- مشـكلة: غياب الحب والعاطفة .
إعداد:
د. أحمد السيد كردي
خبير تنمية بشرية وتطوير إداري
فغياب الحب والعاطفة في الحياة الزوجية أخطر ما يصيب الحياة الزوجيَّة، ويُحْدِث في صَرْحها تصدُّعات وشروخ، والعلاقة بين الزوجين تبدأ قوية دافئة مليئة بالمشاعر الطيبة، والأحاسيس الجميلة، وقد تفتر هذه العلاقة مع مضي الوقت، وتصبح رمادًا لا دفء فيه ولا ضياء, وبدون الحب تصبح الحياة عاصفة من الأهوال فتزداد الهموم وتكثر المشاكل ويعبث الشيطان بحياة الزوجين فتصبح الصغيرة كبيرة ويقل الاحترام والتقدير وينظر كل منهما الى عيوب الاخر بعين الشيطان فيراها كالجبال.
وهناك العديد من المشكلات العاطفية في الحياة الزوجية, فمن المشاكل العاطفية الحب من طرف واحد سواء من الزوج أو من الزوجة وإهمال الطرف الأخر وعدم إحترام مشاعر وأحاسيس الأخر ولا يشاركه همومه وإهتماماته وكذلك الفتور والبرود العاطفى.
ومن المشكلات العاطفية حب الإمتلاك والرغبة في التملك بطريقة غير سوية, وهى تدفع الطرف المتملك إلى خنق الطرف الآخر حيث يحوطه من كل جانب ويشل حركته, ويمنعه من التواصل مع غيره مهما كانت الأسباب.
أيضا من المشاكل العاطفية والتي لها التأثير على العلاقات الزوجية مشكلة حب النفس, وما يترتب عليها من سلوكيات غير سوية البخل والطمع والأنانية بصورة واضحة سواء من جانب الزوج أو الزوجة, مبدأ أنا ومن بعدي الطوفان, وغيرها من صفات حب الذات المرضي النرجسي فالمشكلة تتعلق بالسلوك المادي والمعنوي كالبخل في العواطف والمشاعر والأحاسيس, وكذلك يرتبط بإهمال الطرف الأخر والبحث عن الحقوق فقط والتمسك بها والتقصير في الواجبات والتغافل عنها.
أسباب غياب العاطفة في الحـياة الزوجـية:
- الإنشـغال : إن معظم حياتنا الزوجية مستهلكة في قضاء مشاغل الحياة فكلا الزوجين ينشغل بموضوعات عملية ليس فيها من الرومانسية شئ وتظل تلك الموضوعات تفرض نفسها بإستمرار, ونتيجة لهذا الإنشغال وعدم الإهتمام بتبادل المشاعر والأحاسيس, تبدأ العاطفة في الضمور والتلاشي حتى تصبح الحياة مجرد كد وشقاء ومتاعب لا تنتهي.
- حـدة الطـبع : إن حدة الطباع والغضب الشديد من أهم الأسباب التي تؤدي إلى نفور الأشخاص وإبتعادهم عن الشخص الذي يملك هذه الصفات ولذا فان حدة الطبع من الأسباب التي يمكن أن تقضي أو تؤثر سلبا على العاطفة الموجودة بين الأزواج وبالتأكيد فان لها علاقة بالإنشغال فكلما زاد الإنشغال كلما زاد التوتر والضغط وبالتالي أصبحت طباع الإنسان أكثر حدة.
- عدم أداء الواجبات العاطفية : والمسؤول الأول عن ذلك هم أفراد الأسرة الذين لا يمنحون العاطفة الكافية لبعضهم, مما يجعلهم بعيدين عن بعضهم البعض.
