لقد ساد في المجتمعات العربية قديماً أن المرأة خلقت للبيت ورعاية الأبناء والاهتمام بالزوج لذا أخذ الآباء في تزويج بناتهم مبكراً متجاهلين أهمية تعليمها وتثقيفها، أما في الوقت الحاضر فقد اهتمت الأسرة بثقافة الفتاة مما أدى إلى تأخير تزويجها.
السؤال الذي يطرح نفسه هل يكون الزواج عائقاً لاستمرار الفتاة في تعليمها ونيلها الدرجات العليا أم لا؟ وكيف لها أن تحقق ذلك وما مدى دعم الزوج في ذلك وما هي أهمية تعليم الزوجة وتثقيفها على حياة الأسرة والأبناء.
وفي هذا التحقيق نماذج رائعة لزوجات استكملن تعليمهن بعد الزواج.
بعد 20 عاماً
البداية كانت مع عبلة جمعة ماجستير في التربية النفسية التي تقول عن رحلتها التعليمية بعد الزواج إنني حصلت على الليسانس من الجامعة وبعد ذلك عملت بمؤهلي لمدة 14 سنة وتزوجت خلال هذه الفترة وسافرنا أنا وزوجي للعمل في دولة من دول الخليج ورجعنا إلى بلدنا بعد حوالي 6 سنوات وكانت بلدنا تمر بظروف حرب فاضطررت لترك العمل للجلوس مع أولادي واستمر هذا الوضع منذ عام 1984 وحتى 1990 ولما توقفت الحرب شعرت أن البلد مقبلة على عهد جديد وتغيير فأحببت أن يشملني هذا التغيير فعرضت على زوجي أن أكمل دراستي بعد الجامعة بالرغم من حصولي على الشهادة الجامعية منذ 20 عاما، ووافق زوجي والحمد لله حصلت على ماجستير في التربية النفسية، وكان هذا بفضل دعم زوجي لي وما بيننا من تفاهم وتعاون وأضافت عبلة قائلة إن كل زوجة قادرة على أن تتعلم وتتثقف بعد الزواج، إذا كانت تستطيع أن توفق بين بيتها ودراستها وأن ترتب احتياجاتها حسب الأولويات ولا يكون هناك مانع أن تنتسب للجامعة والمهم في ذلك أن تقتنع المرأة بأن دراستها سوف تساعدها وتساعد أولادها ومجتمعها فإذا وجدت دعما من زوجها في إكمال الدراسة الأكاديمية فإن ذلك سوف يسهل عليها مهمتها، أما إذا اعترض على إكمالها لدراستها فيأتي هنا دور الثقافة داخل بيتها بكل مجالاتها والمهم أن تكون الزوجة لديها استعداد لذلك ولا تتوقف ثقافتها على الدراسة الأكاديمية فقط وبالتالي تقوم بوضع برنامج جيد لتعليمها وثقافتها بحيث لا يؤثر على علاقتها بزوجها أو أولادها، وأنا أرى أن كل زوج يريد أن تكون زوجته متعلمة ومثقفة حتى يعود ذلك على أولادها وأسرتها بالنفع.
لزوجي فضل كبير
أما مها فتحه المحامية فتقول إنني تزوجت بعد حصولي على الثانوية وبعد أن أصبح لدي ثلاثة أطفال أي تقريبا بعد عشر سنوات تقدمت للدراسة في معهد الكمبيوتر وبعد أن أنجبت طفلي الرابع وتوقفت عن الدراسة وتركت المعهد، ثم رجعت بعد 18 عاما من الزواج والتحقت بكلية الحقوق وأكملت دراستي فيها وحصلت على شهادة الحقوق حتى سجلت محامية في النقابة وكان لزوجي دور مهم وفضل كبير في إكمال دراستي فمنذ البداية كنا متفقين على أنه عندما يأتي الوقت المناسب لي سوف أكمل تعليمي وبالفعل قد أوفى باتفاقه وكان متعاونا جداً معي. وتواصل مها حديثها قائلة: إنني لم أتخذ قرار استكمال دراستي إلا بعد أن كبر أولادي وأصبحوا لا يحتاجون إلى في كل شيء، ومع ذلك حرصت في العام الأول لرجوعي للجامعة أن أكون دائماً موجودة في البيت في الوقت الذي يكون فيه زوجي وأولادي بالبيت ويقتصر ذهابي إلى الجامعة على الوقت الذي يكونون فيه خارج المنزل، وبالرغم من تعاون زوجي معي إلا أنني كنت أحرص على ألا أضايقه بكثرة غيابي من المنزل، وأضافت أنها تنصح كل زوجة تحاول أن تكمل تعليمها ألا يكون ذلك الأمر حاجزاً بينها وبين زوجها وأولادها وألا يكون على حساب راحة الأسرة واستقرارها، بل أن تكون دراستها سبباً للتواصل بينها وبين زوجها وأولادها.
