<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد الصادق الأمين والمبعوث رحمة للعالمين , أما بعد :

لا يزال قول المولى عز وجل في أمهات الحقائق في شأن أهل الكتاب: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }المائدة13- يتـثبت ويتأكد , ليعلن للباحث المنصف أن التحريف أصل من أصول أهل الكتاب في إثبات عقائدهم الوثنية وثوابتهم الكفرية .

فكثيرًا ما تراهم محاولين جاهدين إثبات عقائدهم بتحريف وخبث ومكر لا تجده إلا فيهم, فهو سمتهم وطبعهم الذي ورثوه عن آبائهم !

فبعد أن عجزوا عن إثبات صحة عقائدهم من أسفارهم المحرفة نظرًا لأن أسفارهم حجة عليهم لا لهم , وبعد أن جاء القرآن الكريم ليكشف كذبهم وإفكهم وزيفهم وتحريفهم , رأيناهم يحاولون العبث في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لعلهم يغلبون , مصداقًا لقول المولى سبحانه وتعالى : {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ } فصلت26 .

قال شيخ الإسلام إبن تيمية رحمه الله : ( فتبين أنهم ( أي النصارى ) يريدون أن يحرفوا القرآن كما حرفوا غيره من الكتب المتقدمة , وأن كلامهم في تفسير المتشابه من الكتب الإلهية من جنس واحد ) ( الجواب الصحيح 1/ 115 ) .

وقال رحمه الله في شأن ما يستدل به النصارى من آيات الذكر الحكيم : ( ان جميع ما يحتجون به من هذه الآيات وغيرها , فهو حجة عليهم لا لهم , وهكذا شأن جميع أهل الضلال إذا احتجوا بشيء من كتاب الله وكلام أنبيائه , كان في نفس ما احتجوا به ما يدل على فساد قولهم , وذلك لعظمة كتب الله المنزلة على أنبياؤه , فإنه جعل ذلك هدى وبيانًا للخلق وشفاء لما في الصدور , فلابد أن يكون في كلام الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه أجمعين من الهدى والبيان ما يفرق الله به بين الحق والباطل , والصدق والكذب , لكن الناس يؤتون من قبل أنفسهم , لا من قبل أنبياء الله تعالى ) ( الجواب الصحيح 2/240 , 241 ) .

فالأمر كما قال الله : {وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ }المائدة13 !

ولقد وقفت على إحدى رسائلهم التي كثيرًا ما يستدلون بها ويقومون بإرسالها عبر البريد الإلكتروني ( email ) على شبكة المعلومات الدولية لعوام المسلمين , وذلك بغرض إثبات أصل عقائدهم الأول وهو ( ألوهية المسيح ) من خلال تحريف آيات القرآن الكريم التي تحدثت عن نبي الله عيسى عليه السلام !

ورأيت بهذه الرسالة من الكذب والتحريف والتزيف ما إن يطلع عليه المنصف منهم إلا وعلم عدم أمانة علماء أهل الكتاب في النقل والبيان , بل هم كذابون محرفون للكلم عن مواضعه !

ولهذا عزمت أن أبين خداع كاتبيها في تلك الرسالة التي سميتها " قال إني عبد الله " .

تأصيل

أولاً : في بيان عقيدة القرآن الكريم تجاه ألوهية المسيح .

- سورة آل عمران : ( مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ {79} وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ {80 } ) .

- سورة النساء: ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً {171} لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً {172} ) .

- سورة المائدة: ( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {17}).

- سورة المائدة: ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ {72} لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ ِإلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {73} أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {74} مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ {75} قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَاللّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {76} ) .

- سورة التوبة: ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ {30} اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ {31 } ) .

- سورة المائدة: ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ {77 } ) .

- سورة المائدة : ( وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنّاسِ اتّخِذُونِي وَأُمّيَ إِلَـَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِيَ أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنّكَ أَنتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاّ مَآ أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبّي وَرَبّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمّا تَوَفّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } 116 - 117 { ) .