- بعض المعتقدات الخاطئة بان الحب ينتهي بعد الزواج فمعظم الأشخاص يرون أن العاطفة بعد الزواج تختفي وتزول تحت ضغوطات الحياة المختلفة وأن الزواج يقتل الحب والعواطف, وهو أمر غير صحيح إلا إذا ما سمحنا نحن للعاطفة بالزوال واستسلمنا لمجريات الأمور
- الإعتقاد الخاطيء بأن الزواج قائم على القدرة المادية وهذا المعتقد أيضا خاطئ فالزواج قائم في المقام الأول على المودة التي تحصل بين الزوجين.
- المـلل والفتور : من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى غياب العاطفة في العلاقة الزوجية وتكمن مشكلة الملل في أن احد الطرفين هو من يشعر بالملل ولا يستطيع مصارحة شريكه بذلك ومن الأسباب المؤدية للملل الإنشغال والإنفصام وعدم الإلتزام بعهد الحب وغير ذلك الكثير.
الحــــل :
الحب بين الزوجين ليس مشاعر تروى وتذكر في ساعات معينة, فالحب مشاعر وأقوال وأفعال, الأعمال هي التي تُصدق تلك المشاعر أو تكذبها, فلا يمكن أن يكون الشعور صادقاً والتصرف خلاف ذلك, ومن أحب لايظلم من يحب, فمن أحبَّ لا يسيء, ومن أحبَّ لا يهين, ومن أحبَّ لا يجرح, ومن أحبَّ لا يشح, ومن أحبَّ لا يتجاهل, ومن أحبَّ بقلبه أحب بجوارحه ولسانه, فلا ينبغي أن يغفل الزوجان عن مثل هذه المعاني !!
والحب نعمة وفضل من الحق سبحانه وتعالى يمتن به على من يصطفي من عباده وهو مطلب شرعي وضروري في الحياة الزوجية حتى تعم المودة والرحمة اللذين هما أساس الحياة الزوجية السعيدة, لذا فينبغي أن يكون الزوجان روحا واحدة في جسدان فالمرأة مرآة الرجل يرى فيها مميزاته وعيوبه وآماله وآلامه, وفي وقت الشدة يكونان كالجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى كناية عن توادهم وتراحمهم كما بين ذلك الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم, وقال تعالى:« هن لباس لكم وأنتم لباس لهن}.
وعلى الزوجين إعطاء هذه المشكلة بعض الإهتمام للتتغلب عليها، حتى تكون علاقتهما علاقة تواصل دائم، وحب متجدد, فالتواصل العاطفي هو مفتاح السعادة بين الزوجين، وتبادل مشاعر الحب بين الزوجين يقوِّي رابطتهما، فالحب يتضمن مشاعر متداخلة من الرحمة والمودة والتضحية والبذل والعطاء والإيثار والإخلاص والوفاء.
والحب أمر فطر الله الناس عليه، وهو رباط قوي بين الرجل وزوجته، فهو السلاح الذي يشقان به طريقهما في الحياة، وهو الذي يساعدهما على تحمُّل مشاقَّ الحياة ومتاعبها، وهو الذي ينمو حينما تحسن العشرة بينهما, والرغبة الجنسية بين الزوجين قد تذبل أو تموت فى حالة المرض أو الشيخوخه, ولكن الحب لايتأثر كثيراً بتلك العوارض فى حالة كونه حباً أصيلاً.
والأهم من ذلك كله أن يتعلم الزوجان قاعدتين مهمتين لبيوت سعيدة، وهما أن البيوت تُبنى على المودة والرحمة، وأن دمار البيوت يبدأ من جفاف المشاعر، فيجب المحافظة على أجواء البيوت هادئة ومستقرة ومعين متجدد للمودة والحب والدفء والحنان, فينبغي تنمية الحب بين الزوجين فهو الحب الحقيقي الحب الطاهر الحلال الذي يرضاه الله سبحانه وتعالى.
إن كلمات الحب الصادقه لها مفعول السحر على الزوجين من القلب إلى القلب, فكلمات الحب تساعد على تقوية العلاقة بينهما والمحافظة على الزواج نفسه، وبعد ذلك لا بد من الاستفادة من العلاقة الجسدية لبناء علاقة عاطفية ناجحة ومثمرة، لأن هذه العلاقة تولد الشوق والمودة والحيوية بالنسبة لكلا الطرفين.
