طالب الشحي
كل عام وأنت بخير...
مع نهاية الشهر الفضيل تمتزج مشاعر الفرح والحزن فمشاعر الحزن ظاهرة لقرب انصرام هذا الشهر الفضيل ولما فيه من الشعائر الإيمانية والأجواء الروحانية التي تبهج القلب وتسر الفؤاد، من اجتماع لصلاة وتلاوة للقرآن الكريم وتسارع لإفطار الصائمين ومساعدة المحتاجين.
ويعظم الفرح مع الحديث الذي رواه أبو هُريرةَ رضيَ اللهُ عنه قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُما. إذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ. وَإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ». فديننا الحنيف دين السعة والاعتدال والتيسير شرع لنا في ختام هذا الشهر أن نظهر الفرح والسرور ليعطي للنفس ما جبلت عليه من حب التمتع بالدنيا مع التقيد بضوابط هذا الفرح. يقول الله عز وجل: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ).
وتتجلى مظاهر الفرح في أول يوم بعد شهر الخير فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قدم رسول الله المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال:(ما هذان اليومان؟، قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله: إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما، يوم الأضحى ويوم الفطر) رواه أبو داود
فالفرح في هذا اليوم مطلوب. فمنه إدخال الفرح والبهجة على الأهل والأولاد والمقربين ويدل عليه قول عائشة رضي اللهُ عنها قالت:«دخلَ أبو بكرٍ وعندي جاريتانِ من جَواري الأنصارِ تُغَنِّيانِ بما تقاوَلَتِ الأنصارُ يومَ بُعاثَ، قالت: وليستا بمغَنِّيتَينِ. فقال أبو بكر: أَمَزاميرُ الشيطانِ في بيتِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ وَذلك في يومِ عيدٍ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر، إِنَّ لكل قومٍ عيداً، وَهذا عيدُنا». ومنه التمتع بأكل الطيبات وشراء ما تحبه النفس من الملبس وغيره فإن الله جميل يحب الجمال . ومنه إدخال الفرح والسرور على قلوب الفقراء والمساكين فما شرعت صدقة الفطر إلا تطهيرا لنفس الصائم ولإيجاد الفرح في قلوب الفقراء والمساكين.
ولكن مما ينبغي التنبيه إليه أن هذا الفرح يصبح مذموما إن كان فيه تضييع للفرائض وارتكاب للمحرمات وانتهاك للأعراض وإيذاء الآخرين ببعض السلوكيات.
ويكون الفرح مذموما إن لم تراعَ فيه ضوابط الإنفاق في شراء الملبس والمطعم وغير ذلك مما تحبه النفس وتهواه. فالبعض يظن أن من مظاهر الفرح في العيد التوسعة على النفس والأهل والأبناء والأصحاب دون ضابط ولا قيد فأصبح الإنفاق إسرافاً وتبذيراً.
ويكون الفرح مذموماً في الترويح عن النفس وإدخال البهجة إلى القلب بشراء واستخدام المفرقعات النارية دون النظر إلى الحكم الشرعي في بيع وشراء هذه المفرقعات وما يترتب عليها من تضييع للأموال وإيذاء للأبدان وإزعاج للآخرين. وليعلم كل بائع ومروج لها أنه داخل في الإثم والمال المكتسب منه محرم.
ساحة النقاش