- سورة مريم : ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِياً * فَاتّخَذَتْ مِن دُونِهِم حِجَاباً فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا فَتَمَثّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً * قَالَتْ إِنّيَ أَعُوذُ بِالرّحْمَـَنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً * قَالَ إِنّمَآ أَنَاْ رَسُولُ رَبّكِ لاَِهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً * قَالَتْ أَنّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً * قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبّكَ هُوَ عَلَيّ هَيّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لّلْنّاسِ وَرَحْمَةً مّنّا وَكَانَ أَمْراً مّقْضِيّاً * فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً * فَأَجَآءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىَ جِذْعِ النّخْلَةِ قَالَتْ يَلَيْتَنِي مِتّ قَبْلَ هَـَذَا وَكُنتُ نَسْياً مّنسِيّاً * فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ أَلاّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً * وَهُزّىَ إِلَيْكِ بِجِذْعِ النّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرّي عَيْناً فَإِمّا تَرَيِنّ مِنَ البَشَرِ أَحَداً فَقُولِيَ إِنّي نَذَرْتُ لِلرّحْمَـَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً * فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُواْ يَمَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً * يَأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمّكِ بَغِيّاً * فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُواْ كَيْفَ نُكَلّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً * قَالَ إِنّي عَبْدُ اللّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً * وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصّلاَةِ وَالزّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً * وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبّاراً شَقِيّاً * وَالسّلاَمُ عَلَيّ يَوْمَ وُلِدْتّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّا * ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقّ الّذِي فِيهِ يَمْتُرُونَ * مَا كَانَ للّهِ أَن يَتّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَىَ أَمْراً فَإِنّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ * وَإِنّ اللّهَ رَبّي وَرَبّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـَذَا صِرَاطٌ مّسْتَقِيمٌ * فَاخْتَلَفَ الأحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوْيْلٌ لّلّذِينَ كَفَرُواْ مِن مّشْهِدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ * أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَـَكِنِ الظّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلاَلٍ مّبِينٍ * وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * إِنّا نَحْنُ نَرِثُ الأرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } 16- 40 { ) .

- سورة الزخرف : ( وَلَمّا جَآءَ عِيسَىَ بِالْبَيّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلاُبَيّنَ لَكُم بَعْضَ الّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنّ اللّهَ هُوَ رَبّي وَرَبّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـَذَا صِرَاطٌ مّسْتَقِيمٌ * فَاخْتَلَفَ الأحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لّلّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ * هَلْ يَنظُرُونَ إِلاّ السّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } الزخرف 62 – 65 .

- سورة مريم : ( وَقَالُواْ اتّخَذَ الرّحْمَـَنُ وَلَداً * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً * تَكَادُ السّمَاوَاتُ يَتَفَطّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقّ الأرْضُ وَتَخِرّ الْجِبَالُ هَدّاً * أَن دَعَوْا لِلرّحْمَـَنِ وَلَداً * وَمَا يَنبَغِي لِلرّحْمَـَنِ أَن يَتّخِذَ وَلَداً * إِن كُلّ مَن فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ إِلاّ آتِي الرّحْمَـَنِ عَبْداً * لّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدّهُمْ عَدّاً * وَكُلّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً ) مريم 88- 95 .

ثانيًا : في بيان أن النصارى لا يوجد عندهم شهادة على لسان المسيح تفيد ألوهيته بل على النقيض من ذلك .

" أما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد، ولا الملائكة الذين في السماء، ولا الابن، إلا الآب." ( مرقس 13/32).

" أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً.كما أسمع أدين، ودينونتي عادلة، لأني لا أطلب مشيئتي، بل مشيئة الآب الذي أرسلني" (يوحنا 5/30).

" قال لهم يسوع: متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أني أنا هو، ولست أفعل شيئاً من نفسي، بل أتكلم بهذا كما علّمني أبي. والذي أرسلني هو معي، ولم يتركني الآب وحدي، لأني في كل حين أفعل ما يرضيه " (يوحنا 8/28).

" الحق الحق أقول لكم: لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئاً إلا ما ينظر الآب يعمل.لأن مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك" (يوحنا 5/19).

" فسألها ما تريدين؟ قالت: أن يجلس ابناي هذان واحد عن يمينك والآخر عن اليسار في ملكوتك. فأجاب يسوع ... وأما الجلوس عن يميني وعن يساري فليس لي أن أعطيه إلا للذين أعدّ لهم من أبي " (متَّى 20/20-22).

" ولكن أسألك من أجل هذه الجماعة، ليؤمنوا بأنك أنت أرسلتني " (يوحنا11/26).

" أخذ الجميع خوف ومجدوا الله قائلين: قد قام فينا نبي عظيم وافتقد الله شعبه" (لوقا 7/13).

