<!--<!--

الشاعرالكبيرعبد الرحمن الابنودى لــ سميرأبو الحمد

---------------------------------

 

§  أبى مزق ديوانى الاول وقال لى : كفايه تخاريف ياعبد الرحمن .

 

§  كنت راعى غنم وجامع قطن وأذهب إلى النهرلاصطاد سمكتى لكى أعيش .

 

§  لم أفكرفى الكتابه بشكل جاد إلى إن طلبونى فى الاذاعه المصريه .

 

§  أنا رجل من طين لذلك لم أتعامل مع الموسيقار محمد عبد الوهاب .

 

§  ام كلثوم قالت عنى ( صعيدى قفل ) فرفضت أن تغنى كلماتى .

 

§  عبد الحليم حافظ دفعنى لكتابة كلمات عاطفيه لخوفه من التورط فى الغناء الشعبى .

 

§  أنا شاعر محرض مثل بقية أبناء الشعب العربى .

 

§  لم أكتب للمسرح لاننى لاأقفز فوق إمكاناتى كى لا أتهشم .

 

§  تجربة السجن علمتنى ان المبدع الحقيقى سيظل دائما فى حالة صدام مع السلطه .

 

§   اغنياتى لا زالت على قيد الحياه وغير قابله للموت .

 

§  الكتابه هى المبرر الوحيد لوجودى لانها تفضح المسافه بين الفقراء والاغنياء .

§  من الشرف عندما يفلس الشاعر أن ينطوى على نفسه لا أن يمزق ملابس الاخرين .

§  الشعر لايورث وإبنتى تحفظ أشعارى رغم ثقافتها الغربيه .

§   جائزة الدوله فى الاداب سعت الى ولم أسع لها  .

 

-------------------------------

أجرى الحوار ..  سميرأبوالحمد

[email protected]

--------------------------------------------------

 

§ إلى قاهرة المعزجاء هاربا من جمود الصعيد وقسوة دروب قناالوعره تلك المدينه الطارده لابنائها. بموهبه شعريه فطريه غير مسبوقه ولهجة جنوبيه أصيله وقفت تصارع موضات التفرنج على مدى اكثر من اربعين عاما ولان موهبته ذات طبيعه خاصه استطاع الصمود امام امواج القاهرة العاصفه والوقوف ندا لكل من سبقوه فى التجربه حتى صار نجما على شاشة القلوب فى شتى ربوع مصر والعالم العربى بل والعالم اجمع وصار بحق شاعر الناس انه الشاعر الكبير عبد الرحمن الابنودى الفائز بجائزة حب البسطاء منذ الحبو الاول فى بلاط القاهرة المحروسه وصولا لجائزة الدوله التقديريه والتى حصدها رغم غيابه عن حلبات الشعروامسياته وندواته وصراعاته وكافة محافله فى السنوات الاخيره لكنها الجوائز الحقيقيه تعرف طريقها الى المبدع الحقيقى ولوابتعد عن الاضواء بسبب وعكة صحيه اوهروبا من مهاترات تحدث . ومعه كان هذا الحوار :

 

§   الخال عبدالرحمن الابنودى وهكذا يحب أن يناديه الناس فى شوارع وحارات وقرى مصرماذاتقول عن ابنود نقطة البدايات البكر ؟

 

 أذكر أن صديقي الأديب الطيب صالح قال لي إنني سأدخل النار بسبب أبنود . وأقسم قائلا : يا رجل ( مصمصت عظمي ) الواحد يقول لك ( صباح الخير) تقول له ( أبنود ) يكلمك في السياسة تقول له ( أبنود ) في الأدب (أبنود ) حرام عليك .
ويفسر الأبنودي طرفا من هذه العلاقة قائلا : هي أبنود وأنا الأبنودي أحمل اسمها مما يجعلني محملا بأمانة ومسؤولية أن أكون على مستوى التجربة الشريفة لهذه القرية التي أدين لها بأني أصبحت عبد الرحمن الأبنودي .
وما لم يقله الأبنودي ـ وهو الأكثر إثارة للدهشة ـ أنه هو وقريته الواقعة على نيل محافظة قنا ويمر فيها القطار مرتبطان برباط الزمان لا المكان فقط . مرتبطان ارتباط المواسم بمحاصيلها وهو رباط يعرف الفلاحون أنه الأوثق والأمتن لذا فإنهم ينسبون كل محصول إلى موسمه. ينسبونه إلى الشهر القبطي الذي ينضج فيه كأنهم ينسبون ابنا إلى أبيه. يقولون : خروب برمهات. ورد برمودة . نبق بشنس . تين بؤونة. عسل أبيب. عنب مسرى . رطب توت. رمان بابة. موز هاتور. سمك كيهك. والشهور القبطية هي التي ابتكرها قدامى المصريين لسنتهم وعرفوا بها مواقيت زرعهم وحصادهم وهي الشهور الباقية في ذاكرة القرية المصرية خاصة في الصعيد وعلى الأخص في ( قنا ) التي شهدت أرضها نصر ( أحمس ) على ( الهكسوس ) وما زالت ذاكرتها تخفق بالفخر.
و( بابة ) هو الشهر الثاني في السنة القبطية. يقابله في التقويم الجريجوري ـ السنة الميلادية ـ الفترة بين 11 من أكتوبر/ تشرين الأول إلى 10 من نوفمبر/ تشرين الثاني . وقد سمي الشهر نسبة إلى إله الزرع ( بى نت رت ) لان الخضرة فيه تكسو الأرض وإليه نسبت ( أبنود ) وكان له معبد يقع قريبا منها.
وعن ( بابة ) الشهر الذي يمثل المعادل الزمني لأبنود يقول  الأبنودي :


