أحمد مراد - ظل الإمام أبو بكر بن العربي طوال حياته مخلصا لدينه وأمته، وفي مؤلفات عدة حاول أن يجدد للأمة الإسلامية شبابها، حيث صنف، وجمع، وفي فنون العلم برع، وإلى جانب هذا كله كان فصيحا بليغا.

يقول د. منصور مندور- من علماء الأزهر الشريف-: القاضي ابن العربي هو الإمام العلامة أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن العربي الأندلسي الإشبيلي، ولد في شهر شعبان سنة 468هـ في أسرة علمية ذات صلات وطيدة مع المعتمد بن عباد حاكم إشبيلية، رحل مع أبيه إلى العديد من المدن الإسلامية لتلقي العلم، فأخذ في بغداد عن طراد بن محمد الزينبي، وأبي عبد الله النعالي، وأبي الخطاب بن البطر، وجعفر السراج، وابن الطيوري، وفي دمشق أخذ عن الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي، وأبي الفضل بن الفرات، وطائفة، وفي بيت المقدس أخذ عن مكي بن عبد السلام الزميلي، وفي الحرم الشريف أخذ عن الحسين بن علي الفقيه الطبري، وفي مصر أخذ عن القاضي أبي الحسن الخلعي، ومحمد بن عبد الله بن داود الفارسي.كما تفقه على أيدي الإمام أبي حامد الغزالي، والفقيه أبي بكر الشاشي، والعلامة الأديب أبي زكريا التبريزي.

وذكر أبو القاسم بن عساكر أنه سمع بدمشق-أيضا- من أبي البركات بن طاوس، والشريف النسيب، وأنه سمع منه عبد الرحمن بن صابر، وأخوه، وأحمد بن سلامة الأبار، ورجع إلى الأندلس في سنة إحدى وتسعين وأربع مائة.

 

صفاته

 

ويشير د. منصور إلى أن ابن العربي كان ثاقب الذهن، عذب المنطق، ولي القضاء بإشبيلية فاشتد على المفسدين والفاسقين، وكان أهلها منذ أيام المعتمد بن عباد يغلب عليهم الترف والبطالة، فاشتد عليهم وتفنن في تأديبهم، فثقل على الحاكم والمحكومين، فعزل من منصبه وأقبل بعدها على نشر العلم وتدوينه، وصار ذلك دأبه حتى بلغ درجة الاجتهاد عند كثير من أهل العلم.

ويضيف د. منصور: وقد ترك ابن العربي مصنفات ومؤلفات كثيرة أشهرها تفسيره الرائع «أحكام القرآن» والذي بنى على أساسه القرطبي تفسيره الشهير، وله كتاب بعنوان «عارضة الأحوذي» في شرح سنن الترمذي، وله كتاب «العواصم من القواصم» الذي أعاد به للصحابة مكانتهم العالية، وغصت بهذا الكتاب حلوق كل كاره ومنغص لخير البشر بعد الأنبياء والمرسلين، بالإضافة إلى عدة كتب أخرى مثل «كوكب الحديث والمسلسلات» وكتاب «الأصناف» في الفقه، وكتاب «أمهات المسائل»، وكتاب «نزهة الناظر» وكتاب «ستر العورة» و«المحصول في الأصول» و«حسم الداء في الكلام على حديث السوداء».

وحدث عنه مجموعة من العلماء والأئمة أمثال عبد الخالق بن أحمد اليوسفي الحافظ، وأحمد بن خلف الإشبيلي القاضي، والحسن بن علي القرطبي، وأبو بكر محمد بن عبد الله الفهري، والحافظ أبو القاسم عبد الرحمن الخثعمي السهيلي، ومحمد بن إبراهيم بن الفخار، ومحمد بن يوسف بن سعادة، وأبو عبد الله محمد بن علي الكتامي، ومحمد بن جابر الثعلبي، ونجبة بن يحيى الرعيني، وعبد المنعم بن يحيى بن الخلوف الغرناطي، وعلي بن أحمد بن لبال الشريشي.

مآثره

وقال عنه ابن النجار: حدث ببغداد بيسير، وصنف في الحديث والفقه والأصول وعلوم القرآن والأدب والنحو والتواريخ، واتسع حاله، وكثرت أفضاله، ومدحه الشعراء، وعلى بلده سور أنشأه من ماله. وقد ذكره الأديب أبو يحيى اليسع بن حزم، فبالغ في مدحه، وقال: ولي القضاء فمحن، وجرى في أعراض الإمارة فلحن وأصبح تتحرك بآثاره الألسنة، ويأتي بما أجرأه عليه القدر، وما أراد إلا خيرا، نصب السلطان عليه شباكه، وسكن الإدبار حراكه، فأبداه للناس صورة تذم، وسورة تتلى لكونه تعلق بأذيال الملك، ولم يجرِ مجرى العلماء في مجاهرة السلاطين وحزبهم ؛ بل داهن، ثم انتقل إلى قرطبة معظما مكرما حتى حول إلى العدوة، فقضى نحبه.

وكان ابن العربي معارضا للدولة الموحدية، رافضا آراءها وعقيدتها الاعتزالية، ومن أجل ذلك حمل إلى المغرب حيث مدينة فاس للضغط عليه وانتزاع الموافقة والبيعة منه، خاصة وأنه من كبار علماء الأندلس، وفي مدينة فاس وافته المنية في 6 ربيع الأول سنة 543هـ ودفن بها.

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 94 مشاهدة

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,281,666