<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]--><!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman";} </style> <![endif]-->
الشاعرالكبير عبد الرحمن الابنودى لـــــ ( سميرأبو الحمد )
v سأدخل الناربسبب ابنود
v ابى مزق ديوانى الاول وقال لى : كفايه تخاريف ياعبد الرحمن
v السفر الى الخارج اصاب الفلاحين وابناء الصعيد بداء المنظره
v هربت من القاهره الى الضبعيه حتى لااموت
v نهال كمال علمتنى امشى على العجين ملخبطهوش
v انا الوحيد الذى اشعر بانى ليس لى ماض
v كنت احلم ان اهد الدنيا وابنيها لكنى لم افعل
لايفرحنى ان اظل على القمه وحدى طوال العمر
اعيش يومى كله شعرا
ايه ابنتى سليلة ( الخواجه ماركونى )
اخطأ الذين رأواانهم حققوا الكثير
الدوله نصبت على فى 20 الف يورو
نلت جائزة مبارك وأنا فى الضبعيه وبينى وبين محافل الشعر قطيعه .
o سميرأبوالحمد
--------------------------------------------------
§ الى قاهرة المعزجاء هاربا من جمود الصعيد وقسوة دروب قناالوعره تلك المدينه الطارده لابنائها. بموهبه شعريه فطريه غير مسبوقه ولهجة جنوبيه اصيله وقفت تصارع موضات التفرنج على مدى اكثر من اربعين عاما ولان موهبته ذات طبيعه خاصه استطاع الصمود امام امواج القاهرة العاصفه والوقوف ندا لكل من سبقوه فى التجربه حتى صار نجما على شاشة القلوب فى شتى ربوع مصر والعالم العربى بل والعالم اجمع وصار بحق شاعر الناس انه الشاعر الكبير عبد الرحمن الابنودى الفائز بجائزة حب البسطاء منذ الحبو الاول فى بلاط القاهرة المحروسه وصولا لجائزة مبارك فى الاداب والتى حصدها مؤخرا رغم غيابه عن حلبات الشعروامسياته وندواته وصراعاته وكافة محافله فى السنوات الاخيره لكنها الجوائز الحقيقيه تعرف طريقها الى المبدع الحقيقى ولوابتعد عن الاضواء بسبب وعكة صحيه اوهروبا من مهاترات تحدث .
§ يقول الخال عبدالرحمن الابنودى وهكذا يحب ان يناديه الناس فى شوارع وحارات وقرى مصرعن ابنود نقطة البدايات البكر :
أذكر أن صديقي الأديب الطيب صالح قال لي إنني سأدخل النار بسبب أبنود . وأقسم قائلا : يا رجل ( مصمصت عظمي ) الواحد يقول لك ( صباح الخير) تقول له ( أبنود ) يكلمك في السياسة تقول له ( أبنود ) في الأدب (أبنود ) حرام عليك .
ويفسر الأبنودي طرفا من هذه العلاقة قائلا : هي أبنود وأنا الأبنودي أحمل اسمها مما يجعلني محملا بأمانة ومسؤولية أن أكون على مستوى التجربة الشريفة لهذه القرية التي أدين لها بأني أصبحت عبد الرحمن الأبنودي .
وما لم يقله الأبنودي ـ وهو الأكثر إثارة للدهشة ـ أنه هو وقريته الواقعة على نيل محافظة قنا ويمر فيها القطار مرتبطان برباط الزمان لا المكان فقط . مرتبطان ارتباط المواسم بمحاصيلها وهو رباط يعرف الفلاحون أنه الأوثق والأمتن لذا فإنهم ينسبون كل محصول إلى موسمه. ينسبونه إلى الشهر القبطي الذي ينضج فيه كأنهم ينسبون ابنا إلى أبيه. يقولون : خروب برمهات. ورد برمودة . نبق بشنس . تين بؤونة. عسل أبيب. عنب مسرى . رطب توت. رمان بابة. موز هاتور. سمك كيهك. والشهور القبطية هي التي ابتكرها قدامى المصريين لسنتهم وعرفوا بها مواقيت زرعهم وحصادهم وهي الشهور الباقية في ذاكرة القرية المصرية خاصة في الصعيد وعلى الأخص في ( قنا ) التي شهدت أرضها نصر ( أحمس ) على ( الهكسوس ) وما زالت ذاكرتها تخفق بالفخر.
