سورة الفاتحة
افتتـــح سبحانــــه كتابــــه بهــــذه الســــورة لأنهــــا جمعــــت مقاصــــد القــــرآن ولذلــــك كــــان مــــن أسمائهــــا: أم
القرآن وأم الكتاب والأساس فصارت كالعنوان وبراعة الاستهلال
قـــال الحســـن البصـــري: إن اللـــه أودع علـــوم الكتـــب السابقـــة فـــي القــــرآن ثــــم أودع علــــوم القــــرآن فــــي
المفصــل ثــم أودع علــوم المفصــل فــي الفاتحــة فمــن علــم تفسيرهــا كــان كمــن علــم تفسيــر جميـــع الكتـــب
المنزلة أخرجه البيهقي في شعب الإيمان
وبيــان اشتمالهــا علــى علــوم القــرآن قــرره الزمخشــري باشتمالهــا علــى الثنـــاء علـــى اللـــه بمـــا هـــو أهلـــه
وعلى التعبد والأمر والنهي وعلى الوعد والوعيد وآيات القرآن لا تخرج عن هذه الأمور
قال الإمام فخر الدين: المقصود من القرآن كله تقرير أمور أربعة:
الإلهيـــات والمعـــاد والنبـــوات وإثبـــات القضـــاء والقــــدر فقولــــه: )الحمــــدُ للَــــهِ رَبِ العالميــــن( يــــدل علــــى
الإلهيــات وقولــه: )مالــكِ يــومِ الديــن( يــدل علــى نفــي الجبــر وعلــى إثبــات أن الكــل بقضــاء اللـــه وقـــدره
وقولـه )إِهدِنـا الصِـراطَ المُستَقيـم( إلــى آخــر الســورة يــدل علــى إثبــات قضــاء اللــه وعلــى النبــوات فقــد
اشتملت هذه السورة على المطالب الأربعة التي هي المقصد الأعظم من القرآن
===
وقــال البيضــاوي: هــي مشتملــة علــى الحكــم النظريـــة والأحكـــام العمليـــة التـــي هـــي سلـــوك الصـــراط
المستقيم والإطلاع على مراتب السعداء ومنازل الأشقياء
وقــال الطيبــي: هــي مشتملــة علــى أربعــة أنـــواع مـــن العلـــوم التـــي هـــي منـــاط الديـــن: أحدهـــا: علـــم
الأصــــول ومعاقــــدة معرفــــة اللــــه عــــز وجــــل وصفاتــــه وإليهــــا الإشــــارة بقولــــه: )رَبِ العالميــــن الرحمـــــن
الرحيم( ومعرفة المعاد وهو ما إليه بقوله: )مالكِ يومِ الدين(
وثانيهـــا: علـــم مـــا يحصـــل بـــه الكمـــال وهـــو علـــم الأخلـــاق وأجلـــه الوصـــول إلــــى الحضــــرة الصمدانيــــة
والإلتجـــاء إلـــى جنـــاب الفردانيـــة والسلـــوك لطريقـــة الاستقامــــة فيهــــا وإليــــه الإشــــارة بقولــــه: )أَنعمــــتَ
عَليهِم غَيرِ المعضوبِ عليهم ولا الضالين(
قـــال: وجميـــع القـــرآن تفصيـــل لمـــا أجملتـــه الفاتحـــة فإِنهـــا بنيـــت علـــى إجمـــال مـــا يحويـــه القـــرآن مفصــــلاً
فإنهــا واقعــة فــي مطلــع التنزيــل والبلاغــة فيــه: أن تتضمــن مــا سيــق الكلــام لأجلــه ولهــذا لا ينبغـــي أن
يقيد شيء من كلماتها ما أمكن الحمل على الإطلاق
وقال الغزالي في )خواص القرآن(: مقاصد القرآن ستة ثلاثة مهمة وثلاثة تتمة
الأولــى: تعريــف المدعــو إليــه كمــا أشيــر إليــه بصدرهــا وتعريــف الصـــراط المستقيـــم وقـــد صـــرح بـــه
فيها وتعريف الحال عند الرجوع إليه تعالى وهو الآخرة كما أشير إليه بقوله: )مالكِ يومِ الدين(
===
والأخــرى: تعريــف أحـــوال المطيعيـــن كمـــا أشـــار إليـــه بقولـــه )الذيـــنَ أَنعمـــتَ عَليهِـــم( وتعريـــف منـــازل
الطريق كما أشير إليه بقوله: )إِياكَ نَعبُدُ وإِياكَ نَستَعين(
|
ساحة النقاش