بسم الله الرحمن الرحيم
المفهوم العسكري لمصطلح الإستراتيجية
مصطلح الإستراتيجية شمل العديد من الميادين , قد يوصف موقع ما أو جزء من دولة بأنه موقع استراتيجي ,وقد يوصف قرار سياسي أو اقتصادي هام بأنه استراتيجي إذا كان يؤثر على السياسة والاقتصاد في الدولة , كما يطلق وصف استراتيجي على بعض الأسلحة ذات التأثير الحاسم في الحرب مثل معاهدة الحد من الأسلحة الإستراتيجية Strategy Arms Limitation Treaty (SALT , وقد يوصف نمط من التفكير أو الدراسات المتخصصة بأنه تفكير استراتيجي أو دراسات إستراتيجية وهكذا .
مما سبق يتضح لنا تعدد النواحي والمجالات التي تستخدم فيها كلمة الإستراتيجية , ومن هنا تأتي ضرورة تحديد المفهوم بشكل دقيق ، أن أهمية تحديد مفهوم الإستراتيجية تنبع من الإحساس المتزايد لأهمية الإستراتيجية ودورها في سلامة الوصول إلي الأهداف المرسومة . فالإستراتيجية بمعناها العام كما يقول الجنرال الفرنسي اندريه بوفر (ليست مجرد رياضة عقلية تنطوي على الغرور أو التحذلق , وإنما هي نمط من التفكير يجب برغم تعقيده أن يكون بمثابة مرشد عملي لتحقيق غايات السياسة على خير وجه وخاصة لتفادي الأخطار الجسيمة التي يظهر لنا التاريخ الحديث أمثلة عديدة منها ) .
إن مصطلح الإستراتيجية هو مصطلح ذو اصل عسكري , ومن الناحية التاريخية ارتبط لفظ الإستراتيجية بالحرب وإدارتها ، وعند ظهور علم الحرب أصبحت إستراتيجية الحرب فرعا من فروعه ، وبدأت الجهود الجادة لتدوين فن الحرب مع نيقولا مكيافيللي الذي آلف كتابا بعنوان (فن الحرب ) .
ترجع بداية الدراسة العلمية لموضوع الإستراتيجية إلي منتصف القرن الثامن عشر , عندما قام المفكر الانجليزي هنري لويد في مقدمة كتابه عن تاريخ حرب السنوات السبع ,بتدوين عدد من النظريات العسكرية العامة وأسس الإستراتيجية الحربية , ويقصد بالإستراتيجية في المجال العسكري استخدام القوة المسلحة بواسطة الدولة لتحقيق أهدافها . ويمكن الإشارة إلى إضافات فكرية ساهمت في تطوير المفهوم وتحديد معناه . ففي البداية سادت مفاهيم حصرت مفهوم الإستراتيجية ليشمل كيفية استخدام القوة المسلحةً عموما لتحقيق الأهداف السياسية , ثم قدم الجنرال أندريه بوفر إضافته التي أخرجت مفهوم الإستراتيجية من إطاره العسكري إلي إطار أوسع يعتبر القوة المسلحة أحد أبعاده ومجالاته .
نجد أن مفهوم الإستراتيجية في المجال العسكري مر بأكثر من مرحلة , في البداية كان أشهر التعريفات وأكثرها شيوعا تعريف المنظر العسكري الألماني الشهير كارل فون كلاوزفيتز حيث أشار إلي أن الإستراتيجية هي فن إعداد المعارك ووضع الخطط العامة للحرب , أي هي (استخدام الاشتباكات من أجل الحرب ) وعرضها بصورة أشمل (هي فن استخدام المعارك كوسيلة للوصول إلى هدف الحرب ، أي أن الإستراتيجية تضع مخطط الحرب وتحدد التطور المتوقع لمختف المعارك التي تتألف منها الحرب ,كما تحدد الاشتباكات التي ستقع في كل معركة ) . كما عرفها فوند غولتز بأنها اتخاذ الإجراءات ذات الطبيعة العامة بالنسبة لمسرح الحرب ككل . وعرفها مولتكة بأنها عملية الموائمة العملية للوسائل الموضوعة تحت تصرف القائد لتحقيق الأهداف ، وتعريف مولتكة هذا يوضح مشكلة حرية الذي يحدد إستراتيجيته بنفسه ضمن مسرح عملياته , فإن أعمال القائد التي تهدف إلى توفير قوة العدو في نطاق حدوده الإستراتيجية يمكن أن تؤدي إلى الإضرار بسياسة حكومته دون فوائد تذكر ، وهكذا فسياسة الحرب ذات الهدف المحدد تفرض إستراتيجية محددة الهدف .عرف العماد طلاس الإستراتيجية العسكرية (بأنها فن توزيع مختلف الوسائط العسكرية واستخدامها لتحقيق هدف السياسة ) .