- لغة العيون : النظرة الحانية, فإن لها أثراً كبيراً في تعميق الحب بين الزوجين, فعندما تنظر إلى زوجتك أو هي تنظر إليك، فكّر أثناء النظرة أنك تحبها فإنها سوف تقرأ ذلك من خلال عينيك وحركاتك دون أن تنطق بكلمة واحدة, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:إن الرجل إذا نظر إلى إمرأته ونظرت إلية نظر الله إليهما نظر رحمة, فإذا أخذ بكفها تساقطت ذنوبها من خلال أصابعها.
- فن إستخدام لغة الهدايا : للهدية وقع خاص ومؤثر على النفس البشرية عموما , لما فيها من إظهار للتقدير والاهتمام والتفكير في المُهدى إليه بعد فترة ليست بالقصيرة للوصول إلى شيء ينفعه ويرضيه , وفيها إظهار للمحبة والرعاية , وقد أوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم بالهدية لما فيها من تأليف للقلوب ولما تتركه من أثر إيجابي عميق في توطيد أواصر المودة والحب بين الزوجين.
فكما روى البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( تهادوا تحابوا), فالمتأمل في الحديث تأملا لغويا يجد جواب الشرط يأتي مباشرة بعد فعل الشرط مباشرة دون أي فاصل بينهما, ولهذا دلالته على أن المحبة نتيجة حتمية للهدية وسريعة ومضمونة بلا تعقيدات.
وللهدية في الحياة الزوجية لغة خاصة جدا لا تحتاج للكلمات فلها مفعول السحر على توصيل الرسالة إلى من نريد, ففيها معان كثيرة تستطيع توصيلها, ففيها الشكر بعد مجهود كبير يعبر فيه الزوجان عن إمتنانهما وتقديرهما لزوجه, وفيها الإشتياق بعد مرض أو حادث أو غياب طال أو قصر, وكذلك فيها الإعتذار عن خطأ ما, وهذا ما نجده عند الرجال أكثر منه عند النساء نظرا لطبيعة الرجل التي لا تقبل عادة أن ينطق بلفظ التأسف صراحة ويستثقل جدا أن يعتذر بالطرق المباشرة فتاتي الهدية كرسول بالاعتذار الضمني لشريكة حياته.
وفيها تعبير عن الحب الذي يبدأ في التواري والاختفاء بعد سنوات الزواج والإنجاب ومشكلات الأبناء الكثيرة كما يسمى بالفتور العاطفي, فتأتي الهدية كنوع من المفاجأة للزوج فتكون بمثابة الومضة التي تنير قلبيهما, وتعبر عن مدى حب كل منهما للآخر, وللهدية والعطاء تأثيرهما على أشد القلوب بغضا فتحيلها إلى أشد القلوب حبا ولها تأثيرها الشديد على الرجال فكيف بالنساء وهن أرق قلوبا وألين عاطفة .
ولقد إستخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا الهدية كوسيلة من وسائل ترقيق القلوب وإجتلاب المحبة لما علم من عظم تأثيرها فيقول صفوان بن أمية رضي الله عنه وهو الذي ظل يبغض النبي صلى الله وسلم طيلة حياته -فيروي مسلم عنه قوله: لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاني وإنه لأبغض الناس إلي، فما زال يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي".
- الوسطية في الحب : أمر هام ومطلوب في العلاقات الزوجية الناجحة, فلا يصح الحب الفاحش بجنون, ولا موت القلب وغياب الحب والعاطفة, فمن الحب ما قتل, لذا ينبغي أن يكون الحب متزنا, ومتصل بحب الله وفي الله حتى يؤجر عليه بتجديد النية الحسنة مع الله, فمن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو إمرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
ومهم جدا المجاهرة بالحب والإعتراف به بين الزوجين وأمام الأخرين, حيث نجد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يجاهر بحبه لزوجاته أمام الجميع, فعن عمرو بن العاص أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الناس أحب إليك ؟, قال: عائشة، فقلت من الرجال؟قال: أبوها". (رواه البخاري).