" فلما رأى الناس الآية التي صنعها يسوع قالوا إن هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم" (يوحنا 6/14).

"إني ذاهب إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم" (يوحنا 20/17).

"يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من الله بقوات وعجائب" (أعمال 2/22).

" ولا تدعوا لكم أباً على الأرض لأن أباكم واحد، الذي في السماوات. ولا تدعوا معلمين، لأن معلمكم واحد، المسيح"(متَّى 22/9-10).

" وإذا واحد تقدم وقال له: أيها المعلم الصالح، أي صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية؟ فقال له: لماذا تدعوني صالحاً، ليس أحد صالحاً إلا واحد، وهو الله" (متى 19/17).

" كلم يسوع بهذا، ورفع عينيه نحو السماء وقال: أيها الآب قد أتت الساعة، مجد ابنك ليمجدك ابنك أيضاً، إذ أعطيته سلطاناً على كل جسد ليعطي حياة أبدية لكل من أعطيته، وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يوحنا 17/2-3).

" إن أول الوصايا هى اسمع يا اسرائيل : الرب إلهنا إله واحد وتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك هذه هى الوصية الأولى" (مرقس 12 : 28 – 34 ) .

" ولما دخل أورشليم ارتجت المدينة كلها قائلة : من هذا , فقالت الجموع : هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل "( متَّى 21 : 10-11 ) .

" انه ليس عبد أعظم من سيده ولا رسول أعظم من مُرسله " ( يوحنا 14 : 16 ) .

" ولكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله " (يوحنا 8 : 40 ) .

" الله لم يره أحد قط " ( يوحنا 1 : 18 ) .

" أبي أعظم مني " ( يوحنا 14 : 28 ) .

الرسالة وبيان زيفها

فصل : في قولهم ( الولادة العجيبة )

يقول المنصرون في بداية رسالتهم : ( كل إنسان في هذا العالم ولد من أب وأم بشريين. وحتى الأنبياء، ولدوا بطريقة طبيعية.بينما القرآن يخبرنا بأن المسيح لم يولد بطريقة طبيعية كسائر البشر ولم يكن له أب أرضي ) .

إعلم أرشدك الله أنه لما كان من عادة اليهود والنصارى سب الأنبياء وقذفهم بما لم يقذفوا به شرار الناس عندهم , كان حق على الله جل وعلا كتبه على نفسه أن يبرأ سيرتهم من هذا القذف , قال تعالى : {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}المجادلة21, فهم صفوة خلق الله وخيرتهم , ولهذا جاء القرآن الكريم بهذا التعظيم والتبجيل لهؤلاء الكواكب النيرة , المعصومة المطهرة , للرد على اليهود والنصارى فيما زعموه في حق أفضل البشر عليهم من الله أفضل الصلوات وأتم التسليمات .

وكان فيما زعمه النصارى في حق المسيح عليه السلام أنهم قالوا في قانون إيمانهم : ( نؤمن بالله الواحد الآب ضابط الكل ، مالك كل شيء ، صانع ما يرى وما لا يرى ، و بالرب الواحد يسوع المسيح الذي ولد من أبيه قبل العوالم كلها ..... ) فظهر أنهم يقولون بولادة المسيح من الله ولادة جنسية لا مجازية ( تعالى عما يقوله المثلثون ) !

ومهما كانت محاولتهم الفاشلة في إثبات أن مفهوم الولادة ولادة مجازية لا جنسية فكتابهم يفضحهم ويكشفهم و يفحمهم !

إذ جاء في إنجيل لوقا – الإصحاح الأول – ما نصه " فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: كَيْفَ يَحْدُثُ هَذَا، وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟ فَأَجَابَهَا الْمَلاَكُ: الرُّوحُ الْقُدُسُ َيحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُدْرَةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ , لِذلِكَ أَيْضا فَالْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ." ( لوقا 1: 34 – 35 ) .

فانظر إلى هذا النص الفاضح الدال على الفعل الجنسي الواضح !

وجاء في نسخة الملك جيمس التي تعتبر المرجع الأم لشتى النسخ المعول عليها عندهم ما نصه ( يوحنا 3 : 16 ) :

16For God so loved the world that he gave his only begotten Son, that whosoever believeth in him should not perish, but have everlasting life.

وفي نسخة الملك جيمس الحديثة ( المنقحة ) لا يزال النص فيها :

16For God so loved the world that He gave His only begotten Son, that whoever believes in Him should not perish but have everlasting life.

