أسس وقواعد الرواية والدراما من القرآن .. فتحى حسان محمد

   

أسس الدراما

البداية - الابتلاء - الزلة - العقدة - الانفراجة - التعرف - النهاية

التعرف

 التعرف هى النقطة التى يصل إليها البطل بعد أن يكون قد حصل على حاجته ، ولم يتبق له إلا أن يحقق هدفه الذى لم يتحقق بعد ، ويعمل ويجتهد من أجله ، بعد أن استعاد السير فى طريقه الصحيح الذى رسمه لنفسه ، ولكنه يسير وهو يفتقد شيئا ما أو أداة ما من أدواته يثق أنها هى التى ستيسر عليه تحقيق هدفه ولكنه يجهلها ولا يعرفها  بينما هو متأكد من أنه لو عثر عليها فهى التى توصله ، فيجاهد ويستعمل كل وسائله من علم وتعليم وخبرة وحنكة ودهاء ومكر حتى يتصادم مع شخص يصارعه وهو يجهله لا يعرف حقيقته كاملة , ولكنه يعتقد أن الذى يقف له يعطله عن بلوغ هدفه ، فيقدم على قتله أو التخلص منه بكل ما أوتى من قوة حتى يكاد يوقع به ، ولكن فى اللحظة المناسبة يتدخل شخص يعرفهما ، فيكشف لهما حقيقة بعضهما البعض وأن ثمة علاقة وثيقة أو صلة دم تربطهما ، ولكن لسبب من الأسباب فرقت بينهم الأقدار ، وظن كل واحد منهما أن الآخر يقف عقبة فى تحقيق هدفه ، مع أن هدفهما فى الحقيقة واحد ، أو يكملان أهداف بعضهما البعض ، أو تحقيق الهدف لأحدها يكون سببا لتحقيق هدف الآخر ، فى تقابل بديع وتساوى وتطابق غريب ينم عن العدل والمساواة والتكامل ، والمكاشفة هذه التى تؤدى إلى التعرف من شأنها أن تحول مشاعرهما من بعد الكراهية إلى الحب ، ومن بعد العداء إلى الصداقة ، ومن بعد الشر إلى الخير ، ومن بعد المجابهة إلى الاتحاد ، ومن بعد الاختلاف إلى الاتفاق ، ومن بعد الانتقام إلى التسامح ، ومن بعد الخوف إلى الفرح 0 ويكون ذلك مدعاة لترابطهما ووقوفهما إلى جوار بعضهما البعض ضد القوة الحقيقية التى تصارعهما ، وأوقعت وأوعزتت العداوة بينهما ، وهى تعرف حقيقة العلاقة بينهما0

    التعرف هو المشهد المرعب المحزن المخيف ، الذى يقدم فيه البطل على خطوة يصارع فيها مجابهيه بكل قوة وبسالة ، حتى تصل به الحال للإقدام على قتل مصارعه لأنه يظن أنه هو الذى يعطله ويقف حجر عثرة فى طريق تحقيق هدفه ، ولذلك يريد التخلص منه والإجهاز عليه ، حتى يصل إلى اللحظة التى يكاد يقتله أو يوقع به ، ثم يتدخل شخص آخر أو أداة أخرى من أدوات التعرف التى سنذكرها ونوضحها فى موضعها بإذن الله ، ويكشف سر وحقيقة العلاقة بينهما ، والتى تكشف حقيقتهما لبعضهما البعض ، مما يحدث الانقلاب فى ميزان الصراع ، ويجد البطل أن من كان يريد الوقيعة به والتخلص منه ما هو إلا عون له ، فيحدث التحول من الكراهية إلى الحب ، ومن الجهل إلى المعرفة ، ومن الصراع إلى المؤازرة القوية التى تساعد البطل فى الحصول على حاجته، ومن ثم يحقق هدفه الذى يعينه فيه الذى أراد الوقيعة به 0