مدرسـة الحـبيب :
فلنا في الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة في علاقاته وحبه لزوجاته, من علامات حبه صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها, كان يراها تشرب من الكأس فيحرص كل الحرص على أن يشرب من الجهة التي شربت منها, وكان ينام في حجرها وهي حائض ولا يتأفف منها, وأخبر أن فضلها على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام, وهي التي كانت تغار عليه حبا.
وقالت عائشة رضي الله عنها: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني ) قال: هذه بتلك السبقة, (رواه ابو داود). وقالت أيضا: كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نغتسل في إناء واحد كلانا منه ", (رواه احمد). فلنتتأمل هذا الحب الذي يفيض من قلب النبي وزوجه عائشة كلاهما للآخر.
وعن عروة بن الزبير قال: قالت عائشة: والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن حريصة على اللهو. (رواه البخاري ومسلم)
وأثناء مرضه صلى الله عليه وسلم الأخير، حين إقترب ساعة اللقاء بربه وتفيض روحه إلى الرفيق الأعلى، لا يجد نفسه إلا طالباً من زوجاته أن يمكث ساعة إحتضاره إلا في بيت عائشة، ليموت بين سحرها ونحرها، كما في الحديث عن عائشة قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتفقد يقول أين أنا اليوم؟ أين أنا غدا؟ إستبطاء ليوم عائشة، قالت:فلما كان يومي قبضه الله بين سحري ونحري", ذاك حب أسمى وأعظم من أن تصفه الكلمات أو تجيش به المشاعر.
وتعلم من مدرسة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام, فعندما دخل علي بن أبي طالب رضي الله عنه على زوجته فاطمة الزهراء رضي الله عنها بنت الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، ورأى في فمها عود أراك تستاك به، فأنشد قائلا:
لقد فزت يا عود الأراك بثغرها ...... أما خفت يا عود الأراك أراك ؟
لو كـنت من أهل القتال قتلتك ...... فما فـاز مني يا سِواكُ سواكَ .
وقد تظهر العواطف والشوق في حالة البعد عن الحبيب والغياب عنه، كما قال المحدث إبن حجر متشوقا إلى زوجته ليلى الحلبية:
رحلت وخلفت الحبيب بداره .... برغمي، ولم أجنح إلى غيره ميلا.
أشاغل نفسي بالحديث تعللا .... نهاري، وفي ليلي احن إلى لـيلي.
وما أبدع تلك الصورة التي تحكيها إحدى الزوجات، فتقول: إن زوجي رجل يحتطب (يقطع الأخشاب، ويجمعه من الجبل، ثم ينزل إلى السوق فيبيعها، ويشترى ما يحتاجه بيتنا)، أُحِسُّ بالعناء الذي لقيه في سبيل رزقنا، وأحس بحرارة عطشه في الجبل تكاد تحرق حلقي، فأعد له الماء البارد؛ حتى إذا قدم وجده، وقد نَسَّقْتُ متاعي، وأعددت له طعامه، ثم وقفتُ أنتظره في أحسن ثيابي، فإذا ولج (دخل) الباب، إستقبلته كما تستقبل العروسُ الذي عَشِقَتْهُ، فسلمتُ نفسي إليه، فإن أراد الراحة أعنته عليها، وإن أرادني كنت بين ذراعيه كالطفلة الصغيرة يتلهى بها أبوها.
وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:« لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مؤمنة إن كَرِهَ منها خُلُقًا رضي منها آخَرَ ",(رواه مسلم). قال الحافظ النووي رحمه الله تعالى: أي ينبغي أن لا يبغضها لأنه إن وجد فيها خُلقا يُكره وجد فيها خُلقا مرضيا بأن تكون شرسة الخلق لكنها دينة أو جميلة أو عفيفة أو رفيقة به أو نحو ذلك ".
