عالم السياسة الإخباري والثقافي .. محمد أمين المعايطة

سلسلة آفات المجتمع

واقعنا الأسري والاجتماعي الحالي مؤسف ومقلق جدا وليس أقصد و الحمدلله أسرتي الخاصة، بل معظم وغالبية الأسر الأردنية، إذ يصدف أن تجامل الآخرين وتزورهم في الأعياد والمناسبات العائلية بين فترة وأخرى وتكون تواقا لتبادل الأحاديث والقصص والنكات وحلو السهرات كأيام زمان، ولكن تصدم وتفاجأ أن معظم أفراد الأسرة كل يحمل هاتفه الحديث وقد جلس إلى مقعده وزرع عيونه وإحساسه وكله بالنظر إلى شاشة تلفونه ، مستخدما الواتس أب أو النت ولا يرفع رأسه ولو للحظة؛ البنت مشغولة حتى أنها تنسى تقديم الضيافة إلا بنكزة من والدتها، الشاب مشغول أيضا وهو يتأبط اللابتوب لايقدم القهوة السادة للضيوف إلا بأمر و إيعاز و نهره من والده...
جميع الساهرين صامتون وكأن على رؤوسهم الطير لايتحدثون حتى الرجل ( المعزب ) يتابع الأخبار تشعر وكأنك في ميتم أو مقبرة، صمت رهيب .. الكل مطرق برأسه على نقاله واللابتوب الخاص به ، ولا تخلو أحيانا من هزة رأس من أحدهم على بعض كلماتك أو يجاملك بجملة واحدة (أيوه، صحيح، ماشي...)
وتنتهي السهرة ب(تصبحوا على خير.. زورونا المرة الجاية.. تفضلوا اسهروا عندنا)

أي سهرة هذه؟!! إذ كانت مجموع كلماتها القليلة تعد بسهولة وارتياح و لم نخرج منها بخبر ولا جملة مفيدة ولا متابعة أحوال الأسرة ولا قصص أيام زمان ومراجعة الذكريات بكل محبة وحميمية وترابط وتآلف سهرات أيام ضحك الحزازير.. مشاعر صادقة.. انتباه.. اهتمام لأننا كنا نؤمن أن (المجالس مدارس) ولاسيما للشباب والأطفال يستمعون لتاريخ آبائهم وأجدادهم ونصائح دينهم وحسن أخلاقهم ومعاناتهم وتضحياتهم وقربهم لله وسنة رسوله. رحم الله أيام زمان وأعاننا على تكنولوجيا هذه الأيام التي فككت ترابط الأسرة وأصبح أفرادها غرباء عن بعضهم البعض صامتون لا يتكلمون فقط بأصابعهم وعيونهم، على هواتفهم يتحركون ولغيرهم لايلتفتون ولا يأبهون لأمور بعضهم ولا يهتمون أنهم أصبحوا أناسا آليون الكترونيون بلا إحساس ومشاعر.
رحم الله الأسرة الواحدة المتحابة المجتمعة حول المدفأة الواحدة والطبق الواحد هيهات لأيام الخير والبركة، عودوا يا ناس لواقعكم الحقيقي وبيتكم الدافئ قبل أن تنزلقوا للهاوية.. الأب لايعرف عن أبنائه وما يدور حوله، والأبناء لايحسبون أي حساب لوالديهم فيسمعون من أصدقائهم ويذعنون لآرائهم أكثر من أهلهم إنها آفة اجتماعية قادمة لامحالة.. انتبهوا وعوا واتعظوا من قصص غيركم.. وارجعوا لدينكم وقرآنكم وسنتكم .