعرف بالشعور أي بمرآة الذات، اما الشخصية الموضوعية فتعرف بمرآة الغير .

 

والسؤال الآن : هل هذا الشعور بالشخصية الذاتية موجود منذ ولادة الطفل ام انه يتكون بالتدرج مع النمو البيولوجي والبسيكولوجي ؟ واذا كان كذلك فكيف تنبثق الانا من من تلك الفردية البيؤلوجية ، ثم كيف يتأتى للطفل ان ينتقل من تلك الحركات وردود الفعل والأفعال المنعكسة الى عملية ذهنية راقية هي الشعور بالانل وتمييزها عن عداها ؟

ان مسلمات علم النفس الطفل تدل على ان الشعور بالانا لديه ليس امراً اولياً بل نتيجة تطور تدريجي يمكن حصره في ثلاث مراحل :

1.     مرحلة اللاتغاير .

2.     مرحلة تبطين الانا الجسماني .

3.     مرحلة تبطين الانا النفساني .

 

مرحلة اللاتغاير:

في هذه المرحلة لا يوجد أي شعور بالشخصية ، لا بل ان الطفل لا يميز في هذه المرحلة بين جسمه وما يحيط به من اشياء ، كما انه لا يميز بين اجزاء جسمه حيث هي اجزاء لجسمه ، فيمص اصابع قدمه كما يمص أي شيء اخر ينبه فمه . وسميت بمرحلة اللاتغاير لان الرضيع لا يميز بين نفسه وجسده وبين ما هو مغاير لنفسه وجسده. ويلاحظ في هذه المرحلة ان الطريق الهرمي الصاعد والآخر الهابط، اللذين هما طرق الافعال الارادية ، يؤلفان طريقاً واحداً ، أي مندمجان مع بعضهما.وفي هذه المرحلة يكون شعور الرضيع بنفسه محصوراً بالاحساسات الحشوية والاخرى السطحية التي تثيرها المنبهات الخارجية، دون ان يدرك حقيقة هذه الاحساسات او مصدرها . وتستغرق هذه المرحلة الاشهر الاربعة او الخمسة الاولى.

فالجسم هنا عبارة عن جزء من العالم لا يفصله عنه فواصل مشعور بها .

 

مرحلة تبطين الأنا الجسماني :

عندما تأخذ بوادر الحركات الارادية بالظهور خلال الشهر الخامس او السادس على الاكثر أي عند انفصال الطريق الهرمي الهابط عن الطريق الهرمي الصاعد ، وابتداء نضج المراكز العصبية في اللحاء يصبح الطفل قادراً على ربط الاحساسات المختلفة، وعلى توجيه حركات يديه تبعاً للحوادث الحسية ، وخاصة البصرية منها . فكأنه بذلك استطاع ان يفصل جسده عن العالم الخارجي ، واصبح الجسم بالنسبة اليه امراً باطنياً ولذلك سميت هذه المرحلة بمرحلة تبطين الأناالجسماني .

 

مرحلة تبطين الأنا النفساني :

بعد ان يفصل الطفل جسمه عن العالم الخارجي وتتوضح امامه اقسام جسمه ويميزها عن بعضها، وبعد ان يدرك جسمه هذا ادراكاً داخلياً يصل الى مرحة ثالثة تقتضي الانسلاخ عن الجسد وعن كل شيء خارجي ووضع النفس امام نفسها . وهذه المرحلة تسمى مرحلة تبطين الأنا النفساني حيث يدرك الطفل الأنا ادراكاً داخلياً بعد ان كانت غير متميزة وغير واضحة في شعوره والذي يساعد على تحقيق هذه الغاية امور عديد منها :

·        ان الاشياء التي يعتبرها الطفل ملكاً له دون غيره كوالدته ولعبه تساعده على ادراك ذاته لانه يبدأ بفصل ما هو له وما هو لغيره .

·        ان اسم الطفل الخاص يساعده على ان يميز بين نفسه وبين الآخرين ، ففي الشهر الرابع كان يستجيب لاي نداء ، دون ان يميز بينها ، اما بعد ذلك فانه لا يستجيب الا لاسمه الخاص الذي يميزه عن غيره.

·        معرفة (( الغير )) وتمثيل الانا بالآخرين . اذ كلما ازدادت معرفة الطفل للآخرين، وكثر عدد الافعال التت يحاكيها ، وتنوعت الادوار التي يقوم بتمثيلها ازدادت معرفته بنفسه ومقدرته على تصور ذاته. فمحاولة الطفل تحقيق النومذج الذي يختاره والتشبه بالاطفال الآخرين وبالاشخاص البالغين عن طريق المحاكاة والتقليد تدفعه الى الشعور بنفسه. فمثلاً عندما يلعب الطفل لوحده لعباً قائماً على التناوب يقوم فيه الطفل بالدورين معاً كأن يوجه الضربة ثم يتلقاها ، فيصل عندئذ الطفل الى ادراك كيفية الفصل بين من يفعل وبين من يتحمل لآثار الفعل . أي ينتقل من موقف الذات الى موقف الغير او الآخر وهكذا تتحدد الذات وتعرف لديه .

·        ان المقاومات الخارجية التي تعترض الرغبات الشخصية المنبعثة من اعماق النفس تساعد على تكوين الانا النفساني ، كما ساعدت المقاومة المادية التي كان يلاقيها الطفلفي العالم الخارجي عل تكوين الانا الجسماني .

 

واخيراً لا يستطيع الطفل ان يدرك الأنا النفساني تماماً الا عندما يستطيع ان يكتشف انه قادر على اخفاء افكاره وخواطره ، فيدرك معنى ما هو صحيح وما هو كذب وما هو وهمي ، فالطفل في السابعة من عمره يتصور الحلم كأنه شيء مجسم ، ويعتقد ان الحوادث التي يراها في نومه تحدث فعلاً بالغرفة بجانب سريره ، كما انه يعتقد ايضاً ان في وسع كل شخص آخر ان يرى افكاره كما يرى وجهه واعضاءه، ولا يستطيع ان يشعر بشخصيته الذاتية الا عندما

 

 

 

 

 

 

amalabuahmad

لا حدود للأمل ... لا نهاية للعمل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 574 مشاهدة
نشرت فى 29 أغسطس 2011 بواسطة amalabuahmad

ساحة النقاش

آمال أبو احمد

amalabuahmad
موقع نفسي تربوي تعليمي يتناول كل ما يمس الجانب النفسي والاجتماعي للفرد بالدراسة والتحليل وبطرح بعض الحلول المساعدة للارتقاء بالفرد نحو حياة افضل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

97,245