قال الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية، أنه إذا أقر الدستور الذى يوافق عليه الشعب، بإعادة الانتخابات الرئاسية فسألتزم بذلك، وأن مخاوف البعض من التيارات الإسلامية هو طبيعة المرحلة الحالية، وأضاف إنه إذا أكلنا مما نزرع ولبسنا مما نصنع فإن قرارنا سوف يكون بأيدينا ولا تأثير لأحد علينا.
جاء ذلك في أول حوار له مع التليفزيون المصري فى برنامج "موعد مع الرئيس" الذي أذيع الليلة على التليفزيون المصري: "كان الإحساس الذي يسيطر عليّ هو حجم المسؤولية التي لا تجعلني أنام قرير العين"، مشيرًا إلى أنه يحمل أمل الشعب المصري والمتمثلة في الوطن والأرض.
وقال مرسي :" أنا لا أتدخل في وضع الدستور، وأن الجمعية التأسيسية بمكوناتها المختلفة حتى الآن تقوم بهذا الدور".
وأوضح أن الجمعية التأسيسية ستضع المسودة الأساسية التي سيجرى عليها حوار مجتمعى واسع ثم يتفق على شكل نهائى بحرية تامة، ثم يكون مشروع الدستور الذى يعرض على الشعب للاستفتاء فإذا أقره أصبح دستوراً وحينئذ يصبح واجب الاحترام فما يأتى به هذا الدستور أنزل عليه وأحترمه وأطبقه حتى يتحقق مفهوم الدولة الدستورية.
وتابع: "أنا على يقين بأننا قادرون على تحقيق تطلعات الشعب المصري، وعلمي بإرادة الشعب المصري وجهده يجعلني أثق في قدرتنا على تحقيق أهدافنا وإن كانت تحتاج بعض الوقت"، مشيرًا إلى أنه عندما يقول إنها تحتاج الآمال لبعض الوقت لا يقولها تسويفا وإنما يقولها من منطلق إدراكه بالمشكلة.
وأشار إلى أن مصر قادرة على تحقيق غدا أفضل، متعهدًا بأن يلقى الشباب فرصا للعمل حقيقية في كل المجالات التعدين والسياحة والصناعة وغيرها.
ولفت إلى أن يوم التنحي كان هناك نحو 20 مليون مصري في الشارع وأنه لم يكن هناك بيت في مصر لم يشارك أحد أبنائه على الأقل في الثورة، وسقط الشهداء والمصابون، وكان كل هذا وقودا للثورة وتحقيق الحرية وخلق حالة جديدة في مصر لإعلاء قيمة الحرية والإرادة الشعبية.
وأضاف: "الشعب المصري دفع ثمنا باهظا للثورة في كل مجال في التعليم والصحة وغيرها"، مشيرًا إلى أن الشعب المصري دفع الثمن طوال 30 إلى 40 عاما.
وأوضح مرسي أن تزوير انتخابات مجلس الشعب 2010 كان القشة التي قصمت ظهر البعير، مشيرا إلى أن المفسدين الذين احتكروا الثروة كان لا يتجاوز عددهم 32 عائلة فقط.
وشدد على أن التحدي الأكبر الذي يواجه مصر هو تحقيق معدلات مرضية للتنمية، مؤكدًا أن التنمية لن تتحقق إلا بالاستقرار الذي تحقق بشكل نسبي.
وتابع : "بالفعل مصر الآن دولة ديمقراطية.. دولة سيادة الشعب تجلت في أوسع معانيها في الانتخابات البرلمانية السابقة وكذلك الانتخابات الرئاسية، موضحا أنه يسعى لتحقيق الدولة الدستورية من خلال دعمه للجمعية التأسيسية دون تدخل في إنجاز الدستور الدائم لمصر.
وأوضح أن مخاوف البعض من التيارات الإسلامية هو طبيعة المرحلة، مشيرا إلى أنه لا مجال لهذه المخاوف لأن الحريات العامة مضمونة والحكم هو الصناديق.
وعن إمكانية إجراء انتخابات رئاسية بعد وضع الدستور، أكد أن ذلك من اختصاص الجمعية التأسيسية، مشيرا إلى أنه لا يتدخل في عمل الجمعية التأسيسية وإذا أقر الدستور الذى يوافق عليه الشعب ذلك فأنا سألتزم به.