يلاحظ من مختلف المفاهيم والتعاريف أنها تحد من نطاق مفهوم الإستراتيجية وترتبط ربط وثيق بالمعارك , ومن ثم تبدو الحرب وكأنها الأسلوب الوحيد لتحقيق الإستراتيجية . لذلك نرى أن الكاتب العسكري الشهير ليدل هارت قدم تعريفا جديدا في كتابه (الإستراتيجية وتاريخها في العالم ) أوضح فيه بأن الإستراتيجية العسكرية هي فن توزيع الوسائل العسكرية واستخدامها لتحقيق الهدف السياسي أو بعبارة أخرى طرق استخدام القوة العسكرية لتحقيق السياسة . وقد تعرض ليدل هارت إلى انتقادات عديدة أهمها حصر مفهوم الإستراتيجية على الجانب العسكري ,ويستخدم تعبير الإستراتيجية للدلالة على الإستراتيجية العسكرية التي تمثل في الحقيقة سوى الإستراتيجية بمفهومها الأشمل . ويرى ريمون آرون في كتابه (السلم والحرب بين الأمم ) إن الإستراتيجية هي مجمل العمليات العسكرية , أما الدبلوماسية فهي توجيه العلاقات مع الدول الأخرى ,على أن تكون الإستراتيجية والدبلوماسية تابعين للسياسة .
وهنا تأتي أهمية تعريف الجنرال بوفر الذي ذكر في كتابه (مدخل إلى الإستراتيجية العسكرية ) أن الإستراتيجية هي فن استخدام القوة للوصول إلى أهداف السياسة , وهي حوار القوة أو الإرادات التي تستخدم القوى لحل خلافاتها .
هناك العديد من المفاهيم الكثيرة عن الإستراتيجية حيث كتب الحكيم الصيني صن تزو منذ زمن بعيد (إن إخضاع العدو دون قتال هو قمة المهارة ) . كتعريف الموسوعة البريطانية للإستراتيجية , أنها ذلك العمل الذي يسبق الحرب الحديثة لإدارة أمور الدولة لمعالجة النواحي اللازمة لشن الحرب . وتعرفها الجامعة الجوية الأمريكية بأنها علم وفن وتنسيق إعداد ونشر واستخدام القوة العسكرية لتحقيق أهداف الأمن الوطني . بينما يعرفها قاموس المصطلحات العسكرية الأمريكي الحديث والمعاصر بأنها علم وفن استخدام القوات المسلحة للدولة لتأمين أهداف السياسة الوطنية عن طريق استخدام القوة أو التهديد باستخدامها .
من خلال الاستعراض السابق لمفهوم الإستراتيجية كأصل عسكري , يلاحظ بأن المفهوم مر بمراحل عديدة , وأدلى العديد من المفكرين بدلوهم حتى وصلت الإستراتيجية اليوم على مستوى الدولة إلى مفهوم الإستراتيجية الوطنية الشاملة أو العليا أو الكاملة أو المركبة . لذا لم يعد تعبير الإستراتيجية قاصرا فقط على الاستخدامات العسكرية ,بل امتد ليشمل مختلف العلوم والمجالات . في مجال السياسة والعلاقات الدولية يستخدم التعبير للدلالة على كيفية مواجهة أو إدارة الصراع بين قوتين متضادتين ,أو كيفية استغلال كل طرف لعناصر قوته مقابل عناصر ضعف خصمه لتحقيق النصر ، وهكذا في مختلف المجالات والوصول إلى مفهوم الإستراتيجية الوطنية الشاملة والتي تعد بمثابة الإستراتيجية العامة للمنظمة كما سيأتي ذكره لاحقا .
