العدد 8 لسنة 2016
سيدة المكان
للشاعر باسل البزراوي
هي موجةٌ أخرى ولونٌ مُضْمَرُ
وسواحلُ الليمون ظمأى تَسْمَرُ
والوجدُ يورقُ في سُلافةِ روحِها
فيبيتُ يُترعُهُ الفراتُ الأحمرُ
يقسو الزمانُ نعم, فتلكَ خديعةٌ
أخرى على وَتَرِ النوى تُستَحضَرُ
وتجيشُ فيها من معاني وحيِها
آهاتُها, ويَرودُها المستَهْتِرُ
فتغازلُ اللغةُ الجميلةُ قلبَها
ويروعُها حلمٌ لها يستنفرُ
هدأتْ خيولُ الصبح واحتضرَ المدى
وتكسّرَ التاريخُ حينَ يُزَوّرُ
وتوارَد الظلُّ الظليلُ خريطةً
أخرى تلّوحُها السنونَ فَتُعْسِرُ
تتمزّقُ الأرقامُ حينَ يحدّها
نهمُ الكبارِ وما بروْنَ ولم يروا
وتُظِلُّهم سُحُبُ النفاقِ وأهلُها
والخزيُ والوجعُ الجديدُ المنكرُ
حَيْرى هي الأيّامُ حينَ تؤُمُّها
أصواتُها وعلى المدى تتَكَسّرُ
ويئجُّها اللاشيءُ يوقِدُ نبضَها
فيُحيلُ رونَقَها اليبابُ فتَغبُرُ
عينانِ ليلُهما كأنّ ظلامَهُ
تلكَ القصائدُ والسباتُ ال يَقهرُ
عينانِ تستسقي الغمامَ فتُستقى
آلاً على بيدِ الورى يُستمطَرُ
لا شيءَ سيّدَةَ المكانِ! ألا نأى
عنكِ الزمانُ ولم يكنْ يتأخّرُ؟
لا شيءَ سيّدةَ المكانِ! فقد روى
هذا المكانَ الأوّلونَ وخبّروا
ليلٌ هي الكلماتُ حينَ تسوقُها
لمنابع الإيحاءِ فيكِ الأعصُرُ
ليلٌ وتحترقُ الحروفُ لأنّها
تُصغي لمَنْ صُلبوا ومنْ لم يصْغُروا
ليلٌ يلفُّ سماتِ نبضِكِ كلّما
ناحَ الرحيلُ وجلّ فيك المحضَرُ
ليلٌ ويبتهجُ الكبار فهل شدا
من بعدِ غربتهِ اليمامُ المصحِرُ؟