نفسي أكتب كتابة

تجيب ( طوبة ) في ( بابة )
تمسح ريش البلابل
وتنعنش الغلابة
تحاور البحورة
وتنطق السحابة
إنه حلم الخصب طوال العام فإسما ( بابة ) و( أبنود ) مستمدان من المصدر نفسه من إله الزرع الذي أصبح مرة شهرا ( بابة ) كما أصبح قرية ( أبنود ) في مرة أخرى . والفلاحون يقولون ( رمان بابة ) في ربط هو عروة لا تقبل الانفصام بين الشهر ومحصوله ( الرمان ) الذي يستوي على سوقه في بابة بحبوبه التي تحمل لون الياقوت وحلاوة غناء الأرض . هذا ما ينضجه ( بابة ) الشهر الذي يمثل المعادل الزمني لـ( أبنود ) المكان .التي استوى فيها ( رمان ) آخر هو عبد الرحمن الأبنودي إذ اعتبرته القرية رمانها

حدثنا عن خطو البدايه وكيف كان الدرب حتى تصبح شاعر العاميه الاشهر فى ذاكرة الناس ؟

 كان لا بد أن أتخرج من قريتي ( أبنود ) شاعراً حيث كل إنسان في هذه القرية يغني . فهم يغنون أثناء العمل ، وفي أوقات الراحة وأحيانا يستبدلون الغناء بالشعر. وتجدهم أثناء دورانهم حول السواقي يغنون ، وفي أوقات دهس القمح يغنون . والنساء بدورهن حين ينفردن في الدور يغنين تلك البكائيات الرائعة التي أعتبرها من أدبيات الشعر العربي . وفي قريتي حين تقام الأفراح يغنون لأنفسهم ولا يجعلون أحدا من خارج قريتهم يغني بدلاً منهم . كل هذا يعطيك دلالة على أن الغناء هو البطل في هذه القرية. وعندما كنت صغيرا لم أتجاوز الثمانية أعوام ، كنت أذهب إلى الغيط لجمع القطن ، وإلى الحطابين لجمع السنابل من بقايا الزرع . هذه أعمال كنت أقوم بها وأنا أغني . كنت راعي غنم وجامع قطن وأذهب إلى النهر لأصطاد سمكتي لكي أعيش . كنت فقيراً وكان الغناء دائماً يحاصرني  . وحين دخلت المدرسة الابتدائية تفتح أفقي وبدأت أسأل نفسي وأفكر، لماذا لا يدرّسون الأغاني والأشعار في المدرسة ؟ وصرت استغرب حين أستمع إلى الراديو وما به من أغانٍ بلا قيمة ، في حين ان قريتي كانت تعج بمئات القصائد والأغاني الرائعة.