لتكملة مفهوم الإستراتيجية من وجهة النظر العسكرية , هناك شروط لازمة لوضع وصياغة الإستراتيجية العسكرية ,وتتمثل تلك الشروط في الأتي :
1. وضع الأهداف وتكاملها . لا يمكن تصور إستراتيجية ناجحة دون تحديد أهداف واضحة غير مبهمة . لذا فإن الأهداف التي تسعي الإستراتيجية إلى تحقيقها يجب أن تتصف بالوضوح والتكامل والشمول (بين الأهداف والقطاعات المختلفة ) , كما تتصف بالتناغم الداخلي وعدم التناقض .
2. واقعية الأهداف . من المسلم به إذا لم تكن الأهداف واقعية بأنها سوف لن تتحقق , إن واقعية الأهداف يتطلب تكافؤ القدرات والموارد مع الأهداف .
3. الابتكار والاعتماد على الذات إن الفكر الإستراتيجي يعتبر قمة الفكر الإبداعي . لذا عند وضع وصياغة الإستراتيجية يتطلب الخيال الواسع والفكر ألابتكاري والإبداعي لرسم معالم الطريق الصحيحة . وكذلك من الضروري أن يتم الاعتماد على الذات عند وضع الإستراتيجية وذلك لأغراض سرية .
4. العقلانية والتخصص . ويقصد بالعقلانية أن تتم عملية الاختيار من بين عدة وسائل وأساليب مختلفة على أساس عقلاني , يمكن حسابه والدفاع عنه , وهو مدى فعالية هذه الأساليب في تحقيق الأهداف . وتتضمن هذه العملية معرفة الأهداف , ودراسة الأساليب البديلة لإنجازها , ومقارنة تلك الأساليب بعضها ببعض , وتحديد الأسلوب الأمثل . ولتحقيق ذلك يتطلب الأخر وجود معلومات دقيقة , نأخذ في الاعتبار ما يعرف بالمناهج الحديثة لتحليل المعلومات بواسطة الخبراء والمتخصصين .
5. الاستمرارية . الإستراتيجية لا تهتم بالمشاكل اليومية الروتينية , وإنما تتضمن عدة مراحل يعتمد كل منها على ما سبقها . لذا من الضروري وضوح المراحل المختلفة في ذهن المفكر الإستراتيجي من ناحية , وضرورة الاستمرارية من ناحية ثانية .
6. الإلزام . أي أن تكون الإستراتيجية تكون ملزمة للجهات التي تقوم بتنفيذها .
7. المرونة . أي القدرة على مواجهة المواقف غير المتوقعة .
نخلص من كل ذلك بالأتي :
أ0 تعبير الإستراتيجية ارتبط أصلا بالأمور العسكرية , وخرج مؤخرا من هذا الإطار وأصبح يستخدم في مختلف المجالات .
ب0 مفاهيم وتعاريف الإستراتيجية العسكرية الآن تهتم بالحرب والسلم على السواء وبمختلف ضروب الحياة السياسية , الاقتصادية , الاجتماعية , التقنية والإدارية .
ج0إن الإستراتيجية تبحث في الوسائل التي تهتم بكيفية تحقيق الأهداف , وفي جوهرها هي علاقة وسائط وأهداف , بمعنى ما الذي تريده المنظمة ثم عن طريق الوسائل يتم الوصول إلي الأهداف .
د0 تهتم الإستراتيجية بإتباع منهج علمي لتحليل المعطيات والعوامل , تحديد الأهداف , رسم المراحل , وأخيرا توضيح وبيان الوسائل اللازمة لتحقيق الأهداف .
