طالب الشحي

مع نهاية شهر مضان الفضيل، يودع المؤمنون الصائمون هذا الشهر بعبادة جليلة وقربة عظيمة، فيها من الخير العميم للصائمين، يبين ذلك لنا ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: “فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين”، رواه أبو داود وابن ماجة.

فزكاة الفطر طهرة للصائم من بعض الأعمال والأقوال التي في الغالب لا يخلو من الوقوع فيها، من الخوض في لغو الكلام أو التقصير في بعض الأعمال الصالحة المرغب بها، أو ارتكاب ما نهى الله عنه، فجميعها تنقص ثواب الأعمال وتخرق الصيام.

وهي طعمة للمساكين، وذلك أن مع اقتراب العيد يفرح المسلمون بهذا اليوم، وحتى تعم الفرحة الجميع شرع الله زكاة الفطر إغناء لهم عن السؤال، والذي فيه ذل وهوان في اليوم الذي هو فرح وسرور، فعن أنس رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: “ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر”، أخرجه أحمد.

وهنا وقفات مع قول ابن عباس رضي الله عنهما في زكاة الفطر:

الأولى: من الصائمين من أدرك حقيقة هذا الطهر، فتراه مع نهاية هذا الشهر الفضيل قد حقق قول الله تعالى (لعلكم تتقون) فهو أكثر إيماناً وعملاً للخير والبر، فتراه في باب الطاعة مقبلاً ومكثراً وفي تعامله مع الآخرين أكثر مودة وحسناً، فهذا موعود بالمغفرة والرحمة والعتق من النار.

الثانية: ومنهم من قد غفل عن إدراك معنى التقوى والطهر، فهو يتربص انتهاء الشهر ليتسنى له الرجوع إلى ما كان يعمله من المنهيات والسلوكيات، فما كان من صيامه إلا الجوع والعطش ولم يكن من قيامه إلا السهر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر”.

الثالثة: من استغل حاجة الآخرين في شهر الخير، فالبعض هداه الله رأى إقبال الناس لشراء مؤنة رمضان أو شراء ما يلزم لاستقبال العيد والفرح بيومه، فيقوم باحتكار بعض السلع وزيادة سعر البعض الآخر، قد أعماه حب المال عن التطلع إلى إيجاد الطهر في نفسه وملاحظة الأخلاق العالية التي وصانا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: “رحم الله رجلاً، سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى”، (رواه البخاري).

ولربما قام البعض ببيع ما فيه ضرر على الناس، متناسياً الحكم الشرعي في بيع ما فيه ضرر على الآخرين، ومتغافلاً ما أصدرته المؤسسات المعنية في الدولة من منع بيع تلكم المفرقعات التي تسبب الضرر لأبنائنا. فعلينا مع أعتاب نهاية هذا الشهر الكريم أن نحقق المعاني الرائعة التي فيها صلاح لنا في دنيانا ورحمة لنا في أخرانا.

 

المصدر: الاتحاد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 88 مشاهدة
نشرت فى 18 أغسطس 2012 بواسطة alsanmeen

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,281,051