فهذا النص من الطوام التي يجهلها العوام , فالنص أعلاه يثبت أن المسيح ولد ولادة جنسية لا مجازية !

ومما زعمه اليهود أيضًا ونالوا به من شخص المسيح عليه السلام هو قولهم في " التلمود " : (يسوع الناصرى موجود في لجات الجحيم بين القار والنار وأمه مريم أتت به (حملت به) من العسكري بندرا سفاحًا ( بالزنا ) والكنائس النصرانية بمثابة قاذورات وأساقفها أشبه بالكلاب النابحة وقتل المسيح من الأمور المأمور بها ومن الواجب دينيًا أن يلعن اليهودى ثلاث مرات رؤساء المذهب النصراني ) .

فهذا مما ناله المسيح عليه السلام من اليهود والنصارى , فلما جاء القرآن المنزل على سيد ولد عدنان القائل باللسان : ( أنا أولى الناس بعيسى ) ( أخرجه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود ) , رفع عنه كذب النصارى , قال تعالى : ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (الأنعام:101), وقال تعالى : ( وَقَالُواْ اتّخَذَ الرّحْمَـَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مّكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضَىَ وَهُمْ مّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ * وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنّيَ إِلَـَهٌ مّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظّالِمِينَ ) ( الآنبياء 26-29) , وقال تعالى : ( أَلاَ إِنّهُم مّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللّهُ وَإِنّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) ( الصافات 151 – 152 ) .

ورفع عنه قذف اليهود وتشنيعهم , قال تعالى : ( وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىَ مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً )( النساء 156 ).

وبَـيَّن القرآن الكريم مفهوم الولادة في أبسط إسلوب وأوضح بيان , قال تعالى : (قَالَتْ رَبّ أَنّىَ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ إِذَا قَضَىَ أَمْراً فَإِنّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) ( آل عمران 47 ) , وقال تعالى : ( إِنّ مَثَلَ عِيسَىَ عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ * الْحَقّ مِن رّبّكَ فَلاَ تَكُنْ مّن الْمُمْتَرِينَ ) ( آل عمران 59- 60) .

وهكذا كان القرآن الكريم أولى بأنبياء الله جل في علاه من أقوامهم !

فولادة المسيح عليه السلام ضل فيها النصارى شر ضلالة وشنَّع عليها اليهود شر تشنيع فجاء القصص القرآني الإلهي المعجز ليرد على هذه الضلالات وتلك الخرافات التي أحدثها المخربون على مر العصور , فهو ليس ولد الله , وليس إبنًا لله , ولكنه عبد الله ورسوله , خلق بمعجزة باهرة كما خلق الله أدم من تراب ثم قال له كن فيكون , فالله هو القادر الذى لا يحيط قدراته حد , فهو قادر على خلق ألف شخص مثل المسيح عليه السلام بكلمة منه " كن فيكون " !

أما عن قولهم أن كل من هب ودب ولد بالفطرة الجنسية بين الرجل والمرأة إلا المسيح فلقد ولد من أم دون أب وهذا دليل على أولوهيته وبنوته لله , فهو مردود عليهم , فهل الولادة الإعجازية دليل على ألوهية المولود ؟! , لو قلتم نعم أيها النصارى فوجب عليكم الآتي :

1-تأليه أدم عليه السلام فلقد خُلق من دون أب ولا أم .

2-تأليه حواء فلقد خُلقت من أب دون أم .

3-تأليه الكاهن ملكي صادق المذكور عندكم في الرسالة إلى العبرانيين : ( لأن ملكي صادق هذا ملك ساليم , كاهن الله العلي , الذي استقبل إبراهيم راجعًا من كسرة الملوك وباركه , الذي قسم له إبراهيم عُشرًا من كل شيء , المُترجم أولا "ملك البر" ثم أيضًا "ملك ساليم" أي " ملك السلام " بلا أب , بلا أم , بلا نسب , لا بداءة أيام له ولا نهاية حياة , بل هو مُشبه بإبن الله , هذا يبقىكاهنًا إلى الأبد ) ( الرسالة إلى العبرانيين 7 : 1- 3 ) .