وينبغي قبول الطرف الأخر كما هو وحبه بدون أي مصلحة ومنفعة تنتظر, فلا يصح أبدا إنتظار منفعة مادية من تبادل الحب وعند إنتهاء المصلحة يموت الحب, وينبغي أيضا قبول الطرف الأخر شكليا فلا يعيب المرء سوء خلقته ولكن يعيبه سوء خلقه, فلكل من يبغض شريك حياته لهذا السبب, يقول تعالى:« فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19].
وعن أبو عثمان الحيري: لما سئل عن أرجى عمل عمله, فقال: لما ترعرعت ولم أتزوج بعد، جاءتني إمرأة, فقالت: يا أبا عثمان، قد أحببتك حبًّا ذهب بنومي وقراري، وأنا أسألك بمقلب القلوب أن تتزوج بي، فقلت: ألك والد؟ فقالت: فلان الخياط، فراسلته فأجاب فتزوجت بها فلما دخلت وجدتها عوراء، سيئة الخلق.
فقلت: اللهم لك الحمد على ما قدرته علي، وكان أهل بيتي يلومونني على ذلك، فأزيدها برًّا وكرمًا إلى أن صارت لا تدعني أخرج من عندها، فتركت حضور المجلس إيثارًا لرضاها وحفظًَا لقلبها، وبقيت معها على هذه الحالة خمس عشرة سنة، وكنت في بعض أحوالي كأني قابض على الجمر، ولا أبدي لها شيئًا من ذلك إلى أن ماتت، فما شيء أرجى عندي من حفظي عليها ما كان في قلبي من جهتها!!
كما أن التضحية والصبر من أهم علامات الحب الحقيقي بين الزوجين فالحياة كلها مواقف ويظهر المعدن الطيب والخلق الحسن في وقت الشدة, إن العلاقة الزوجية ليست فقط مشاعر الحب والعاطفة، ولكنها أيضا الاستعداد للتضحية، أو التصرف لمصلحة الطرف الآخر على حساب المصلحة الشخصية، ويجب أن نميز بين مشاعر الحب وأعمال الحب، فالمشاعر هامة وأساسية إلا أن أعمال الحب من التضحية والبذل للآخر من شأنها أن تحافظ على العلاقة السعيدة والدافئة.
وسـلاح الحـب الصبر والمصابرة في الحـياة الزوجـية : فكم من بيوت هدمت بسبب عدم القدرة على تحمل المحنة وتخطي الأزمة, حتى يكون الفرج منحة من الله عز وجل جزاءا للصبر والمصابرة, فالصبر مفتاح الفرج, قال تعالى: يا أيها الذين أمنوا إصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ", ومن أجمل قصص الصبر على قضاء الله والرضا بقدره في الحياة الزوجية من رياض الصالحين, عن أنس قال: إشتكى ابن لأبي طلحة (أي: مرض) فمات، وأبوطلحة خارج البيت، ولم يعلم بموته، فلما رأت امرأته أنه قد مات، هيَّأتْ شيئًا ونَحَّتْهُ (أبعدته) في جانب البيت، فلما جاء أبوطلحة، قال: كيف الغلام؟ قالت: هو أهدأ مما كان، وأرجو أن يكون قد استراح.
فظن أبو طلحة أنه شفي، ثم قربتْ له العشاء، ووطَّأت له الفراش فجامعها، فلما أصبح اغتسل، فلما أراد أن يخرج أعلمتْه بموت الغلام، فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم أخبره بما كان منها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:« لعله أن يبارك الله لكما في ليلتكما). فرزقهما الله ولدًا، وجاء من ذريته تسعة أولاد، كلهم قَرَءُوا القرآن وحفظوه. [رواه البخاري].
ساحة النقاش