اليوم سأشرع فى تكرار ما ذكر من قبل، و أرجو منكم جميعاً أن تتذكروا أن الحكومات و الأمم تقنع فى السياسة بالجانب المهرج الزائف من كل شىء، نعم، فكيف يتاح لهم الوقت لكى يختبروا بواطن الأمور فى حين أن نوابهم الممثلين لهم لا يفكرون إلا فى الملذات ؟
من الخطير جداً فى سياستنا أن تتذكروا التفصيل المذكور آنفاً، فإنه سيكون عوناً كبيراً لنا حينما ننافش مثل هذه المسائل: توزيع السلطة، و حرية الكلام، و حرية الصحافة و العقيدة، و حقوق تكوين الهيئات، و المساواة فى نظر القانون، و حرمة الممتلكات و المساكن، و مسألة فرض الضرائب (فكرة سرية فرض الضرائب) و القوة الرجعية للقوانين. كل المسائل المشابهة لذلك ذات طبيعة تجعل من غير المستحسن مناقشتها علناً أمام العامة. فحينما تستلزم الأحوال ذكرها للرعاع يجب أن لا تحصى، و لكن يجب أن تنشر عنها بعض قرارات بغير مضى فى التفصيل. سنعمل قرارات مختصة بمبادىء الحق المستحدث على حسب ما نرى. و أهمية الكتمان تكمن فى حقيقة أن المبدأ الذى لا يذاع علناً يترك لما حرية العمل، مع أن مبدأ كهذا إذا أعلن مرة واحدة يكون كأنه قد تقرر.
إن الأمة لتحفظ لقوة العبقرية السياسية احتراماً خاصاً، و تحتمل كل أعمال يدها العليا، و تحييها هكذا: "يالها من حيلة قذرة، و لكن يا لتنفيذها بمهارة" "ياله من تدليس، و لكن يا لتنفيذه بإتقان و جسارة ! " ((المعنى أن السياسى إذا خدع الجماهير ثم عرفت بخديعته لم تحتقره و لم تضره، بل تقابل خداعه لها بالدهشة، معجبة ببراعته فى أنه خدعها فإذا قيل لها: إنه غشاش، قالت: و لكنه بارع، و إذا قيل: إنه دجال قذر، قالت: و لكنه شجاع.. فهى تغالط نفسها حتى لا تعترف أمام نفسها بخطئها، و هذا السر من أدق أصول السياسة)).
إننا نعتمد على اجتذاب كل الأمم للعمل على تشييد الصرح الجديد الذى وضعنا نحن تصميمه. و لهذا السبب كان من الضرورى لنا أن نحصل على خدمات الوكلاء المغامرين الشجعان الذين سيكون فى استطاعتهم أن يتغلوا على كل العقبات فى طريق تقدمنا.
و حينما ننجز انقلابنا سنقول للناس: " لقد كان كل شىء يجرى فى غاية السوء، و كلكم قد تألمتم، و نحن الآن نمحق سبب آلامكم، و هو ما يقال له: القوميات، و العملات القومية، و أنتم بالتأكيد أحرار فى اتهامنا، و لكن هل يمكن أن يكون حكمكم نزيها إذا نطقتم به قبل أن تكون لكم خبرة بما نستطيع أن نفعل من أجل خيركم ؟ " ((إن الشيوعية اليهودية كانت تنفذ هذه الخطة فى روسيا، و شبيه بهذا ما يحدث عقب انقلاب سياسى فى أمه إذ ينعى أصحابه على سابقيهم أخطاءهم و يكبرونها و يتزيدون عليها و يرسمونها فى أشنع الصور، و هم يحرصون على ذلك أكثر من حرصهم علة بيان محاسن حكمهم الجديد، سواء كانوا خيراً من السابقين أو شراً منهم، و الدهماء كالأنعام لا يميزون الخبيث من الطيب، و لكن العلية فى أعلى الأمم و أدناها هم المسئولون عن ذلك خيره و شره، حتى حين يغلبهم السفهاء)).
حينئذ سيحملوننا على أكتافهم عالياً فى انتصار و أمل و ابتهاج. و إن قوة التصويت التى دربنا عليها الأفراد التافهين من الجنس البشرى بالاجتماعات المنظمة و بالاتفاقات المدبرة من قبل، ستلعب عندئذ دورها الأخير، و هذه القوة التى توسلنا بها, كى " نضع أنفسنا فوق العرش "، ستؤدى لنا ديننا الأخير و هى متلهفة، كى ترى نتيجة قضيتنا قبل أن تصدر حكمها.
و لكى نحصل على أغلبية مطلقة - يجب أن نقنع كل فرد بلزوم التصويت من غير تمييز بين الطبقات. فإن هذه الأغلبية لن يحصل عليها من الطبقات المتعلمة، و لا من مجتمع مقسم الى فئات.
