الشخصية السيكوباتية
السيكوباتية من المشكلات النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي تواجه الأسرة والمدرسة والمجتمع، وتهم علماء النفس والاجتماع والتربية ورجال القانون والأمن لما تتركه من آثار سلبية ضارة بالفرد والمجتمع، ولما تسببه من تهديد للصحة النفسية وهدر في رأس المال البشري. وهي من أمراض الشخصية التي لايجد حتى الآن علماء النفس اتفاقا أو تعريفا يحدد وضعه وسماته بين الاضطرابات الذهانية أو العصابية.
التعريف
السيكوباتية غالبا(كمرض أو اضطراب في الشخصية قائم بذاته ولا تندرج السيكوباتية ضمن العصاب لان صراعات العصابي تتم غالبا بينه وبين نفسه وينزع إلى إشقاء نفسه بما يتحمله من قلق وتوترات. فيما ينزع السيكوباتي إلى إشقاء غيره وحل الصراعات عن طريق الواقع العملي والسلوك الاجتماعي).
ويعتبر هذا النمط من السلوك انحراف في الشخصية وهو سلوك خطير لايتسم بالمسؤولية،وتسبب هذه الشخصية خلال انحرافها معاناة للبيئة التي تعيش فيها. حيث أن سلوك الإنسان يتحدد بمجموعتين من العوامل وأحيانا بأكثر من ذلك ولكن يتفق معظم المهتمين على هاتين المجموعتين: البيولوجية، والثقافية الاجتماعية.
أما الأولى فهي التي ترتبط بجسم الإنسان وتتضمن عوامل الوراثة أي ما ورثه من والديه وأجداده.
والثانية تتعلق بعلاقة الفرد بالأفراد المحيطين به والوسط الاجتماعي الثقافي الذي ينتمي إليه ويعيش فيه.
وعلاج الشخصية السيكوباتية من أصعب مشكلات الطب النفسي، وكلما كان المريض صغير السن كان الأمل في التحسن كبيرا حيث يساعد على التحسن وجود انفعال قوي غيرمتبلد.وان تكون النوبات الاندفاعية متفاوتة،وليست مستمرة،وان تتوافرالرغبةفي المساعدة والعلاج.
أنواع الشخصية السيكوباتية:
أ-السيكوباتي المتقلب العاجز:
وهو كثير الشبه بالشخصية العاجزة، فنجده دائما في عمل متغير، لايستطيع المثابرة على عمل واحد أكثر من شهور، ويتخلل ذلك مشاجرات ومشاحنات وثورة ضد نظام العمل، وعدم الاهتمام بنتائج ذلك السلوك. وينعكس ذلك أيضا في ارتباطاته العائلية.، فتتعدد زيجاته وأطفاله من كل زوجة، دون تحمل أي مسئولية لرعايتهم، ولا يستطيع الإخلاص لأحد. وعلى الرغم من الحماس والعاطفة الظاهرة الا أنهما سرعان ما تخمدا وتتبخرا،مع مغامرات جنسية مستمرة دون استبصار بالمضاعفات.
وينحرف أصحاب هذه الشخصية إلى الإدمان والشذوذ الجنسي أو الجرائم البسيطة، أو يصبحون من متوهمي العلل البدنية والمترددين على العيادات الطبية.
ب- السيكوباتي العدواني المتقلب الانفعال:
وهي اقل شيوعا من النوع السابق، ولكنه يضاد المجتمع بطريقة أكثر ضررا ويندفع هؤلاء للجريمة والقتل والاعتداء على الغير لأتفه الأسباب، أما المتبلد انفعاليا فيتناسى ولاءه وصداقاته في سبيل مصلحته الشخصية، ويهجر زملائه لمنافعه الذاتية، ولا يكترث لمصائب الناس مادام هو بعيد عنها، وينجح هؤلاء في الوصول إلى بعض المناصب الكبيرة، نظرا لانتهازيتهم وعدم تمسكهم بأي مبادئ أخلاقية أو اجتماعية، وأحيانا ما يسيطر على هؤلاء حب السلطة مع بعض السادية،كما حدث مع هتلر.