 و لم أكن أتخيل أبداً أنني سأذهب إلى القاهرة وأكتب الشعر والأغاني . لكن بعد انتقالي إلى العاصمة ، بدأت بعض الصحف والمجلات تنشر قصائدي، والناس في الشوارع يرددون أبياتا من أغنياتي . لم أذهب إلى مطربين لكي يغنوا أشعاري، ولم أفكر في الكتابة بشكل جاد، إلى ان طلبوني في الإذاعة المصرية، واختاروا إحدى أغنياتي المنشورة وأشهرها ( تحت الشجر يا وهيبة » التي صنعت نجماً غنائياً كبيرا هو الراحل محمد رشدي الذى كنت أعرفه وهو لا يعرفني، فقد استمعت لصوته وأنا في ( ابنود ) وهو يغني ( قولوا لمأذون البلد ) و( يا أم طرحة معطرة ) فشعرت أنه قريب من قلبي جداً واقترب مني بصوته أكثر وأكثر حينما استمعت إليه وهو يشدو ( أدهم الشرقاوي ) وقبل حضوري للقاهرة قمت بإرسال بعض المقطوعات الشعرية للشاعر الكبير صلاح جاهين ( رحمه الله ) بجريدة الأهرام والمفاجأة أن الرجل قام بنشرها وحينما حضرت للقاهرة وجدت هذه المقطوعات تتحول لأغنية تذاع في الراديو فإندهشت وتوجهت لصلاح جاهين فقال لي إن الأستاذ محمد حسن الشجاعي ( مدير الإذاعة ) يبحث عنك في كل مكان فتوجهت له وكلفني بكتابة ثلاث أغنيات ، واحدة عن السد العالي وقام بغنائها الراحل محمد قنديل ، والثانية ( بالسلامه ياحبيبى بالسلامه ) بصوت نجاح سلام وهى تذاع كل صباح فى البرنامج العام بالاذاعه المصريه  في برنامج ( طريق السلامة ) والأغنية الثالثة هي أول عمل جمعني بمحمد رشدي ( تحت الشجرة يا وهيبه ) والتي حققت نجاحاً مدوياً في حينها.
وأذكر أن الأغنيات الثلاثة كتبتها في يوم واحد فقد كنت في هذا الوقت أسكن في عوامة ( بالكيت كات ) أنا ومجموعة من الأصدقاء ولأننا كنا على فيض الكريم ولا نملك شيئاً كان زميلنا الناقد الراحل سيد خميس يتطوع بدفع الإيجار وحينما توجهت لهم وأبلغتهم بتكليف مدير الإذاعة لي بكتابة ثلاثة أغنيات فرحوا بشدة وتركوا لي العوامة يوماً كاملاً لكي أكتب في مناخ هادئ تماماً كانت صداقة رائعة.
 
وقد واجهت أغنية (تحت الشجرة يا وهيبة ) ظروفا صعبة ولم تخرج للنور بسهولة فالأستاذ الشجاعي لم يبد ارتياحاً لكلماتها وأعادها لي مؤكداً أن الموسيقار منير مراد وغيره من الملحنين رفضوها لكونهم لم يستوعبوا كلماتها فاقترحت عليه أن يعطيها للملحن الصعيدي عبد العظيم عبد الحق لأنه مثلي وسيفهم معناها فاستجاب الشجاعي لطلبي وبالفعل لحنها عبد العظيم عبد الحق ببراعة وأعجب بها الشجاعي وسألني : من الذي في رأيك يمكن أن يغنيها ؟ فأجبته على الفور قائلاً هو شخص واحد فقط الذي غنى أدهم الشرقاوي فقال لي الشجاعي ولكن هذا المطرب تعرض لحادث أتوبيس أثناء سفره للسويس لإحياء حفل هناك حيث أنقلب الاتوبيس وماتت في الحادث المطربة نادية فهمي ولا يستطيع الغناء الآن فقلت له : الحادثة كما أعرف كسرت ذراعه وساقه ولكن هل كسرت صوته ؟ فقال لي إذن عليك أن تذهب وتبحث عنه وتحضره طالما أنك مُصر عليه وعلى الفور توجهت لمعهد الموسيقى العربية لأحصل على تليفونه ولأنني كنت شخصاً مجهولاً أذاقوني الأمرين ورفضوا إعطائي رقم هاتفه وأمام إصراري طلبوه لي هو هاتفياً . وقد شعر رشدى بملل شديد وعدم ارتياح ورفض إعطائي هاتفه وبعد إلحاح شديد مني أعطاني موعداً في مقهى التجارة الشهير بتجمع المطربين والموسيقيين في شارع محمد علي وحينما ذهبت إليه وجدته يعاملني بتعالٍ وأسلوب ضايقني جداً.
فقد كان جسدي نحيلا جداً وملابسي كانت متواضعة للغاية أي أن منظري ككل يوحي لمن يراني بأنني إنسان معدم فشعر هو أنني دخيل على الشعر وأسعى لفرض نفسي عليه. فما أكثر من كان يلتقي بهم بهذا الشكل . وحينما شعرت بهذا التجاهل منه وعدم إبداء أي رغبة لديه في الاستماع لي قلت له بحدة إنني قادم له من عند الأستاذ ( الشجاعي ) وكان معروفاً بلقب ( بعبع الإذاعة ) فاعتدل في جلسته وأجلسني واستمع لي وطار فرحاً بالكلمات وأذكر أنني قضيت هذه الليلة معه. حدثته عن نفسي ومعاناتي ولماذا أعجبت به وطلبت منه الهروب من لقب ( مطرب الأفراح ) الذي كان مشهوراً به ودون أن نشعر صارت بيننا صداقة واستمع للحن عبد العظيم عبد الحق وأعجب به بشدة . . وهكذا بدأنا مشوارنا سوياً حيث حققت الأغنية نجاحاً مدوياً وأصبح اسمانا على كل لسان، ووجدتني فجأة مؤلف أشهر أغنية في مصر كلها ثم تعرفت على الموسيقار الكبير بليغ حمدي في مكتب الشجاعي أيضاً وقدمنا سوياً مجموعة أغنيات لرشدي من تأليفي والحان بليغ حمدي أذكر منها (بلديات) و(وسع للنور) و(  بيتنا الصغير  ) بينما تعاونت مع عبد العظيم عبد الحق في مجموعة الأغنيات التي غناها رشدي في المسلسلات الشهيرة التي أخرجها نور الدمرداش مثل ( الرحيل ) و( الضحية ) و( النصيب ) وغيرها . ولم تقتصر أعمالى في ذلك الوقت على محمد رشدي فقط  بل انطلقت مع بليغ حمدي بمجموعة من الأغنيات للفنانة شادية أذكر منها (أبو العيون العسلية) و( آه يا أسمراني اللون )، و( زفة البرتقال ) و( أسمر يا عنب بلدنا ) أي أنني اتخذت خطة مغايرة لكل ما غنته شادية قبل ذلك وهكذا صار الأمر مع فايزة أحمد فكتبت لها (مال عليّ مال . قاعد معايا . يامة يا هوايا . بالي معاك) وحققت أغنياتي كلها مع كل المطربين والمطربات الذين تعاونت معهم نجاحاً وشهرة واسعة.

