موقع الشيخ / عبدالله بن فهد الواكد

خطب جمعة - دروس - محاضرات - مقالات - شعر - قصص وروايات

 

 

خطبة جمعة

 

بعنوان

 

العمل والعُمّال والعمل القسري والإتجار بالبشر

 

منقولة مع بعض التعديلات

 

عبدالله فهد الواكد

 

إمام وخطيب جامع الواكد بحائل

 

 

الخطبة الأولى

 

العمل والعُمّال والعمل القسري والإتجار بالبشر

 

الخطبة الأولى

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُـحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيراً، أَمَّا بَعْدُ عباد الله:

العملُ في طلبِ الرزقِ، مِنْ أشرفِ الأعمالِ، والبحثُ عن الحلالِ مِنْ عَمَلِ الأبطالِ، قالَ تَعالَى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ﴾ قال سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ : (عَلَيْكَ بِعَمَلِ الْأَبْطَالِ : الْكَسْبُ مِنَ الْحَلَالِ ، وَالْإِنْفَاقُ عَلَى الْعِيَالِ) وقالَ عمرُ بنُ الخطابِ : (لَأَنْ أموتَ بينَ شُعْبَتَيْ جَبَلٍ، أَطلبُ كَفافَ وَجْهِي؛ أَحبُّ إليَّ مِنْ أنْ أموتَ غازياً في سبيلِ اللهِ!).

والواجبُ على العاملِ : أنْ يتحرَّى الحلالَ، ويبتعدَ عَنْ الحرامِ ؛ فَإنَّهُ لاَ بَركةَ فيهِ، فَالرزقُ بيدِ اللهِ، وماَ عِندَ اللهِ لا يُنَالُ بِمَعصيتهِ، وَمَنْ تَرَكَ الحرامَ لِوجهِ اللهِ : عوَّضهُ اللهُ خيراً مِنهُ ؛ قالَ تعالى : ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾.

ويجبُ على العاملِ: أنْ يكونَ أميناً في عَمَلِهِ، مُرَاقِباً للهِ فيهِ، مُؤَدِّياً لهُ علَى الوَجْهِ المَطلوبِ، فَهوَ رَاعٍ عَلَى المالِ الذِي تَحتَ يَدهِ، وَهُو مَسؤولٌ عَنْهُ.

وظُلْمُ صَاحبِ العَملِ؛ لا يُسَوِّغُ للعاملِ أَنْ يُخِلَّ بِأَمانةِ العملِ، قَالَ ﷺ: (أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ).

وإتقانُ العملِ؛ مِنْ أسبابِ مَحبةِ اللهِ: قَالَ ﷺ: (إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ).

وَيَنبغِي عَلَى صَاحبِ العملِ: أَنْ يَعْلَمَ أنَّهُ مَسؤولٌ عمَّا تَحتَ يَدِهِ مِنْ العُمَّالِ، فَلاَ يَظْلِمَهُمْ، وَلاَ يُكَلِّفَهُمْ مِنْ العَمَلِ مَا لاَ يُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللهَ رَفيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، قَالَ ﷺ: (مَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدَيْهِ: فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَأَعِينُوهُمْ).

ويجبُ عَلَى صَاحبِ العملِ: ألَّا يَحْرِمَ عامِلَهُ رَاتِبَهُ الذِي أَتَى مِنْ أَجْلِهِ، قَالَ ﷺ: (أعْطوا الْأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ). وَقَالَ تَعَالَى فِي الحديثِ القُدْسِيِّ: (ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَة) وَذَكَرَ مِنْهُمْ (وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَه!).

ولا يجوزُ لصاحب ِالعملِ: تَشْغِيلُ العَمَالَةِ غَيْرِ النِّظَامِيَّةِ، أو التَّسَتُّرُ عَلَيهم ، 

وَمِنْ ظُلْمِ العُمَّالِ  ، الاتِّجارُ بِالبَشَرِ: مِنْ خِلاَلِ العَمَلِ القَسْرِيِّ، كَاستِغْلالِ الأَطْفَالِ وَالنِّسَاءِ فِي التَسَولِ وَالإِسْتِجْدَاءِ ، وَهَذَا أَمْرٌ مُشَاهَدٌ يَومِيًّا خُصُوصًا عِندَ أَبْوابِ المَسَاجِدِ ، وَمن ذلكَ إِجْبَارُ العُمَّالِ عَلى العَملِ أَطْولَ مِنَ الوَقْتِ المُعْتَادِ لِسَاعَاتِ العَمَلِ ، وَالاستِهَانَةِ بِهِمْ وَبِإِنْسَانِيَّتِهِمْ ، ُكُّل ذلكَ مُحرمٌ شَرعاً ،  وَمَمْنُوعٌ عُرفاً وَنِظَاماً ، وَإِخْلَالٌ بِالأَمْنِ، وَأكلٌ لِلمَالِ بِالبَاطِلِ، وَرُبَّما سَلَكَ بَعضُهُمْ طُرُقاً مُلتَويةً لِكَسبِ المَعَاشِ، وَأَضَرَّ بِغَيْرِهِ؛ قَالَ تعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾.

بَارَكَ اَللَّهُ لِي وَلَكَمَ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنْ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكَمَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمِ.

 

 

 

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ، وَالشكرُ لَهُ عَلى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ، وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ تَعْظِيماً لِشَأَنِهِ، وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلمَ تسليماً كثيراً، أَمّا بَعدُ عباد الله:

ينبغي على العاملِ وصاحبِ العمل أنْ يَعْلَمَا أنَّ كُلَّاً منهما مسؤولٌ عَمَّا تحتَ يَدِه، ومسؤولٌ عنْ أداء الحقوق التي عليه يومَ القيامة، قال ﷺ: (أَلا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ).

كما يجبُ على العاملِ وصاحبِ العملِ، أنْ يُوْفُوا بالعهودِ، وَلا يُخِلُّوا بالشروطِ، ولا يتحايلوا على الشرعِ والنظامِ، قالَ ﷺ: (الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ).

ألا وصَلُّوا وسلِّموا على خيرِ خلقِ اللهِ، كما أمركم اللهُ بذلكَ بقولِهِ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)، وكما قال صلى الله عليه وسلم في سُنته: (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا) .

اللهم صل وسلم على محمد

 

التحميلات المرفقة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 16 مشاهدة
نشرت فى 6 يناير 2020 بواسطة alwakid

ساحة النقاش

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عبدالله بن فهد الواكد

alwakid
إمام وخطيب جامع الواكد بحائل - المملكة العربية السعودية »

عدد زيارات الموقع

64,248