و( بابة ) هو الشهر الثاني في السنة القبطية. يقابله في التقويم الجريجوري ـ السنة الميلادية ـ الفترة بين 11 من أكتوبر/ تشرين الأول إلى 10 من نوفمبر/ تشرين الثاني . وقد سمي الشهر نسبة إلى إله الزرع ( بى نت رت ) لان الخضرة فيه تكسو الأرض وإليه نسبت ( أبنود ) وكان له معبد يقع قريبا منها.
وعن ( بابة ) الشهر الذي يمثل المعادل الزمني لأبنود يقول الأبنودي :
نفسي أكتب كتابة
تجيب ( طوبة ) في ( بابة )
تمسح ريش البلابل
وتنعنش الغلابة
تحاور البحورة
وتنطق السحابة
إنه حلم الخصب طوال العام فإسما ( بابة ) و( أبنود ) مستمدان من المصدر نفسه من إله الزرع الذي أصبح مرة شهرا ( بابة ) كما أصبح قرية ( أبنود ) في مرة أخرى . والفلاحون يقولون ( رمان بابة ) في ربط هو عروة لا تقبل الانفصام بين الشهر ومحصوله ( الرمان ) الذي يستوي على سوقه في بابة بحبوبه التي تحمل لون الياقوت وحلاوة غناء الأرض . هذا ما ينضجه ( بابة ) الشهر الذي يمثل المعادل الزمني لـ( أبنود ) المكان .التي استوى فيها ( رمان ) آخر هو عبد الرحمن الأبنودي إذ اعتبرته القرية رمانها
§ وعن قرية الضبعيه بمحافظة الاسماعيليه تلك المحطه الجميله فى حياته يقول :
أنا هنا لعجز رئتى عن مواصلة الحياة فى القاهرة التى إن عشت فيها أختنق وقد قال لى الأطباء فى الخارج إن حياتى مرهونة بوجودى بعيدا عن التلوث. ولذا فأنا ضد ما يقال عن حاجتى لتكفل الدولة بعلاجى لأنه ليس لى علاج غير وجودى هنا.
كما أن الدولة نصبت على فى ٢٠ ألف يورو دفعتها فى المستشفى أثناء علاجى فى الخارج لحين مجىء شيك وزارة الصحة ولكن تأخر الشيك وعندما سألت عليه قالوا لى : ( نأسف إن المبلغ دخل فى خزنة الدولة ولن نستطيع إعادته لك ولكن يمكنك أن تأخذ به أدوية ) .. آخذ دواءً بـ١٨٠ ألف جنيه ؟ وأنا لست حزينا ولكن أرفض ما يقال من أن علاجى تم على نفقة الدولة .
و لا ينقطع أصدقائى عن زيارتى هنا فيما عدا أيام الخميس والجمعة والسبت لعلمهم بأن هذه الأيام هى التى تأتى فيها ابنتاى نوروآية وزوجتى نهال من القاهرة . فتنقطع الاتصالات والزيارات حتى يعدن للقاهرة . وآخر من زارنى هنا جمال الغيطانى ويوسف القعيد وكان أكثرهما انبهاراً بالمكان هو جمال الغيطانى وتعجب من كونى أضحك وأتحدث وأعمل رغم المرض فقلت له إننى مصاب بفصام فى قصة المرض تلك فالأبنودى الإنسان المريض أعطيه الدواء وأريحه وأرعاه لكن لا أدعه يسيطر على الأبنودى الشاعر مبدع القصيدة .
فأنا رافض أن يزحف الإحساس بالمرض من الإنسان للشاعر . فأنا أعيش يومى كله شعرا لأن علاقتى بالحياة من حولى من نبات وشجر وبشر ليست علاقة جافة بل علاقة تفاصيل ومشاعر.
وعن الجديد على خارطة ابداعاته من قلب الضبعيه الهادئه يقول الابنودى :
اننى أكتب سيناريو مسلسل ( وادى الملوك ) وهو عن رواية الدكتور محمد منسى قنديل التى تحمل عنوان ( يوم غائم فى البر الغربى ). كنت قد سميتها ( البر الغربى ) واكتشفنا أن هناك مسلسلاً بهذا الاسم فغيرناه لوادى الملوك والمسلسل تدور أحداثه حول مرحلة اكتشاف ( هوارد كارتر ) لمقبرة توت عنخ آمون فى بدايات القرن الماضى ولكن هذه ليست الحدوتة القصة هى قضية الصعيد مرة أخرى .