ج- النوع الناشز أو الخارج:
وهم الذين يظهرون ضعفا ظاهرا في الخلق مع شعور بعدم الأمان في داخل أنفسهم يظهر في السلوك الغريب المميز الذي يعتبر دليلا على مشاعرهم وأحاسيسهم الداخلية، وسلوكهم يتعدى الحدود المعروفة للخبرات الانفعالية أو الخلقية، وهذا يجعلنا نطلق عليهم هذا الاسم.
د- المتجولون:
وعند هؤلاء رغبة لايمكن التحكم فيها أو التغلب عليها في أن ينتقلوا من مكان لآخر،دون سبب واضح معقول لهذه الغاية. وليس انتقالهم هذا هربا من القانون لأنه في الغالب ليس بهم مرض الإجرام ولكن هذا التجوال الدائم يجعلهم فيما بعد يحتكون بالقانون، ويشبههم نوع آخر لايستمر في عمله أبدا.
هـ - المتعصبون:
وهؤلاء قد يكونون مصابون (بالبرانويا) ويشمل هذا النوع المصلحين وأصحاب النشاط الديني العنيف غير المعتدل وكذلك المتشككين. ويتميز هؤلاء بأنهم يميلون للكفاية الذاتية متشوقين للعظمة، سريعي الغضب وانه ليس لديهم من روح المرح شيء يذكر.
و- المتعبون المقلقون:
الذين لايستطيعون أن يظهروا ما يدل على فهمهم للآخرين أو أنهم يمكن فهمهم هم. وليس عندهم إدراك لمشاعر الغير أو رحمة بهم. وموقفهم الذي يتميز بالاهتمام بالذات يجعلهم في موقف غير اجتماعي وما يستتبع ذلك من المشاعر السيئة والسلوك المتعب أمر ملاحظ واغلب هؤلاء الناس مصابون بالبرانويا،ولهذا يميل الكثيرون إلى وضعهم في هذه الفئة.
ز- المجرمون عديمو الشعور:
وهؤلاء يقترفون أعمالا عدوانية وأعمال عنف ضد أشخاص آخرين أو جماعات ، دون القدرة على التحكم في اندفاعهم وهم يدركون ما يفعلون دون أن يمكنهم التحكم في سلوكهم.
ح- السيكوباتيون الانفجاريون:
وهم يشبهون عديمي الإحساس من المجرمين فيما عدا أن هذا النوع يرتبط انفجاره بحالات الغضب الانفجاري وقد يتجه سلوكه العدواني نحو نفسه فينتحر.
ط- السيكوباتيون المكتئبون:
وهم الصنف الذي لا يقدر الواحد نفسه كما نجدهم ينظرون نظرة تشاؤم إلى المستقبل، وكل شيء في حياتهم اليومية يهددهم بالخطر، ومن ثم نجدهم دائما يفكرون بالانتحار بسبب كثرة همومهم.
الاساليب الوقائية من الاضطرابات السيكوباتية:
*توفير التنشئة الاجتماعية السليمة للأطفال داخل الأسرة أولاً بحيث تستجيب لمطالب النمو في كل مرحلة من مراحله. وتوفير الحنان والعطف والأمن والانتماء خاصة في كل مراحل النمو الأولى. وإشعاره بأنه مقبول في الأسرة ، التي يجب أن تتسم بالانفتاح والود والصداقة لأن نمط العلاقات الأسرية هو الأساس لعلاقاته الاجتماعية خارج الأسرة .
*إن تكوين الضمير الجمعي لدى الطفل من ضروريات تنشئته الاجتماعية حتى يستطيع ضبط دوافعه والالتزام بقوانين المجتمع أو احترام ما فيه عادات وتقاليد. والتربية الدينية هي التي تزوده بمعايير الحلال والحرام ، والحسن والقبيح ، والخير والشر ، وتغرس في نفسه الخوف من الله ومراقبته له في كل فعل يؤديه . وتعلمه التكافل والتضامن الاجتماعي .
*حماية الأسرة باعتبارها الخلية الأساسية للمجتمع ، حمايتها من الانهيار ومنع الرجل من استخدام حقه في الطلاق إذا ترتب عن ذلك الحق تفتيت بنيان الأسرة وتشريد أطفالها .
*اهتمام المدرسة بمعالجة مشكلات تلاميذها أول بأول بحيث لا تتراكم هذه المشاكل وتؤدي إلى لجوء أصحابها إلى حيل دفاعية هروبية بدلاً من المواجهة الموضوعية لتلك المشكلات .