فإذا أوحينا الى عقل كل فرد فكرة أهميته الذاتية فسوف ندمر الحياة الأسرية. ((كان اليهود يحاولون تحطيم نظام الأسرة فى روسيا لأنه أقوى عقبة ضد نظامهم بل و يحاربونه علمياً فى كل مكان كما يظهر من آراء " دور كايم " اليهودى فى علم الاجتماع فى فرنسا)) بين الأمميين، و تفسد أهميتها التربوية، و سنعوق الرجال ذوى العقول الحصيفة عن الوصول الى الصدارة، و إن العامة - تحت إرشادنا - ستبقى على تأخر أمثال هؤلاء الرجال، و لن تسمح لهم أبداً أن يقرروا لهم خططاً ((هذه الخطة تنفذ اليوم بنجاح عظيم، و الجماهير التى لا تحسن تقدير الأمور التى فوق مستواها، لا يعنيها إلا اللغط بما يقال لها دون تمييز، بل كلما انحط الشىء - و لو كان كذباً أو خطأ - كان أقرب الى ذوقها و أرضى لها)).
لقد اعتاد الرعاع أن يصغوا إلينا نحن الذين نعطيهم المال لقاء سمعتهم و طاعتهم. و بهذه الوسائل سنخلق قوة عمياء الى حد أنها لن تستطيع أبداً أن تتخذ أى قرار دون إرشاد وكلائنا الذين نصبناهم لغرض قيادتها.
و سيخضع الرعاع لهذا النظام لأنهم سيعرفون أن هؤلاء القادة مصدر أجورهم و أرباحهم و كل منافعهم الأخرى. إن نظام الحكومة يجب أن يكون عمل رأس واحد، لأنه سيكون من المحال تكتيله إذا كان عملاً مشتركاً بين عقول متعددة، و هذا هو السبب فى أنه لا يسمح لنا إلا بعرفة خطة العمل، بل يجب ألا نناقشها بأى وسيلة، حتى لا نفسد تأثيرها، و لا نعطل وظائف أجزائها المنفصلة، و لا المعنى العملى لكل عنصر فيها، فلو نوقشت مثل هذه الخطط، و غيرت بتوالى الخضوع للتنقيحات - إذن لاختلطت بعد ذلك بنتائج كل إساءات الفهم العقلية التى تنشأ من أن المصوتين لا يسبرون الأغوار العميقة لمعانيها، و لذلك لابد أن تكون خططنا نهائية و ممحصة تمحيصاً منطقياً. و هذا هو السبب فى أننا يجب أن لا نرمى العمل الكبير من قائدنا ليتمزق أجزاء على أيدى الرعاع و لا على أيدى عصبة صغيرة أيضاً.
إن هذه الخطط لن تقلب اليوم الدساتير و الهيئات القائمة، بل ستغير نظريتها الاقتصادية فحسب، و من ثم كل طريق تقدمها الذى لابد له حينئذ أن يتبع الطريق الذى تفرضه خططنا.
فى كل البلاد تقوم هذه الهيئات ذاتها و لكن تحت أسماء مختلفة فحسب: فمجالس نواب الشعب، و الوزارات، و الشيوخ، و مجالس العرش من كل نوع، و مجالس الهيئات التشريعية و الإدارية.
و لا حاجة بى الى أن أوضح لكم التركيب الذى يربط بين هذه الهيئات المختلفة، فهو معروف لكم من قبل معرفة حسنة. و لتلاحظوا فحسب أن كل هيئة من الهيئات السالفة الذكر توافق وظيفة مهمة فى الحكومة. (إنى أستعمل الكلمة " مهمة " لا إشارة الى الهيئات بل إشارة الى وظائفها).
لقد اقتسمت هذه الهيئات فيما بين أنفسها كل وظائف الحكومة التى هى السلطة القضائية و السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية. و قد صارت وظائفها مماثلة لوظائف الأعضاء المتميزة المتنوعة من الجسم الإنسانى.
فإذا آذينا أى جزء فى الجهاز الحكومى فستسقط الدولة مريضة كما يمرض الجسم الإنسانى، ثم يموت. و حينما حقنا نظام الدولة بسم الحرية تغيرت سحنتها السياسية، و صارت الدولة موبوءة بمرض مميت، و هو مرض تحلل الدم Decomposition of the blood و لم يبق لها إلا ختام سكرات الموت.
لقد ولدت الحرية الحكومات الدستورية التى احتلت مكان الأوتقراطية و هى وحدها صورة الحكومة النافعة لأجل الأمميين (غير اليهود). فالدستور كما تعلمون ليس أكثر من مدرسة للفتن و الاختلافات و المشاحنات و الهيجانات الحزبية العقيمة، و هو بإيجاز مدرسة كل شىء يضعف نفوذ الحكومة. و إن الخطابة، كالصحافة، قد مالت الى جعل الملوك كسالى ضعافاً، فردتهم بذلك عقماء زائدين على الحاجة، و لهذا السبب عزلوا فى كثير من البلاد.
و بذلك صار فى الإمكان قيام عصر جمهورى، و عندئذ وضعنا فى مكان الملك ضحكة ((الضحكة الشخص الذى يضحك منه و هو ترجمة Caricature " كاريكاتير " التى تعنى صورة هذلية مضحكة، و الصور الكاريكاتيرية معروفة)) فى شخص رئيس يشبهه قد اخترناه من الدهماء بين مخلوقاتنا و عبيدنا.
