<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
كثيراً ما نتحدث عن الإبداع بوصفه خاصية فردية – العبقري الوحيد هناك الذي يبتكر الأفكار اللامعة. لكن، ومع تنامي العمل التعاوني، تبرز أمامنا حقيقتان متعلقتان بإبداع الفريق: أولهما القدرة الفعلية للفريق على استنباط حلولٍ مبدعة لمشكلات العمل، تتفوق في جدتها غالباً على الأفكار التي يستطيع أي من العاملين في الشركة توليها بمفرده. والثانية إن هذا الإنجاز العجيب للفريق لا يحدث آلياً – بل تتحتم إدارة العملية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف ذلك؟
للإجابة عن هذا السؤال، أُطلق مشروع بحثٍ برئاسة تيريز أمابايل، وهي أستاذة في كلية إدارة الأعمال في جامعة هارفارد، بدأ بتقصي العوامل التي تميِّز الإبداع والابتكار في أجواء الفرق أو مجموعات العمل. ولتنفيذ ذلك، طورت أمابايل إحصائية دُعيت KEYS: Assessing the Climate for Creativity، وذلك بغية قياس هذه الظروف. تضمنت الدراسات التمهيدية لهذا المشروع مقابلات أجرتها أمابايل وفريقها مع المديرين التنفيذيين، وقادة الفِرق، وأعضائها في العديد من المؤسسات المتنوعة. وفيها سُئل المشاركون تحديد المشروعات الناجحة المبدعة التي شاركوا فيها، والتحدث عن كيفية تنفيذها في مرحلة ما بعد "ولادة الفكرة اللامعة". وتشرح أمابايل ذلك قائلة: "يبدأ الإبداع كله بأفكار مبدعة. ويتوقف نجاح تنفيذ البرامج الجديدة، أو تقديم منتجاتٍ جديدةٍ أو خدماتٍ مبتكرةٍ، على وجود شخصٍ أو فريقٍ صاحب فكرة جيِّدة، ومن ثم تطوير تلك الفكرة أبعدَ من حالتها الابتدائية الرديئة الصياغة".
حددت أمابايل وفريقها ستة شروط اتضح توافرها في فرق المشروعات المبدعة والناجحة. ويستطيع مدير الفريق رعاية كل منها، ما لم يجعلها دوماً في مكانها الصحيح بمفرده، دون مساعدة. قد تبدو بعض هذه الشروط صدىً للمعارف الهرمية التقليدية القديمة، لكن في الحقيقة لكل منها نقاطه المبهمة التي يسهل إغفالها – وفي ذلك مجازفة كبيرة.
1- برهن على ثقتك بالفريق:
لا تفي الخطابات الحماسية وحدها بالغرض؛ إذ ينتظر أعضاء الفريق منك إظهار الثقة بجهودهم، عبر تمثيل السلوك المثالي لعضو الفريق الجيِّد (تقدير الإسهامات الفردية مثلاً) من جهة، واتخاذ المزيد من الأفعال القيادية (وضع أهداف عامة مناسبة، والتوثق من تلبية احتياجات المجموعة) من جهةٍ ثانية. فإذا أظهر قائد الفريق نقصاً في الثقة، شعر الفريق بذلك واستجابَ بخنق حماسته للمشروع. وقد وجدت أمابايل أن هذا التحرر من العمل يعني عموماً تدني مستوى الإبداع وحب الاستطلاع، والتقليل من الحوار المتقد الذي يقود إلى إحداث تقدمٍ مهم.
2- تيقن تواصلَ أعضاء المجموعة مع بعضهم بعضاً بحرِّيةٍ:
توثق من وجود مقدارٍ كافٍ من الاختلاف بين وجهات نظرهم، حتى يتوافر لهم موضوع مهم يتبادلون الحديث عنه. فالفريق المثالي يتكون من مجموعة من الأشخاص ذوي الخلفيات الثقافية المتنوعة والمهارات المختلفة، الذين يثق كل منهم بالآخر – بالرغم من ذلك – إلى الحد الكافي؛ لتحدي عمل الآخرين بوصفه جزءاً من انفتاحهم العام على الأفكار الجديدة.
تبدأ مسؤوليتك، بصفتك مديراً، بتحديد المزيج المناسب من الأعضاء لتأليف فريق المشروع. والتنوع لا يعني بالضرورة وجود فروقٍ في العرق أو الجنس، على الرغم من أهمية ذلك. ويمكن القول: إنّ المقصود به جمعَ أشخاص ذوي خبرات متنوعة، من تسويقٍ وتمويلٍ وتقانة المعلومات، للاطلاع الكامل على وجهات نظرهم المختلفة حول موضوعٍ معينٍ. كثيراً ما يتردد على مسامعك المثل القديم القائل: "تأتيك أفضل الأفكار من حيث لا تتوقع"، والفِرق المبدعة ليست استثناءً مع التقاطع بين الرؤى والأفكار المتنافرة، التي تمثل مناخاً قد يبدو في بعض الأحيان – في نظر المشاركين – شديد الغرابة، ومثيراً للنزاع من حين إلى آخر. اخترْ أعضاء فريقك بعناية؛ واصنعْ مزيجاً من الخبرات المهنية والمفكرين المبدعين، والأشخاص الذين لا يهابون استجواب الآخرين. هذا وقد كشفتْ أمابايل أنّ المجموعة المتجانسة التي يميل أفرادها إلى التوافق مع بعضهم بعضاً وحسب، لن تتمكن نموذجياً من الارتقاء إلى مستوياتٍ رفيعة من الإبداع.