لماذا رفضت التعامل مع موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب عندما أرسل يطلب ذلك ؟

 
هذا الكلام مبالغ فيه جداً وتم ترويجه على أسس غير صحيحة ، وما حدث هو أن الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب أرسل لي مع الأستاذ مجدي العمروسي ( رحمهما الله رحمة واسعه ) فتوجهت له على الفور، وليس كما قيل أنني رفضت، وقضيت معه وقتاً طويلاً جداً واكتشفت في ذلك اللقاء أننا شخصان مختلفان لا يمكننا قضاء الأوقات الطويلة التي يتطلبها العمل الفني معاً، فاعتذرت له وانسحبت في هدوء ويكمن السبب الرئيسي أنه كيان وأنا كيان مختلف تماماً فأنا ( راجل ) من طين له تركيبة تجدها في رجل الشارع البسيط بينما هو  (محمد عبد الوهاب .

( الابنودى راجل صعيدى قفل ) عباره قالتها عنك سيدة الغناء العربى أم كلثوم فى حوار شهير بعد رفضك التعامل معها ترى ماسر ذلك الرفض ؟


 تلك حكاية مضى عليها 35 عاماً، فقد وجدت الأستاذ وجدي الحكيم يتصل بي ذات صباح ليبلغني أن الأستاذ عبد الحميد الحديدي (رئيس الإذاعة حينئذ) يريد لقائي فوراً وكنت قبل هذا بيومين فقط أجلس في منزل الأستاذ عبد العظيم عبد الحق وكتبت أغنيه قام هو بتلحينها وقمت بنشر الكلمات في صحيفة الأهرام ، فقرأتها أم كلثوم، وأخذت الكلمات وأعطتها للموسيقار رياض السنباطي كل ذلك دون أن أعرف أي شيء، وحينما ذهبت لرئيس الإذاعة أخبرني بما حدث وأن أم كلثوم تنتظر لتعديل إحدى الكلمات فقلت له إن الأمر بيد عبد العظيم عبد الحق فاتصل به فقال له عبد الحق إذا أرادت أم كلثوم الكلمات فيجب أن تغنيها بلحنه هو ، وأيدته فيما قال ، فجن جنون الرجل واندهشت أم كلثوم من موقفي الذي لم يحدث أبداً معها من قبل أي شاعر آخر فقالت جملتها الشهيره أنني صعيدي ( قفل ) لا أفهم في الإتيكيت وعجزت هي ومن معها عن فهم أنني إنسان ذو مبادئ لا أفرط فيها.   وقدحدث اننا كنا بالاذاعه نسجل اغنية
 ( ابنك يقولك يا بطل هات لي النهار ) التي تغنى بها عبد الحليم وكانت أم كلثوم تقف مع كمال الطويل واستمعت لصوت عبد الحليم يأتي من بعيد وهو يسجل تلك الكلمات فقالت لكمال الطويل انها تريد الأغنية، وطلبت منه أن يحدثني بشأنها، فإقترب مني الطويل بعد انصرافها وأبلغني بما قالته فنظرت إليه ولم أعلق فأدرك ردي عليه، فأبلغها بما حدث فجن جنونها ولم أُبلغ عبد الحليم بتلك الواقعة أبداً.