و هكذا ثبتنا اللغم الذى وضعناه تحت الأمميين، أو بالأحرى تحت الشعوب الأمميية، و فى المستقبل القريب سنجعل الرئيس شخصاً مسئولاً.
و يومئذ لن نكون حائرين فى أن ننفذ بجسارة خططنا التى سيكون "دميتنا " ((المقصود بالدمية هنا هو رئيس الجمهورية)) مسئولاً عنها، ماذا يعنينا إذا صارت رتب طلاب المناصب الضعيفة، و هبت القلاقل من استحالة وجود رئيس حقيقة ؟ أليس هذه القلاقل هى التى ستطيح نهائياً بالبلاد ؟
و لكى نصل الى هذه النتائج سندبر انتخاب أمثال هؤلاء الرؤساء ممن تكون صحائفهم السابقة مسودة بفضيحة بنامية Panama ((حين نجح " ديلسبس " فى حفر قناة السويس كلف بحفر قناة بنما بين أمريكا الشمالية و أمريكا الجنوبية، فخاب و اتهم بالنصب و التدليس، و قدم للمحاكمة هو و ابنه، كما قدم غيرهما و مات هو أثناء المحاكمة و سجن ابنه و المراد بالفضيحة البنامية فضيحة بتهمة شائنة كهذه الفضيحة، و مرتكب هذه الجريمة خاضع لمن يعرفون أسرارها، فاليهود يحاولون استغلالها فى إكراهه على ما يريدون فيطيعهم خوفاً من الفضيحة. و اليهود يختارون وكلاءهم عادة من هؤلاء كما ذكروا فى آخر البروتوكول 8)) أو صفقة أخرى سرية مريبة. إن رئيساً من هذا النوع سيكون منفذا وافياً لأغراضنا، لأنه سيخشى التشهير، و سيبقى خاضعاً لسلطان الخوف الذى يتملك دائماً الرجل الذى وصل الى السلطة، و الذى يتلهف على أن يستبقى امتيازاته و أمجاده المرتبطة بمركزه الرفيع. إن مجلس ممثلى الشعب سينتخب الرئيس و يحميه و يستره، و لكننا سنحرم هذا المجلس سلطة تقديم القوانين و تعديلها.
هذه السلطة سنعطيها الرئيس المسئول الذى سيكون ألعوبة خالصة فى أيدينا، و فى تلك الحال ستصير سلطة الرئيس هدفاً معرضاً للهجمات المختلفة، و لكننا سنعطيه وسيلة الدفاع، و هى حقه فى أن يستأنف القرارات محتكماً الى الشعب الذى هو فوق ممثلى الأمة ((أى سيكون من حقه حل البرلمان، و الاحتكام الى الأمة لاختيار ممثلين جدد لها، لأنها صاحبة الحق فى اختيار من يمثلونها، و فى أثناء عملية الانتخاب يعتمد اليهود على خداع الجماهير الغافلة التى لا تميز بين حق و باطل، و لا بين أمين و خائن، كى تنتخب صنائعهم، الذين سيؤيدون الرئيس فى أعماله لخدمة اليهود، و لا اعتراض للأمة على أعمالهم لأنهم ممثلوها)) أى أن يتوجه الرئيس الى الناس الذين هم عبيدنا العميان، و هم أغلبية الدهماء.
و الى ذلك سنعطى الرئيس سلطة إعلان الحكم العرفى، و سنوضح هذا الامتياز بأن الحقيقة هى أن الرئيس - لكونه رئيس الجيش - يجب أن يملك هذا الحق لحماية الدستور الجمهورى الجديد، فهذه الحماية واجبة لأنه ممثلها المسئول.
و فى مثل هذه الأحوال سيكون مفتاح الموقف الباطنى فى أيدينا بالضرورة، و ما من أحد غيرنا سيكون مهيمناً على التشريع. و يضاف الى ذلك أننا حين نقدم الدستور الجمهورى الجديد سنحوم المجلس - بحجة سر الدولة - حق السؤال عن القصد من الخطط التى تتخذها الحكومة. و بهذا الدستور الجديد سننقص كذلك عدد ممثلى الأمة الى أقل عدد، منقصين بذلك عدداً مماثلاً من الأهواء السياسية، و الولع بالسياسة ((لكل واحد ممن ممثلى الأمة نزعته و هواه السياسى، و مصالحه الذاتية التى إذا لم يمكنه منها الإدارى هاجمه متستراً بالوطنية و نحوها فى أمور سياسية أخرى لا صلة لها بمصلحته الخاصة و هذا لا يقع إلا فى أمه قاصرة الوعى السياسى، حديثة عهد بالديمقراطية، و المعنى أنه كلما قل ممثلو الأمة قلت النزعات و الأهواء السياسية، و قلت المصالح للمثلين، فسهل على الإدارى مواجهتها و احتمالها لقلتها و هذا خطأ و المعول عليه فى الأمة هو الوعى السياسى)). و إذا صاروا معارضين بالرغم من هذا فإننا سنسمح للممثلين الباقين بالاحتكام الى الأمة، و سيكون حقاً لرئيس الجمهورية أن يعين رئيساً و وكيلاً لمجلس النواب، و مثلها لمجلس الشيوخ، و نستبدل بفترات الانعقاد المستمرة للبرلمانات فترات قصيرة مدى شهور قليلة.
