الصعود إلى الأسفل
عالم السياسة الإخباري .. عمر العمور
حالٌ يقع فيه الكثير ممن تدور بهم عجلة الحياة ، فإذا لم يدرك الشخص حاله وأمره سيكون صعوده إلى الأسفل . وهو الصعود سهل وآخرُ سلمه الهدم ، فيه من التعب القليل لكن خسرانه وفير ، وحلمه الزائف طويل . هذا الصعود للتخطيط لا يرتئي ، وللتنظيم لا يرتقي وللتوجيه والشورى لا يلتقي .. وقد ترى التخطيط فيه والتنفيذ أبداً لا يلتقيان ، إنه يفتقر إلى النجاح الذي تأمله ، والحلم الذي ترسمه .. هذا الصعود يؤدي إلى الفشل ويقضي على جميع الأمل .. حال الكثير الكثير ،،
من الذين تكون لهم طموحات وآمال وأهداف وأفكار ، لكنها تبقى بذهنهم ومخيلتهم ، لا يكتبونها ولايدونوها ولا يوجهوها ليحققوها فقط تبقى أحلام وأوهام .
واعلموا أن ما لا يستحق الكتابة لا يستحق التنفيذ . وبذلك تروه يفقد نفسه مقومات النجاح و صفاته ويبعد عن نفسه طريق النجاح وأصول صعود سلمه.
فترونه حيناً .. بقراراته عن الحكمة بعيداً ، وبتصرفاته غير رشيدٍ .. لكنه يريد الصعود بآمال لا بأفعال !!وترونه حيناً .. أسير الغضب وسجينه ، لايسيطر على حاله ولا يضبط نفسه وذاته ، فهو سريع الهيجان ، لا يتريث ولا يبالي ولا يهدأ أبداً ، فهو للغضب صديق ورفيق ، بأفعاله وتصرفاته و كلماته وعباراته كلها .. لكنه يريد الصعود بآمال لا بأفعال !!
وترى آخر .. يريد الانتصار ، ولكنه عن طريق النصر بعيد ، فترى الملهيات تشغله ، وشهوته تأسره ، والمغريات تقيده ، وكلها تبعده عن المسار الصحيح والطريق الرشيد والفعل القويم ، أفعاله تخالف تطلعاته و لا علاقة لها بها.
يكون بالعلم والتعلم غير جاد ، وعلى القراءة والثقافة غير معتاد ، وللصبر والجَلَد للنجاح بينه وبينهم أبعاد ..
لا تحسبن المجد تمرا أنت آكله ... لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
وهو كذلك .. لا يملك رؤية واضحة ، أو رسالة هادفة ، أو أهدافاً فاعلة فيتخبط هنا وهناك .. لكنه يريد الصعود بآمال لا بأفعال !!
وتراه حيناً .. كثير الكلام والثرثرة ، فتكثر أغلاطه وتزيد زلاته وتقل الفائدة في عباراته ، فيكون للنقد والذم معرَّض ولهيبة المكانة ومن يحب مُبْعَد .. لكنه يريد الصعود بآمال لا بأفعال !!
و تراه .. يملك الخبرات والمهارت والمقومات والسمات ، لكنه لا يفعلها ولا يوظفها للحلم الذي يرسمه ، والنجاح الذي يأمله . فيستخدمها في الطرق المخيبة ، والمسارات المحبطة ، والأمور المبعدة للصعود الذي يرجوه بآمال لا بأفعال !!
وتراه.. يضيع الفرص ولا ينتهزها ، ويهدر الأوقات ولا يغتنمها ، ويستهتر باللحظات ولا يكسبها ، الوقت يمضي مسرعاً وهو يقف مستهتراً .. لكنه يريد الصعود !!
وهو بذاته يحب التطور والنجاح ، ويعشق التميز والانفراد ، ويتشوق إلى الإبداع والأصالة ، يحب هذه الصفات الجميلة والسمات الفضيلة ، لكنه لا يمضي في طريقها ، ولا ينطلق لجلبها ، ولا حتى يهيئ نفسه لاكتساب متطلباتها ، تراه لا يريد العمل والتعب ، ولا الصبر والعزيمة .. لكنه يريد الصعود !!
هذا حال صاحب الآمال !!
يحقق بعض النجاح ، فيظن أن قدره علا وشأنه ، ويتوهم أنه قد سمت مكانته ولمع اسمه ، ويعتقد أنه يسير نحو آماله يخترق الحواجز ويشق الطرق ، ولكنه يسير نحو أهداف غير واضحة ، وبخطى غير واثقة ويصعد على أحجار غير ثابتة .تراه حقق بعض النجاح والتميز والانفراد ..حقق ما أراد ويريد وما كان يغرد به ..
فهو يظن أنه صعد السلم إلى منتهاه ، وجزم أنه سلك طريق النجاح إلى أعلاه،،
لكن هذا النجاح سيهوي بصاحبه إلى الأسفل فهو ظن أنه حققه ،،،لكن دون تعب أو عناء ، دون مشقة ، دون صبر أو ثقة ، دون تضحيات أو تنازلات ..فهو لم يكسب الخبرات ، ولم يعرف معنى الإنجازات ..
فهذا النجاح ،، سيهوي بصاحبه إلى الأسفل . فصاحبه فاقد الصبر والهمة ، والعزيمة والتضحية ، والمثابرة ، فلم يخض غمار التجارب ، فهو دون مقومات ودراية بطريق المجد والتميز ، الذي فيه كثير من المشقات والمشكلات والمنافسات والمواجهات والتضحيات ، فهو مليىء بالأشواك والصعاب ، التي تحتاج إلى حذر لتفاديها ، وإلى حنكة للتعامل معها .
وعند أول نازلة تحل به ، ينهار ..ويسقط ...
هذا هو الصعود إلى الأسفل ..
تصعد دون مقومات .. وتنهار عند أول النازلات .تتصدر قبل أوانك .. وتعرض نفسك لهوانك .
******************
أنت يا صاحب النجاح الهزيل ..
قد تساقطت أحلامك التي لم تحسن غرسها ورعايتها .
قد صعدت إلى الأسفل ، وانهرت وحزنت وتألمت ، وتبعثرت أوراقك وتشتت أحلامك .
لكن . لا تيأس وانهض جديد
لملم رفاتك ، وجدد أهدافك ، وغير أساليبك ، ونم عقلك وفكرك ، وتريث وانطلق من جديد ، واسلك الطريق الصحيح ، حينها .. تمكن صعودك وترسم خطى طريقك ، لتصل إلى قمة الهرم ولأعلى السلم ممتلئا تجاربا وخبرات ومهارات .
فثق بذاتك وقدراتك ، وحسن توجهك .
هيا قم لتصعد من جديد .. ولتبني عهداً مجيد .. ولتعش عمراً مديداً لتحقق ما تحلم وتطمح.
اذا اردت أن تصل إلى القمة ؛ فاعمل بثقة واصرار وهمة .وكما قيل : الحاجز يقف عليه الضعفاء ، ويرتكز عليه الأقوياء .
فإذا هممت فبادر واذا عزمت فثابر ، واعلم أنه لا يدرك المفاخر من كان في الصف الآخر . ولا يدركـ السيادة من لزم الوسادة .
هكذا تنال النجاح .
عمر العمور