العلاقة الزوجية عالم شائك ومعقد تبنى على أسس نفسية وروحية تتفاعل فيما بعضها لتحدث ذلك الانجذاب الطبيعي بين المرأة والرجل.
في الوقت الحاضر تعرضت هذه الرابطة إلى هزات عنيفة أفقدتها ذلك الرونق العبق.
الرابطة الزوجية من أسمى وأقدس الروابط الانسانية فعلى أساسها تُبنى المجتمعات وفي أحضانها تُصقل الشخصيات لتنخرط في خضمّ هذه الحياة ...
لهذا أولى الاسلام أهمية قصوى لهذه الرابطة وجعل قداستها ضمن اعتبارات شرعية وسلوكية يتحتم على الطرفين الالتزام بها.
((فعاطفة الحب)) هي الركيزة الأولى من استمرارية هذه العلاقة وحدد الإسلام هذا المعنى تحت مفهوم ((السكن واللباس)) كقوله تعالى: (هنّ لباس لكم وأنتم لباس لهنّ)، وقوله تعالى في الآية الأخرى: (ومن آياته أن جعل لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة).
فهذه الخصوصية والسرية هي التي تحيط الطرفين بهالة من الدفء والحنان وتدفعهما إلى صب مشاعرهما في تلقائية وعفوية ... ولكي تستمر هذه الواحة خضراء معطاء تسقي أرض الزوجية حباً ورواءً لابد من سلوكيات وأخلاقيات معينة تقتضي الالتزام بها ليس كواجب فحسب إنما رغبة في إرضاء الطرف الآخر لكسب محبته واحترامه. هذه الأيام بدأ الدفء يتسلل من عش الزوجية هارباً والحب ينطفئ ... ليصبح البيت محطة باردة لقضاء الحوائج المادية ... لتضيع الهمسات واللمسات الحانية بفعل الملل والروتين. ويهرب كل من الطرفين إلى الأقرباء والأصدقاء شاكياً، نادباً حظه يضع عيوب شريكه ضمن تقرير يومي يحفظه ظهراً عن قلب. وللمرأة في هذا الخصوص دور كبير وعظيم لكونها المحور الأساسي لهذا الكون وبفعل سيكولوجيتها وتكوينها النفسي تستطيع أن تغير وتحول وتبدل وهذا بحد ذاته تعظيم وتكريم لكل مَن يحاول أن ينتقص من موقعها النفسي في هذا المجتمع لهذا فثمة نصائح ثمينة لتلك الزوجة الحائرة التي يضيع صوتها الشاكي في زحمة الحياة ...
ـ عليك بطاعة الزوج في كل مواقفك وتنقلاتك، ان للطاعة خصوصية شرعية ناهيك عن طاعة المرأة لزوجها بدافع الحب والاحترام حتى لو لم يكن هناك ثمة التزام.
ـ الأنوثة: لقد أخطأت الحضارة حينما صوّرت لكِ الأنوثة في ألوان ولباس فقط ... هي بعض منها لكنها ناقصة دونما تلك الخصائص النفسية التي تجذب الرجل وتأسر قلبه ... المرأة المحبة التي لا تتورع عن التودد وإظهار العاطفة الجياشة ناحية الرجل وتحمل عصبيته وعدم تحديه ثم محاورته بصوت ناعم رقيق ليس فيه تحدي وغضب وخشونة ... إظهار الضعف والاستكانة بقربه ... امتصاص نقماته بصبر وتأني ... لا بأس أن تمسح على شعره، وتربت على كتفه، تبثه الحنان ... تغوص في أعماق قلبه لتنزع كل همومه وآلامه ... الالتصاق بالزوج ليشعر بالأمان والراحة ... فرسول الله (ص) يقول: ((خير النساء الودود الولود)) فالمرأة المتوددة للرجل هي التي تكسبه حبيباً للأبد.