واسال الخال عبد الرحمن الابنودى هل لازال الصعيد يمثل دور البطوله على شاشة اهتماماتك وهل لازلت مهموما به وبكل قضاياه ؟
فيرد ضاحكا بالتأكيد ياولدى .. فنعمة من عند ربنا أنى صعيدى فالصعيد عالم غنى مكدس بالخبرة والتاريخ والانتقال الشفهى للأحداث الصعيد كنز لم يتم التعبير عنه بالشكل الكافى حتى الآن وكل ما نراه من مسلسلات بمثابة فرح العمدة مجرد أكل عيش .
والوحيد الذى اقترب من عالم الصعيد ولكن لم يُكتب له أن يكمل مسيرته بسبب الموت كان يحيى الطاهر عبدالله فهو من الكرنك فى الأقصر هناك أيضاً بهاء طاهر فى روايته ( خالتى صفية والدير ) ولكن تتبدى الحالة الذهنية فى تلك الرواية أكثر من تفاصيل الحياة فى الصعيد لأن بهاء لم يعش مثلنا فى الفقر فى الصعيد كما أنه ابن المدينة. وما عدا ذلك أشعر فيه باستغلال الصعيد كسلعة رائجة. وهذا هو الفرق بيننا وبين غيرنا ممن يكتب عن تلك البقعة فى مصر فنحن نكتب عنها ونحن مهمومون بمشاكلها .
وقرأت عشرات الروايات عن الصعيد لكنى توقفت عند ( يوم غائم فى البر الغربى ) رغم أخطائها التاريخية لكن فيها شيئاً من روح الصعيد وقضاياه كالإرث الذى يعنى للصعيدى ثبات الأرض والذى يعنى بدوره ثبات الحياة ودوامها لأهل الصعيد . هناك أيضا قضية الغجر أو الحلب هناك .. خلاصة القول أننى غُصت فى الرواية بروح الصعيدى كما فعلت فى حوار رواية ( شىء من الخوف )
مشكلتى الوحيدة الان ان ظهرى يؤلمنى من كثرة الجلوس للكتابة .
وعن أهم الاصدقاء فى قرية الضبعيه بالاسماعيليه يقول :
أصدقائى هنا كلهم صعايدة أحمد أبوزيد وسمير السمان وإبراهيم عبدالمقصود والدكتورعلى خليل لا يتركوننى على الإطلاق . هذا غير أصدقائى فى القاهرة أحمد المسلمانى وبلال فضل والدكتور عمرو عبدالسميع وسيد على كل هؤلاء يسألون عنى ولا يتركوننى فيما عدا أيام الخميس والجمعة والسبت حين يأتى ( الولاد ).
وعن يومه فى القريه الطيبه ( الضبعيه ) وكيف يقضيه يقول :
أتذكر هنا دائمًا الأغنية التى كان يغنيها العمال ( الفواعلية ) فى أبنود كانت تقول : ( ضمينى وأنا أضمك ليل الشتا طويل ) .. الآن عرفت معنى الأغنية لأن الليل طويل على الوحدانى وأنا وحيد من السبت للخميس بعدها تأتى نهال وآية ونوروهن بالنسبة لى الدنيا وما فيها .
