<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

هذا عن الرق في التاريخ الإنساني وفى الإسلام: الدين.. الحضارة.. والتاريخ.. أما التسري ، فهو: اتخاذ مالك الأمة منها سَرِية يعاشرها معاشرة الأزواج في الشرع الإسلامي.. وكما لم يكن الرق والاسترقاق تشريعاً إسلاميًا مبتكراً ، ولا خاصية شرقية تميزت به الحضارات الشرقية عن غيرها من الحضارات ، وإنما كان موروثاً اجتماعيًا واقتصاديًا إنسانيًا ، ذاع وشاع في كل الحضارات الإنسانية عبر التاريخ..

فكذلك كان التسري الذي هو فرع من فروع الرق والاسترقاق نظاماً قديماً ولقد جاء في المأثورات التاريخية المشهورة والمتواترة أن خليل الله إبراهيم ، عليه السلام ، قد تسرى بهاجر المصرية ، عندما وهبه إياها ملك مصر ، ومنها وُلد له إسماعيل عليه السلام.. فمارس التسري أبو الأنبياء ، وولد عن طريق التسري نبي ورسول.. وكذلك جاء في المأثورات التاريخية أن نبي الله سليمان عليه السلام قد تسرى بثلاثمائة سرية !.. وكما شاع التسري عند العرب قبل الإسلام ، فلقد مارسه ، في التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية ، غير المسلمين مثل المسلمين..

وإذا كان التسري ، هو اتخاذ مالك الأمة منها سرية ، أي جعله لها موضعا للوطء ، واختصاصها بميل قلبي ومعاشرة جنسية ، وإحصان واستعفاف.. فلقد وضع الإسلام له ضوابط شرعية جعلت منه زواجاً حقيقياً ، تشترط فيه كل شروط الزواج ، وذلك باستثناء عقد الزواج ، لأن عقد الزواج هو أدنى من عقد الملك ، إذ فى الأول تمليك منفعة ، بينما الثاني يفضى إلى ملك الرقبة ، ومن ثم منفعتها..

ولقد سميت الأمة التي يختارها مالكها سرية له سُميت " سَرِيَّةً " " لأنها موضع سروره ، ولأنه يجعلها في حالٍ تسرها " دون سواها ، أو أكثر من سواها.. فالغرض من التسري ليس مجرد إشباع غرائز الرجل ، وإنما أيضاً الارتفاع بالأَمة إلى مايقرب كثيراً من مرتبة الزوجة الحرة..

والإسلام لا يبيح التسري أي المعاشرة الجنسية للأَمة بمجرد امتلاكها.. وإنما لابد من تهيئتها كما تهيأ الزوجة.. وفقهاء المذهب الحنفي يشترطون لتحقيق ذلك أمرين:

أولهما: تحصين السرية ، بأن يخصص لها منزل خاص بها ، كما هو الحال مع الزوجة..

وثانيهماً: مجامعتها ، أي إشباع غريزتها ، وتحقيق عفتها.. طالما أنها قد أصبحت سرية ، لا يجوز لها الزواج من رقيق مثلها ، أو أن يتسرى بها غير مالكها..

ولأن التسري في المعاشرة الجنسية أو التناسل مثله مثل الزواج من الحرائر.. فلقد اشترط الإسلام براءة رحم الأمة قبل التسري بها ، فإباحة التسري قد جاءت في آية إباحة الزواج: وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألاّ تعولوا ) (1).. والتكليف الإسلامي بحفظ الفروج عام بالنسبة لمطلق الرجال والنساء ، أحراراً كانوا أم رقيقاً ، مسلمين كانوا أم غير مسلمين: (والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين) (2).. ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبايا " أوطاس " أي حنين: [ لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة.. ] (3).

