أغنية وشاعر ..بقلم :علاء الأديب
.............................................
كثيرون يعتقدون بأن أغنيّة (سكن الليل ) التي غنتها المطربة الكبيرة (فيروز)
من كلمات (جبران خليل جبران)
والحقيقة هي قصيدة للشاعر العراقي المرحوم (نعمان ثابت عبد اللطيف)من ديوانه (شقائق النعمان).
أقول قولي هذا احقاقا للحقّ وتصويبا لاعتقاد خاطئ.
نبذة من حياة الشاعر
ولد في بغداد، وتوفي في منطقة الزريجية (قضاء السماوة)، ودفن في بغداد.
قضى حياته في العراق.
تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة الفضل في رصافة بغداد، ثم التحق بمدرسة الصناعة، ودرس علم الكهرباء، ثم عاد لإتمام دراسته الثانوية، والتحق بعدها
بالكلية العسكرية في بغداد (1924)، وتخرج فيها (1927) برتبة ملازم ثان، ثم رقي إلى ملازم أول (1932)، واشترك بعدها في دورة الأركان حيث نال رتبة نقيب، وكان قد تتلمذ على منير القاضي عميد كلية الحقوق العراقية آنذاك.
كان عضوًا في جمعية الهداية الإسلامية التي أقامت له حفل تأبين شارك فيه عدد من شعراء العراق بمرثيات له، ومنهم: إبراهيم أدهم الزهاوي، وحسين علي
الظريفي، وجميل أحمد الكاظمي، ونشرت قصائدهم في مقدمة ديوانه.
الإنتاج الشعري:
- له ديوان: «شقائق النعمان» - مطبعة بغداد 1938 (اعتنى به ووضع تعاليقه وحواشيه الشاعران: عبدالستار القرغولي، وإبراهيم أدهم الزهاوي)، وقصائد نشرت في كتاب: من شعرائنا المنسيين.
الأعمال الأخرى:
- له عدد من المؤلفات المطبوعة، منها: الجندية في الدولة العباسية - مطبعة أسعد - بغداد 1956. أشارت مقدمة ديوانه إلى عدد كبير من المؤلفات المخطوطة، منها: مصرع المتوكل (رواية تاريخية تمثيلية)، مأساة القائد السجين (رواية عن نكبة عرب الأندلس)، المساجلات (مراسلات شعرية ومساجلات أدبية دارت بينه وبين عبدالستار القرغولي)، ديوان يزيد بن معاوية، آخر بني سراج، (وهي رواية تمثيلية نثرية أصلها للأمير شكيب أرسلان)، رسائل في الحمام الزاجل، رسالة في الحبر السري، جواسيس الجبهة أو ذكريات ضابط استخبارات ألماني، اليزيديون، آثار العراق. وله عدد من المقالات نشرت في المجلة العسكرية العراقية.
بين الحنين إلى الوطن والشوق للأحباب والأصدقاء تتحرك تجربته الشعرية منتجة مجالاً واسعًا لملامح المدرسة الرومانسية وسمات القصيدة الوجدانية بمعجمها وصورها وأساليب طرحها لقضايا الإنسان الذاتية والوجدانية سعيًا إلى تشكيل قصيدة ذات طابع عربي أصيل عبر لغة منتقاة وأساليب قوية.
قصيدة سكن الليل:
سكن الليل وفي ثوب السكون تختبئ الأحلام
واعتلى الطير أريكات الغصون يبعث الأنغام
فثوى السهد بأجفان الحزين وطوى أضلاعه الداء الدفين
واستهلت عبرات العاشقين
وسعى البدر وللبدر عيون ترصد الأيام
وتلقى من أحاديث الشجون ما يشيب الهام
يا ابنة الحقل هلمي لنزور كرمة العشاق
فتغطينا بأغصان الزهور وجني الأوراق
ادهقي الأقداح خمراً سلسلاً وانعشي قلب المشوق المبتلى
واشربي فالخمر تشفي العللا
علنا نطفئ بذياك العصير حرقة الأشواق
وعسى يحنو على قلبي الكسير قلبك الخفاق
واسمعي البلبل ما بين الحقول يسكب الألحان
رجّعت الحانه رحب السهول فانتشى القلبان
فاجلسي قربي على عشب البطاح وانصتي واستمعي أشجى الصداح
فصداح الطير مطلوق الجناح
في فضاء نفحت فيه التلول نسمة الريحان
ينعش الروح كما كأس الشمول تنعش الضمآن
لا تخافي يا فتاتي فالنجوم تكتم الأخبار
مثقلات بتباريح الهموم في هوى الأقمار
هائمات دون جدوى في السماء خافقات كقلوب في الفضاء
أو فؤادي عندما طال التنائي
وضباب الليل في تلك الكروم يحجب الأسرار
وعلى النبع بصمت ووجوم تثمل الأزهار
لا تخافي فعروس الجن في كهفها المسحور
يتسلى بكؤوس القرقف قلبها المأسور
هي تخشى فتكات المقلتين وبريقاً ساطعاً في الوجنتين
ابصريها هي من نبلة عين
وقعت سكرى وكادت تختفي عن عيون الحور
واذا الفجر انجلى وا أسفي تختفي في النور
ومليك الجن إن مرّ يروح والهوى يثنيه
واذا الورقاء في الليل تنوح نوحها يشجيه
عانقيني وامسحي دمع جفوني فمليك الجن في قيد الشجون
صامتاً منذهلاً دامي العيون
هو مثلي عاشق كيف يبوح بالذي يضنيه
وكلانا مستهام والجروح مثخنات فيه .