التطور التاريخي للإستراتيجية
من خلال أصل مفهوم الإستراتيجية العسكري , والاختلافات المتباينة في وتعاريف الإستراتيجية بين الماضي والحاضر , وبعدها لاحظنا أن الإستراتيجية انحصرت في بداياتها في المجال العسكري , ثم انتقلت تدريجيا حتى شملت مختلف المجالات الأخرى . كل ذلك يؤكد بأن معنى مفهوم الإستراتيجية مر بمراحل تطور على مدى التاريخ . فيما نوضح تلك المراحل :
الإستراتيجية في عصر العبودية في ذلك العصر كان الملوك والأباطرة يجمعون بين السلطتين العسكرية والسياسية . كان تكوين الجيوش يرتكز أساسا على العبيد ومن المواطنين . وكانت وظيفة الإستراتيجية وظيفة عسكرية تهتم بحشد القوات وتنظيمها وإعدادها للحرب , ثم يتم القرار على من نشن الحرب مع اختيار وتحديد مكان وزمان الحملة , وكيفية قيادة الجيش وتأمين التفوق العددي .
كانت الأهداف الإستراتيجية العسكرية تتمثل في القضاء على العدو والاستيلاء على مدنه , أما فيما يختص بالإستراتيجية العمليات أي مرحلة الانتقال إلي ساحة المعركة , فقد تركزت أساسا في الانتقال من نقطة إلي أخرى في مكان أخر بكل الجيش ككتلة واحدة , بقصد الالتقاء في ساحة المعركة مع جيش العدو . تمثلت تلك التحركات في شكل مناورات بسيطة لا تذكر , ولكن كان الشئ الحاسم هو عملية الاشتباك نفسها . لمزيد من التوضيح لمفهوم الإستراتيجية في عصر العبودية أي ماقبل الميلاد , يمكن تقسيم هذه الفترة إلى قسمين :
أ 0المجتمعات البدائية . لم يكن لهم إستراتيجيات ولم تتجاوز أهدافهم العامة الأهداف الشخصية والقتال وأسلحة بدائية , وكيفية وطرق القتال كانت محدودة جدا وفردية .
ب0 العصور القديمة . وهي الفترة التي ظهرت فيها الإمبراطوريات , حيث كانت لهم قيادتهم السياسية والعسكرية , ولهم أهدافهم وطرقهم ووسائل القتال التي لايزال التاريخ العسكري يحتفظ ببعض من علومهم وأفكارهم . الإستراتيجية في العصر الإسلامي يلاحظ أن القرآن الكريم حوى فكرا إستراتيجيا شاملا سبق العلم الدنيوي إلى المنهجية العلمية للأداء في إدارة شئون الحياة بدرجة لم يستطيع العقل البشري أن يستوعب أغلب مناحيها , كما تطرق لتحديد الغاية الكونية من الحياة الدنيا والوسائل للوصول لهذه الغاية في آيات بينات واضحة , فإذا كانت الإستراتيجية هي وضع الأهداف وتحديد الوسائل للوصول إليها مع وضع موجهات التنفيذ (السياسة) ووسائط التنفيذ (الإستراتيجية) .
أن المتتبع للتاريخ الإسلامي يلاحظ بأن الإستراتيجية تميزت بالوضوح والدقة , ويعود السبب في ذلك إلى وحدة الغاية ووحدة الهدف والمبادئ والعقيدة المستند عليها في التخطيط والتنفيذ على مختلف المستويات , وتعددت الوسائل والطرق والأفكار الإستراتيجية خلال هذه الفترة , ودليل على هذه البصمة الإستراتيجية للعصر الإسلامي ينعكس في ما حققته الفتوحات الإسلامية من نجاح نتائج .
الإستراتيجية في العصور الوسطى (الإقطاع) هبط مستوى الإستراتيجية في العصور الوسطى (عهد الإقطاع) وهو عهد الفروسية والفرسان المدرعين , نجد أنه بعد أن كانت في المرحلة الأولى تعالج قضايا الحشد والتعبئة على مستوى البلاد بأسرها , أصبحت الآن قاصرة على نطاق ضيق جدا , حيث كان الملك أو الأمير عندما يقرر الحرب يشكل الجيش من الفرسان مقابل الأراضي التي منحت له , فيتم تعيينه على راس تابعيه من الجنود .
