تعتبر ظاهرة الإدمان من اهم وأخطر المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التى يتعرض لها العالم الآن بصفة عامة والمجتمع المصرى بصفة خاصة , ونظرا لخطورة تلك الظاهرة فقد نالت اهتمام كافة الدول حيث عملت على تخصيص منظمات دولية وقومية مزودة بإمكانيات بشرية ومادية ضخمة فى سبيل مكافحة تلك الظاهرة والقضاء عليها .
ففى مصر على سبيل المثل اهتمت الدولة بإنشاء مؤسسات لعلاج الإدمان فمنها المؤسسات العامة والخاصة وجمعيات مكافحة المسكرات والمخدرات وأندية الدفاع الاجتماعى بالإضافة الى الندوات والمؤتمرات التى لها الدور الأكبر فى مواجهة تلك الظاهرة لأنها تعمل على توعية وتوجيه الشباب ضد خطر الإدمان .
الادمان هو تعود الانسان جسميا ونفسيا على المخدر مما لا شك فيه أن المخدرات الطبيعية كالحشيش والخشخاش موجودة منذ فترة طويلة ولكن مع تطور الزمن بدأت تظهر المخدرات الخلقية والتى تحضر بطريقة كمياوية كالحبوب المخدرة والمنومة والمهلوسة والهروين الذى يعتبر أشهر المخدرات ووباء العصر فى مصر ونظرا لارتفاع سعره فقد زادت التجارة فيه لما يحققه من مكاسب عالية , ووفقا لتقرير الادرارة العامة لمكافحة المخدرات عام 1990 ان كمية الهيروين التى تم ضبطها خلال هذا العام 58 كيلو جرام واستطاع أيضا رجال مكافحة المخدرات فى مصر القبض على سيدة أنجولية عمرها 28 عاما فى مطار القاهرة وهى تحمل كمية كبيرة من الهروين قيمتها 4 ملايين جنيها مصريا والإدمان فى حد ذاته ليس مسئولية المدمن بمفرده وإنما مسئولية مشتركة بين المدمن والأسرة والمجتمع وسوف نتحدث أولا عن الأسرة باعتبارها العامل الأول فى سبيل الإدمان لأنها تعتبر المدرسة الأولى فى حياة الفرد التى يكتسب منها كل الصفات والمعارف ويتطبع بطابعها ويسلك سلوكها ويتبع منهجها وكما يقول علماء النفس يولد الإنسان كصفحة بيضاء ثم تبدأ الأسرة والوسط المحيط به فى تشكيل تلك الصفحة .
وهنا تقوم الأسرة بالدور الأساسى فى عملية التنشئة الاجتماعية والتى تعتمد أساسا على تنشئة الرد على العادات والتقاليد والأسس الدنينة والتى تقدم له النصيحة والتوجيه بالبعد عن رفاق السوء فالأب يعتبران قدرة لأبناهم لأن الأباء يتحركون كما يتحرك الآباء فكل انسان يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه وبالتالى يمكن للآباء حماية أبنائهم من خطر المخدرات فتعاطى الأم والأب للسجاير والخمور مثلا يدفع أبناءهم الى اكتساب ذلك السلوك فيقوم الطفل بتقليد والديه عند التدخين .... وأكدت البحوث وجود علاقة بين التدخين والإدمان تصل فوق 95% فالملاحظ ان معظم المدمنين يدخننون ولكن هذا لا يعنى ان كل مدخن مدمن , فتحلى الوالدين بالدين والأسس الحميدة يحفظ أبناءهم من السلوك المنحرف ومن الوقوع حت طائلة الادمان .
ويظهر هنا رب الاسرة فى التحدث مع أبنائهم عن الادمان مع اختيار الوقت المناسب للتحدث معهم مثلا عندما يذيع التلفزيون مشكلة
طرق الإدمان والوقايـة من خطـــــرهـــا
مدمن فهنا يعرفهم بأن تجار المخدرات يقولون له ان المخدر يعطى له السرور والقوة والجنس وليس هناك ضرر من تعاطى كميات بسيطة ويجب أن يجعل رب الأسرة الحوار مفتوحا بينه وبين أبنائه بحيث يستمع الى آرائهم ومشاكلهم ومساعدتهم على حلها , فزيادة الثقة بين الوالدين وأبنائهم يساعد على تلاشى ظاهرة الإدمان .