*الاهتمام بمعالجة العيوب الخلقية والتشوهات الجسمية لما يمكن أن تتركه من آثار نفسية سلبية لدى الطفل .
*محاولة التنبؤ المبكر بظهور مشكلة السيكوباتية،القابلة للانحراف السلوكي حتى نتمكن من اتخاذ الإجراءات الوقائية قبل تفاقم المشكلة.
*التوجيه والإرشاد الوالدي فيما يتعلق بظروف التنشئة الاجتماعية وأساليبها السليمة ، وأنماط العلاقات الأسرية وطبيعة المناخ الأسري وتأثيرات ذلك على نمو الطفل والمراهق ، وأهمية المتابعة الوالدية للأبناء وعلاج مشكلاتهم أولاً بأول.
*العلاج النفسي يهدف إزالة أسباب القلق والصراع النفسي ومصادر الضغط والتوتر الانفعالي ، وإشباع الاحتياجات النفسية المحبطة لدى السيكوباتي ، وتنمية استبصاره بطبيعة سلوكه.
*التخلص من العوامل المساعدة على انتشار الظاهرة مثل عدم توقيع العقاب الرادع ، والتباطؤ في تحقيق العدالة وعدم وجود ارتباط مباشر بين ارتكاب المخالفة القانونية وتطبيق العقاب المناسب ، والتأخير في مواجهة الحوادث الفردية حتى تتزايد لتصبح ظاهرة ، فالوقاية هنا أهم من العلاج ، وتبدأ بالاهتمام بالتنشئة ، لأن الانحراف الذي يصيب الشخصية يبدأ مبكراً ، وإذا حدث فإن علاجه لا يكون ممكناً .
*أما إذا ظهرت بوادر للمشكلة فإن بعضاً من الحلول الحازمة التي ينبغي اتخاذها في هذا الإطار مثلما تفعل بعض البلدان التي تقوم بوضع هؤلاء المنحرفين بعد تشخيص حالتهم . وقبل أن تتعدد الجرائم التي يقومون بارتكابها في أماكن تشبه المعتقلات من حيث النظام الصارم وبها علاج مثل المستشفيات ، ويتم تأهيلهم عن طريق تكليفهم ببعض الأعمال الجماعية والأنشطة التي تفرغ طاقة الغضب لديهم .
دور الإسلام في الوقاية والعلاج من السيكوباتية:
*يطرح الإسلام رؤية متميزة في التعامل مع مثل هذه الحالات فهو يتعامل مع مفهوم العنف والعقاب على أنهما مفهومان منفصلان ومختلفان فينبذ العنف ويدعو إلى الرفق والعطف والتسامح ومقابلة السيئة بالحسنة. ومن جهة أخرى يعتبر الإسلام العقاب الجسدي نوعا من أنواع الوسائل التربوية ، ويستخدم لكف سلوك غير مرغوب فيه أو لتأديب إنسان أو ردعه عن ظلم الآخرين ، فنجد من ذلك إجازة باستخدام العقاب بشكل عام ويصل إلى العقاب البدني وهذا ما أكد عليه ، مشيراً إلى إمكانية استخدم العنف الجسدي على أن يكون غير مبرح أو ضرباً غير شديد وغير مؤلم ومن خلال مرجعة القرآن الكريم والأحاديث النبوية نجد أن الإسلام أجاز استخدام العقاب الرادع لحفظ المال والعرض والدين في الجماعة الاجتماعية ، فتبدأ من الجلد والإيذاء الجسمي إلى قطع الأيدي والأرجل والرجم حتى الموت ، وهذا وارد في العديد من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية ، لا تنكيلاً بالإنسان الذي كرمه الله بل ردعا للجريمة وترهيبا من مغبتها ، فقسوة العقوبة هدفها منع الجريمة لا تعذيب البشر . فالعنف يرتبط بالعدوان وقد نهى الله تعالى عنه حيث يقول تعالى ( ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ) والإسلام يرى أن العنف غير المبرر والذي لا يقترن بمفهوم القصاص والعدل سلوك عدائي هجومي تخريبي تدميري ، تصاحبه كراهية وغضب وممارسة القوة الباطشة لشخص أو جماعة دون مرجعية قانونية أو أخلاقية . وإذا لوحظ هذا في سلوك الأطفال أو الشباب فإنهم يعتبر من ذوي المشكلات والعنف ظلم للنفس وللآخرين ومن الناحية الدينية يعتبر سلوكاً آثماً وهو أيضا سلوك يجرمه القانون. ومن أكثر ما يميز الشخصية العدوانية الأنانية ، والتمركز حول الذات ، واللامسؤولية ، ونقص البصيرة ، والميل إلى السيطرة ، والتعبير الغامض المندفع الرافض ، وعدم ضبط النفس .
