بقلم: ربيع عبد الباقي

لشهر شعبان فضلٌ كبيرٌ، وهو منحةٌ من الله تعالى لمن يريد أن يتعبَّد ويصوم تقربًا إلى الله تعالى؛ ونودُّ أن نتعرَّض لبعض الأعمال الفاضلة في شهر شعبان، والتطرق أيضًا لبعض البدع التي استحدثها الناس في هذا الشهر.            

 

فقد ورد في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان".

 

ومن هذا الحديث نستطيع أن نقف على بعض السنن أو الضوابط التي تخص شهر شعبان:

أولها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخص شهر شعبان بكثرة الصيام.

ثانيها: أنه صلى الله عليه وسلم كان يداوم على الصيام في هذا الشهر ويُكثر الصيام فيه.

ثالثها: أنه صلى الله عليه وسلم لم يصم شهر شعبان كاملاً.

رابعها: أن الشهر الذي كان يصومه بكامله هو شهر رمضان؛ وذلك لكونه فريضةً.

فضل شهر شعبان

روى أبو داود والنسائي وصححه ابن خزيمة عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: "ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهرٌ تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يُرفع عملي وأنا صائم".

 

ومن هذا الحديث نخرج بالآتي:

- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُكثر من صيام الأيام من شهر شعبان؛ وذلك لأنه شهر يغفل عنه الناس.

 

- أن في هذا الشهر ترفع الأعمال إلى الله، وقد كان صلى الله عليه وسلم يحب أن ترفع أعمالُه وهو صائم.

 

فعلينا أن نقتديَ برسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نزيد ولا ننقص في مثل هذه الأمور الشرعية التي ليس لنا فيها قولٌ أو فصلٌ، فهى أمورٌ توقيفيةٌ لا نفعلها من منطلق العقل أو المنطق أو الرأي، وإنما نفعلها امتثالاً لأمر الله وسنة رسوله وقد أمرنا بذلك ﴿قُلْ أَطِيْعُوا اللهَ وَأَطِيْعُوا الرَّسُوْلَ﴾ (النور: من الآية 56) 

 

 يقول الإمام علي كرم الله وجهه: "لو كان الدين بالرأي لكان المسح أسفل الخفين أولى من المسح على ظاهرهما".

صيام أيام من شعبان هل هو واجب؟

مداومة الرسول- صلى الله عليه وسلم- على صيام أيام كثيرة من شعبان لا يعني أن الصيام في شعبان واجب وإنما هو تطوُّعٌ ونافلةٌ نتقرب بها إلى الله؛ لنفوزَ بمنحة رفْعِ أعمالنا ونحن صائمون؛ لذا فعلينا أن نداومَ على هذه السنن التي سنَّها لنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ونقتديَ به بأن نُكثر من الصيام في هذا الشهر، فهو صوم تطوع ونافلة، وصيامه ليس بواجب، وإنما هو من باب التطوع والتنفُّل في هذا الشهر الكريم، والذي نستعد فيه لاستقبال شهر رمضان المعظَّم ولو بصيام القليل من الأيام، سيما أن الشرع قد وضع ضوابط للعبادة ولم يكلفنا تبارك وتعالى إلا بما نستطيع ونقدر ونطيق.

 

فهو خالقنا الذي يعلم قدراتنا وحدودها يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا من العمل ما تُطيقُون، فإن الله لا يمل حتى تملوا"، واعلم أخي المسلم بأن أحب الأعمال إلى الله عز وجل أدومها وإن قلَّ.

بدعة النصف من شعبان

درَج الناس على تخصيص صيام النصف من شعبان والاحتفال به، وكأن له فضيلةً على غيره من باقي أيام الشهر، إلا أن الثابت أنه لم يرِد في النصف من شعبان دليلٌ بأفضليته على غيره  من الأيام.

 

وهذا الفعل يدخل في باب الابتداع الذي حذَّرَنا منه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عندما قال صلى الله عليه وسلم "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".. أي مردود على صاحبه "ألا إن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار".

 

فإذا قيل إن هذا من باب "من سن سنة حسنة" اعتمادًا على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها.." أو كما قال فهذا مردودٌ عليه بأن أمور العبادة لا يجوز فيها الابتداع، فهي أمورٌ توقيفيةٌ تَعتمد في مشروعيتها على الدليل من الكتاب أو السنة، فإذا كان الشيء مصحوبًا بدليل قولي أو فعلي أو تقرير فهو مقبول.

 

وأفضليةُ النصف من شعبان هذا لم يرِد فيها دليلٌ قوليٌّ أو فعليٌّ أو تقريريٌّ، فلا يجوز الاحتفال بهذه الليلة وتخصيصها دون غيرها بالصوم أو التفضيل، وإنما الصواب أن يصام النصف من شعبان كغيره من الأيام وليس لأنها ليلة النصف من شعبان كما هو شائع في أوساط المسلمين؛ حيث يتم الاحتفال بها، وإنما كيوم عادي من أيام شهر شعبان الذي كان- صلى الله عليه وسلم- يكثر من الصيام فيه.. قال صاحب فقه السنة: وتخصيص صوم يوم النصف منه ظنًّا أن له فضيلةً على غيره مما لم يثبت به دليل صحيح.

 

ومن البدع المنشرة في أوساط الناس الاحتفال في المساجد بإحياء ليلة النصف من شعبان بالصلاة والدعاء بعد صلاة المغرب، يؤدونه بأصوات مرتفعة، تُلقى من الإمام؛ حيث يجهر الإمام ويردِّد المردِّدون خلفَه بأصوات مرتفعة أدعيةً وأذكارًا.

 

فهذا مما لم يرد عليه دليل من الكتاب أو السنة، ورغم ذلك تنتشر هذه العادة وهي بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، فعلينا أن نلتزم بالشرع حتى لا نضلَّ أو نضل ولا نزيغ وحفاظًا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدًا كتاب الله وسنتي".

 

ثم إن الصادق المصدوق- صلى الله عليه وسلم- لم يخوِّل له الشرعُ سنَّ شيء من عنده وإنما كل ما جاء به إنما هو بوحيٍ من الله تبارك وتعالى؛ حيث قال تعالى في كتابه الكريم: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيْعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا﴾ (الجاثية: من الآية 18).

 

وانظر أخي إلى قضية تأبير النخل عندما سأل بعض الصحابة رضوان الله عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تأبير النخل (تلقيخ النخل) فماذا كان ردّ رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنتم أدرى بشئون دنياكم".

 

ونخلص من هذا إلى أننا متاحٌ لنا أن نبتدع ونبدع في أمور الدنيا، أي ما ندير به دنيانا، أما غير ذلك مما يخص العبادة فليس لبشرٍ أن يزيد أو ينقص أو يدخل فيه ما ليس منه، فهي أمور توقيفية.

alber-altkwa

ثورة 25 يناير انتصار لإرادة الشعب المصرى وبداية عهد جديد - نحمل الخير لمصر

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

801,098

كافل اليتيم مع النبى فى الجنة

عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما ) رواه البخاري قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث: [قال ابن بطال : حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك]"
قال الله تعالى : {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }البقرة 
                        كفالة اليتيم