ومن واجبات رب الاسرة تجاه أبنائه تشجيعهم ودفعهم الى الصلاة والتقرب الى الله لأنها تعتبر السلاح الأول والفعال الذى يحمى الانسان من الوقوع فى الخطر وعليه أن يضع ضوابط لأبنائه وخاصة الذين فى مراحل مبكرة من العمر حتى ينشأ ويتعود على تلك الضوابط مع تحديد نوعية الأصدقاء الذين يرافقهم وتقديم النصيحة لهم من وقت لآخر .
ويعد ذلك كله مجموعة عوامل أساسية من العوامل التنشئة الاجتماعية التى يجب أن تقوم بها الأسرة تجاه أبنائها لكى تدفعهم بعيدا عن تيار الإدمان .
وإذا كانت الأسرة هى النواة الصغرى فى الحياة الانسان فإن المجتمع هو النواة الكبرى والتى بمقتضاها يتحدد سلوك وأفعاله الفرد .
فالمجتمع بما فيه من علاقات فى إطار المدرسة والجامعة والعمل والنادى يساعد الانسان على تشكيل سلوكه بالاضافة الى الأسرة إلا أن مساهمة المجتمع فى تشكيل سلوك الانسان يظهر تأثيرها بصورة واضحة خاصة فى مرحلة الجامعة باعتبارها المرحلة التى يتحرر فيها الانسان من سلطة العائلة وبالتالى يزداد احتكاكه بالمجتمع ويبدا فى اكتساب عادات وتقاليد تلك الأوساط المحيطة به , لذلك نجد أن الشباب وهم الذى تتراوح أعمارهم بين 18 , 35 سنة أكثر الفئات تعرضا للادمان لأنها تعتبر المرحلة التى يصل فيها الفرد الى التحرر من كل القيود المحيطة من حوله ويبدأ فى التفاعل والاندماج مع جماعات جديدة سواء فى الدراسة أو العمل وقد تضم تلك الجماعات أصدقاء السوء الذين يدفعونه الى الادمان .
والواقع ان نظرة المجتمع تجاه الشخص المدمن نظرة خاطئة ويجب أن تنال مزيد من العناية والاهتمام
ـ فأغلب المتعاطين ضحية للمجتمع والظروف التى نشأ فيها وبالتالى لا يجب أن نـخذة على موقفة وأنما يجب أن نعمل على علاجه والوقوف بجانبه بدلا من النظر اليه على انه مدمن والنفور منه والتخلى عنه لأنه ليس هناك انسان معصوم من الخطأ فكل انسان معرض للخطأ ويقول سبحانه وتعالى " وعصى آدم ربه فتاب عليه انه هو التواب الرحيم " .
فيجب أن يكون هناك علم اجتماع الضحايا ليس فقط على المدمنين وإنما كل من يتعرض لضغوط اجتماعية لا دخل فيها على سبيل المثال ضحايا الزلزال الذى حدث بالقاهرة ومن ضمن العوامل التى تدفع المدمن للإنتكاسة مرة ثانية هى عدم قبول المجتمع لتلك المدمن على أنه شخص سوى وكذا نفور المجتمع منه فمثلا حاله شخص تعرض للادمان , فقد فاجأ هذا الشخص بعد خروجه بأن المجتمع لا يفسح له صورة بالإضافة إلى أنه كان يرغب من الزواج من فتاة فوجد قبولا منها ورفضا من أهلها لأنه مدمن وأنهم لا يقبلون أن يربطوا مصير إبنتهم بشخص تعرض للادمان , كل ذلك يسبب له القلق والضيق والاكتئاب الذى يعتبر دافع أساس الادمان .
فيجب هنا أن يتغير المجتمع نظرة تجاه الشخص المدمن وأن يعامله معاملة حسنة وأن يفسح صدره لهؤلاء وأن يوفر لهم سبل الرعاية والتسلية لوقت الفراغ ـ وسبل التوعية والعلاج من خلال زيادة الحملات الإعلامية التى تساعد على تشجيع المدمن للعلاج بالمصحات الخاصة والعامة بالاضافة إلى الدور الفعال الذى تقوم به الجمعيات المصرية لمكافحة المخدرات والمسكرات .
وأخيرا يجب أن تشترك كافة الأجهزة متمثلة فى الشئون الاجتماعية والصحة والداخلية فى وضع برنامج علمى سليم يهدف إلى تغير نظرة المجتمع تجاه الشخص المدمن وتأكيد على الدور الرئيسى والفعال الذى تقوم به الأسرة فى مواجهة ظاهرة الادمان .
ساحة النقاش