الأساليب العلاجية للسيكوباتيين:علاج هذه الحالات ليس بالأمر السهل فأصحابها لا يعتقدون أنهم مرضى ولا يحضرون للعلاج من تلقاء أنفسهم وطرق العلاج التي تعتمد على العقاب أو التعقل فشلت بأن تأتي بنتائج ملموسة.
ويرى البعض بان هذه الظاهرة لا علاج لها سوى العقوبات التي تحددها القوانين والمتمثلة في جملتها في عزل السيكوباتي عن المجتمع باعتباره مجرما لابد من حماية الناس من شروره . وكانت السجون في الغالب مأوى هؤلاء ومنهم في مستشفيات الطب النفسي يدخلونها ثم يغادرونها بسرعة بعد أن يثبت أنهم ليسوا مضطرين عقليا ليعودوا إلى سيرتهم الأولى داخل المجتمع . هذه النظرية بدأت تضعف ، وأصبح ينظر إليهم باعتبارهم ضحايا تنشئة اجتماعية مضطربة وهناك أمل في إصلاحهم . وذكر بعض طرق العلاج التي تؤدي نتائج ايجابية مع هؤلاء الأفراد رغم اعتقاد البعض بعدم قابلية الشخصية السيكوباتية للتعديل والتطوير بأساليب العلاج النفسي والطبي والاجتماعي وهي :
اولاً-العلاج النفسي : يهدف هذا العلاج إلى محاولة تصحيح سلوك السيكوباتي وتعديل مفهوم الذات لديه ، وحل الصراعات ، وإزالة مصادر التوتر والقلق وإشباع الحاجات النفسية والاجتماعية . وقد يتخذ هذا العلاج الأسلوب الفردي أو الجماعي ، ويعتمد النجاح فيه على إيجاد علاقة نفسية شخصية بين المعالج السيكوباتي .
ويرى ( كلكي ) أن التحليل النفسي يفشل في العلاج وذلك بسبب عدم وجود الاستبصار وعجز المريض عن التحويل ، وتجرده من الرغبة في الشفاء .
ثانيا- العلاج الديني : يهدف هذا النوع من العلاج إلى إعادة تربية المنحرف بإعادة صياغة محتويات أناه الأعلى أو ضميره الأخلاقي . ونقطة البداية في هذا العلاج تتمثل في مناقشة العقائد الإيمانية تمهيداً لتقويتها في نفسه لتكون بالتالي ينبوع سلوكه. فإذا نجحنا في بذر العقيدة الإيمانية في نفسه نعلمه كيف يكبح دوافع هواه.
ثالثا- العلاج السلوكي: يشمل هذا العلاج ( العلاج بالتنفير ) ويقوم على أساس تقديم خبرات غير سارة بجوار السلوك غير المرغوب فيه. أيضا
( العلاج بالتدعيم ) الذي يبدأ أولاً بتحديد أنواع السلوكيات. فيلجأ المعالج إلى إزالة هذا التدعيم . والتدعيم قد يشمل الطعام والشراب وقد يكون تدعيما اجتماعيا والتشجيع. ويلجأ المعالج السلوكي إلى تبديل أفكار المريض ومعتقداته واتجاهاته على أمل أن يتبدل تبعا لذلك السلوكيات غير المرغوب فيها.
رابعا- العلاج النفسي الجماعي ( Group psychotherapy ): يمكن ان يساعد في تحسن بعض الحالات.
خامسا-إدخال الحالات السيكوباتية مصحات خاصة بهم: وذلك لمحاولة خلق ضمير اجتماعي عندهم وتطوير إحساسهم بحقوق الآخرين.
سادسا-العلاج البيئي : يهدف هذا النوع من العلاج إلى تعديل العوامل البيئية التي قد تساهم في نشوء السيكوباتية ، داخل المنزل أو خارجه . وذلك بتوفير أماكن مناسبة لقضاء وقت الفراغ ، وإشراكه في الأنشطة الاجتماعية الخيرية .