     التعرف الذى به تتم المكاشفة وجلاء الحقيقة التى تفرح وتسر من بعد الفزع والخوف والرعب ، هى من شأنها الجالبة للفرح والسعادة للبطل ، ولنا نحن المشاهدين، مما تحقق لنا التطهير من المخاوف التى كانت مسيطرة علينا جراء ما يقدم عليه البطل من خطوة يكاد يقتل أو يوقع بمن نعرفه نحن ونعرف حقيقته بالنسبة للبطل من أنه من أقربائه أو مناصريه أو مساعديه ، ولكن البطل نفسه لا يعرف ذلك ، ومن يصارعه هو أيضا يجهل ذلك غير أنه يعرف أن ما يريده ويحتاجه البطل هو العقبة فيه ، ولكن شخصا آخر يعرف سر الحقيقة بينهما ، أو من يصارعه يعرف ولكنه لا يفصح عن ذلك لسبب عنده من خوف يكبله ، أو ضعف بسبب نبيل يقدم فيه منفعة البطل على منفعته ، أو ظنا منه أنه يكشف نفسه قبل الوقت المناسب يضر بالبطل ولا ينفعه ، ويمكن الآخرين من القضاء عليه , وبذلك يفقد البطل أهم مقوماته يعاونه وهو لا يعرف الذى سيسهل له طريقه أو ييسر له عمله ، أو يبسط له العقبة التى تواجهه ، أو يكشف له حقيقة ما تمكنه من تحقيق هدفه 0 لكننا نحن نعرف أواصر وحقيقة العلاقة بينهما ، وعندما يتوقف البطل فى اللحظة المناسبة بعد استبيان وتوضيح وكشف حقيقة العلاقة بينه وبين من يريد الوقيعة به نفرح ونسعد ونسر0 وهذا فرض على المؤلف ألا يجعل الفعل بين البطل ومصارعه الذى لا يعرفه يتم أبدا ، وإلا أحزننا وأغضبنا ، وهو مالا يجوز للمؤلف أن يقع فيه أبدا لأنه ليس من حقه علينا أن يغمنا ويحزننا ويقتل الأمل فينا ، وكلها عوامل تصيب بالأمراض لا علاج لها كما هو مفروض أن يحدث لنا ، يجب أن تكون سببا فى علاجنا 0

     إنه عادة يكون من نتائج  الفعل المفزع حتى يحوله إلى المفرح ، والذى يقع بين الفاعل البطل وشخصية أخرى ، لا يعرفان بعضهما البعض ولا يعرفان حقيقة بعضهما البعض ، وفى اللحظة المناسبة أى فى وسط التعرف يحدث الانكشاف ويتعرفان على بعضهما البعض ، ويتحولان من العداء إلى الحب ، وبالتالي هذا التعرف الذى يقيض له شخصا آخر يسهل على الشخصية الرئيسية طريقها نحو حاجتها وهدفها0 

ويتبقى انواع التعرف وقد شرحناها ووضحناها فى موضع آخر بعنوان ( انواع التعرف وكيفية تعرف يوسف على اخوته

ملحوظة مهمة

ما ذكرناه يخص  التراجيكمدى ( المأسملهاة ) المحزنة المفرحة ، والتراجيديا العظيمة والكوميديا النبيلة ، وفى العادة يكون البطل فاضلا ونبيلا وتنتهى بسعادة وفرح له ولنا نحن المشاهدين.

بينما فى التراجيديا السوداء والالهية والكوميديا السوداء فالامر فى التعرف يختلف :

بأن يوقع البطل بمصارعه

أى أن يتم المشهد المفزع على كماله لكى تصبح نهايته نهاية حتمية بالفجيعة فى حياته أو الخسارة والندم العظيم وتقطع أى شفقة أو عطف أو رحمة أو تعاطف منا له وفى العادة يكون البطل متردى غير نبيل ولا فاضل  بمعنى

 - أن يهم الفاعل بفعله المفزع وهو لا يعرف من سيقع عليه الفعل ولا يعرف حقيقته ، ويقوم بتمام الفعل

- أو يعرف من سيوقع به الفعل المفزع  ويعرف حقيقته ومع ذلك يقوم بتمام الفعل

- أو يعرف من سيوقع به الفعل المفزع ولكن لا يعرف حقيقته ثم يقوم بكمال الفعل

- أو انه يعرف من سيوقع به الفعل المفزع ولكن لا يعرف حقيقته ، ولكن فى اللحظة المناسبة يعرف حقيقته ، ومع ذلك يقوم بتمام الفعل المفزع المحزن

aldramainquran

أسس القصة بصفة العموم الروائية والدرامية: البداية - الابتلاء - الزلة - العقدة - الانفراجة - التعرف - النهاية القواعد : الصراع - الحبكة - التغير - الانقلاب - اللغة المكونات : الاحداث - المكان - الزمان - المؤثرات - الفكر - الفكرة

  • Currently 425/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
141 تصويتات / 482 مشاهدة
نشرت فى 12 أغسطس 2011 بواسطة aldramainquran

ساحة النقاش

فتحى حسان محمد

aldramainquran
أديب روائى ودرامى وكاتب سيناريو، مؤلف كتابيى أسس وقواعد الأدب والرواية من القرآن الكريم ، وأسس وقواعد الدراما من القرآن الكريم ، ومجموعة من سيناريوهات الافلام والمسلسلات التى فى عقالها. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

125,245