4-تأليه الكبش الذي أنزله الله على إبراهيم ليفدي به ابنه الذبيح , فهذا الكبش لا أم له ولا أب , بل أنزله الله على إبراهيم بمعجزة فريدة , فهو بذلك أفضل من كبشكم, فخروفكم له أم , أما هذا فليس له أب ولا أم ! , وهذا ثابت عندكم في سفر التكوين : ( فناداه ملاك الرب من السماء وقال : " إبراهيم! أبراهيم! " , فقال : " هأنذا " , فقال: " لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئًا , لأني علمت أنك خائف الله , فلم تمسك ابنك وحيدك عني " , فرفع إبراهيم عينه ونظر وإذا كبش وراءه ممسكًا في الغابة بقرنيه , فذهب إبراهيم وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضًا عن ابنه ) ( التكوين 22 : 11- 13 ) , فهذا الخروف أعظم من خروفكم الذي بذل نفسه عنكم على حد زعمكم !

ورأينا استشهاد النصارى على ألوهية المسيح من السنة المطهرة , حين استدلوا زورًا وباطلاً بقول النبي عليه الصلاة والسلام : " ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخًا من مس الشيطان إياه إلا مريم وابنها " ( أخرجه البخاري ومسلم وأحمد ) . فزعموا أن الشيطان ليس له سلطان على المسيح مما يعني أنه الله ذاته , وأن هذه الفضيلة والكرامة لم تكن لأحد من البشر إلا للمسيح عليه السلام !

وأقول : بل هذا كذب صريح , لأن الشيطان ليس له سلطان على الأنبياء وعلى عباد الله المخلصين بنص القرآن الكريم حكاية عن الشيطان الرجيم : {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ }ص82 – 83 , وكما أن الشيطان لم يمس المسيح وأمه جعل الله هذه الكرامة والفضيلة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم , فلقد قال عليه الصلاة والسلام : " أما لو أن أحدهم يقول حين يأتي أهله باسم الله , اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا , ثم قدر بينهما في ذلك أو قضي ولد لم يضره شيطان أبدا " ( أخرجه البخاري ومسلم وبقية أصحاب السنن ) .

فصل : في قوله تعالى ( فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رّوحِنَا )

يقول النصارى في رسالتهم : ( فالمسيح ولد من مريم العذراء وبدون علاقة مع رجل لأن الله نفخ من روحه في العذراء البتول فالمسيح هو الإنسان الوحيد الذي ولد من روح الله. والقرآن يشهد على ذلك : "وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ" (سورة التحريم 12) ) .

والنصارى في هذا الأمر قد ضلوا وأضلوا , وحسبنا أن ننقل ما قاله القمص المطموس صاحب العقل الملحوس زكريا بطرس في إحدى حلقات برنامجه ( الموكوس ) : أن الله كيان وفيه روح والمسيح هو هذه الروح !

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( أما قوله تعالى : ( فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رّوحِنَا ) وقوله في سورة الأنبياء : (وَالّتِيَ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَآ آيَةً لّلْعَالَمِينَ } 91 { ) فهذا قد فسره قوله تعالى : ( فَأَرْسَلْنَآ إِلَيْهَآ رُوحَنَا فَتَمَثّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً * قَالَتْ إِنّيَ أَعُوذُ بِالرّحْمَـَنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً * قَالَ إِنّمَآ أَنَاْ رَسُولُ رَبّكِ لاَِهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً ) ( مريم 17 – 19 ) .

وفي القراءة : (لاَِهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِيّاً ) ( مريم 19 ) .

فأخبر أنه رسوله وروحه – أي جبريل عليه السلام – وأنه تمثل لها بشرًا , وأنه ذكر أنه رسول الله إليها , فعلم أن روحه مخلوق مملوك له , ليس المراد حياته التي هى صفته سبحانه وتعالى .

وكذلك قوله : (فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رّوحِنَا ) ( التحريم 12 ) , وهو مثل قوله في آدم عليه السلام (فَإذَا سَوّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ ) ( الحجر 29 ) , وقد شبه المسيح بآدم عليه السلام في قوله : (إِنّ مَثَلَ عِيسَىَ عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ * الْحَقّ مِن رّبّكَ فَلاَ تَكُنْ مّن الْمُمْتَرِينَ ) ( آل عمران 59- 60) .

والشبهة في هذا نشأت عند بعض الجهال من أن الإنسان إذا قال : روحي , فروحه في هذا الباب هى الروح التي هى في البدن , وهى عين قائمة بنفسها , وإن كان من الناس من يعني بها الحياة , والإنسان مؤلف من بدن وروح , وهى عين قائمة بنفسها عند سلف المسلمين وأئمتهم وجماهير الأمم .