سابعا-العلاج التكاملي: وهذا المنهج يحاول أن يجعل من العلوم الطبية والنفسية أداة وقائية اجتماعية لا أداة علاجية فردية. إن الأمم المتقدمة أصبحت الآن تعتمد على هذا المنهج في علاج الشخصيات السيكوباتية ، وخاصة في ميدان الطب الاجتماعي . هناك حالياً تجربة في روسيا على نطاق واسع وتهدف إلى الإشراف الطبي على الفرد طوال حياته عن طريق الخدمات الطبية والوقائية والاهتمام بما يسمى بالطب الاجتماعي . هناك حالات أصابها التحسن وعادت إلى حسن التكيف وهي في حالات الانتظار في المستشفيات ، إلى أن الفضل في ذلك يعود إلى عامل التلقائية ونضوج السن وقد وصف
( ادولف ماير ) التلقائية هي ما يمكن أن يعمله الفرد وما يعمل فعلا من تلقاء نفسه وبطريقته الخاصة دون دافع أو قسر خارجي ، وهي تعتبر من العوامل الهامة في شفاء الفرد.
ثامنا-العلاج الدوائي: يفضل العالم ( سلفرمان ) علاج هذه الحالات بالعقاقير وخاصة زمرة المسكنات القاعدية ، وقد تبين له بعد تخطيط المخ كهربائيا أن السيكوباتية قريبة من الصرع ، وأشار في نهاية تجاربه إلى أن خير النتائج تكون بالجمع بين العقاقير والعلاج النفسي وقد جاء في نتائج معهد برلين للتحليل النفسي أن ( 23 ) سيكوباتيا بدأوا العلاج في السنوات العشر السابقة لعام 1938 فانقطع منهم 18 دون الوصول لشيء ولم يتحسن إلا أربعة منهم ، وواحد فقط هو الذي شفي تماماً . لهذا فإن (ويتلز) يستخدم العلاج النفسي في دور الوقاية وليس في دورالعلاج.
تاسعا-العلاج بالصدمات التشنجية: عن طريق الكهرباء أو بحقن من (الكارديازول): إذ أن هذه الوسائل تعطل النشاط الذهني إلى حين وتسمح للوسائل السوية في الظهور والأداء وقد مارس كل من جرين وسلفرمان وجيل هذه الطرق من العلاج وأشادوا بنتائجها في هذا المجال ، هذا على الرغم من أن كالنسكي يقول أن لا فائدة من هذه الصدمات في علاج السيكوباتية .
عاشرا- العمليات الجراحية : ويقصد بها عملية شق مقدم الفص الجبهي لقطع المسالك العصبية التي تربط بين الفصوص الجبهية والسرير البصري في التلاموس ، وتستعمل هذه الجراحة في حالات الفصام والميلانخوليا ، أما من حيث استعمالها في حالات السيكوباتية فلا تزال التجارب نادرة جدا أما ليفن فيرى أن السيكوباتية أصعب في علاجها من العصاب وذلك لأنها على صلة وثيقة بعنصر اللذة ، لا يفيد العلاج التحليلي لأن السيكوباتي يرفض التنازل عن لذته .
مميزات أو سمات السلوك السيكوباتي:
ماذا عسى أن يكون من شأن هذا الاضطراب الذي يجعل من السيكوباتي عبئا مزمنا على المجتمع و عالة ثقيلة على الجماعة؟ ماذا عسى أن يكون هذا الاضطراب الذي يجعل من صاحبه إنسانا يكاد لا يرتفع عن الحياة على ذلك المستوى من الفردية التي يستعصب عليها تمثيل القيم الاجتماعية و تعجز عن النضوج إلى المستوى الجامعي.
لذا سنذكر بعض السمات التي تميز الحياة السيكوباتية و أي الخصائص التي يجتمع عندها الاضطرابات السيكوباتي:
1)- إن السيكوباتي فيما رأينا يتوفر له قدر طيب من الذكاء فلما يهبط عنده خلق المتوسط و كثيرا ما يجاوزه، فلقد عرف كإيمان الذكاء "هو القدرة على خلق المواقف الجديدة التكيف معها" فهو يرى أن الذكاء القدرة على التكيف مع البيئة و لكن ليس السيكوباتي من هذه المقدرات التي يقتضيها التطبيق الاجتماعي للذكاء، فالسيكوباتية يقع في الخطأ نفسه مرة تلو الأخرى بغير أن يتعلم من التجربة، أو يرتدع من العقاب هذا ما يفسر الاندفاعية المميزة السلوكية.