و الى ذلك سيكون لرئيس الجمهورية - بإعتباره رأس السلطة التنفيذية - حق دعوة البرلمان و حله، و سيكون له فى حالة الحل إرجاء الدعوة لبرلمان جديد. و لكن - لكيلا يتحمل الرئيس المسئولية عن نتائج هذه الأعمال المخالفة للقانون مخالفة صارخة، من قبل أن تبلغ خططنا و تستوى - سنغرى الوزراء و كبار الموظفين و الإداريين الآخرين الذين يحيطون بالرئيس، كى يموهوا أوامره، و بذلك نضطرهم الى تحمل المسئولية بدلاً من الرئيس، و سننصح خاصة بأن تضم هذه الوظيفة الى مجلس الشيوخ أو الى مجلس شورى الدولة، أو الى مجلس الوزراء، و أن لا توكل الى الأفراد ((و إذن تكون الحكومة أوتوقراطية ديكتاتورية فى الحقيقة، و ديموقراطية شورية فى ظاهرها، إذ سيكون ممثلو الأمة أستاراً أو آلات تنفذ ما تريده الإدارة الممثلة فى الرئيس و أعوانه، و الحكومة الأوتوقراطية وحدها هى أمل اليهود لسهولة العبث بها و إخضاعها لشهواتهم الشيطانية)) و بإرشادنا سيفسر الرئيس القوانين التى يمكن فهمها بوجوه عدة.
و هو - فوق ذلك - سينقص القوانين فى الأحوال التى فيها هذا النقص أمراً مرغوباً فيه، و سيكون له أيضاً حق اقتراح قوانين وقتية جديدة، بل له كذلك إجراء تعديلات فى العمل الدستورى للحكومة محتجاً لهذا العمل بأنه أمر تقتضيه سعادة البلاد.
مثل هذه الإجراءات ستمكننا من أن نسترد شيئاً فشيئاً أى حقوق أو امتيازات كنا قد اضطررنا من قبل الى منحها حين لم نكن مستحوذين على السلطة أولاً.
و مثل هذه الامتيازات سنقدمها فى دستور البلاد لتغطية النقص التدريجى لكل الحقوق الدستورية، و ذلك حين يحين الوقت لتغيير كل الحكومات القائمة، من أجل أوتقراطيتنا، إن تعرفنا لملكنا الأوتقراطى يمكننا أن نتحقق منه قبل إلغاء الدساتير، أعنى بالضبط أن تعرف حكمنا سيبدأ فى اللحظة ذاتها حين يصرخ الناس الذين مزقتهم الخلافات و تعذبوا تحت إفلاس حكامهم (و هذا ما سيكون مدبراً على أيدينا) فيصرخون هاتفين " اخلعوهم، و أعطونا حاكماً عالمياً واحداً يستطيع أن يوحدنا، و يمحق كل أسباب الخلاف، و هى الحدود و القوميات و الأديان و الديون الدولية و نحوها.. حاكماً يستطيع أن يمنحنا السلام و الراحة اللذين لا يمكن أن يوجدا فى ظل حكومة رؤسائنا و ملوكهم و ممثلينا " ((هذا ما كانت تنفذه الشيوعية اليهودية فى روسيا و تحاول نشره فى العالم مما يدل على أن الشيوعية إنما تنفذ السياسة الصهيونية و أنها ليست إلا جزءاً منها و آلة لها (انظر الترجمة العربية لكتاب " آثرت الحرية ").
و لكنكم تعلمون علماً دقيقاً وافياً أنه، لكى يصرخ الجمهور بمثل هذا الرجاء، لابد أن يستمر فى كل البلاد اضطراب العلاقات القائمة بين الشعوب و الحكومات، فتستمر العداوات و الحروب، و الكراهية، و الموت استشهاداً أيضاً، هذا مع الجوع و الفقر، و مع تفشى الأمراض، و كل ذلك سيمتد الى حد أن لا يرى الأمميون (غير اليهود) أى مخرج لهم من متاعبهم غير أن يلجأوا الى الاحتماء بأموالنا و سلطتنا الكاملة ((أى اذا تركت للأمة فرصة تستريح فيها من المتاعب فإن ضيقها يخف قليلاً، فإذا دعيت للثورة على حالتها لم تلب النداء و صبرت على الضيق، لأن عندها بقية احتمال، ففترات الراحة المتقطعة و لو قصرت تهون على الأمة آلامها فلا تطلب التغيير عن طريق الثورة و الانقلاب بل تحاول إصلاح أحوالها بالحكمة و الصبر)).
و لكننا إذا أعطينا الأمة وقتاً تأخذ فيه نفسها فإن رجوع مثل هذه الفرصة سيكون من العسير.