والرب تعالى منزه عن هذا , وأنه ليس مركبًا من بدن وروح , ولا يجوز أن يراد بروحه ما يريد الإنسان بقوله : روحي , بل تضاف إليه ملائكته وما ينزله على أنبيائه من الوحى والهدى والتأييد , ونحو ذلك ) ( الجواب الصحيح 2 / 116 ) .

فصل : في قوله تعالى ( اللّهُ الصّمَدُ )

قوله تعالى واصفًا ذاته ( الصّمَدُ ) به من الإعجاز ما يُرَدُ به على من جعل الله جل في علاه مركبًا من بدن وروح كالنصارى في فهمهم لآيات القرأن الكريم , فكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن سوء فهمهم راجع إلى جهلهم المبين بذات رب العالمين !

فظنوا أن ( مِن رّوحِنَا ) أى من روحه التي في بدنه تعالى الله عما يصفه به الجاهلون !

والذي ساعد في ظهور هذا التجسيم هو ما يوجد في كتابهم في وصف الرب جل في علاه, مثل أن موسى يرى أجزاء الله المؤخرة : " ثم ارفع يدي فتنظر ورائي وأما وجهـي فلا يرى " ( الخروج 33-23 ) أو أن يعقوب تصارع مع الله وقدر عليه : " فقال لا يدعى اسمك فيما بعد يعقوب بل اسرائيل لأنك جاهدت مع الله و مع النــاس وقدرت " (التكوين 32-23) أو أن الله مثـل الإنســان الثمـل : " فاستيقــظ الرب كنائــم كجبـار معيط من الخمر " ( مزامير 78- 65 ) أو أن الله ينفث دخانًا من أنفه ويطير في الهواء على ظهر الملائكة : " فارتجت الأرض وارتعشت , أسس السماوات ارتعدت وارتجت لأنه غضب , صعد دخان من أنفه ونار من فمه أكلت , جمر اشتعلت منه , طأطأ السماوات ونزل وضباب تحت رجليه , ركب على كروب وطار ورئي على أجنحة الريح " ( صموئيل الثانى 22 : 8 – 11 ) , تعالى الله عما يصفون !

فجاء لفظ ( الصمد ) بمعانيه النيرة لترد على هؤلاء المبطلين !

وقد ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره هذه المعانى والتي منها : المصمت الذى لا جوف له !

وتفسير ( الصمد ) بأنه الذي لا جوف له معروف عن ابن مسعود موقوفًا ومرفوعًا وعن ابن عباس والحسن البصري ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة والضحاك والسدي وقتادة وبمعنى ذلك قال سعيد بن المسيب قال : هو الذي لا حشو له , وكذلك قال ابن مسعود: هو الذي ليست له أحشاء , وكذلك قال الشعبي : هو الذي لا يأكل ولا يشرب , وعن محمد بن كعب القرظي وعكرمة : هو الذي لا يخرج منه شيء , وعن ميسرة قال : هو المصمت . ( مجموع الفتاوى17 / 215) .

وقال الجوهرى : ( المصمد ) لغة في ( المصمت ) وهو الذى لا جوف له . ( مجموع الفتاوى17 / 226) .

قال ابن أبى العز في شرح الطحاوية : ( والله تعالى هو الأحد الصمد ، لا يتجزأ ، سبحانه وتعالى ، والأعضاء فيها معنى التفريق والتعضية ، تعالى الله عن ذلك ، ومن هذا المعنى قوله تعالى : {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ }الحجر91 , والجوارح فيها معنى الإكتساب والإنتفاع . وكذلك الأدوات هي الآلات التي ينتفع بها في جلب المنفعة ودفع المضرة . وكل هذه المعاني منتفية عن الله تعالى ، ولهذا لم يرد ذكرها في صفات الله تعالى . فالألفاظ الشرعية صحيحة المعاني ، سالمة من الإحتمالات الفاسدة ، فكذلك يجب أن لا يعدل عن الألفاظ الشرعية نفياً ولا إثباتاً ، لئلا يثبت معنى فاسد ، أو ينفى معنى صحيح . وكل هذه الألفاظ المجملة عرضة للمحق والمبطل ) ( شرح الطحاوية ص 132 ) .

فكيف يعقل بعد هذا أن نصف الله بأنه مركب من بدن وروح ثم يأتى ضال ويقول أن فلان يمثل روح الله التي في بدنه ؟ !

 

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في : ( بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية 2/58 ) : ( .... إسمه الصمد ينفى عنه التفرق والتمزق وما يتبع ذلك من تركيب ونحوه .... ) , وقال 2/59: ( .... ولفظ الصمد يدل على أنه لا جوف له وعلى أنه السيد....) .