أعمل لهن كطباخ وأطهو لهن طوال وجودهن ما يأكلنه والباقى يعدن به للقاهرة يعنى أنا أطهو بطاً وطواجن وأسماكاً. لكن فى غير وجودهن يكون الليل طويلاً بلا عقل حتى إننى أكون فى فراشى بالليل كدودة القطن أتقلب والنوم لا يهاودنى فأقوم وأقرأ شيئا أو أعمل فى كتابة حوار المسلسل . وكلما قل نومى طال ليلى . معادلة نوم الليل هنا فظيعة. اما النهارهنا فهومبهج لكنه يحزن وذلك لأننى أستغله فى استنشاق كمية الأكسجين التى أعبئها فى صدرى ولكن مع مجىء العصر اضطر للدخول خلف الجدران كالأرنب. ولا أستطيع أن أخرج رغم عشقى لمراقبة الجو وفصول السنة وهى هواية عشقتها منذ صغرى لأننى عملت فى الحقول ورعى الغنم وجنى القطن وأعرف المواسم والفصول الأربعة بتفاصيلها وزراعاتها ونواتها . وكل هذا منحنى خبرة بالنبات وزراعته ( تقليمه ريه. تسبيخه رشه ) ويساعدنى هنا محمود الذى يعمل معى منذ ٢١ سنة . ويعيش فى البيت أيضاً كلب أرمنت ضخم أسود اشتريته للحراسة ولكننى وجدته ( أغلب من الغلب ) طيلة النهار يلف حول ذيله فأحضرت كلبة من نوع آخر للحراسة ولكنها شرسة لتغير مفهوم الحراسة هنا فى البيت .
وحول اختياره لتصميم بيته الانيق البسيط فى الضبعيه يقول :
بنيت هذا البيت بلا مهندس لكن معرفتى بنهال زوجتى وعشقها للخصوصية ورغبتى فى منحها وبناتى الاستقلال فى المعيشة هنا عبر مداخل ومخارج مستقلة عن تلك التى يدخل منها أصدقائى وزوارى . كان سبب اختيارى لهذا التصميم الذى استعنت فى بنائه بمقاول بسيط هو عبده الحرامى وهو لقب لا وصف .
وأهم ما يميز هذا المكان هو خصوصيته التى لا يوجد مثلها فى مصر كلها بعيداً عن الضوضاء والتلوث. والمكان كله عودة للصعيد وكأن القاهرة كانت جملة بين شرطتين أو جملة اعتراضية فى حياتى . يزيد من قربه لنفسى أنه يقع بجوار منزل أختى فاطمة التى أمثل أنا وهى آخر سلالة أمى ( فاطنة قنديل ). لذا فجزء من يومى أقضيه فى الاطمئنان عليها وزيارتها. بالإضافة لكل هذا هناك مهمة أخرى هى مراجعة فخاخ الثعالب التى تكثر هنا حتى إننى أحياناً أجد بعضها يسير فى الحديقة بكل ثقة .
وعن بيته فى ابنود يقول شاعرالناس :
بيت أبنود كان عظيم الشأن كان مبنياً بالطوب اللبن ومسقوفاً بأنصاف النخل والجريد المضفر وكان يمنحنا الطراوة فى عز حر الصيف والدفء فى ليالى البرد القارس . لكن ويا ألف خسارة هدم الناس هناك تلك البيوت وفضلوا عليها بناء بيوت جديدة بالطوب الأحمر والخرسانة لا يستطيعون النوم فيها فى الصيف من شدة الحر فيصعدون للأسطح ويبللونها بالمياه ويتركونها لتجف ويفرشون عليها وينامون . وعندما تزورهم يدخلون بك لحجرة ( المندرة ) فتجدهم قد علقوا فى أسقفها المراوح المعدنية التى أحضروها معهم من الكويت والعراق والسعودية مراوح تطن مثل الدبابير لا تمنحك الطراوة التى عشناها فى الماضى ولا تسبب غير المرض بسبب اصطدام الهواء الناتج عنها بالعرق الذى تشعر به هناك فتخرج من بيوت أبنود بوجع الصدر. كان عندنا بيوت حلوة زمان تشبهنا لكن السفر للخليج أصاب الفلاحين وأبناء الصعيد بداء ( المنظرة ) فدارت رؤوسهم .
كل واحد هدم بيت أبيه وبناه بالمسلح ليشعر وكأنه ( جاب الديب من ديله ). الكارثة أنهم عندما جاءوا من الخليج وكان معهم بعض النقود سارعوا بالهدم للقديم وبناء الجديد والمال لم يكف غير تشييد مبنى بالطوب شكله منفر ليس كجمال بيوتنا فى الماضى وقالوا إنهم سيكملون البناء بعد عودتهم من السفر مرة أخرى ولكنهم لم يستطيعوا السفر فبقيت البيوت على حالها ( العفش ) من غير حتى محارة ليس هذا فحسب ولكنهم تعالوا على العمدة كبير البلد الذى لم يسافر للخارج ولم يعد بما عادوا به من مال . فحدث نوع من الخلل الاجتماعى الرهيب والمأساة أن بعض المثقفين شجعوا على حكاية الهجرة هذه .