إن مجلس الدولة سيفصل و يفسر سلطة الحاكم, و أن هذا المجلس له مقدرته كهيئة تشريعية رسمية سيكون المجمع الذي يصدر أوامر القائمين بالحكم.
و هاهو ذا برنامج الدستور الجديد الذي نعده للعالم. أننا سنشرع القوانين, و نحدد الحقوق الدستورية و ننفذها بهذه الوسائل:
1. أوامر المجلس التشريعي المقترحة من الرئيس.
2. التوسل بأوامر عامة, و أوامر مجلس الشيوخ و مجلس شورى الدولة, و التوسل بقرارات مجلس الوزراء.
3. و التوسل بانقلاب سياسي حينما تسنح اللحظة الملائمة.
هذا و مع تصميمنا تقريبا على خطة عملنا سنناقش من هذه الأجزاء ما قد يكون ضروريا لنا, كي يكمل الثورة في مجموعات دواليب جهاز الدولة حسب الاتجاه الذي وضحته من قبل. و أنا أقصد بهذه الأجزاء حرية الصحافة, و حقوق تشكيل الهيئات, و حري العقيدة, و انتخاب ممثلي الشعب, و حقوقا كثيرة غيرها سوف تختفي من حياة الإنسان اليومية. و إذا هي لم تختف جميعا فسيكون تغييرها أساسيا منذ اليوم التالي لإعلان الدستور الجديد. و سنكون في هذه اللحظة المعينة وحدها آمنين كل الأمان, لكي نعلن كل تغييراتنا. و هناك سبب أخر هو إن التغيرات التي يحسها الشعب في أي وقت قد يثبت أنها خطرة, لأنها إذا قدمت بعنف و صرامة و فرضت قهرا بلا تبصر فقد تسخط الناس, إذ هم سيخافون تغييرات جديدة في اتجاهات مشابهة. و من جهة أخرى إذا كانت التغييرات تمنح الشعب ولو امتيازات أكثر فسيقول الناس فيها: أننا تعرفنا أخطاءنا. و أن ذلك يغض من جلال عصمة السلطة الجديدة. و ربما يقولون أننا قد فزعنا و اكرهنا على الخضوع.
و في تلك الحالة لن يشكرنا العالم. كما أنهم سيعتدون أن من حقهم دائما الخضوع لما يريدون. و إذا أنطبع أي هذه الأثار على عقولهم فسيكون خطرا بالغا على الدستور الجديد.
انه ليلزمنا من اللحظة الأولى لإعلانه بينما الناس لا يزالون يتألمون من آثار التغيير المفاجئ, وهم في حالة فزع و بلبلة أن يعرفوا أننا بلغنا من عظم القوة و الصلابة و الامتلاء بالعنف أفقا لن ننظر فيه إلى مصالحهم نظرة احترام. سنريد منهم أن يفهموا أننا لن نتنكر لآرائهم و رغباتهم فحسب, بل سنكون مستعدين في كل زمان و في كل مكان لأن نخنق بيد جبارة أي عبارة أو إشارة إلى المعارضة.
سنريد من الناس أن يفهموا أننا استحوذنا على كل شئ أردناه, و أننا لن نسمح لهم في أي حال من الأحوال أن يشاركونا في سلطتنا. وعندئذ سيغمضون عيونهم على أي شئ بدافع الخوف, و سينتظرون في صبر تطورات أبعد.
أن الأممين كقطيع من الغنم, وأننا الذئاب. فهل تعلمون ما تفعل الغنم حينما تنفذ الذئاب إلى الحظيرة؟؟ أنها لتغمض عيونها عن كل شئ. وإلى هذا المصير سيدفعون, فسندعهم بأننا سنعيد إليهم حرياتهم بعد التخلص من أعداء العالم,و اضطرار كل الطوائف إلى الخضوع.
أي سبب أغرانا بابتداع سياستنا, و بتلقينالأمميين إياها؟ لقد أوحينا إلى الأمميين هذه السياسة دون أن ندعهم يدركون مغزاها الخفي. وماذا حفزنا على اختيار هذا الطريق للعمل إلا عجزنا و نحن جنس مشتت عن الوصول إلى غرضنا بالطرق المستقيمة, بل بالمراوغة فحسب؟ هذا هو السبب الصحيح, و الأصل في تنظيمنا للماسونية التي لا يفهمها أولئك الخنازير SWINE من الأمميين, ولذلك لا يرتابون في مقصدها. و لقد أوقعناهم في كتلة محافلنا التي لا تبدو شيئا أكثر من ماسونية كي نذر الرماد في عيون رفقائهم*.(في البروتوكولات إشارات كثيرة إلى الصلة بين الماسونية و الصهيونية.)
من رحمة الله أن شعبه المختار مشتت, و هذا التشتت الذي يبدو ضعفنا فينا أمام العالم قد ثبت أنه كل قوتنا التي وصلت بنا إلى عتبة السلطة العالمية.
ليس لدينا أكثر من أن نبني على هذه الأسس, لكي نصل إلى أهدافنا.