وبالتالى لا يمكن أن يتفرق بذاته أو يتمزق إلى أقانيم أو يتركب من أقانيم أو من بدن وروح , فانظر إلى تلك العقول المريضة التي شبهت الله بخلقه وهو الذي{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }الشورى11.

ويقول إبن تيمية رحمه الله في ( بيان تلبيس الجهمية 2/248 ) :

( ... قد أخبر الله تعالى في كتابه أنه الصمد وقد قال عامة السلف من الصحابة والتابعين وغيرهم أن الصمد هو الذي : (لاجوف له) وقالوا أمثال هذه العبارات التي تدل على أن معناه – أي الصمد – أنه لا يتفرق... وهذا يدل على أن صمديته تنافى جواز التفرق والإنحلال عليه...) .

ويقول رحمه الله : ( وأما إسم ( الصمد ) فقد إستعمله أهل اللغة في حق المخلوقين كما تقدم فلم يقل( الله صمد ) بل قال ( الله الصمد ) فبين أنه المستحق لأن يكون هو الصمد دون ما سواه فإنه المستوجب لغايته على الكمال , والمخلوق وإن كان صمدًا من بعض الوجوه فإن حقيقة الصمدية منتفية عنه فإنه يقبل التفرق والتجزئة وهو أيضًا محتاج إلى غيره فإن كل ما سوى الله محتاج إليه من كل وجه فليس أحد يصمد إليه كل شيء ولا يصمد هو إلى شيء إلا الله تبارك وتعالى , وليس في المخلوقات إلا ما يقبل أن يتجزأ ويتفرق ويتقسم وينفصل بعضه من بعض , والله سبحانه هو الصمد الذي لا يجوز عليه شيء من ذلك , بل حقيقة الصمدية وكمالها له وحده واجبة لازمة لا يمكن عدم صمديته بوجه من الوجوه كما لا يمكن تثنية أحديته بوجه من الوجوه فهو أحد لا يماثله شيء من الأشياء بوجه من الوجوه كما قال في آخر السورة ( وَلَم يَكُن لَه كُفُوًا أَحَد ) إستعملها هنا في النفي أي ليس شيء من الأشياء كفوًا له في شيء من الأشياء لأنه أحد ) ( مجموع الفتاوى17/238) .

فصل : في قولهم ( كلمة الله )

يقول النصارى في رسالتهم : ( دعي المسيح "كلمة الله" في القرآن :" إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ " آل عمران45 , وقال القرآن أيضاً : " إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ " النساء 171 , إن لقب كلمة الله خص به القرآن المسيح وحده ولم يخص به أحداً سواه وينبغي أن تعلم أن المسيح لم يُدعى "كلمة الله" لأنه مخلوق بكلمة الله بل دُعِيَ بذات كلمة الله أي نطقه الذاتي الداخلي..وجميع الأنبياء تكلموا بكلام الله ولم يُقَلْ عن أي نبي أنه كلمة الله ، ويجب أن تعلم أن الكلمة هي إعلان المتكلم، لأنها تترجم أفكار المتكلم وتبين مقاصد المتكلم وتدل على سجايا المتكلم ) .

ونقول بحول الله وقوته : أما قولكم : ( دعي المسيح "كلمة الله" في القرآن : { إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ }آل عمران45 , وقال القرآن أيضاً : {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ } النساء 171 ) فهذا ظاهر فيه خبثكم وتحريفكم , فالآية الأولى لا يظهر فيها أن المسيح هو كلمة الله لكن يظهر فيها أنه بكلمة الله كان وهذا واضح في قوله تعالى : ( إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ ) ولكنكم كعادتكم تحاولون أن تنـثروا التراب في العيون فتعمى بعض الشيء عن تحريفكم!