لذا لم تعد الإستراتيجية أكثر من تكليف كل أمير أو إقطاعي أو فارس بحشد القوات من تابعييه , وقد غابت المناورة الإستراتيجية قبل المعركة غيابا تاما , وأصبحت الحرب عبارة عن تطبيق أصول محددة , ملك ضد ملك ,وفارس ضد فارس , أمير ضد أمير , وكان الملوك والأمراء والفرسان يقاتلون مثل الجنود , بل لقد سميت الحرب في هذه المرحلة ( المعركة بالاتفاق ) , وهكذا لم تتجاوز الإستراتيجية في هذه المرحلة مسائل تحضير الجيوش وتحديد وسائل النقل وتحديد هدف الحملة واختيار أساليب وأشكال الصراع المسلح .
الإستراتيجية من القرن 15 إلى القرن 18 ميلادي إن الفكر والعلم الإستراتيجي مر خلال هذه الفترة بتغييرات وتطورات حاسمة في تاريخ الإستراتيجية , نوجزها فيما يلي :
أ0 ميكافيلي –القرن 15 . يقول فسكايا في كتاب الإستراتيجية الإقليمية والدولية , أن ميكافيلي هو أول من عكس التقدم الذي حدث في المجتمع الإقطاعي , حيث جاءت أفكاره حول الحرب تعبيرا عن التطور البرجوازي الذي مازال في مراحله الأولى , فكانت بداية التفكير الإستراتيجي المعاصر فيما يتعلق بمسائل الحروب الحديثة , ميكافيلي غي كتابه ( في الحرب ) أنطلق من مفهوم خاطئ في النظر إلى الحرب إذا اعتبرها ضرورة وشيئا طبيعيا أبديا لأنها تعبر عن تنازع البقاء بين الأحياء .
وفي ذات السياق أشار محمد عبد الرحمن عنبر إلى أن مفهوم الإستراتيجية أصبح يعني الحرب الكلية من قبل كل الأمة , وبالتالي ضرورة تعبئة الأمة وتنظيم مصادرها من أجل خوض حرب تستهدف خدمة مصالح الأمة ككل , وكانت هذه الموضوعية أول محاولة لإعطاء مفهوم الإستراتيجية معنى شاملا , ولكنها بقيت شيئا نظريا ولم تتحول إلى واقع لأنها تعبر عن نظرة البرجوازية للحرب بينما كانت أوربا لم تزل تحت سيطرة الإقطاعية .
يمكن أن نخلص بأن أفكار ميكافيلي الإستراتيجية اعتبرت نقطة تحول في المفهوم الإستراتيجي , ومن أبرزها الإشارة إلى أن أهداف الحرب يجب أن تكون سياسية وقومية وليس شخصية أو إقطاعية , كما أوصى مفهوم إعداد الدولة للحرب من أجل تحقيق أهداف وطنية , والأهم من ذلك أنه بدء يربط إستراتيجية الدولة بالإستراتيجية العسكرية في سبيل تحقيق أهداف وطنية محدودة .
ب0 غوستاف أدولف –القرن 16 . ملك السويد الذي بدء في إحياء روح الفن العسكري الذي كانت تعمه الفوضى . بالرغم من ذلك ظلت إصلاحاته محدودة ويمكن القول بأن كان دورا كبيرا في تطوير الفكر والعلم العسكري الإستراتيجي , الذي بدوره دعم تنفيذ الإستراتيجية , ومن أبرزها شكل الجيوش النظامية , وطور في التعبئة وأساليب القتال , وكذلك طور أنظمة التدريب والتعليم .
وقد أشار إلى ذلك محمد سرو بأن غوستاف هو أدوت من أنشأ الجيش النظامي بدلا من جيوش المرتزقة الأوربية الإقطاعية , مما دعم الإستراتيجية من خلال نظرية (توزيع القوات لتلائم الأرض واحتلال المواقع الإستراتيجية ) .
ج0 فريدرك الكبير – القرن17 . ملك بروسيا حيث قام بتنظيم المشاة على شكل قلعة (مربع ناقص ضلع ) , الأضلاع الثلاثة متساوية تقريباً وتتحرك جميعا ككتلة واحدة وفقا لنظام التحرك العسكري . كان لفردريك الأكبر دور كبير في تطوير أنظمة القتال والإستراتيجيات في ميدان المعركة , وكذلك تنظيم الجيوش .