3- توثق من منح أعضاء الفريق قدراً كافياً من المسؤولية:
إن إفراطك في السيطرة على مجريات الأمور – باتخاذ القرارات الدقيقة المتعلقة بنوع العمل الذي يجب إنجازه، وكيف ينجز ومتى؟ مثلاً – سوف يثبط قدرة الفريق على التفكير الفاعل والأداء البديع. يجب أن يشعر كل عضوٍ في الفريق بالحرية لتنفيذ نصيبه من المشروع. ومن ناحيةٍ أخرى، زيادة المسؤولية الملقاة على عاتق الأعضاء لا يعني إلقاء أكوامٍ من العمل فوق أكتافهم دون تزويدهم بالتوجيه؛ فالمطلوب هنا تحقيق نوعٍ من التوازن، يتجلى على نحو رئيس في التماس أفراد الفريق الأفكار الجيِّدة المتعلقة بتنفيذ المشروع من بعضهم بعضاً.
4- وفر الموارد الملائمة للفريق:
تحقق من توافر شروط الراحة اللازمة لفريقك، بحيث يتاح لأفراده فرصة التفكير الإبداعي حول كيفية استخدام هذه الموارد، عوضَ القلق بشأن توفيرها لهم. في حالاتٍ كثيرةٍ يلاحظ غياب ثقة قادة المشروعات بقدرتهم على توفير الموارد الضرورية – من أشخاص أو نقود أو معدات أو معلومات أو إمكانية الوصول – أو يخفقون في إبلاغ أفراد الفريق بتوافر هذه الموارد، فإذا ما وجدتْ قيود للموارد، فاستعنْ بالفريق لتقويمها، وبذلك تتحسن قدرتك على تحديد الموارد الضرورية للفريق، وعلى رفع القضية إلى الإدارة العليا؛ لتقوم بتوفيرها.
5- تحقق تكليفَ كل عضو في الفريق بعملٍ يتحدى قدراته:
ليس تكليف الناس بالمشروع أمراً كافياً لهم؛ إذ يحتاجون إلى أداء عملٍ يقربهم من الأهداف المهمة لهم. اكتشفتْ أمابايل أن نزعة الناس إلى الإبداع تزداد عندما يشعرون بالتحدي في عملهم – شرط ألا يصل حداً غير مقبولٍ – في أثناء أداء مهماتٍ شديدة البساطة أو بالغة التعقيد. ومرة أخرى، يحتاج المدير إلى تحقيق توازنٍ معيّنٍ. توجد سبل عديدة لزيارة التحدي في عمل الفريق، منها: تعلم أفراد الفريق من خبرات بعضهم بعضاً، وتحمل مسؤولياتٍ جديدة، واقتناص الفرص المتاحة للمشاركة في خبراتهم بطرق جديدة مع مجموعات جديدةٍ. شجعْ أفراد الفريق كافة على استكشاف الحدود القصوى لإمكاناتهم، واطلبْ منهم توظيفها بطرقٍ جديدةٍ، واحترس من وجود حملٍ زائدٍ عليهم.
6- اضبط الضغط:
وفقاً لاستنتاجات أمابايل، يمكن لزيادة الضغط أو نقصانه تثبيط القدرة الإبداعية. وهكذا، يتخامد إبداع الفريق عند تعرض أفراده لضغطٍ شديدٍ في الوقت، أو عند وضع أهداف خيالية للإنتاجية؛ وتنهال الشكاوى عليك من كل صوبٍ مندِّدةً بوجود فيض في العمل، وقلةٍ في الوقت اللازم لإتمامه. وفي المقابل، يتضاءل احتمال حصولك على أفضل أفكار أحد أعضاء الفريق، أو أرفع مستويات دافعيَّته، أو انتباهه، إن لم تشغلْ وقته كاملاً بالعمل، أو لم تحددْ له موعداً نهائياً لإتمام مهمته. عموماً، يكثر قادة الفِرق من استخدام الضغط وسيلةً لتنفيذ العمل. والقائد الحكيم يطبق الضغط بالمقدار المناسب، ويضبطه باستمرار، ويخفف منه إن دعت الحاجة. لكن، ينبغي ألا يبدو الضغط اعتباطياً على الإطلاق؛ بل يجب فهمه على أنه مؤشر اقتضته الضرورة الملحة – والقيمة النهائية – لأداء العمل.
لربّما بدتْ خطوات الأداء الست هذه جليةً، لكن تنفيذها قد يقتضي وقتاً طويلاً. يؤكد البحث الذي أجرته أمابايل أن تصميم المناخ الإبداعي لا يتم بين ليلة وضحاها – فقد تتطلب العملية أشهراً. والمدير الناجح يهيئ هذه الظروف تدريجياً، وبطريقة ذكيةٍ ومستمرةٍ بمرور الوقت.
حددْ أهدافاً تساعدك على بناء مناخ عملٍ ملائم للفريق، وعلى تقويم ذلك المناخ، وقيدْ نفسك بإطاراتٍ زمنيةٍ معينة: في أي شهر ترغب في رؤية فريقك، وقد طور سبلاً أسهل وأكثر أريحية لتواصل أفراده؟ كيف تنوي رعاية تلك المسألة؟ كيف تميز وصول الفريق إلى أهدافه – وفق أي معايير؟
وتذكرْ: أنت تبتكر ثقافة جديدة؛ الأمر الذي يتطلب منك تكريس جهدٍ ووقتٍ كبيرين. لكن قيامك بذلك النحو السليم سيولد في داخلك الفخر بالأفكار الصادرة عن فريقك.
(مطبوعات كلية هارفرد لإدارة الأعمال) (سلسلة القيادي الناجح)
ساحة النقاش