 

وكيف كان طريق كلماتك الى حنجرة عبد الحليم حافظ المطرب الاشهر فى ذلك الوقت  ؟

 
عبد الحليم رحمه الله كان إنساناً بمعنى الكلمة ، و كانت بداية معرفتي به في عام 1965 وكانت مجرد معرفة جلسات فنية دون أن نلتقي في أي عمل وبعد عام واحد من تعارفنا تم اعتقالي بسبب الأشعار السياسية التي كتبتها واعترضت فيها على أشياء عديدة وهاجمت بعض رجال الثورة وبعد الإفراج عني وجدت الجميع يهربون مني ويتهربون من لقائي خوفاً على أنفسهم ولم أجد سوى محمد رشدي وعبد الحليم حافظ بجانبي، فقد كان طبيعياً لا يهرب مني رشدي أو يبتعد عني . بينما عبد الحليم لم تكن تجمعني به صداقة بنفس القوة وأثناء فترة سجني كان عبد الحليم يرسل لي السجائر والأطعمة رغم أن هذا كان ممنوعاً إلا أنه كان يتوسل من أجلي إلى الأجهزة والوزراء ورجال السلطة وساهم كثيراً في إخراجي من المعتقل وبدأنا بعد هذا رحلة التعاون.                       وحليم كان يسعى دائماً أن يكون الأول وبالتالي فإن موجة الغناء الشعبي التي أشعلنا نحن شرارتها من خلال أغاني رشدي وفايزة بالإضافة لما قدمته المطربة الكبيرة نجاة مثل (حمد لله على السلامة) لحن كمال الطويل و(عيون القلب) لحن محمد الموجي وغيرها كان ذلك شيئاً مزعجاً جداً بالنسبة لعبد الحليم ومن هنا قررت اختطافه من التقليدي والانتقال به للموجة الجديدة مع الاحتفاظ بصورته كحليم وعدم التورط ( شعبياً ) بصورة قوية فكتبت له ( أنا كل ما أقول التوبة ) وغيرها وحققنا نجاحاً مدوياً بها . وقد نجح هو في دفعى لكتابة أغاني عاطفية له بعد ذلك و  حدث ذلك على سبيل التحدي فكنا نجلس في منزله، وكان يقوم بتصوير فيلمه الأخير ( أبي فوق الشجرة ) ويسعى للعثور على أغنيات مناسبة فإستفزني بشدة بأنني لا أستطيع فتحديته، ودخلت إحدى الغرف في شقته وأغلقتها على نفسي ثلاث ساعات كاملة ثم خرجت له ب ( الهوى هوايا ) و( أحضان الحبايب ) وحقق الفيلم نجاحاً كبيراً وظلت الأغنيات باقية  أيضاً قدمت لعبد الحليم مجموعة كبيرة من أهم أغنياته الوطنية
وكان عبد الحليم دائماً يقول : ( لقد قام الابنودي بدفع رشوة لي متمثلة في أغاني شعبية وعاطفية ليبتزني وطنياً ) فقد كان رحمه الله وطنياً لأقصى درجة، وقدمت معه نحو 15 أغنية وطنية مثل ( موال النهار ) و( ابنك يقول لك يا بطل هات لي النهار ) و( صباح الخير ياسيناء ) وغيرذلك من اغانى لازالت تعيش فى وجدان الناس .

 

أنت شاعر  ( محرض ) هل يروقك ذلك اللقب  ؟


مثلي مثل بقية أبناء الشعب العربى  لم نكن نقدرعلى  تحمل آثار الهزيمة والهوان فكنا نستعجل الحرب والانتقام فلم يكن يشفي غليلنا ما نسمعه عن مكاسب في حرب الاستنزاف فقمت بجولة شاملة فى كافة مدن مصر لايقاظ روح المقاومة والتمسك بأمل الانتصار فقدمت 450 أمسية شعرية، وقدمت ملحمة ( وجوه على الشط ) التي كان لها صدى واسع على شاطئ قناة السويس، وقدمت مشروع الـ30 أغنية بإذاعة صوت العرب، وكان المشروع يعتمد على التطوع والتبرع أي أننا جميعاً المؤلف والملحن والمطرب لا نتقاضى أي أجر وغنى في هذا المشروع معظم نجوم ونجمات الغناء المصريين والعرب، وظهر لأول مرة صوت عفاف راضي من خلال هذا المشروع وتعرف عليها بليغ حمدي وبدأت رحلتهما سوياً ، وكان من أبرز أغاني التحريض التي قدمتها في هذه الفترة لعبد الحليم عام 68 وغيرها . . بينما لم أكتب بعد نصر 1973 سوى أغنية ( صباح الخير ياسينا ) لعبد الحليم لحن الموسيقار الراحل كمال الطويل، وبعد فترة شاركت في الاحتفاليات التي أقامتها وزارة الإعلام احتفالاً بالنصر مثل ( أفراح النصر(  و( إنشودة مصرية ) وغيرهما.