متعلمة ومثقفة
وتقول سها مكداش ماجستير في أصول الفقه إنها أكملت مسيرتها التعليمية بعد سبع سنوات من الزواج، فقد كانت حاصلة على الثانوية عند زواجها وقالت إن إنجابها لأربعة أطفال منعها من إكمال دراستها، وبعد سبع سنوات وجدت لديها دافعاً لكي تكمل مسيرتها التعليمية بالجامعة، وكانت لديها حاجة ورغبة لكي تتعرف على أمور دينها أكثر ورغبة في الحصول على شهادة جامعية وتقول إن الفضل يرجع لله سبحانه وتعالى ثم لزوجي الذي ساعدني كثيراً في إكمال دراستي كان لا يبخل عليّ بالجهد أو المال، فقد كانت دائماً امتحاناتي مثلاً تأتي مع امتحانات أولادي فكان زوجي يعطل عمله من أجلي، لكي لا أتأثر بمشاغل البيت والأولاد وظل هذا الحال حتى حصلت على الماجستير والحمد لله، وبالرغم من أنني أصبحت أعلى من زوجي تعليميا إلا أن ذلك لم يؤثر أبداً على علاقتي بزوجي بل هو الذي شجعني للحصول على الماجستير.
وأشارت سها إلى أن على كل زوجة أن تستثمر وقتها وتستفيد منه لكي تكون إنسانة متعلمة ومثقفة، حتى لو لم تسنح لها الظروف في إكمال دراستها يكون ذلك داخل بيتها فهناك وسائل كثيرة للتثقيف، وألا تدع أي عائق يؤثر عليها بل تتخطاه بأن يكون لديها إرادة وهدف وعزيمة لكي تصبح امرأة مثقفة ومتحضرة، فأنا أرى أنه إذا حددت الزوجة هدفها فسوف تحققه.
والد زوجي
وتقول منال غلايني في العام الأخير بكلية الشريعة الإسلامية: إنها تزوجت وسافرت مع زوجها إلى فرنسا، وهناك أكملت الثانوية في مدرسة عربية ثم بعد ذلك عادت إلى بلدها وبعد سنتين تقريبا وبتشجيع من زوجي ووالد زوجي لاستكمال تعليمي والحصول على شهادة جامعية التحقت بكلية الشريعة وفي عامي الأول من الدراسة أنجبت طفلي الثالث فاضطررت لترك الدراسة لمدة سنتين من أجل أولادي وبعد ذلك عدت لمواصلة مسيرتي التعليمية ولا شك أنه قد واجهتني صعوبات في التوفيق بين البيت ومطالب زوجي وأولادي وبين إكمال دراستي ولكن كان لزوجي دور كبير في التخفيف من هذه الصعوبات فقد كان يراعي ظروف دراستي وأنا أعرف جارة لي لم يكن العائق في إكمال دراستها هو زوجها بل كونها منقبة فقد كانت تجد صعوبة في الخروج الكثير، ومع ذلك لم يمنعها ذلك من تثقيف نفسها داخل منزلها فهي بمثابة موسوعة ومثقفة جداً في أمور دينها وكانت مصادرها في الثقافة الكتب وأشرطة الكاسيت وحضور حلقات العلم وهذه مصادر من الممكن أن تتثقف بها أي زوجة فهي في متناول الجميع.
وأقول لكل زوجة تحب أن تتعلم أن تنظم وقتها بين بيتها وتعليمها، وإذا لم تستطع أن تكمل تعليمها أن تتثقف في بيتها
المصدر: مجلة الفرحة
نشرت فى 18 نوفمبر 2011
بواسطة alenshasy
هدى علي الانشاصي
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
10,387,207
ساحة النقاش