تقرير: سناء المير
الزواج من منا لم تحلم بفستان أبيض، قبل حتى أن تجد فارس أحلامها، وكانت تتمنى أن يتسارع الوقت، لتلتقي به في القفص الذهبي وهل هو يا ترى قفص؟ أم إنتقال إلى حياة مليئة بالحب؟ وهل هذا القفص ذهبي، أم يملؤوه الصدأ؟
طرحنا سؤالنا على العديد من الأزواج، هل تغيرت نظرتهم للزواج قبل وبعد الدخول في القفص الذهبي..
تقول عبير مدرسة المعلوماتية، تعرفت إلى زوجي، وكنت أتكلم عنه أمام الأخرين كمن يتكلم عن ملاك، مشوارنا بدأ جميلا رومانسياً ، ولكن الحياة بدأت تضع العراقيل، فبدأت عربتنا تترنح مصدومةً بالواقع الجديد و المستجد ( صعوبات مادية و مهنية ) ومع ولادة ابننا الأول ومن ثم الثاني ، الصعوبات جاءت لتردنا إلى الحقيقة ، إلى الواقع و تترك أثارها السلبية على حياتنا وعلى علاقتنا التي شابها بعض المنغصات ، وبدأت تظهر عيوب كنت أتعامى عنها ، كادت هذه العيوب و المنغصات تدمر حياتنا ، خصوصاً عندما وجدت بأنني كنت حالمةً رومانسية كثيراً ، و أنني أتغاضى عن الكثير من العيوب و الأخطاء ، خوفاً من المجتمع وشماتة الناس. ما قبل الزواج يختلف كلياً عما في بداياته و ما بعده وما ينضوي في خباياه .
استمراري في الزواج هو إحدى التحديات التي أواجه بها أحلامي وغرائزي وطموحاتي ، ولتحقيق التوازن النفسي و المادي ، وتضحية لابد منها من أجل أولادي و مستقبلهم ، و زوجي الرجل الذي هذبته الحياة متجاوزاً الحالة الذكورية إلى الحالة الإنسانية ( نسبياً ) و هو يقف إلى جانبي الأن كشريك ويقرأ ما أكتب وأحياناً يتقمصني.
أما بالنسبة لأمل الحايك وهي أيضا مدرسة وربة منزل ،قد حلمت بالزواج من الشخص الذي احبته كثيرا،أثناء دراستها الجامعية ، واعتبرت الزواج هو تتويج للعلاقة الطويلة. تقول أمل جمعنا الحب واللحظات الجميلة، كنا كالعصافير تجمعنا الحدائق والشوارع والمقاهي . كانت كل أحلامنا تتعلق بالزواج والأطفال والبيت الذي سيجمعنا. كنا نرى الزواج مفتاح للسعادة المنتظرة، واخيرا تزوجنا وانتهينا من مرحلة الاحلام . الحلم أصبح حقيقة، واخاف ان اصرح بان الحلم كان اجمل بكثير من الحقيقة، لكن يمكنني ان اقول باننا لم نكن ندرك ماينتظرنا في مرحلة مابعدالزواج، ينتظرنا الكثير من المسؤوليات والحياة الجدية، العمل والتفكير من اجل المستقبل، انجبنا طفلين واصبحا هم كل رصيدنا في هذه الحياة، وأخذوا الجزء الاكبر من الاهتمام وتغير شكل الحب.
فتذكر أمل أن الحب لم يعد اشواق ومغامرات، بل اصبحت الحياة مشتركة لهم في كل تفاصيلها . وتذكر بحسرة قول احدى صديقاتها ” نحلم بالفستان الابيض، لكننا لانعرف ما الذي ينتظرنا بعده ؟”
لكن الزواج بالنسبة لخبيرة التجميل عفراء ح. كان كعالم من الخيال، وفارس قادم على حصان ابيض، حياة مليئة بالرومانسية، خصوصا بانها عاشت قصة حب رائعة مع زوجها قبل الزواج، وتعرضت للكثير من الضغوطات والعقبات التي وقفت في وجههما. تقول : لقد تغلبنا على كل الصعوبات، اما بعد الزواج فلم تتغير نظرتي كثيرا لكن تغيرت الظروف العملية والحياتية وبتنا اكثر واقعية وعملية، لكن حياتنا انا وزوجي بعد تسعة اعوام من الزواج لا تخلو من الطرافة والمغامرات التي نسرقها من الزمن كمراهقين هربا من الاولاد وضغط العمل لنذهب سويا إلى أي مكان ونستعيد لحظاتنا الجميلة، وذكرياتنا. هي محاولة مني ومن زوجي لقتل الروتين لذلك بعد هذه السنوات مازلنا معا كما كنا عاشقين .
أما المهندسة أميمة رزوق فلها رأي مغاير حيث تخبرنا بأنها من النساء اللواتي هربن من الزواج حتى سن يعتبره المجتمع متأخرا حيث تزوجت في سن 45، وكان سبب هذا الهروب ادراكها ان في المجتمعات الشرقية على الاغلب من يدفع الثمن هو المرأة، قائلة بأنه و خصوصا لامرأة مثلي احلامها المهنية كبيرة، وحبها وعشقها للحرية والكتاب والمعرفة، متمردة على كل العادات والتقاليد البالية. وبعد الزواج القادم عن حب لم يتغير شيء، فما يمكنني ان آخذه من حقوق من زوجي لا يمكن ان يمنحني اياه المجتمع المحيط . طبعا هذا لا يعني ان الحياة الزوجية تحوي بخصوصيتها سعادة وحميمية وطعم جميل ودود ملتزم مختلف كليا عن جمال حياة الحرية، فهذا القفص الذهبي له وجهان كما لكل شيء في حياتنا وجهان .
ويأتي الرأي الذكوري في هذه المسألة من السيد هدير بكلمات قليلة متقنة تحمل في طياتها الكثير من الحب والدفء. ذاكرا بأن حياة العزوبيه يغلب عليها عدم الانتظام والنظام لكلا الطرفين الرجل والمرأة، اما الزواج فهو نبض للحياة وصداها الذي عايشته بكل اركانه واختلاجاته واهتماماته، وما اجمل ان نشعر بمعنى وجودنا، وسبب حياتنا مع الزوجه التي جمعت في داخلها ما افتقدناه من ابتعادنا عن الام والاخت والصديقه وهذا ما وجدته بعد زواجي في طيب الزوجه وحب الاهل، لكنه بطعم جديد ونكهه مختلفه.