إن كلمة الحرية التى يمكن أن تفسر بوجوه شتى سنحددها هكذا " الحرية هى حق عمل ما يسمح به القانون " تعريف الكلمة هكذا سينفعنا على هذا الوجه: إذ سيترك لنا أن نقول أين تكون الحرية، و أين ينبغى أن لا تكون، و ذلك لسبب بسيط هو أن القانون لن يسمح إلا بما نرغب نحن فيه.
و سنعامل الصحافة على النهج الآتى: ما الدور الذى تلعبه الصحافة فى الوقت الحاضر ؟ إنها تقوم بتهييج العواطف الجياشة فى الناس، و أحياناً بإثارة المجادلات الحزبية الأنانية التى ربما تكون ضرورية لمقصدنا. و ما أكثر ما تكون فارغة ظالمة زائفة، و معظم الناس لا يدركون أغراضها الدقيقة أقل إدراك. إننا سنسرجها و سنقودها بلجم حازمة، و سيكون علينا أيضاً أن نظفر بإدارة شركات النشر الأخرى، فلن ينفعنا أن نهيمن على الصحافة الدورية بينما لا نزال عرضة لهجمات النشرات و الكتب. و سنحول إنتاج النشر الغالى فى الوقت الحاضر مورداً من موارد الثورة يدر الربح لحكومتنا، بتقديم ضريبة دمغة معينة و بإجبار الناشرين على أن يقدموا لنا تأميناً، لكى نؤمن حكومتنا من كل أنواع الحملات من جانب الصحافة. و إذا وقع هجوم فسنفرض عليها الغرامات عن يمين و شمال. إن هذه الإجراءات كالرسوم و التأمينات و الغرامات ستكون مورد دخل كبير للحكومة، و من المؤكد أن الصحف الحزبية لن يردعها دفع الغرامات الثقيلة ((سبب ذلك أن الأحزاب تتحمل عن صحفها ما تدفعه من غرامات فهى لا تبالى بالغرامة، و لكن الصحف غير الحزبية تدفع ما تغرم من مالها فهى لا تجرؤ جرأة الصحف الحزبية على أى هجوم وراءه غرم لها)) و لذلك فإننا عقب هجوم خطير ثان - سنعطلها جميعاً.
و ما من أحد سيكون قادراً دون عقاب على المساس بكرامة عصمتنا السياسية. و سنعتذر عن مصادرة النشرات بالحجة الآتية، سنقول: النشرة التى صودرت تثير الرأى العام على غير قاعدة و لا أساس.
غير أنى سأسألكم توجيه عقولكم الى أنه ستكون بين النشرات الهجومية نشرات نصدرها نحن لهذا الغرض، و لكنها لا تهاجم إلا النقط التى نعتزم تغييرها فى سياستنا. و لن يصل طرف من خبر الى المجتمع من غير أن يمر على إرادتنا. و هذا ما قد وصلنا إليه حتى فى الوقت الحاضر كما هو واقع: فالأخبار تتسلمها وكالات قليلة ((أى الوكالات الإخبارية. و يلاحظ أن معظم هذه الوكالات تخضع لليهود الآن، فمعظم ما كانوا يشتهونه قد تحقق لهم الآن)) تتركز فيها الأخبار من كل أنحاء العالم. و حينما نصل الى السلطة ستنضم هذه الوكالات جميعاً إلينا، و لن تنشر إلا ما نختار نحن التصريح به من الأخبار.
إذا كنا توصلنا فى الأحوال الحاضرة الى الظفر بإدارة المجتمع الأممى (غير اليهودى) الى حد أنه يرى أمور العالم خلال المناظير الملونة التى و ضعناها فوق أعينه: و إذا كان لم يقم حتى الآن عائق يعتاق وصولنا الى أسرار الدولة. كما تسمى لغباء الأمميين، إذن - فماذا سيكون موقفنا حين نعرف رسمياً كحكام للعالم فى شخص امبراطورنا الحاكم العالمى ؟
و لنعد الى مستقبل النشر. كل إنسان يرغب فى أن يصير ناشراً أو كاتباً أو طابعاً سيكون مضطراً الى الحصول على شهادة و رخصة تسحبان منه إذا وقعت منه مخالفة.
و القنوات ((المراد بالقنوات المطبوعات التى يعبر الناس فيها عن آرائهم كالكتب و الرسائل و النشرات و نحوها)) التى يجد فيها التفكير الإنسانى ترجماناً له - ستكون بهذه الوسائل خالصة فى أيدى حكومتنا التى ستتخذها هى نفسها وسيلة تربوية، و بذلك ستمنع الشعب أن ينقاد للزيغ بخيال " التقدم " و التحرر. و من منا لا يعرف ان السعادة الخيالية هى أن " التقدم " أو بالأحرى فكرة التقدم التحررى قد أمدت الناس بأفكار مختلطة للعتق من غير أن تضع أى حد له. إن كل من يسمون متحررين فوضويون، إن لم يكونوا فى عملهم ففى أفكارهم على التأكيد. كل واحد منهم يجرى وراء طيف الحرية ظاناً أنه يستطيع أن يفعل ما يشاء، أى أن كل واحد منهم ساقط فى حالة فوضى فى المعارضة التى يفضلها لمجرد الرغبة فى المعارضة.