وبشأن الأولويات قال مرسي: "هناك أولويات بالطبع المرور والقمامة والأمن"، مشيرا إلى أن ذلك لا يعني عدم وجود خطة وأولوية لإصلاح الصحة وخفض الأسعار وتحقيق المعادلة بين الدخول المتمثلة في الأجور والنفقات التي تحتاجها الأسرة.
واعترف مرسي بأن مصر شهدت معدلات استثمار مرتفعة خلال الفترة الأخيرة من حكم الرئيس المخلوع، مشيرًا إلى أن الكارثة كانت في الفساد الذي احتكر عوائد الاستثمار لحسابه.وأضاف: "كما أن موارد مصر كبيرة ولكن كان يساء استخدامها ودورنا الآن هو الاستخدام الأمثل لهذه الموارد".
وأكد أن مصر تحتاج إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبيية إلى جانب منح المستثمرين المصريين إلى تحقيق معدلات كبيرة ومرتفعة من الاستثمارات، مشددًا على أن مصر قادرة على تحقيق مشروع النهضة التي وضعته الحكومة لإصلاح المنظومات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المختلفة.
وأشار إلى أن هناك تغييرات تمت بالفعل من خلال التغيير في الأجهزة الرقابية والأجهزة الحكومية وكافة مؤسسات الدولة، مشيرًا إلى أن النظام السابق ترك تركة ثقيلة من الفساد تحول مصر التخلص منها.
وحول ملف التعليم قال مرسي: "التعليم يحتاج إلى نظرة شاملة وهو ما يفعله الآن الوزراء والحكومة بكاملها وخاصة أن مصر تحتاج إلى إعادة هيكلة النظام التعليمي سواء على المستوى ما قبل الجامعي أو المستوى الجامعي".
وأضاف: "لدينا هيكل لمنظومة التعليم جيدة ولكن ما نأمله أن نصل بالتعليم إلى مستوى يكون فيه الشخص المصري قادرا على منافسة خريجي أعظم الدول تعليما".
وتابع: "يرتبط بالتعليم أكثر من 60 مليون مواطن مصري وذلك من خلال أننا لدينا نحو 18 مليون شخص في مراحل الدراسة المختلفة بالإضافة إلى 2 مليون معلم وأستاذ إلى جانب 2 مليون يعملون بصلة بهذا الحقل، أيضا 2 مليون في المجمل 22 مليون شخص ينتمون إلى منظومة التعليم"، مشيرا إلى أن يرتبط بكل شخص من هؤلاء 3 أشخاص في المتوسط.
وأقر مرسي بأن ما ينفق على التعليم في المتوسط من الأسر والدولة والقطاع الخاص والأهلي يزيد على 100 مليار جنيه، مشيرا إلى أن هذا الإنفاق يحتاج إلى زيادة واقتطاع جزء كبير من الموازنة لحساب منظومة التعليم.
وأكد أنه يؤمن بأن الأسرة المصرية تتحمل كثيرا فوق كاهلها لتوفير المال اللازم من أجل تعليم أبنائها، مشيرا إلى أن ذلك يحتاج لتطوير منظومة التعليم.
وناشد مرسي القطاع الخاص القائم على بعض المؤسسات التعليمية، أن تراعي الظرف الراهن الذي تمر به مصر، مطالبا المعلمين بالصبر وتعهد بتحسين تدريجي لأحوالهم المادية خلال الفترة المقبلة.
وتعهد مرسي برفع كبير لموازنة التعليم خلال الموازنة المقبل 2012 و2014 والتعامل مع ظاهرة الدروس الخصوصية وكذلك العمل على دعم الأسر التي تعلم أبناؤها في المدارس والجامعات الخاصة.
وحول العشوائيات قال مرسي: "ليس كل العشوائيات مثل بعضها"، مشيرا إلى أن هناك عشوائيات يسهل تطويرها ولكن هناك عشوائيات يصعب تطويرها وتتم دراسة سبل تحسين الوضع فيها مع ممثل هذه المناطق العشوائية.
