يقال يُؤسَفُ عليه ويُؤْسَفُ له فيخطِّئ البعض من يقول: هذا مما يُؤسفُ له. ويقولون إن الصواب هو: هذا مما يُؤسفُ عليه، اعتماداً على قوله تعالى في الآية 84 من سورة، يوسف: "قَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ" وعلى قول الشاعر:

 

غير مأسوف على زمـــــــنٍ ينقضي بالهـــــــمِّ والحَزَنِ

 

وعلى قول البحتري:
كَلِفٌ يُكَفْكِفُ عبرةً مُهراقةً أسفاً على عهد الشباب وما انقضى وعلى قول عفان بن شرحبيل التيمي:
أحببتُ أهلَ الشامِ مِن بين الملا .. وبكيتُ مِن أسَفٍ على عثمانِ وعلى ما جاء في كتاب للإمام علي إلى ابن عباس:
"فليكن سرورُك بما نلتَ مِن آخرتِك، وليكن أسفُك على ما فاتك منها". ولكنْ رُوي في نوادر أبي علي القالي، عن أبي عبيدة في قصة أبي دهبل الجُمَحي، جاء في آخرها: "فوجد زوجتهُ الثانية قد ماتت حُزناً عليه، وأسفاً لفراقه"، وجاء في طوق الحمامة قول أحد الشعراء:

فيا عجباً مِن آسفٍ لامــــرئ ثوى

ومـــا هو للمقتول ظلماً بآسفِ
وانفرد المعجم الوسيط بقوله: أسِفَ له: تألَّمَ ونَدِمَ.

وجاء في المعجم الكبير للمجمع اللغة العربية في القاهرة: "أسِفَ له أسفاً وأسافةً: تألَّمَ وندِمَ"، واستشهد بقول مِهْيار:

أسِفْتُ لحلمٍ كـــان لي يومَ بارقٍ

فأخرجه جهلُ الصَّبابةِ من يدي
ونحنُ لا نستطيع الاعتماد على قول شاعر طوق الحمامة؛ لأنّ الضرورة الشعرية قد تكون السبب في الإتيان بـ (اللام) بعد (آسِف)، بدلاً مِن (على). ولكننا نعتمد على قول المعجم الكبير وأبي علي القالي. ونعتمد أيضاً على رأي ابن جني، الذي أفرد بحثاً رائعاً في الخصائص عن استعمال الحروف بعضها مكان بعض، يُجيز لنا أن نقول: أسِفَ عليه وأسِفَ له. يقال في اخْتصِاصِ الشيْء ِبِبِعْض مِنْ كُلِّهِ سَوَاد العَيْن، وسُوَيْدَاءُ القَلْب، ومُحُّ البَيْضَة، ومُخُّ العَظْمِ، وزُبْدَةُ المَخيض، وسُلافُ العَصِيرِ، وقُلْبُ النَّخْلَةِ، ولُبُّ الجَوْزَةِ، ووَاسِطَةُ القِلاَدَةَ.

يقول ابن دارج القسطلي:

وما أسفي إلا على فـــــــوت رتبة

عهدتك فيها ناديا أو مناديــــــا

وكون مكاني من سمائك عاطــلا

ولولا مكاني الدهر ما كــان حاليا

أبو العلاء المعري:

لقد أسِفتُ، ومـــاذا ردّ لي أسفي

لمّا تفكّرْتُ في الأيــــــّامِ والقِدَم؟

في العُدْمِ كنّا، وحُكمُ اللَّهِ أوجدنا

ثمّ اتّفَقنا على ثــــــانٍ من العَدَم

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 100 مشاهدة

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,308,280