رغم الدراما التى  تحفل بها قصائدك الشعريه الا أنك لم تخض تجربة الكتابه للمسرح  . فما السبب الحقيقى  وراء إبتعادك ؟

ما منعني من الكتابة للمسرح هو احترامي الشديد لهذا الفن الذي هو  وبحق  « أبو الفنون ». والمسرح فن عظيم وعلم من العلوم الكبرى - مثله مثل الهندسة وغيرها من ركائز العلم الإنساني - أنت لا تستطيع أن تقيم عمارة من دون معرفتك بأساسيات الهندسة وفهمها. عندما تحفر الأساس فإنك تعمل حساب الطبقة الثالثة أو الفصل الثالث في مسرحيتك. عليك أن تعرف موضوعها، شخوصها، حوادثها، وأن تحسب حساب كل كلمة وكل جملة بل وكل إيماءة لأن حوادث مهمة في مستقبل النص ستنبني عليها. ليس هناك في المسرح « كلام مجاني ». أتحدث بالطبع عن المسرح الحقيقي لا عن ذلك العبث الذي يمارس على المسارح العربية. إذن لا يمكن لشاعر تلقائي - مثلي - أن يصبح مهندساً فجأة. حين أنظر إلى مسرح الشعراء مثل صلاح عبد الصبور وعبد الرحمن الشرقاوي وفاروق جويدة أحس بأنهم يكتبون قصائد تحمل دراميتها في داخلها، لكنها في مجموعها لا تشكل بدناً مسرحياً في المعنى الحقيقي . رغم القيمة الفنية العالية لشعر عبد الصبور فإنك تستمع طوال الوقت إلى قصيدته لا إلى نص مسرحي مثل نصوص نعمان عاشور وألفريد فرج وسعد الدين وهبة وغيرهم . لذلك احترمت قدراتي ولم أكتب « المسرح الشعري ». لكن ما قلته لا ينفي أن هناك شعراء عظاماً في العالم كتبوا مسرحاً مثل لوركا. قام المسرح أصلاً على الشعر، لكنني رجل لا أقفز فوق إمكاناتي كي لا أتهشم . لا أصنع إلا ما أستطيع أن أصنع ».

 

 كيف اثرالسجن فى تجربتك الشعريه  ؟

 جدار السجن هو اخر جدار في العالم تستند إليه، لتعرف بالضبط قيمة ما يحتويه البدن من فكر ومواقف. إما أن تحس بالورطة وتفكر في كيفية الخروج منها، أو أن تحس ان هذا هو مكانك الطبيعي الذي تستحقه وهو بمثابة العودة إلى الرحم . تجربة الاعتقال جعلتني أتعرف أكثر على غالب هلسا الذي عرفته كل سجون الوطن العربي . علمتني هذه التجربة ان المبدع الحقيقي سيظل دائما في حالة صدام مع السلطة ، لأن المبدع له طموح لا تقف أمامه عوائق. المبدع أفقه أوسع من السياسي ويرغب في الحوار والنقاش ، ولكن لا وقت للسلطات البوليسية والعسكرية للحوار، والأفضل عندها أن تحبسه مع لسانه في زنزانة لتتخلص منه. دائما أسأل نفسي من واقع تلك التجربة: كيف بالله يمكنك أن تكتب عن الحرية إن لم تعش تجربة السجن. كنا في الماضي نرسم صورة لقفص حديدي، تخرج منه حمامة، ونقول هذه هي الحرية، لكن الحرية شيء آخر.

هيمنغواى عاش تجربة الحرب العالميه الثانيه وكتب رائعته ( وداعا للسلاح ) فكيف أبدعت فى الكتابة عن الحرب والنضال وانت لم تعش الحرب كمقاتل على الجبهه ؟

حاولت أثناء وجودي بالحرب أن أستجمع صورة والدتي ، ولم أستطع . أثناء وجودي على الجبهة بحرب الاستنزاف لمدة ثلاث سنوات ونصف ، استطعت أن أكتب أهم أغنياتي ( موال النهار ) و( المسيح ) و( بيوت السويس ) وملحمتي ( وجوه على الشط ) . فمصر لا تستشعر روحها في المدن المزدحمة ، ولا في القرى الساكنة وإنما في بعض البؤر الخاصة. هذه الروح كانت موجودة أيام عبد الناصر، لكن نفتقدها الآن. فمثلاً أثناء بناء السد العالي ذهبت إلى هناك وسط العمال والفلاحين ، وكتبت أهم دواويني ( جوابات حراجي القطن ) . حين أذهب لأي مكان، لا أدون مذكرات كما يفعل البعض، إنما أعيش التجربة وأنساها، وعندما تنضج الفكرة بداخلي يخرج هؤلاء الناس في صورة قصائد.