وعن مشاعر الابوه فى حياته ونوروايه وامهما احلى الازهارالتى تفتحت فى بساتين عمره يقول الشاعر الكبير :
تخيل كان من الممكن أن أموت دون معرفة طعم الأبوة لأننى لم أكن أفكر فى الزواج . ولولا لقائى بنهال وزواجنا لفقدت هذا المعنى العظيم الممتع ف ايه ونور يسعدنى مراقبتهما عن بُعد تكبران لا أحب التدخل بشكل ممل فى مشاعرهما أفضل دوماً النصح وأن أكون الملجأ إن كانتا بحاجة لى يدعمنى فى هذا أن ابنتى واعيتان وفوق كل هذا تربيتا بشكل جيد على طريقة نهال كمال ومن له أم مثل نهال لا يمكن أن يخطئ نسير كلنا فى البيت على العجين ( ما نلخبطهوش ) . يكفى أن أنظر فى عينيها فأرتد عن أى سلوك كنت أنوى أن أسلكه .. حسنها مكلف وقد كلفنى الأدب ( هو أنا برده بتاع أدب ؟ ) .
و لا أرى فى تمرد ابنتى كارثة فأنا كنت شخصية عصبية جدا وأرى حياتى المقبلة مختلفة عن العالم الذى كنت فيه لدى ٨ إخوة أعرف أننى لن أسير فى طريقهم .
كان الوالد يكتب شعراً بالفصحى كأنه منفلت من خيمة عربية قديمة مزق لى أول ديوان بالعامية أمام عينى وقال لى : كفايه تخاريف وشخابيط ياعبد الرحمن ولكننى واصلت طريقى ولذا من حق ابنتى أن تفكران بعقليهما و طريقتهما. كل ما أتمناه لهما أن تكون لهما رؤية ولو غائمة للمستقبل . لأن الجيل الحالى يعيش يوما بيوم . كل ما يعنيهم التجمعات واللقاءات مع بعضهم البعض فقط . لا أحد منهم يمسك بخيط خاص بالمستقبل فى يده يرفض تركه هم مختلفون عنا لأننا مهما حدث لنا أو وقعنا فى وسط الطريق كنا نرفض ترك الخيط الذى نتشبث به.
هذا الجيل تلعب الصدفة دوراً كبيراً فى حياته ليس بسببه فقط ولكن لأن المجتمع اختل لم يعد التميز فى شىء معيار النجاح فيه. الواسطة أيضاً والنفوذ والعلاقات باتت جزءا مهما فى منظومة الدفع لأعلى فى مصر. نحن فى عصر اختلت فيه كل الموازين ومن يملك موهبة أو مشروعا للغد فعليه أن يخرج إلى الخارج لينفذه مثل زويل و البرادعى ومجدى يعقوب وغيرهم .
ويعاود الحديث عن اسرته الصغيره الجميله فيقول :
نهال لم تكن النموذج المطلوب فى التليفزيون كمذيعة . هى من الناس القليلة فى الدنيا التى تستطيع اتخاذ موقف لأنها رافضة أن يقع عليها عقاب بسبب مبادئها أو خلقها أو سلوكها. لا تعترف بكلمة ( لو ) هى عكسى تماما لأن ( لو ) بالنسبة لى مهمة للمراجعة والتقييم لكن نهال تقول لى دوماً : ( اقلب الصفحة ).
اما ( آية ) و( نور) ابنتى الابنودى . تخرجت الكبرى ( آية ) فى الجامعة الأمريكية من قسم الإعلام و تفكر فى مواصلة دراستها العليا بالخارج . وتقول : ( أنا لست متمردة وعلاقتى بأبى رائعة وكثيرا ما أفكر فيه فأجد أن سبب كثرة جدالنا هى أننى أشبهه بشكل كبير لذا يكون الخلاف دوماً . إلا أن أكثر الأمور التى نختلف حولها هى ما نشاهده فى التليفزيون هو يريد الأخبار والتحليلات ونحن نفضل الأفلام وبخاصة الأجنبية منها كما أنه لا يريدنى أن أقع فى نفس أخطائه يريدنى بلا أخطاء ) .