وكذلك الحال مع المقاصد الشرعية والإنسانية من وراء التسري.. فهي ذات المقاصد الشرعية والإنسانية من وراء الزواج:

تحقيق الإحصان والاستعفاف للرجل والمرأة ، وتحقيق ثبوت أنساب الأطفال لآبائهم الحقيقيين.. ففي هذا التسري كما يقول الفقهاء " استعفاف مالك الأمة.. وتحصين الإماء لكيلا يملن إلى الفجور ، وثبوت نسب أولادهن ". وأكاد ألمح في التشريع القرآني أمراً إلهيًا بالإحصان العام للرجال والنساء ، أحرارًا كانوا أو أرقاء.. ففي سياق التشريع لغض البصر ، وحفظ الفروج ، جاء التشريع للاستعفاف بالنكاح الزواج للجميع.. وجاء النهى عن إكراه الإماء على البغاء ، لا بمعنى إجبارهن على الزنا فهذا داخل في تحريم الزنا ، العام للجميع وإنما بمعنى تركهن دون إحصان واستعفاف بالزواج أو التسري أكاد ألمح هذا المعنى عندما أتأمل سياق هذه الآيات القرآنية: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بنى أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون * وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم * وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم ) (4). فالتشريع للاستعفاف والإحصان بالنكاح الزواج والتسري عام وشامل للجميع..

بل لقد جعل الإسلام من نظام التسري سبيلاً لتحقيق المزيد من الحرية للأرقاء ، وصولاً إلى تصفية نظام العبودية والاسترقاق.. فأولاد السرية في الشرع الإسلامي ، يولدون أحراراً بعد أن كانوا يظلون أرقاء في الشرائع والحضارات غير الإسلامية والسرية ، بمجرد أن تلد ، ترتفع إلى مرتبة أرقى هي مرتبة " أم الولد " ثم تصبح كاملة الحرية بعد وفاة والد أولادها..

وكما اشترط الشرع الإسلامي للتسري استبراء الرحم ، كما هو الحال في الزواج من الحرائر ، اشترط في السرية ما يشترط في الزوجة الحرة: أن تكون ذات دين سماوي ، مسلمة أو كتابية.. وأن لا تكون من المحارم اللاتي يحرم الزواج بهن ، بالنسب أو الرضاعة.. فلا يجوز التسري بالمحارم ، بل ولا يحل استرقاقهم أصلاً ، إناثاً كانوا أم ذكوراً ، فامتلاكهم يفضى إلى تحريرهم بمجرد الامتلاك.. وفى الحديث النبوي الشريف: [ من ملك ذا رحِمٍ مَحْرَمٍ فهو حر ] (5).

وكما هو الحال في اختيار الزوجة الحرة ، استحسن الشرع الإسلامي تخير السرية ذات الدين ، التي لا تميل إلى الفجور ، وذلك لصيانة العرض. وأن تكون ذات عقل ، حتى ينتقل منها إلى الأولاد. وأن تكون ذات جمال يحقق السكينة للنفس والغض للبصر. فالتخيُّر للنُّطَف وفق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ تخيَّروا لنطفكم](6) هو تشريع عام في الحرائر والإماء (7)..

وكما لا يجوز الاقتران بأكثر من أربع زوجات حرائر ، اشترط بعض الفقهاء الالتزام بذات العدد في السراري ، أو فيهن وفى الزوجات الحرائر.. وإذا كان جمهور الفقهاء لا يقيدون التسري بعدد الأربعة ، فإن الإمام محمد عبده في فتواه عن تعدد الزوجات قد قال عند تفسيره لقول الله سبحانه وتعالى:(أو ما ملكت أيمانكم) (8).

" لقد اتفق المسلمون على أنه يجوز للرجل أن يأخذ من الجواري ما يشاء بدون حصر ولكن يمكن لفاهم أن يفهم من الآية غير ذلك ، فإن الكلام جاء مرتبطاً بإباحة التعدد إلى الأربعة فقط.. " (9).