ـ الزينة: لغة ساحرة تجذب الرجل وتأسره منها سلاح المرأة على مر العصور لماذا تتحسري على عارضات الأزياء، أو ممثلات السينما، قد تكونين أنت الأجمل بل والأفضل من كل شيء ... لو عرفت كيف تعتنين بنفسك، فالاهتمام بالرشاقة عبر الحركة والرياضة ونظام الغذاء، ثم ارتداء الثياب المغرية داخل البيت هناك مقولة يتداولها البعض مفادها أن الشبعان في بيته لا يبحث عن مطاعم بديلة والرجل الذي يكتفي جنسياً بالمرأة ويجد فيها كل ما يمتع ناظريه وحواسه وعواطفه فليس هناك ثمة فرصة ليبحث عن بديل ... الشعور بالنقص هو الذي يدفع أكثر الرجال للبحث عن نساء أخريات، فبعض الزوجات يتمنعن بفعل مزاجهن المتقلب أو يهملن في زينتهن فتراهن مع أزواجهن يتخطرن في جلابيب واسعة أشبه بالأكياس ليخفين الشحوم والترهلات، وهذا كله بفعل الإهمال فالأوزان شيء متغير، قابل للتغيير بامكانك العودة إلى الرشاقة ثانية، بامكانك تغيير كل شيء من جمالك نحو الأفضل، لابد أن فيك شيئاً ما جذب زوجك إليك في أول الزواج وأشعل حماسه، إبحثي عن ذلك الشيء، تعلّمي المشي الرشيق الجلوس المهذب، الحديث الممتع ... اصنعي من نفسك نجمة مغرية لزوجك ... تصرفي كما لو كنت عشيقة أو حبيبة فربما الأمومة ومسؤوليات البيت تزاحمك في هذا المضمار ... لكنك بذكائك تستطيعين فعل المستحيل.
ـ النظافة: كثير من النساء تهتم بالمظهر الخارجي والنظافة السطحية دون النظافة الداخلية فالطهارة الجسدية عنصر مهم لتكامل الشخصية.
ـ الثقافة الجنسية: لابأس أن تتثقفي وتتعلمي عبر الكتب الصحية والطبية بعض ما يخص أسرار جسدك وأسرار هذه العلاقة، ثمة أشياء تغيب عن النساء بفعل التربية الخاطئة ... وقد تكون المصارحة بين الزوجين في هذه القضية شيئاً مهماً كي يعالجان البرود، عدم التوافق، السعادة الزوجية تتوقف على هذه الركيزة وكل ما دونها من مشاكل إنما هي فقاعات عائمة على السطح.
تعبير طبيعي عن العشق والحق اتجاه الطرف الآخر، فكلماك بر هذا الحب وتعمق كلما حاولنا أن نستميت من أجل أن نعبر عن هذا الحب عبر تلك السلوكيات والأساليب والتغيير من الأوضاع لتعطي مزيداً من البهجة والرونق لحياتك الزوجية.
ـ الكلام: اعرفي كيف تتحدثين مع زوجك ... ربما قبل الزواج كنت أميرة حالمة، عاشقة، حديثك همساً وشكلك طيفاً ... الآن كل شيء تغير ... نوع الحديث، ونبرة الصوت بالأمس كان حلماً وعزفاً جميلاً يطرب مسامع الحبيب والآن شكوى وتذمر وصراخ فيه الخشونة والحدة... كفي عن الشكوى من الأولاد والتذمر من سلوك الخادمة كلنا نقع في هذه المصيدة ... ولا عيب أن ننتشل أنفسنا من هذه السقطات، حاولي أن تهمسي بالليل وتتحدثين بصوت هادئ، في النهار، الصراخ والضجيج معولان هدامان للحب والجاذبية، الابتسامة الدائمة والسحرية من هموم الحياة الاعتيادية كفيلة بطرد شبح الآلام، فليجمعك ليلاً وعندما تنطفئ الأنوار حديث الوسادة ... وهمساً عاطفياً يستحث جذوة الحب المنطفئة ويشعل أوارها من جديد ... استحضرا بعضاً من ذكريات الخطوبة وشهر العسل، هات ألبوم صور زواجكما واستعيدا معاً الذكريات القديمة منذ أن التقيتما أول مرة، ستجدين إن شاء الله بعضاً من المشاعر الدفينة ... تتسلل على السطح وتظهر من الأعماق.
