الطلاق ظاهرة إجتماعية مكروهة، ولكنها واقع يتوجب الإعتراف به. هو الحل الأخير الذي يتم اللجوء إليه؛ لإنهاء حالة معاناة بين زوجين لم يوفقا في زواجهما، ولكنه، أي الطلاق، ليس نهاية الحياة بالنسبة للمرأة، فهي قد تعاني وتتألم وتبكي وتصرخ، ولكن من الضروري أن تعود لرشدها، وتأخذ لحظات تتأمل فيها بعمق، وتفكر بأن ما حدث ربّما أبعد مما هو أسوأ؛ لأنّها إذا خيّرت بين الجحيم والطلاق فستفضل الطلاق، إنطلاقاً من حقيقة أنّ الزواج الفاشل هو الجحيم بعينه، فكيف تتخطين هذه المرحلة؟
ترى خبيرة الشؤون الإجتماعية البرازيلية إيرامايا جيرمانو. أنّ أصعب الأمور في الحياة هو تخطي آلام ومعاناة الطلاق. الذي يمثل إنتهاء علاقة بين زوجين جمعتهما ذكريات وألفة والتحام روحي وجسدي. وتستدرك: "من الصعب تخطي هذه الأمور: لأنّ المرأة تحديداً تتعود بشكل عميق على وجود شريك معها لسنوات، ولن يكون من السهل عليها محو كل ما بني في الذاكرة حول العلاقة التي ربطتهما بحلوها ومرها".
- أصعب الطلاق:
أوضحت. الخبيرة إيرامايا. أنّ للطلاق أسباباً كثيرة، منها:
1- عدم التوصل إلى تفاهم حول الكثير من متطلبات الزواج.
2- عدم الإتفاق على أسلوب الحياة المشتركة.
3- عدم التأقلم مع فكرة الزواج من أصلها.
4- عدم إنجاب الأولاد.
ولكن أصعب حالات الطلاق على المرأة بشكل خاص هو الطلاق الناجم عن الخيانة الزوجية للرجل: لأنّ المرأة في هذه الحالة تفقد الثقة بنفسها بشكل كامل، وتفكر لماذا خانها زوجها؟ هل كانت عاجزة عن إسعاده أم أنها لا تملك من الأنوثة ما يرضيه؟
وتابعت: "إنّ الأمر ربّما لا يكون هذا أو ذاك، فهناك رجال يخونون زوجاتهم ليس لأنهنّ غير جميلات أو لا يستطعن إسعادهم، بل لأنّ الخيانة عند بعض الرجال هي بمثابة هواية يمارسونها. والمرأة الواثقة بنفسها ربّما تتمكن من الحفاظ على رباطة جأشها: لأنها تعرف نفسها، وتعلم أنها قادرة على إرضاء زوجها، وبالنسبة لهؤلاء النساء، وهن قلة، يكون الطلاق بداية لمرحلة جديدة من الحياة بحثاً عمن يستحقون ثقتها، ويستمر قطار الحياة في السير بإتجاه الأمام رغم التألم النفسي، الذي يأتي ليس لفقدان شريك حياتها وإنما بسبب صعوبة نسيان أنها لا تستحق الخيانة".
- المسافة الفاصلة:
هناك مسافة طويلة تفصل بين حدوث الطلاق وإستعادة الثقة بالنفس بالنسبة للمرأة، تماماً مثل المسافة التي تفصل بين التدمير والبناء، حيثُ تجزم خبيرة الشؤون الإجتماعية إيرامايا جيرمانو أنّه من السهل جدّاً تدمير كل شيء، ولكن الصعوبة تكمن في إعادة الإعمار، وتستدرك: "قصر المسافة أو طولها يختلفان بين إمرأة وأخرى، ولذلك نجد نساء يقاومن فكرة الزواج من جديد بعد الطلاق؛ لإعتقادهنّ أنهنّ لا يستحققن الإرتباط بأحد طالما أنهنّ فشلن في الزواج الأوّل. ومثل هذا الموقف أو الإعتقاد قديم، وقد أكل عليه الدهر وشرب، فطالما أنّ الحياة مستمرة فإنّ العلاقات الإنسانية ستستمر. وليس هناك ما يبرر الإستسلام للهزيمة ولا بشكل من الأشكال".