ويؤيد هذا الاجتهاد ما كان عليه العمل في صدر الإسلام ، إذ لم يكن الرجل يتسرى بغير سرية واحدة وكما يجب العدل بين الزوجات الحرائر عند تعددهن.. قال بعض الفقهاء: إن ما يجب للزوجة يستحب للسرية ، وجعل الحنابلة الإحصان للأرقاء ذكوراً وإناثاً أمراً واجباً.. (10).

هكذا رفع الإسلام ، بالشروط التي اشترطها في التسري ، من شأن السراري ، وذلك عندما جعلهن في الواقع العملي أقرب ما يكن إلى الزوجات الحرائر. وعندما جعل من نظام التسري بابًا من أبواب التحرير للإماء ولأولادهن ، بعد أن كان رافداً من روافد الاسترقاق والاستعباد.

أما الواقع التاريخي ، الذي تراجع عن هذا النموذج الإسلامي للتسري ، عندما كثرت السبايا ، وتعددت مصادر الاسترقاق.. فمن الخطأ البين بل والتجني حمل هذا الواقع التاريخي على شرع الإسلام..

فالإسلام كما قدمنا في الحديث عن الرق قد ألغى وجفف كل روافد ومصادر الاسترقاق ، ولم يستثن من ذلك إلا الحرب الشرعية المشروعة. ولذلك ، فإن تجارة الرقيق ، وأسواق الأرقاء ، وشيوع التسري الذي جاء ثمرة لاختطاف الفتيات والفتيان ، وللحروب غير المشروعة ، وغيرها من سبل الاسترقاق التي حرمها الإسلام.. كل ذلك إن حُسب على " التاريخ الإسلامي " فلا يمكن أن يُحسب على " دين الإسلام ".. وعن هذه الحقيقة الهامة يقول الإمام محمد عبده: " لقد ساء استعمال المسلمين لما جاء في دينهم من هذه الأحكام الجليلة ، فأفرطوا في الاستزادة من عدد الجواري ، وأفسدوا بذلك عقولهم وعقول ذراريهم بمقدار ما اتسعت لذلك ثرواتهم..

 

أما الأسرى اللاتي يصح نكاحهن فهن أسرى الحرب الشرعية التي قصد بها المدافعة عن الدين القويم أو الدعوة إليه بشروطها ، ولا يَكُنَّ عند الأسر إلا غير مسلمات.. وأما ما مضى المسلمون على اعتياده من الرق ، وجرى عليه عملهم في الأزمان الأخيرة ، فليس من الدين في شيء ، فما يشترونه من بنات الجراكسة أو من السودانيات اللاتي يختطفهن الأشقياء السَّلبَة المعروفون "بالأسيرجية"، فهو ليس بمشروع ولا معروف في دين الإسلام ، وإنما هو من عادات الجاهلية ، لكن لا جاهلية العرب بل جاهلية السودان والجركس.. " (11).

وإذا كان من العبث الظالم حمل تاريخ الحضارة الغربية مع الرق والاسترقاق على النصرانية ، كدين ، فالأكثر عبثية والأشد ظلماً هو حمل التاريخ الإسلامي في هذا الميدان على شريعة الإسلام !..

المراجع

(1) النساء: 3.

(2) المؤمنون: 5 ، 6.

(3) رواه أبو داود.

(4) النور: 30 33.

(5) رواه أبو داود.

(6) رواه ابن ماجة.

(7) انظر: [ الموسوعة الفقهية ] مادة " التسري " طبعة الكويت 1408 هجرية 1988م.

(8) النساء: 3.

(9) [ الأعمال الكاملة ] ج2 ص 91 طبعة القاهرة 1993م.

(10) المصدر السابق: ج2 91.

(11) المصدر السابق: ج2 ص 91، 92.

=======================

akramalsayed

مرحبا بك اخي الزائرنرجو ان ينال الموقع اعجابك الكلمة الطيبة جواز مرور إلى كل القلوب

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 3099 مشاهدة
نشرت فى 14 ديسمبر 2011 بواسطة akramalsayed

ساحة النقاش

اكرم السيد بخيت (الطهطاوي)

akramalsayed
ثقافي اجتماعي ديني »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

861,948