جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
إنه العار الذى يلطخ وجه العالم، وينزع عنه ضميره، إذا كان لديه ضمير بالفعل، العالم بمجتمعاته الخرساء التى تقف صامتة، مجتمعاته القاسية التى تقف متفرجة، ومتجاهلة للمذابح التى يتعرض لها مسلمى "بورما" على يد جماعات "الماغ" البوذية المتطرفة، هذا العالم بمحطاته التلفزيونية، صحافته، بآلته الإعلامية الجبارة، بكل ما يدعيه من حماية لحقوق الإنسان، بمنظماته وهيئاته الإغاثية، والتى من المفروض أن تعمل لحماية الإنسان، كلها لم تلتفت إلى ما يحدث هناك من حرق للبيوت والبشر، اغتصاب للنساء، قتل للأطفال، تشريد، وتهجير، فى واحدة من أبشع ما عرفه العالم من تطهير عرقى وإبادة جماعية.
"بورما"، دولة فقيرة، تقع جنوب شرق آسيا، عدد سكانها 50 مليون، تشكلها أغلبية بوذية، وأقليات أخرى، من بينها الأقلية المسلمة التى تمثل 15 فى المائة من تعداد السكان، ويحوى إقليم "أراكان" الذى يتعرض لكل هذا القتل، أكثر من نصف المسلمين هناك، وقد بدأ ما يتعرض له الآن مسلمى "أراكان" على يد الجماعات البوذية منذ عقود طويلة، ودومًا وسط تجاهل عالمى بغيض، فى عام 1978 طرد الجيش البورمى أكثر من نصف مليون مسلم، مات منهم أربعين ألفًا معظهم من النساء والأطفال، وفى عام 1938 ارتكب البوذيون مجزرة قتلوا فيها 30 ألفًا من المسلمين، تحت أنظار المستعمر الإنجليزى آنذاك، فى عام 1942 قام البوذويون "الماغ" بمذبحة راح ضحيتها أكثر من مائة ألف مسلم، وتم تشريد مئات الآلاف، كما تعرض المسلمون هناك للطرد الإجبارى المتكرر خارج وطنهم، حتى تم طرد ما يقرب من المليون ونصف المليون بين أعوام 1962- 1991.
هكذا، وطوال هذه العقود يواجه مسلمو "بورما" الحرق الجماعى فى قراهم، ثم يقوم النظام الديكتاتور ببناء مستعمرات جديدة للبوذيين، طوال هذه السنوات يتعرض المسلمين هناك، للقتل، التشريد، التعذيب، هدم مساجدهم، مصادرة أراضيهم، وطمس ثقافتهم، اغتصاب نساءهم، وحرق أطفالهم، يطاردهم "الماغ" بالسواطير والسكاكين، وأبشع ألوان القتل، ثم يلاحقونهم داخل الغابات الاستوائية، ثم الآن، ومنذ يونيو الماضى، قامت جماعات "الماغ" بهجمة جديدة، فقتلوا حتى الآن أكثر من ألفى مسلم، وتم تشريد أكثر من 90 ألفًا، كل هذا، ولم تلتفت إلى هناك كامير واحدة من كاميرات العالم، فقط، مجرد أخبار قصيرة مقتضبة، هذا العالم الذى يتعامى عنهم، ويتجاهلهم، ويتمادى فى سخافاته وجحوده وبلادته، ومصالحه الشخصية، أين حكومات العالم، أين من يدعون حماية حقوق الإنسان، ومنظمات الإغاثة، أين المجتمع الدولى المنافق؟
أنا لا أتوقع شيئًا من أمريكا مثلاً، لا أتوقع شيئًا من أماكن كثيرة أخرى، لكنى أتوقع من الدول العربية والإسلامية، بل يتوجب عليها أن تفعل شيئًا حاسمًا، لا أعرف لماذا هذا الوهن، الضعف، الاستكانة، متى يتحركون، وما الذى يجب أن يحدث حتى يحركهم، وإذا لم يحركهم هذا، فما الذى يمكن أن يحركهم؟ متى نسمع صوتًا قويًا عاليًا؟ أين الإعلام الذى يتجاهلهم تمامًا، أين جيوش القنوات الإخبارية، أين المحطات التى لا تترك حدثًا فى العالم إلا وتغطيه؟ ألا يحركها هذا؟ أليس كافيًا لتضع كاميرا واحدة هناك، أين الموقف الرسمى للحكومات العربية والإسلامية؟ وأهم من ذلك، أين الشارع؟ أين الميادين العربية، أين ميدان التحرير من ذلك؟ إذا كانت مئات الكاميرات تتوجه لأية لافتة تُعلّق بميدان التحرير، فيجب على هذا الميدان تحديدًا أن يفعل شيئًا، ألا يستحق ما يحدث هناك؟ ألا يستحق حتى لافتة توضع بقلب الميدان ليراها العالم الأعمى البليد، ألا يستحقون أن يمتلئ الميدان كما كان يمتلئ لأجل قرار سياسى؟ هل يتحرك الشارع؟ أنا أتوقع شيئًا من الميدان، يجب أن تنتفض نخوته وشهامته من أجل مسلمى بورما؟ أتساءل إذا لم يتحرك الميدان لما يحدث هناك، إذا لم يحرك ذلك كل ضمير وكل قلم، فما الذى يمكن أن يحركهم؟
مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك
الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب
ساحة النقاش