د .نابليون –القرن 18. إن إعطاء الحرب صفة الحركة والمناورة الإستراتيجية الحاسمة ومتابعة الحرب حتى نهايتها لتحقيق نصر إستراتيجي , كل ذلك جعل للحرب إستراتيجية عسكرية كلية , لذا عندما جاء نابليون في تلك الظروف الجديدة , عبر عسكريا عن كل سمات التطورات الجديدة وفقاً للاتي : إستراتيجية التجنيد العام وتعبئة كل الأمة للحرب , وهنا بدأت الإستراتيجية تلعب دوراً حاسماً قبل الدخول في الحرب .
أدى التطور في الطرق والمواصلات إلى زيادة قوة المناورة الإستراتيجية , وتمخض من ذلك إستراتيجية العمليات , ومن ثم ولدت مفاهيم جديدة مثل خطوط العمليات , الخطوط الداخلية والخطوط الخارجية ......الخ .
تقسيم الجيوش الضخمة إلى فرق شبه مستقلة , مما ساعدت على القيام بالمناورات التعبوية والإستراتيجية .
يمكن أن نلخص تلك الفترة بأن نلخص تلك الفترة بأن إمبراطور فرنسا نابليون كان له دور في تطور العلم والفكر الإستراتيجي إلى درجة أن أعتبره البعض بأنه صانع الإستراتيجية , ومن أبرز ما قام به تحديد الأهداف الوطنية , وإعداد الدولة للحرب , ووضع نظام التجنيد , ونظام الفرق وتطبيق المناورات العملياتية لتحقيق أهداف إستراتيجية , كما قام بتطوير أنظمة القتال في ميدان المعركة .
5 0الإستراتيجية في القرن19 ميلادي كان للثورة الصناعية خلال هذه الفترة دور كبير في دعم ما توصل إليه الفكر الإستراتيجي خلال المراحل السابقة , فتطورت الأسلحة وتنوعت وزاد تأثيرها وكثافتها ومداها وإنتاجها , وتضاعفت قدرات الجيوش على المناورات الكبيرة , وتطورت أساليب وطرق القتال على مختلف المستويات , أما بالنسبة للفكر الإستراتيجي فأستمر ضمن إطار الأفكار النابليونية حتى وصل إلى درجة أن تفوق السلاح على تلك الأفكار .
06الإستراتيجية في الحرب العالمية الأولى كانت الإستراتيجية خلال هذه الفترة أكثر وضوحا ,حيث ظهرت الأهداف الإستراتيجية البارزة مثل : الأهداف الاستعمارية .التوسعية – العرقية , وتطورت وتعددت أشكال وحجم الجيوش بمختلف أنواعها وخاصة البرية والجوية والبحرية بشكل محدود ,وظهرت ما يعرف بظاهرة التحالفات , وطبقت جميع أشكال وأنواع وأساليب القتال على مختلف المستويات .
07 الإستراتيجية في الحرب العالمية الثانية كانت هذه الفترة عبارة امتداد متطور جداً للفترة التي سبقها خلال الحرب العالمية الأولى , ومن أبرزها , ظهور فكرة الحرب الشاملة والأهداف الوطنية , وطبقت جميع مستويات وأنواع الإستراتيجية خلال هذه الفترة , وتطورت الجيوش وتنظيماتها وأنواعها وقدراتها ووسائلها واحترافيتها وأفكار استخدامها .
08 الإستراتيجية في العصر النووي . استخدام السلاح النووي في نهاية الحرب العالمية الثانية , كان له الأثر في تحويل موازين العلم والفكر الإستراتيجي إلى عالم أخر في جوانب إستراتيجية عديدة , شملت جميع أنواع ومستويات الإستراتيجية , وفي الواقع ونظراً للخبرة المحدودة في استخدام هذا السلاح , أصبح استخدامها وامتدادها فقط (الردع النووي , سباق التسلح).
09 الإستراتيجية في عصر الفضاء أضاف البعد الفضائي عرفاً إستراتيجياً أخر إلي عالم الإستراتيجية , وضعت له قواعده ووسائله وطرقه وأساليبه , وأصبح استغلال الفضاء جزء لا يتجزأ من إستراتيجيات الوقت الحاضر .
ساحة النقاش