ماشهادتك على العصر خاصة انك قد عشت النكسه والعبور والانفتاح ووهم حرية الفكروالابداع  ؟

بداية لا ننكر دور الزعيم جمال عبد الناصر . أما عن المآخذ عليه ، فأنا أتخيل نفسي رئيس دولة ومن حولي خمسة آلاف من الشخصيات الأمناء الذين أثق فيهم ويقدمون لي التقارير، هل أنزل بنفسي للتحقق من صحة هذه التقارير. عندما يصبح هؤلاء الأمناء ليسوا أمناء ، فهم خائنون . نحن لم نخرج من السجن إلا أثناء زيارة وفد برئاسة المفكرة الفرنسية سيمون دي بفوار . فقد رفض الوفد زيارة بلد به أدباء محبوسون ، فوعدهم عبد الناصر بأن يفرج عن كل الأدباء ، يوم وصولهم إلى مصر وبالفعل خرجنا . عند اعتقالنا لم توجه لنا تهمة ، وفترة الاعتقال كانت جميلة ، ولو كنا نعلم بحلاوتها لطلبنا الاعتقال بأنفسنا. ولا ننسى أن عبد الناصر هو الذي قال ( ارفع رأسك يا أخي انتهى عهد الاستعباد ). كان الفقراء وقت عبد الناصر يأكلون ويشربون وينامون ويحلمون، حتى ان الناس حين كان يموت أبناؤهم في الحروب يخفف الرئيس من حزنهم . عبد الناصر قام ببناء السد العالي، ولولا السد لحدثت كوارث مثلما حدث في السودان . عبد الناصر هو الذي بنى المصانع والقطاع العام ، لكن كل ما بناه باعوه الآن . في هذا الزمان الذي يتفاخرون بأنه لم يقصف فيه قلم ، هناك خمسة رؤساء تحرير للصحف حُكم عليهم بالسجن ، فقط لأنهم نقلوا تساؤلات المصريين عن صحة الرئيس. كانوا يشاهدونه في التلفزيون والجرائد وفجأة اختفى لمدة عشرة أيام . من الطبيعي أن يكتب الصحافيون هواجس الشارع ولا يتم حبسهم . عندما مات عبد الناصر، كان في خزينته 350 جنيها ولو وجدوا عنده مبالغ كبيرة لكانوا ( قطّعوه ). الآن بيعت كل الأشياء التي صنعها عبد الناصر، ولم نعرف قيمة هذا الرجل إلا بعد وفاته، وتولي الأنظمة الأخرى.

إنسحابك من الساحه الغنائيه فى السنوات الاخيره هل يعنى عدم إقتناع بالاصوات الموجوده أم انك فقدت عرشك كشاعر شعبى فى وجود شعراء من عينة ( كامننا واركب الحنطور ) ؟


المشكلة ليست في الأصوات وليست فيما تغنيه لكي استمع إليها  أو اكتب لها وإنما في الصورة البشعة التي ترسخ في أذهان أبنائنا وهذه الأغنيات التي تفرقع ولا تأخذ وقتاً طويلاً للزوال . . هناك أغنيات احتلتنا ليلاً ونهاراً مثل ( اركب الحنطور ) ثم اختفت الأغنية وكأنها لم تُغن من قبل . . وذلك شيء عجيب لأن أقل أغنية قدمناها في السابق لازالت على قيد الحياة وغير قابلة للموت.

 

الشاعر عبد الرحمن الابنودى ماالوقت المناسب لاعتزال الكتابه  ؟

الكتابة هي المبرر الوحيد لوجودي، فهي تسهل لي أن أفضح المسافة الكبيرة بين الفقراء والأغنياء. حين أتأمل العمال الذين يبنون ويرصفون الطرق والفلاحين الذين يزرعون ولا يجدون قوت يومهم، حين أتأمل الأطفال المشردين في الشوارع، تصبح الكتابة حينئذ مهمة نبيلة للدفاع عنهم. وعطائي مستمرا، ولم يتوقف عند إصداري ثمانية عشر ديواناً، وإنما استطعت أن أجمع ( سيرة بني هلال ) التي التهمت من عمري ما يقارب الثلاثين سنة، ظللت أبحث عنها في الجبال والنجوع والقرى، وأسافر في البلاد لجمعها. ولولا أن وفقني الله في جمعها في هذا التوقيت ما جُمعت وضاعت. والعجيب أن جابر أبو حسين، هذا الرجل العظيم الذي سجلت معه السيرة الهلالية، مات بعد تفسير السيرة مباشرة. وسيد الضوّ، التلميذ الكبير لجابر أبو حسين، يقوم كل عام في العشرة أيام الأولى من شهر رمضان بإلقاء السيرة في التجمعات الشعبية. والذي يرضيني أن سيرة « بني هلال » أصبحت تدرس في الجامعات الأمريكية والأوروبية في فرنسا وأسبانيا وعدة دول أخرى، وهناك آلاف من رسائل الدكتوراة حولها.
وهناك حالات كثيرة لشعراء توقفوا عن الكتابة،وأنا أرى أنه من الشرف عندما يفلس الشاعر أن ينزوي وينطوي على نفسه لا أن يمزق ملابس الآخرين ومؤكد أن إفلاس الشاعر يعود لمحطة الانطلاق في البداية من منطلق غير صادق . . فالصدق حالة دائمة لا يمكن أن تنتهي وهذا لا ينطبق على الشعر فقط بل على مستوى الإبداع بشكل عام.