و لنناقش الآن أمر النشر: إننا سنفرض عليه ضرائب بالأسلوب نفسه الذى فرضنا به الضرائب على الصحافة الدورية، أى عن طريق فرض دمغات و تأمينات و لكن سنفرض على الكتب التى تقل عن ثلاثمائة صفحة ضريبة مضاعفة فى ثقلها ضعفين. لكى نقلل نشر الدوريات التى تكون أعظم سموم النشر فتكاً.
و هذه الإجراءات ستكره الكتاب أيضاً على أن ينشروا كتباً طويلة، ستقرأ قليلاً بين العامة من أجل طولها، و من أجل أثمانها العالية بنوع خاص. و نحن أنفسنا سننشر كتباً رخيصة الثمن كى نعلم العامة و نوجه عقولهم فى الاتجاهات التى نرغب فيها. إن فرض الضرائب سيؤدى الى الإقلال من كتابة أدب الفراغ الذى لا هدف له. و إن كون المؤلفين مسئولين أمام القانون سيضعهم فى أيدينا، و لن يجد أحد يرغب مهاجمتنا بقلمه ناشراً ينشر له.
قبل طبع أى نوع من الأعمال سيكون على الناشر أو الطابع أن يلتمس من السلطات إذناً بنشر العمل المذكور. و بذلك سنعرف سلفاً كل مؤامرة ضدنا، و سنكون قادرين على سحق رأيها بمعرفة المكيدة سلفاً و نشر البيان عنها.
الأدب و الصحافة هما أعظم قوتين تعليمتين خطيرتين. و لهذا السبب ستشترى حكومتنا العدد الأكبر من الدوريات.
و بهذه الوسيلة سنعطل التأثير السيئ لكل صحيفة مستقلة، و نظفر بسلطان كبير جداً على العقل الإنسانى. و إذا كنا نرخص بنشر عشر صحف مستقلة فسنشرع حتى يكون لنا ثلاثون، و هكذا دواليك.
و يجب الا يرتاب الشعب أقل ريبة فى هذه الإجراءات. و لذلك فإن الصحف الدورية التى ننشرها ستظهر كأنها معارضة لنظراتنا و آرائنا، فتوحى بذلك الثقة فالى القراء، و تعرض منظراً جذاباً لأعدائنا الذين لا يرتابون فينا، و سيقعون لذلك فى شركنا ((أى سيكشفون أنفسهم فيها لليهود، و يمكنون لهم من الاتصال بهم، فيعاملونهم بما يضمن ولاءهم، و يضعهم تحت رحمتهم كما وضحته السطور التالية))، و سيكونون مجردين من القوة.
و فى الصف الأول سنضع الصحافة الرسمية. و ستكون دائماً يقظة للدفاع عن مصالحنا، و لذلك سيكون نفوذها على الشعب ضعيفاً نسبياً. و فى الصف الثانى سنضع الصحافة شبه الرسمية Semi - official التى سيكون واجبها استمالة المحايد و فاتر الهمة، و فى الصف الثالث سنضع الصحافة التى تتضمن معارضتنا، و التى ستظهر فى احدى طبعاتها مخاصمة لما، و سيتخذ أعداؤنا الحقيقيون هذه المعارضة معتمداً لهم، و سيتركون لنا أن نكشف أوراقهم بذلك.
ستكون لنا جرائد شتى تؤيد الطوائف المختلفة: من أرستقراطية، و جمهورية، و ثورية، بل فوضوية أيضاً. و سيكون ذلك طالما أن الدساتير قائمة بالضرورة. و ستكون هذه الجرائد مثل الإله الهندى فشنو Vishnu ((فشنو هو اسم إله هندى بمعنى الشامل أو الحافظ أو الحامى، و تمثال فشنو يصور على هيئة انسان له أيد كثيرة، و هذه الأيدى تشير الى عمله و مداه، فالأيدى علامة الحماية و كثرتها علامة شمولها و امتدادها الى كل شىء)). لها مئات الأيدى، و كل يد ستجس نبض الرأى العام المتقلب.
و متى ازداد النبض سرعة فإن هذه الأيدى ستجذب الرأى نحو مقصدنا، لأن المريض المهتاج الأعصاب سهل الانقياد و سهل الوقوع تحت أى نوع من أنواع النفوذ. و حين يمضى الثرثارون فى توهم أنهم يرددون رأى جريدتهم الحزبية فإنهم فى الواقع يرددون رأينا الخاص، أو الرأى الذى نريده. و يظنون أنهم يتبعون جريدة حزبهم على حين أنهم، فى الواقع، يتبعون اللواء الذى سنحركه فوق الحزب، و لكى يستطيع جيشنا الصحافى أن ينفذ روح هذا البرنامج للظهور، بتأييد الطوائف المختلفة - يجب علينا أن ننظم صحافتنا بعناية كبيرة.