وأما استدلالكم بالآية الثانية فباطل لعدة وجوه , منها : أنكم لم تذكروا الآية كاملة وهى قوله تعالى : {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ * لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً }النساء171 , والآية فيها من الأدلة ما يبين أنكم محرفون كذابون , إذ بدأ الله الآية موجهًا خطابه إليكم , ناهيًا إياكم عن الشرك به والكذب عليه , وعن المغالاة في دينكم , ثم بين أن مغالاتكم في دينكم تظهر على سبيل المثال لا الحصر في معتقدكم أن المسيح إله , فنهاكم عن ذلك وبين حقيقة المسيح حين قال تعالى : ( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ ) أي أنه بشر رسول من عنده ولا يزيد على ذلك , وأنه (كَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ ) أي خلقه بكلمة القدرة التي ألقاها إلى مريم وهى قوله تعالى : {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ}آل عمران47 , وقال تعالى : {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ }البقرة117 , ولهذا قال تعالى في سورة مريم : {قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً }مريم21 , ولهذا لما مدح الله مريم عليها السلام قال عنها : {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا}التحريم12-أي بوعده وقدرته جل في علاه والتي منها خلقه لابنها , فالمسيح صار بالكلمة وليس هو الكلمة , وقال تعالى : (وَرُوحٌ مِّنْهُ) وسيأتي بيانها , ثم أعقبها المولى جل وعلا بدعوة التجديد الإيماني لنقضكم أصول الإيمان جملة وتفصيلاً وكفى بعقائدكم دليلاً , فقال تعالى: ( فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ) أي كيف يكون له ولد وهو الله الذي ( لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً ) .

ولهذا لم تنقلوا الآية كاملة لعلمكم اليقيني أن فيها خزيكم وكشف باطلكم , ثم جاءت تعقيبات رب البرية في كشف الحجج النصرانية , فقال تعالى : {لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً }النساء172 .

وقال تعالى : {وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ * مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ}آل عمران 79-80 , قال الإمام فخر الدين الرازي في تعقيبه على الآيات : (اعلم أنه تعالى لما بين أن عادة أهل الكتاب التحريف والتبديل أتبعه بما يدل على أنه من جملة ما حرفوه ما زعموا أن عيسى عليه السلام كان يدعي الألهية ) ( التفسير الكبير 2/109 ) .

أما قولكم : ( إن لقب كلمة الله خص به القرآن المسيح وحده ولم يخص به أحداً سواه ) فهو كذب واضح , لأن لله كلمات لا حصر لها وقد أقر القرآن الكريم ذلك , فليس المسيح وحده كلمة لله أي من خلقه , قال تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }البقرة37 , وقال تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}البقرة124 , وقال تعالى : {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ}الأنعام34 , وقال تعالى : {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }الأعراف158 , وقال تعالى : {قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً }الكهف109 , وقال تعالى : {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }لقمان27 , وقال تعالى : {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }يونس19, وقال تعالى : {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }هود119 , وقال تعالى : {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً}الفتح15 , وقال عليه الصلاة والسلام : " من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا فهو في سبيل الله " (متفق عليه) . وقال عليه الصلاة والسلام في خطبة الوداع : ( اتقوا الله في النساء فإنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ) ( أخرجه مسلم وأحمد وابن ماجة وأبو داود والدرامي ) .

أما قولكم : ( وينبغي أن تعلم أن المسيح لم يُدعى "كلمة الله" لأنه مخلوق بكلمة الله بل دُعِيَ بذات كلمة الله أي نطقه الذاتي الداخلي ) , فهو من تخريفكم وتجسيدكم للرب جل في علاه , لأن الله تبارك وتعالى كلماته كثيرة كما بينا وكلامه كسائر صفاته مثل حياته وقدرته , ولم يقل أغبى أغبياء هذا الكون أن فلان ابن فلان يمثل تجسيدًا لكلمة الله أي نطقه الذاتي الداخلي والعياذ بالله , إنما يُعبد الإله الموصوف بالقدرة وصاحب الكلمات التي بها نرى هذه القدرة وهى أوامره ووعوده , قال معمر عن قتادة : (وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم) وهو قوله : كن فكان , وكذلك قال قتادة وشاذان بن يحيي : ليس الكلمة صار عيسى , ولكن بالكلمة صار عيسى , وقال الشعبي وأحمد : فالكلمة التي ألقاها إلى مريم حين قال له : كن فكان عيسى " بكن " وليس عيسي هو الكن , و لكن بالكن كان عيسى . (الجواب الصحيح 1/ 157 , 158 , وانظر تفسير ابن كثير 2/293 ) .

قال الحافظ ابن كثير : ( قوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ }آل عمران45-أي بولد يكون وجوده بكلمة الله أي يقول له كن فيكون ) ( تفسير ابن كثير 2 / 24 ) .

text-ali

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 74 مشاهدة
نشرت فى 14 ديسمبر 2011 بواسطة akramalsayed

ساحة النقاش

اكرم السيد بخيت (الطهطاوي)

akramalsayed
ثقافي اجتماعي ديني »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

861,980