تختلف ( نور) الابنة الصغرى عن ( آية ) ويصفها شاعرنا الأبنودى بأنها ( سليلة الخواجه ماركونى ) فى إشارة إلى وعيها العالى بقيمة النقود وكيفية إنفاقها يقول عنها : ( ما يميز نور هو تقدمها اللغوى عنا جميعاً فى الإنجليزية . آية كانت فى مدارس لغات مصرية وكنا نظن وقتها أنها الأفضل لكن اكتشفنا أنها لا تختلف عن المدارس الأميرية التى درسنا بها زمان اكتشفت أن العالم حولها تغير وهى تتخبط فسارعت نهال وألحقتها بالدبلومة الأمريكية فى الإعدادية . هو تعليم مكلف ولكنه يمنحهما رؤية مختلفة . لقد فكرنا ماذا نترك لهما ؟ نشترى لكل منهما شقة أم نعلمهما بشكل جيد ؟ وقررنا فى النهاية أن نترك لهما الثروة التى لا يستطيع أحد أن يستغلها غيرهما قررنا أن تكون ثروتهما فى رأسيهما وأنا فخور بهذا المستوى من التعليم الذى قدمناه لهما ).
لقد كان تعليمنا مرتبطاً بحياتنا فى قنا وكنا شبه المجتمع . جيل بناتى تعليمهم ليس كالمجتمع هناك نسبة كبيرة تحصل على تعليم منهار وطبقة تحصل على تعليم حقيقى وهو لا يعبر عن المجتمع ولا يجعلهم يعانون فى شىء لا يعرفون شىء عن الشارع الذى منحنا فى الصغر الكثير من التجارب. كنت أنا من الجيل الفقير الذى يذهب ويجيء كل يوم من البيت للمدرسة كنا والشارع فى حالة توحد.. لكن هم بنوا عالما خاصا بهم لا هو عالم الرأسماليين العالى ولا هو عالم الفقراء فى الأسفل .
ولكن هذا لا يعنى أن البنتين منفصلتان عن المجتمع وهذا فقط لأنهما ابنتا الأبنودى الذى يصحبهما فى الإجازات لأماكن لا يعرفها الكثيرون فى مصر سواء كانت ريفية أو شعبية وهو ما أكسبهما ثقلا سمح لهما بالسفر خارج مصر فى رحلات مع الجامعة أو المدرسة.
وختاما يقول الابنودى بعد مشوار كفاح طويل :
أنا جئت من بلدنا سنه 1962 يعنى من 48 سنه. لم أحقق شيئا مما يجب أن أحققه ) كنت أحلم أن اهد الدنيا وأبنيها( لكني لم أفعل حقا كتبت الشعر وكنت صادقا فيه ومع فكرة الوطن لكن كل هذا في الحدود المتواضعة ويستطرد الأبنودي مؤكدا أن هذا ليس من قبيل التواضع ولكن فكرة حقيقية ورؤية فعلية لواقعي فقد أخطأ الذين رأوا أنهم حققوا الكثير .
ويقول الأبنودي )كل يوم أصحى مولود جديد( وهذه حقيقة فأنا الوحيد الذي أشعر بأني ليس لي ماض وعلاقتي بالسن علاقة فريدة فبرغم مرور 72 عاما إلا أني لم أعجز .. حتى الأشياء التي قمت بها تؤكد ذلك فالزواج والإنجاب في سن 50 سنة لا يقدر عليه إلا الصعايدة والمؤمنين.
كما ان حب الناس والمهارة فى الشعر لا تأتى بالتنازل .. المفروض أن تظهر موهبه جديدة لتحل محلى وتأخذ مكانى أوتوماتيكيا. أنا مش مبسوط بان أظل كل هذه المدة على القمة وحدى اذا كنت بالفعل على القمه التى رفعنى اليها الناس .
وعن جائزة مبارك فى الاداب التى نالها مؤخرا يقول :
الجائزه هى التى سعت الى وانا لم اسع لها نلتها وانا فى الضبعيه وبينى وبين محافل الشعر وصراعاته قطيعه ليتأكد للجميع ان المبدع الحقيقى هوالاحق بالخلود فى ذاكرة الناس والاحق بالتكريم ولوعاش وحيدا فى منفى .
ساحة النقاش