و باسم الهيئة المركزية للصحافة Central Commission of Press سننظم اجتماعات أدبية و سيعطى فيها وكلاؤنا - دون أن يفطن اليهم - شارة للضمان Countersign و كلمات السر Passwords. و بمناقشة سياستنا و مناقضتها، و من ناحية سطحية دائماً بالضرورة، و دون مساس فى الواقع بأجزائها المهمة - سيستمر أعضاؤنا فى مجادلات زائفة شكلية مع الجرائد الرسمية، كى تعطينا حجة لتحديد خططنا بدقة أكثر مما نستطيع فى إذاعتنا البرلمانية. و هذه بالضرورة لا يكون لمصلحتنا فحسب، و هذه المعارضة من جانب الصحافة ستخدم أيضاً غرضنا، إذ تجعل الناس يعتقدون أن حرية الكلام لا تزال قائمة كما أنها ستعطى وكلاءنا Agents فرصة تظهر أن معارضينا يأتون باتهامات زائفة ضدنا، على حين أنهم عاجزون عن أن يجدوا أساساً حقيقياً يستندون عليه لنقض سياستنا و هدمها.
هذه الإجراءات التى ستخفى ملاحظتها على انتباه الجمهور - ستكون أنجح الوسائل فى قيادة عقل الجمهور، و فى الإحياء إليه بالثقة و الاطمئنان الى جانب حكومتنا.
و بفضل هذه الإجراءات سنكون قادرين على إثارة عقل الشعب و تهدئته فى المسائل السياسية، حينما يكون ضرورياً لنا أن نفعل ذلك، و سنكون قادرين على إقناعهم أو بلبلتهم بطبع أخبار صحيحة أو زائفة ؛ حقائق أو ما يناقضها، حسبما يوافق غرضنا. و إن الأخبار التى سننشرها ستعتمد على الأسلوب الذى يتقبل الشعب به ذلك النوع من الأخبار، و سنحتاط دائماً احتياطاً عظيماً لجس الأرض قبل السير عليها.
إن القيود التى سنفرضها على النشرات الخاصة، كما بينت، إذ لن تكون لديهم وسائل صحفية تحت تصرفهم يستطيعون حقيقة أن يعبروا بها تعبيراً كاملاً عن آرائهم، و لن نكون مضطرين و لو الى عمل تفنيد كامل لقضاياهم.
و المقالات الجوفاء Ballon d'essai التى سنلقى بها فى الصف الثالث من صحافتنا سنفندها عفواً، بالضرورة، تفنيداً شبه رسمى Semi –offically.
يقوم الآن فى الصحافة الفرنسية نهج الفهم الماسونى ((أى تكوين الجماعة سرياً، و التفاهم بين أعضائها بطريقة لا سفهمها غيرهم)) لإعطاء شارات الضمان Countersigns فكل أعضاء الصحافة مرتبطون بأسرار مهنية متبادلة على أسلوب النبوءات القديمة Ancient orcles و لا أحد من الأعضاء سيفشى معرفته بالسر، على حين أن مثل هذا السر غير مأمور بتعميمه. و لن تكون لناشر بمفرده الشجاعة على إفشاء السر الذى عهد به إليه، و السبب هو أنه لا أحد منهم يؤذن له بالدخول فى عالم الأدب مالم يكن يحمل سمات ((السمات، جمع سمة و هى العلامة و المراد هنا: وصمة عار و خزى)) بعض الأعمال المخزية فى حياته الماضية. و ليس عليه أن يظهر إلا أدنى علامات العصيان حتى تكشف فوراً سماته المخزية. و بينما تظل هذه السمات معروفة لعدد قليل تقوم كرامة الصحفى بجذب الرأى العام إليه فى جميع البلاد، و سينقاد له الناس و يعجبون به.
و يجب أن تمتد خططنا بخاصة الى الأقاليم Previnces و ضرورى لنا كذلك أن نستطيع فى أى وقت أن ننزلها الى العاصمة بتقديمها كأنها آراء محايدة للأقاليم.
و طبعاً لن يتغير منبع الفكرة و أوصلها: أعنى أنها ستكون عندنا.
و يلزمنا، قبل فرض السلطة، أن تكون المدن أحياناً تحت نفوذ رأى الأقاليم _ و هذا يعنى أنها ستعرف رأى الأغلبية الذى سنكون قد دبرناه قبل، و من الضرورى لنا أن لا تجد العواصم فى فترة الأزمة النفسية وقتاً لمناقشة حقيقة واقعة، بل تتقبلها ببساطة، لأنها قد أجازتها الأغلبية فى الأقاليم.
و حينما نصل الى عهد المنهج Regeme الجديد - أى خلال مرحلة التحول الى مملكتنا - يجب أن لا نسمح للصحافة بأن تصف الحوادث الإجرامية: إذ سيكون من اللازم أن يعتقد الشعب أن المنهج الجديد مقنع و ناجح الى حد أن الإجرام قد زال.
و حيث تقع الحوادث الإجرامية يجب أن لا تكون معروفة إلا لضحيتها و لمن يتفق له أن يعاينها فحسب ((المعنى هو أن الجريمة لا يراها إلا المصاب بها، و من يشهدها لأنه كان فى مكان الجريمة مصادفة)).
ساحة النقاش