هل تؤمن بالمثل الشعبى الاشهر فى حارات مصر ( إبن الوز عوام  )  ؟


الشعر ياسيدى لا يورث أبدا. . وعلى الابن أن يبدأ من حيث هو لا من حيث إنتهى والده وبالنسبة لابنتي ) آية ) فقد لاحظت أنها مهتمة بالأغنيات الحديثة العربية والغربية فناقشتها في ذلك فقالت لي : هل يعني ذلك أنني لا أعرف أشعارك فإنطلقت تقول شعري في أكثر من مكان كما حدث في معرض القاهرة الدولي للكتاب وعندما فرح بها الناس ردت بأنها فعلت ذلك لتثبت لي أنها تعرف من هو عبد الرحمن الأبنودي ولكنها توقفت لأن لها طريقاً آخر قد لا تدركه الآن.
وهناك من يسعون لتصنيع أبنائهم بداخل مصنع بمعنى أن يجعلوا منهم ممثلين أو موسيقيين أو شعراء فإن ذلك كله ينتهي إلى لا شيء، وأنظر حولك ستجد أمثلة كثيرة لذلك، ولهذا أنا لم أجبر بناتي على المشاهدة أو الاستماع لما أقوله في أحد البرامج، فأنا سعيد بهن وسعيد بأنني منحتهن الحرية عكس والدي الشيخ الأبنودي الذي أصر على أن أدرس تعليماً دينياً في الأزهر الشريف فهربت، وأصر أن أكتب أشعاراً بالفصحى فرفضت بل إنه مزّق أول ديوان شعر بالعامية لي فقاومت، وأنا لا أريد أن أعرض بناتي لتلك

القسوة التي تعرضت لها .    ..

 

§      ماذا تقول عن جائزة الدوله فى الاداب التى حصلت عليها مؤخرا ؟

 

الجائزه هى التى سعت إلى وأنا لم أسع لها نلتها وأنا فى قرية الضبعيه بمحافظة الاسماعيليه  وبينى وبين محافل الشعر وصراعاته قطيعه ليتأكد للجميع ان المبدع الحقيقى هوالاحق بالخلود فى ذاكرة الناس والاحق بالتكريم ولوعاش وحيدا فى منفى .

على هامش الحوار ..

 

حصل الأبنودي على جائزة الدولة التقديرية عام 2001 ليكون بذلك أول شاعر عامية مصري يفوز بجائزة الدولة التقديرية. 

تبنى الشاعر عبد الرحمن الأبنودي  ،

جمع السيرة الهلالية ، على مدى ثلاثين عاما

وهي الملحمة العربية الشعبية التي سافر وراءها
في مصر وتونس وتشاد ونيجيريا والسودان ،
وقام بإصدار ما جمعه حتى الآن في كتابين
قامت بنشرهما الهيئة المصرية العامة للكتاب
ضمن سلسلة مكتبة الأسرة .
والأبنودي له عدة دراسات وأبحاث باللغة العربية الفصحى .
عبد الرحمن الأبنودي متزوج من المذيعة التليفزيونية

" نهال كمال " وله منها ابنتان " آية " و" نور ".
أهم الأعمال  :
الارض والعيال

« الزحمة »

« عماليات »
« جوابات حراجي القطن »
« العقول »

 « الفصول »

( احمد سماعين )
« انا والناس »

« بعد التحية والسلام »
« وجوه على الشط »

« صمت الجرس »
 « المشروع والممنوع »
« المد والجزر »

« السيرة الهلالية »
« الموت على الاسفلت »

« سيرة بني هلال »
« الاستعمار العربي »

( المختارات )
« الاحزان العادية »

« ايامي الحلوة »

« حكايات سمراء »
« قمر يافا »

« صحت المدينة »

« ناجي العلي »
« ينام العالم العربي »

« الحارة الفلسطينية »
« عبد الحليم »

« القدس »

« المتهم »

" الدرويش "
الميدان


سميرأبوالحمدحافظ

 

 

[email protected]

 

 

 

 

المراسلا ت البريديه....

 

جمهورية مصر العربيه    .   الاسماعيليه  .   ص .  ب       317

 

 

 

 

 

  • Currently 29/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
9 تصويتات / 462 مشاهدة
نشرت فى 5 مايو 2011 بواسطة alkatebstar

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

32,831