ـ الثقة بالنفس: نقطة مهمة في حياة كل امرأة ... لا قيمة للشخصية أو الجمال دونها ... فهناك كثير من الجميلات يفقدان ثقتهن بأنفسهن وربما تكون هي سمة عالية في بعضهن ممن يقلن جمالاً عن غيرهن قد تولّد هذه الصفة بعضاً من الأمراض المزمنة التي تقلق الحياة الزوجية وتوتر الحياة كالشعور بالنقص، فالمرأة التي تفقد ثقتها بنفسها تغار من كل النساء ربما تغار ممن أقلها حظاً في الحياة ... لكن هذا الشعور المتضخم من ذاتها يحولها إلى كائن غير مشبع ... يبحث عن الإطراء والإعجاب في عيون الآخرين ويتعب نفسياً عندما يهمل ويتجاهل أمره ... هذه السيدة المهزوزة النفس ترتبك عندما تُذم أو تُنتقد نقداً سلبياً وترتجف أوصالها وربما تقضي ليلها ونهارها تفكر في هذا النقد ... بينما السيدة الواثقة من نفسها مهما سمعت وانتقدت لا تكترث ولا تهتم لأنها واثقة من نفسها وجمالها وشخصيتها ولا تتعرض لمشاكل الغيرة حتى لو تعرضت لمقارنة مع غيرها من النساء ... هذه السيدة المتزنة لا تهتم بالمظاهر الخارجية ولا تستميت من أجل اقتناء الملابس والحلي للفت الأنظار وإشباع النقص ... هي تكتفي بالمقدار المحدود والقليل لأن في أعماقها الشيء الكبير والكثير، هذه الثقة نستمدها من ثقتنا بالله سبحانه وتعالى ومن قناعتنا بما أعطانا الله ... تكامل الانسان لا يكون إلا من الإيمان بمقدرتنا ومواهبنا التي أعطانا إياها رب العالمين.
ـ الاهتمام بالبيت: مهما كان البيت صغيراً أو كبيراً، بسيطاً أو فخماً ... قد يتحول بيديك وبلمساتك إلى جنة وارفة الظلال أو إلى صحراء جرداء مقفرة، لا تتركي زمام الأمر كله بيد الخادمة، هي عامل مساعد لكنها ليست كل شيء ... البيت هو مملكتك الصغيرة وإدارته بيديك فحاولي خلق جواً من الراحة عبر اختيار الأثاث المريح والأضواء الهادئة ... بامكانك أن تخصصي ركناً من البيت للاسترخاء كأن تضعي النباتات الداخلية وشلالات صغيرة صناعية من الماء ... طيور مغردة في بعض الزوايا ... نوراً خافتاً ... تشربان في هذا الركن الجميل الشاي ... تجلسان وكأنكما في حديقة غناء ... الراحة النفسية ليست بفخامة الموبيليا والأنتيكات الفاخرة ليس هذا مهماً ... المهم هو الطابع النفسي المريح ... الهدوء الجميل ... والألوان المريحة للأعصاب ... النظافة ... الرائحة الطيبة المنبعثة من البيت ...
هناك الأعشاب المعطرة ... والشموع ذات الروائح الزكية ... هل فكرت ذات يوم أن تتناولي العشاء على ضوء الشموع وفي جو رومانسي حالم ... أنت صاحبة الأمر ... اصنعي بيتك بذوقك وبمزاجك ... اصنعيه بالصورة التي توفر الراحة لأسرتك وتخلق لها جواً مشبعاً بالأمان والاسترخاء قد يكون هذا الحديث ليس هو الخاتمة لكنها أشياء ضرورية ومهمة وربما جاءت مختصرة فحديث حساس كهذا متشعب لو أخذنا كل نقطة على حده وحللناها تحليلاً دقيقاً وربما هناك بعض من الأمور المحرجة لا ينبغي الكلام عنها بصراحة متناهية اللهم إلا الشيء البسيط.
المصدر: خولة القزويني
المصدر : مقالات
نشرت فى 18 نوفمبر 2011
بواسطة alenshasy
هدى علي الانشاصي
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
10,396,855
ساحة النقاش