وأضاف: "هناك بعض المناطق يصعب فيها توصيل الغاز الطبيعي ولا يمكن مدها بالخدمات الكهربائية كي لا يتم التحميل على شبكة الكهرباء فيعاني المواطنون قطع الكهرباء، وأتعهد بالعمل على إجاد حلول لهذه الأمور".
وتعهد مرسي بأنه لن يترك فاسدا في موقعه، مشيرا إلى أنه يسعى بكل قوة مع أجهزة الرقابة لتحجيم الفساد و"قصقصته" من جذوره.
وأكد أن الفاسدين لا يمكن تقدير أعدادهم بالآلاف أو بالمئات لأن الشعب المصري خير بطبيعته ويكره الفساد، مشيرا إلى أن مشكلة مصر كانت في فساد القمة وليس القاعدة العريضة.
وتابع: "عندما فسدت الرأس فسد جزء، ولكن هذا الجزء يمكن إصلاحه وتحجيمه والقضاء عليه"، متعهدا بعدم ترك فاسد في موقعه وعدم محاسبته عن فساده.
وتابع: "الفاسدين مكانهم السجون "، مشيرا إلى أنه لا يريد ولن يلجأ لاستخدام إجرائات استثنائية لمحاسبة الفاسدين لأن الإجرائات الاستثنائية تضر أكثر مما تنفع ولكن سيتم ملاحقتهم بالقانون الناجز والرادع.
ونوه إلى أن أجور العاملين بالدولة ارتفعت من 126 مليار إلى 136 مليار في الموازنة الجديدة، مشيرا إلى أن الاحتجاجات الفئاوية يقدرها ويتابعها "واحدة واحدة " ولكنه يحذر في ذات الوقت من أن هذه الاحتجاجات قد تؤثر سلبا على معدلات التنمية.
وكشف أن حجم الدين يعادل 25 في المائة من إجمالي المصروفات التي تصل لنحو 539 من موازنة الدولة هذا العام، والتي كانت نحو 450 مليار في الموازنة السابقة، مشيرا إلى أن حصيلة الضرائب انخفضت بنحو 25 مليار لأن الناس عجزوا عن السداد.
وتعهد بتلبية الجزء الأكبر من هذه المطالب الفئوية خلال الموازنة المقبلة، مشيرا إلى أن الشعب المصري سيشعر بعوائد التنمية خلال عامين على الأكثر من خلال المشروعات الاقتصادية المختلفة في كافة المجالات.
ونوه إلى أن إنتاج القمح تزايد هذا العام بشكل كبير رغم أن المساحة المزروعة هي نفسها لم تتغير وكذلك زاد إنتاج الأرز، مشيرا إلى أن الحكومة راعت ذلك ورفعت ثمن الأرز والقمح من أجل المواطن المصري.
وانتقل مرسي بالحديث إلى قرارات 12 و18 أغسطس الماضي الخاصة بإقالة المشير طنطاوي والفريق عنان وعدد من قيادات القوات المسلحة السابقين، مشددا على أنه استخدم الصلاحيات التي خولها له الشعب المصري وأن هذه القرارات لم يكن مقصودا بها التعدي على مؤسسات أو أشخاص أو جهات.
وأضاف: "عندما شعرت بأن الشعب المصري التف حول هذه القرارات ودعمها أشعر بالفخر لأنني اتخذتها".
وأكد أن القوات المسلحة قامت بدورها في حماية الثورة وما زالت تقوم بدورها في حماية الأمن القومي المصري، مشددا على أن القوات المسلحة حملت الأمانة وأدارت المرحلة الانتقالية حتى سلمت الأمانة.
وأعاد التأكيد على أن هذه القرارات كان الهدف منها رفعة شأن مصر ولم تكن موجهة ضد أي شخص، مشيرا إلى أنه يقدر كل فرد في القوات المسلحة.
وأكد أنه ضم سلطة التشريع له لحماية هذه السلطة وعدم استخدامها من أي طرف بشكل سيئ، مشيرا إلى أن استخدامه لها كان في أضيق الحدود "مرتين فقط"، الأولى بإعطاء طلاب المرحلة الثانية من الثانوية العامة الحق في الاختيار بين نظامي الثاوية العامة القديمة والجديدة، والثانية خاصة بالرعاية الصحية.
ساحة النقاش