وبرأي إيرامايا أنّ الرجل يتغلب على عواقب الطلاق بسهولة أكبر بكثير من المرأة، وتتساءل: "لماذا لا تعيد المرأة ثقتها بنفسها، وتعود للحياة بشكل عادي؟ إنّه سؤال يستوجب التوقف عنده، وعلى كل من تقع في مثل هذا الظرف أن تعلم أنّ الحياة لن تتوقف بسبب طلاقها، وأنّ العمر يمضي بسرعة، وينبغي عليها إستدراك هذه الحقائق قبل فوات الأوان، فحياة المرأة المطلقة صعبة في الأصل في كل مجتمعات العالم، وليس هناك من داع أن تصعبها المطلقة أكثر، وأفضل شيء هو القبول بالواقع، ومحاولة تقصير المسافة بين الهدم والإعمار من جديد".
- مواجهة اللحظات:
برأي الباحثة البرازيلية المعروفة بدراساتها المتعددة حول الطلاق والعلاقات الزوجية، أنّه من أجل الإستمرار إلى الأمام وتخطي محنة الطلاق يجب أن تحاول المرأة وضع أهداف لمرحلة ما بعد الطلاق، مشيرة إلى أن وضع مثل هذه الأهداف لمستقبل جديد يعتمد على شخصية كل إمرأة، ولكن من أهم متطلبات الإسراع في رسم معالم الحياة ما بعد الطلاق بالنسبة لها هو إستعادة الثقة المفقودة. وهنا نوهت الباحثة إلى أنّه ليست هناك مهلات محددة لإستعادة المرأة ثقتها بنفسها بعد الطلاق، فقد يستغرق الأمر أشهراً قليلة، وربّما يدوم سنوات، وتفضل إيرامايا أن تفكر المرأة أوّلاً في كيفية التغلب على اللحظات المأساوية، وتحاول الإسراع في تحليل أسباب الطلاق وتغلق الملف، تعلّق: "لكن ما يعقد ذلك في بعض الأحيان هو تفكير المرأة بأنها ربّما تكون هي السبب في الطلاق، الأمر الذي يجعل مواجهة اللحظات المأساوية تدوم لفترة أطول".
- العامل الإجتماعي:
هذا العامل، كما تؤكد الباحثة، يؤدي إلى إطالة فترة إستعادة المرأة ثقتها بنفسها، وبخاصة المجتمعات التي تفتقد الإحترام للمرأة المطلقة. ومواجهته والتغلب عليه صعب دون شك، ولكنها يجب أن تتم مهما كانت صعبة ومعقدة، ومن النصائح التي يجب أن تعمل بها المرأة لإستعادة الثقة بنفسها أن تبدي رد فعل تجاه ما حدث، وألا تكون سلبية أو صامتة أو مستسلمة.
* نصائح الخبيرة:
1- بادري إلى الحديث مع الأهل والأصدقاء وأخبريهم جميع التفاصيل، فذلك يساهم في تخفيف العبء النفسي عن نفسك فتشعرين بأنّ هناك مَن يشاركك المشكلة.
2- حديثك عن مشكلتك يشكل 60% من ملامح الحل المقبل: لذلك احذري من السكوت: فهو دائماً علامة قبول وضع حتى وإن لم يكن محبباً.
3- استشيري نساء أخريات مطلقات؛ لإكتساب مزيد من المعرفة عن الطلاق وآثاره، وكيفية مواجهة عواقبه، وبالتالي كيفية إستعادة ثقتك بنفسك، فالحديث مع الآخرين يساعدك على إعادة توضيح "الجزئيات السلبية" داخل نفسيتك، ومقارنتها مع السلبيات التي مرّت بها نساء أخريات كن ضحية للطلاق.
4- اعرفي النواحي السلبية التي أدت إلى الطلاق، فهذا يخفف من معاناتك الداخلية، واعلمي أن جهل الأمور على حقيقتها يعقد نفسيتك، بحيث لا تعرفين من أين تبدئين؛ لكي تتخلّصي من المعاناة.
5- حاولي التعود على الوضع الجديد الذي أحدثه الطلاق، وتلاءمي مع الواقعي.
6- لا تهملي نفسك؛ لأن ذلك سيبعدك عن جهود إستعادة الثقة بها.
7- ثقي في أنّ الطلاق لا يعني أنك متِّ أو انتهيت، بل ربّما يكون بداية لأسلوب جديد من الحياة، يجلب السعادة لك أكثر من ذي قبل. فالحياة مليئة بأناس جيِّدين؛ لأنها إن خلت فنت

المصدر: محمد داود – البرازيل
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 862 مشاهدة

ساحة النقاش

هدى علي الانشاصي

alenshasy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

10,408,281