2)- يعيش السيكوباتي في علاقة مشوهة بالعالم الموضوعي، هو لا يعرف الصدق و لا قيم له وزنا،و لا يلجئ بالحقيقة على لسانه إلا عرضا و من قبيل المصادفة.
فهو يغش و يسرق و يكذب و يختلس و يزور بغير أن يكون له من ذلك إلا الأقل الرجاء في الكتب، و ليس مما يعبأ له السيكوباتي أن يتكشف زيفه أو تفتضح أكاذيبه فهو يقابل ذلك جميعه بابتسامة باردة جوفاء، تبنى عن عدم اكتراثه لما حدث.
فالغلة عنده ألفاظ تردد دون أن ترتبط أو يرتبط هو بمدلولها، فهي تحقق له مطالبه العاجلة.
3)- على الرغم من أي الغالبية من السيكوباتي على جانب ملحوظ من التفوق الذهني فإن حياتهم جميعا أمثلة تعسة لفساد الحكم و قصور التقدير.
و يرى كريمان أن العامل الأساسي في تعطيل الحكم منذ السيكوباتيين إنما هو أنانية الدوافع التي تحفز سلوكهم.
4)- نقص الاستبصار بما هو فيه من اضطراب و عوج فقد يدرك السيكوباتي أنه نزيل أحد مستشفيات الأمراض العقلية لخروج سلوكه على مألوف الناس، و لكنه يعجز كل العجز عن أن يرى نفسه كما يراه الغير.
يعجز عن مواجهة الحقائق و يسقط ما بنفسه من تصور و نقص على "موضوع" ما في ذلك الخارج، ناسبا إليه علة ما قد تبعثر فيه من متاعب.
5)- السيكوباتي في إجماع الرأي، يعيش في مستوى التركيز حول الذات، و يصل من ذلك إلى صدى يجاوز أبعد ما يعرف عن مألوف الناس، و تنخفض نزعته إلى التركز حول الذات فيما يبدو عليه من مظاهر الغرور و تفخيم الذات، و عجز السيكوباتي على أن يتخذ له موضوعا خارجيا للحب( أي عجزه عن ثقل حبه إلى الخارج ).
6)- إن الحياة الوجدانية السيكوباتي لا تتجاوز المستوى الطفلي الذي يقف عنده الهستيريون و لكنها في الأولين أكثر ضحلا و أوفى جديا، و أعم شمولا، إنها تعجزهم كل العجز عند تمثيل القيم الاجتماعية التي بدونها لا يكون نضوج، و قد ينفجر السيكوباتين أحيانا في ثروات صاخبة تشبه الغضب أو الحزن، و قد يهمل الدمع منهم مدارا فيما يمثل الندم ورثاء الذات، و لكن الملاحظة تكشف أن هذا مرجعه القرب إلى ضعف الكف و سهولة الإفصاح منه إلى قوة الشعور.
7)- و إلى جانب فقر الوجدان السيكوباتية نرى الفجاجة الانفعالية في أحلى صورها و أشدها وضوحا.
يتميز السلوك السيكوباتي بالاندفاعية، و الاندفاعية تنفي التعمد و التدبير السابق و لا تعبأ بالناتج، و العمل الاندفاعي نبعث عن قوة محركة وراءه لا يدرك الفرد وجودها و ليس يملك لفجائيتها لها كفا، كما أن السلوك الاندفاعي سلوك سوي في المراحل الأولى من الطفولة و يميز كثيرا من أنماط الاعتدال أو الانحراف العقلي بعد ذلك، على أنه يتخذ كل منها طابعا خاصا.
خلاصة:
إن السيكوباتية حالة متميزة عن غيرها من غيرها من الحالات فهي تخرج عن حدود السواء ما في ذلك من ريب فلا يمكن أن نصنف السيكوباتي كضعيف عقلي أو عصابي أو ذهاني ولكن لديه عجز في النمو الخلقي و الأخلاقي و عجز في إتباع القوانين الاجتماعية المقبولة من المجتمع الذي يعيش فيه