قراءة قسمات الوجه عصية على الجسور وسهلة على الخجول
قد يبدو الشخص الخجول أكثر تردداً وأقل جرأة في النظر إلى عينيك مباشرة، لكن قدرته على تمييز تعابير الوجه وحسن قراءتها تفوق قدرة الجرئ.
فقد كشفت دراسة جديدة شارك فيها طلبة بالغون أن الأشخاص الخجولين يملكون قدرة أكبر على قراءة قسمات الوجه، والتعرف إلى ما تعبر عنه من مشاعر حزن أو خوف أو قلق أو فرح، مقارنة بأولئك الذين يملكون قدراً أكبر من الجرأة والجسارة.
وتقول الدكتورة لورا جريفيز أوهيفر من جامعة جنوب إلينوي إن هذه النتائج كانت مفاجئة جداً لها وللباحثين الذين عرضتها عليهم في اجتماع الجمعية الأميركية للطب النفسي الذي عُقد مؤخراً في مدينة أورلاندو بفلوريدا، علماً أن دراسة سابقة كانت قد وجدت أن الشخص الخجول يميل إلى سوء تأويل تعابير الوجه بسبب عدم إطالته النظر في وجوه الآخرين. غير أن هذه الدراسة كانت قد أُجريت على الأطفال فقط، متناسية أن القدرة على قراءة تعابير وجوه الآخرين تتغير مع الوقت والعمر.
وتفيد الدكتورة لورا أن نتائج الدراسة الجديدة تمثل نقلة إيجابية في صفة الخجل والحياء التي طالما اعتُبرت نقيصة، أو صفة سلبية في شخصية كل فرد.
وتضيف لورا «كنا نميل إلى الاعتقاد أن الأشخاص الأكثر حياءً وخجلاً سيكونون على الأرجح أقل قدرة على فك طلاسم القسمات التي ترتسم على وجه كل شخص فتكشف خباياه الداخلية، لكن نتائج الدراسة الجديدة نسفت اعتقادنا هذا. فهي تفيد أن الشخص الخجول له نقاط قوة غير موجودة لدى الشخص الجسور».
وقامت لورا خلال الدراسة بتحليل بيانات 241 طالباً وطالبةً يصل معدل أعمارهم إلى 19 سنة، وعرضت عليهم 110 صور وجوه وطلبت منهم قراءة تعابير كل وجه من تلك الوجوه، وما إذا كان الشعور الذي يعبر عنه كل وجه هو فرح، أم حزن أم خوف أم تقزز أم غضب، أم إحساس محايد.
وللتعرف إلى مدى خجل كل مشارك في الدراسة، سألت لورا المشاركين عما إذا كانت بعض العبارات والجمل صحيحة أم خاطئة، وذلك من قبيل «أشعر بتوتر عند وجودي مع أشخاص لا أعرفهم»، و«أجد صعوبة في الاستفسار عن شيء ما أو طلب معلومة ما»، و«لا أشعر بالارتياح عند حضوري حفلات أو سهرات».
وقد كان معظم المشاركين في الدراسة قادرين على التعرف إلى تعابير الوجه جيداً، إذ تمكن 81% من أن يقرؤوا بدقة تعابير كل الوجوه التي عُرضت عليهم. ولاحظت لورا أن الأشخاص الأكثر خجلاً كانوا أكثر دقة وقدرة على التعرف إلى الوجوه المعبرة عن الحزن والخوف، مقارنة بأقرانهم من الأشخاص الأقل خجلاً.
وعندما سُئلوا عن نوع المشاعر التي اعترتهم خلال مشاركتهم في الدراسة، قال الطلبة الخجولون إن أمزجتهم كانت سيئة. وترى الدكتورة لورا أن ذلك قد يفسر جزئياً نتائج الدراسة، باعتبار أن الأشخاص سيئو المزاج يميلون إلى رؤية ما يحيط به من أشياء بمنظار سلبي، والعكس صحيح.
ومن المحتمل أيضاً أن يكون التعرف إلى تعابير الوجوه الخائفة والحزينة ميزة يتمتع بها الخجولون أكثر من الجسورين. وتُردف لورا أنه إذا كان الأشخاص الخجولون يرصدون العواطف السلبية التي تظهر على وجوه الناس أكثر من غيرها، فإن ذلك قد يجعلهم أكثر شعوراً بالخجل.
ما يجعلهم ربما يقللون مدة النظر إلى وجوه الآخرين. ولكن لورا تؤكد في الوقت نفسه أن نتائج الدراسة تُبين فقط وجود علاقة تربط بين الخجل وتعابير الوجه، ولا تجزم بوجود علاقة سبب وأثر ثابتة.
ونظراً لأن هذه الدراسة أُجريت على الإنترنت، يبقى من غير الواضح إلى أي مدى تعكس نتائجها الواقع اليومي المعيش. ولذلك تقول لورا إنها ستُجري دراسة أخرى تقوم فيها بالتواصل مع المشاركين وجهاً لوجه، وتُطلعهم على صور وجوه عبر تسجيلات فيديو أكثر تفاعلية، حتى تكون نتائج دراستها لصيقة ووثيقة أكثر بمواقف الحياة اليومية.
ساحة النقاش